دمشق ترسل قوات إلى السويداء لاحتواء التوتر مع العشائر

أول تدخل عسكري أمني للحكومة الجديدة في دمشق لفض نزاع محتمل بين أهالي السويداء وعشائر ريفها الغربي (حساب رسمي)
أول تدخل عسكري أمني للحكومة الجديدة في دمشق لفض نزاع محتمل بين أهالي السويداء وعشائر ريفها الغربي (حساب رسمي)
TT

دمشق ترسل قوات إلى السويداء لاحتواء التوتر مع العشائر

أول تدخل عسكري أمني للحكومة الجديدة في دمشق لفض نزاع محتمل بين أهالي السويداء وعشائر ريفها الغربي (حساب رسمي)
أول تدخل عسكري أمني للحكومة الجديدة في دمشق لفض نزاع محتمل بين أهالي السويداء وعشائر ريفها الغربي (حساب رسمي)

أرسلت السلطات السورية تعزيزات عسكرية إلى محافظة السويداء لضبط الأوضاع الأمنية واحتواء التوتر الحاصل في ريف المحافظة الغربي، منذ يوم الأحد، على خلفية إطلاق النار على شابين من بلدة «الثعلة» ذات الغالبية الدرزية، من مسلحين مجهولين قيل إنهم فرّوا إلى بلدة «الدارة» التي تقطنها العشائر.

العميد رضوان يوسف السلامات الذي عُيِّن الثلاثاء رئيساً لفرع الأمن الجنائي بمحافظة السويداء

يأتي ذلك بعد قرار أصدره وزير الداخلية، الثلاثاء، بتعيين العميد رضوان يوسف السلامات، رئيساً لفرع الأمن الجنائي بمحافظة السويداء، في إطار الحراك الأمني والإداري الذي تشهده البلاد، إذ يُعد العميد السلامات من الكفاءات الأمنية المتميزة التي تتمتع بخبرة واسعة في مجال الأمن الجنائي وإدارة المؤسسات الأمنية، حسب مصادر إعلامية.

عناصر من الدفاع والأمن السوريين قرب السويداء منعاً لانفلات الوضع الأمني (حساب رسمي)

وقالت وسائل إعلام محلية إن وحدات من قوات الدفاع السورية، بالتعاون مع قوات الأمن العام، تحركت، الأربعاء، باتجاه السويداء لحل «القضية» في إطار الجهود الأمنية لضبط الأوضاع واحتواء التوتر في المنطقة.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها قوات الدفاع السورية وإدارة الأمن العام إلى محافظة السويداء، حيث سبق وأرسلت إدارة العمليات العسكرية بعد أسبوعين من سقوط النظام، قوات لتسلم إدارة أمن السويداء. إلا أن الزعامات الدينية كانت قد رفضت انتشار أي مظهر عسكري في السويداء من خارج المحافظة، وطلبت من السلطات إعادة قواتها من حيث أتت، لا سيما أنه تم الاتفاق على إدارة القطاع الخدمي الحكومي في محافظة السويداء «بشكل ذاتي لحين تشكيل الجيش الوطني»، وفق تصريحات سابقة لشيخ العقل حكمت الهجري، أحد أبرز الزعماء الروحيين في السويداء. إلا أنه عاد وأعلن في تصريحات أخرى، مطلع الشهر الجاري، رفضه تسليم السلاح في السويداء «قبل تشكيل الدولة وكتابة الدستور الذي يضمن حقوق طائفته وجميع السوريين، وإقامة دولة مدنية لتجنب أي انتكاسات». وأشار الهجري في تصريحات إعلامية، إلى وجود «هواجس من الوضع القائم إذا لم تتم مشاركة جميع الأطراف في صياغة مستقبل سوريا».

يشار إلى أن رئيس الجمهورية للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وخلال اجتماعه مع وفد من الطائفة الدرزية بعد عشرة أيام من دخوله دمشق، أكد «وحدة سوريا»، داعياً إلى تغليب «عقلية الدولة لا عقلية المعارضة»، وأن «يكون بين الدولة وجميع الطوائف عقد اجتماعي لضمان العدالة الاجتماعية»، وأنه من المهم «ألا تكون هناك محاصصة ولا خصوصية تؤدي إلى انفصال»، وإنما إدارة من منطلق «مؤسساتي وقانوني».

رتل لقوات وزارة الدفاع السورية والأمن العام للمرة الأولى بريف السويداء الغربي (حساب رسمي)

وشهد اليومان الماضيان عقد سلسلة اجتماعات أهلية حضرها ممثلون عن الفصائل المحلية المسلحة ووجهاء وزعماء روحيون، لمنع تفجر التوتر في ريف السويداء الغربي. وفي اجتماع عُقد، الثلاثاء، في بلدة «الثعلة» حضره ذوو القتيل، وشيخ العقل حمود الحناوي، وأمير دار عرى حسن الأطرش، وافق ذوو القتيل على تسليم المتهم بإطلاق النار إلى جهاز الأمن العام وتقديمه للقضاء.

بلدة الثعلة بريف السويداء الغربي (متداولة)

وقالت مصادر أهلية في السويداء، إن الاتصالات لا تزال جارية لتسليم المتهم، في الوقت الذي لا تزال فيه الفصائل المسلحة في السويداء في حالة استنفار وسط مخاوف من تفجر الأوضاع، لا سيما أنه قبل نحو عشرة أيام نشبت اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة في منطقتي رساس ونبع عرى جنوب غربي السويداء، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى بالتزامن مع هجوم على حافلة نقل مدنية أسفر عن مقتل شخص وإصابة عشرة آخرين، انتشرت بعدها قوى الأمن العام على طريق دمشق - السويداء لتأمين الطريق ومنع الاعتداء على المدنيين.


مقالات ذات صلة

ما تعهدات حكومة الشرع لواشنطن لتخفيف العقوبات؟

المشرق العربي سوريون يحتفلون برفع العلم السوري الجديد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك الجمعة (رويترز)

ما تعهدات حكومة الشرع لواشنطن لتخفيف العقوبات؟

ردّت سوريا كتابياً على قائمة شروط أميركية لرفع جزئي محتمل للعقوبات، قائلة إنها طبّقت معظمها، لكنّ البعض الآخر يتطلّب «تفاهمات متبادلة» مع واشنطن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي الشرع يُصافح قائد «قسد» مظلوم عبدي عقب توقيع الاتفاق بينهما في دمشق الشهر الماضي (أرشيفية - أ.ب)

قائد «قسد»: سوريا الجديدة تحتاج إلى دستور لا مركزي يضم جميع المكونات

أكد مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، السبت، ضرورة ضمان حقوق الأكراد في سوريا الجديدة، وفق ما نقلت شبكة «رووداو» الكردية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يتحدث أمام مجلس الأمن (أ.ب) play-circle

سوريا تطالب مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتنسحب من أراضيها

دعا وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الجمعة، مجلس الأمن إلى «ممارسة الضغط» على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية، وذلك في أول كلمة له في الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن دوروثي شيا (لقطة من فيديو)

أميركا: السلطات السورية مسؤولة عن مكافحة الإرهاب وطرد المقاتلين الأجانب

قالت المندوبة الأميركية لدى مجلس الأمن دوروثي شيا، اليوم الجمعة، إن السلطات الجديدة في سوريا مسؤولة عن مكافحة الإرهاب وعدم الاعتداء على دول الجوار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي دروز من سكان مجدل شمس يستقبلون الوفد الدرزي السوري لدى عبوره الحدود باتجاه الجولان المحتل (إ.ب.أ)

وفد درزي كبير في إسرائيل

مع بدء وفد يضم المئات من رجال الدين الدروز من سوريا، اليوم الجمعة، زيارة إلى إسرائيل للمشاركة في إحياء مناسبة دينية، تباينت المواقف في أوساط طائفة الموحدين.

موفق محمد (دمشق)

الاستهدافات الإسرائيلية للمنازل الجاهزة بجنوب لبنان تحرم السكان من «المأوى المؤقت»

خضر عواضة أمام ركام منزله الجاهز الذي استهدفته إسرائيل ليلة عيد الفطر (الشرق الأوسط)
خضر عواضة أمام ركام منزله الجاهز الذي استهدفته إسرائيل ليلة عيد الفطر (الشرق الأوسط)
TT

الاستهدافات الإسرائيلية للمنازل الجاهزة بجنوب لبنان تحرم السكان من «المأوى المؤقت»

خضر عواضة أمام ركام منزله الجاهز الذي استهدفته إسرائيل ليلة عيد الفطر (الشرق الأوسط)
خضر عواضة أمام ركام منزله الجاهز الذي استهدفته إسرائيل ليلة عيد الفطر (الشرق الأوسط)

نشطت في الفترة الأخيرة الاستهدافات الإسرائيلية التي طالت المنازل الجاهزة في القرى الحدودية الجنوبية اللبنانية، إذ اختارها العديد من الجنوبيين سكناً مؤقتاً، في انتظار حصولهم على تعويضات يتمكنون من خلالها تشييد منازل لهم بدلاً من تلك التي هدمتها إسرائيل أثناء الحرب الأخيرة، كما أنهم في انتظار استتباب الأمن في المنطقة هناك.

ولجأ أهالٍ من المناطق الحدودية الجنوبية إلى خيار المنازل الجاهزة والمتنقلة، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وخصوصاً بعد تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من البلدات الحدودية في 18 فبراير (شباط)، كون كلفة هذه المنازل منخفضة وتجهيزها يتمّ خلال فترة قصيرة.

وضعته بجانب ركام منزلي

الشاب الثلاثيني خضر عواضة، أحد هؤلاء، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اشتريت منزلاً جاهزاً بعد أيام قليلة من عودتنا إلى قرانا، في 19 فبراير (شباط) الماضي، كان صغيراً، فيه غرفة نوم ومطبخ صغير، لكنه كان سيأويني وعائلتي المؤلفة من 5 أشخاص، ولو مؤقتاً».

ويضيف: «جهزته بالمياه والكهرباء، ووضعته في زاوية حديقة منزلي، الذي هدمته إسرائيل خلال أيام الحرب الأولى على لبنان، وكان موضوعاً إلى جانب الركام المتراكم هناك».

وعواضة أحد أبناء بلدة كفركلا الحدودية، أخرج قسراً من منزله، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، بعدما دخل «حزب الله» فيما عرف بـ«جبهة الإسناد» آنذاك، وخسر كما جنوبيين آخرين منزله. ومنذ ذلك الوقت، يعيش نازحاً في بلدة زبدين، قضاء النبطية، يقول: «فضلت السكن في المنزل الجاهز والعودة إلى بلدتي، بدلاً من البقاء في منزل النزوح الذي استأجرته منذ أكثر من عام ونصف العام».

منزل خضر عواضة قبل استهدافه في كفركلا بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)

«لا تعودوا»

بلغت كلفة المنزل الجاهز 5 آلاف دولار، كان قد حصل على هذه الأموال بوصفها بدل إيواء. اختار أن ينتقل إليه في اليوم الأول لعيد الفطر، لكن إسرائيل حالت دون ذلك؛ إذ استهدفه الجيش الإسرائيلي بقذيفة ليلة العيد.

في الليلة المذكورة نفسها، استهدفت إسرائيل عدّة منازل جاهزة في كفركلا، ولا يزال الاستهداف مستمراً حتّى يومنا هذا، وقال عواضة: «كأنهم يقولون لنا: لا تعودوا»، وتابع: «اعتقدت أنهم لن يصيبوه بمكروه، فهو ليس مطلاً على مركزهم ولا يشكل خطراً عليهم».

يُحدث عواضة عن عودته إلى كفركلا بعد انسحاب الجنود الإسرائيليين: «كنت مشتاقاً للعودة، لذا كنت أزور البلدة يومياً؛ ريثما أسكن في منزلي الجاهز؛ لم أتوقع أن يستهدفوه، لذا عملت على تجهيزه كي أسكن فيه قريباً. ورغم كل الخروقات الإسرائيلية، كنت أقوم بريّ المزروعات هناك».

ويضيف: «نحن أبناء هذه القرى، شيدنا منازلنا بعرق الجبين. قبل الحرب كان لدي مقهى صغير. ورغم كل ما حصل، ننتظر لحظة الاتفاق، كي نعود ونبني منازلنا مجدداً»، وعن إمكانية حصوله على تعويضات جراء استهداف المنزل الجاهز، يقول: «لا شيء واضح حتّى الآن، لكني لا أعتقد ذلك».

منزل خضر عواضة بعد استهدافه في كفركلا بجنوب لبنان (الشرق الأوسط)

خسارة المنازل

وعواضة ليس سوى نموذج يظهر ما حل بحياة جنوبيين كثر، وتجربتهم مع الحرب، خسر غالبيتهم منازل شيدوها على مدى سنوات، ومصالحهم، وما زالوا محرومين من العودة إلى مناطقهم، إلا في زيارات محفوفة بالمخاطر، بسبب الاستهدافات الإسرائيلية شبه اليومية للمنطقة هناك. واللافت أن غالبيتهم لا تكترث، وكأن خدراً قد أصاب مشاعرهم.

ومثل عواضة، اشترت منى منزلاً لها لتسكنه وعائلتها المؤلفة من ثلاثة أشخاص، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «وضعته في نقطة تقع بين ديرميماس وكفركلا، وكنت أود أن أنتقل للعيش فيه، كوني أحب بلدتي، وأقصد زيارتها يومياً».

لكنها لم تتمكن من ذلك، «بفعل الاستهدافات الإسرائيلية التي أصابت منازل جاهزة هناك، وبشكل متكرر، وأحد هذه المنازل كان يستخدم فرناً للمخبوزات وآخر دكاناً صغيراً فيه بعض الحاجيات الأساسية؛ لا يريدون أيّ شكل من أشكال الحياة هناك»، حسبما تقول.

نماذج من البيوت الجاهزة التي تبرعت بها جمعية محلية لإيواء السكان بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

قررت نقله مجدداً

لم تؤدِ الاستهدافات الإسرائيلية إلى إصابة منزل منى الجديد، لكن بسبب خوفها قررت نقله من المكان الذي كانت تثبته فيه، والعدول عن فكرة السكن فيه. تُخبرنا عن قرارها الجديد: «قبل نحو أسبوعين، نقلته إلى بلدة كفرتبنيت في النبطية، حيث أعيش نازحة منذ عام ونصف العام، وقد اختبرت تجربة النزوح لمرات هناك».

تدرك منى جيداً حجم الخطر الذي يحدق بها في حال سكنت فيه: «العدو ليس له أمان، لكن لا خيار لنا سوى العودة إلى أرضنا، حيث ولدت وترعرعت، وتوجد تفاصيل ذكرياتي وحياتي»، وقد قررت تأجيل هذه الخطوة إلى حين يصبح الوضع الأمني أفضل.

«ليس أفضل ما نتمناه»

تخبر منى عن حياتها ما قبل الحرب الأخيرة، كيف شيّدت بيتها وعملت على تجهيزه، بكل تأنٍ وحب. تقول: «اخترت تفاصيل منزلي بعناية ودقة، حتى في أصغر التفاصيل، لكن إسرائيل هدمته، بعد مرور ثلاثة أشهر على الحرب خرجنا منه؛ يومها نجا زوجي بأعجوبة، إذ أصابت منزلنا أربعة قذائف إسرائيلية، وبقينا من دون منزل».

لم يكن المنزل الجديد والجاهز أفضل ما تتمناه منى، لكنها وجدت نفسها فجأة أمام خيارات محدودة. تقول: «أردتُ العودة حتى لو كنت سأعيش في خيمة؛ ربما كي أمنح نفسي القليل من الأمل، بأن عودتنا الدائمة باتت قريبة، حزنتُ كثيراً لأنني لن أتمكن من فعل ذلك راهناً».

ضمانات للعودة

ومنى التي تعمل معلمة، وأم لابن وحيد، ترافق زوجها إلى عمله في القرى الحدودية بشكل شبه يومي. تقول: «سأكون في الصفوف الأمامية حين يعود الناس إلى بلداتهم ليسكنوا فيها، بعد الحصول على ضمانات أمنية»، بسبب غياب الأمن راهناً.

وبلغت كلفة شراء منزل منى الجديد 3 آلاف و500 دولار، اشترته من أحد مصانع الشمال بعد أن حصلت على بدل إيواء وأثاث. خسر زوجها مصلحته في تشغيل الآليات، وكانت تفكر في فتح مشروع صغير لها، مثل استراحة على مدخل البلدة. لكن الخروقات الأمنية حالت دون ذلك.