حادث بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين يهدد بأزمة حدودية

سوريا تفرض قيوداً على دخول اللبنانيين إلى أراضيها

TT

حادث بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين يهدد بأزمة حدودية

مواطنون ينتظرون عند معبر المصنع على الحدود اللبنانية - السورية إثر اتخاذ السلطات السورية قراراً بفرض قيود على دخول اللبنانيين (أ.ف.ب)
مواطنون ينتظرون عند معبر المصنع على الحدود اللبنانية - السورية إثر اتخاذ السلطات السورية قراراً بفرض قيود على دخول اللبنانيين (أ.ف.ب)

فرضت سوريا قيوداً غير مسبوقة على اللبنانيين الراغبين في دخول أراضيها، وذلك على خلفية حادثة بين عناصر من الجيش اللبناني ومسلحين سوريين عند أحد المعابر الحدودية غير القانونية. واتخذت الإدارة الجديدة في دمشق قراراً بـ«معاملة اللبنانيين بالمثل»، بما يتعلق بشروط الدخول إلى البلدين، عبر إغلاقها الحدود بشكل مفاجئ، وفق ما قال مسؤول في الأمن العام اللبناني المشرف على المعابر الحدودية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قبل أن يتم إبلاغ السلطات اللبنانية بذلك.

وتبلغ الأمن العام اللبناني رسمياً بهذه الإجراءات، بحسب مصدر أمني لبناني رفيع تحدث لـ«الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أنها أتت على «خلفية إشكال بين الجيش ومسلحين سوريين حصل مساء الخميس، في مركز عسكري حدودي في منطقة دير العشائر أدى لتوقيف مسلحيْن سوريين عاد الأمن العام وسلمهما للجانب السوري».

وبعدما كان يُسمح للبنانيين بدخول سوريا باستخدام جواز السفر أو الهوية، من دون الحاجة إلى تأشيرة دخول، باتت الإدارة الجديدة تطالب بحيازة الراغبين في دخول سوريا، بالحصول على إقامة أو حجز فندقي.

وأعلن الجيش اللبناني الجمعة، في بيان، أنه «خلال عمل وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعي عند الحدود اللبنانية - السورية في منطقة معربون - بعلبك في 3 ديسمبر (كانون الأول)، حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة، فأطلق عناصر الجيش نيراناً تحذيرية في الهواء»، مشيراً إلى أن «السوريين بدورهم أطلقوا النار نحو عناصر الجيش، ما أدى إلى إصابة أحدهم ووقوع اشتباك بين الجانبين». وأفاد الجيش بتجدُّد الاشتباكات في منطقة معربون - بعلبك عند الحدود اللبنانية - السورية بين الجيش ومسلحين سوريين بعد استهدافهم وحدة عسكرية بواسطة سلاح متوسط، ما أدى إلى تعرُّض 4 عناصر من الجيش لإصابات متوسطة.

مواطنون ينتظرون عند معبر المصنع على الحدود اللبنانية - السورية إثر اتخاذ السلطات السورية قراراً بفرض قيود على دخول اللبنانيين (أ.ف.ب)

إرباك المسافرين

وأدت هذه الإجراءات إلى إرباك في أوساط المسافرين عند معبر المصنع، بينما قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بسام المولوي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «العمل جارٍ بين الأمن العام اللبناني والجانب السوري على حل مسألة منع اللبنانيين من الدخول إلى سوريا». كما أكد مصدر وزاري لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمن العام اللبناني يعمل مع الجانب السوري على حل الإشكال»، نافياً أن يكون حصل تواصل مباشر بين وزارتي الداخلية اللبنانية والسورية بهذا الخصوص.

وهذه هي المرة الأولى، منذ سقوط نظام بشار الأسد التي يقع فيها حادث أمني عند الحدود اللبنانية - السورية، علماً بأن تواصلاً مباشراً يتم منذ منتصف الشهر الماضي، بين جهاز الأمن العام اللبناني ومسؤولين في القيادة السورية الجديدة.

ويفرض لبنان منذ سنوات شروطاً مشددة على دخول السوريين إلى الأراضي اللبنانية، في محاولة للتصدي لأزمة النازحين السوريين الذين تجاوز عددهم المليون ونصف المليون.

وفي 22 ديسمبر، تعهد القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور، وذلك خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.

أزمة الشاحنات

شاحنات تحمل أمتعة لاجئين سوريين تتحرك على طول طريق من مخيم في عرسال بشرق لبنان في طريق العودة إلى سوريا 16 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وأثرت القيود السورية الجديدة على حركة الشاحنات بين البلدين، وقال عضو في نقابة مالكي الشاحنات المبرّدة، سليم سعيد، في حديث تلفزيوني، إن «قرار منع اللبنانيين من دخول سوريا يؤثر على حركة الترانزيت»، مضيفاً أنه «إذا أصرّ الجانب السوري على قراره، فنحن أمام كارثة في النقل البري». وطالب سعيد، الحكومة اللبنانية، بحل المشاكل مع الجانب السوري سريعاً، و«يتركونا نسترزق ونعيش».

من جهته، ناشد رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع، إبراهيم الترشيشي، وقف تدفق المنتجات الزراعية السورية والتركية إلى الأسواق اللبنانية عبر طرق التهريب، محذراً من «إعلان الإضراب وإقفال الطرق واعتراض شاحنات التهريب». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك «نشاطاً غير مسبوق في هذا المجال، ويوجد نحو 20 معبراً تتنقل عبرها الشاحنات لنقل المنتجات من سوريا إلى لبنان من دون المرور عبر الجمارك».


مقالات ذات صلة

نعمت عون حملت مسؤوليات «بحجم جبال»... ما نعرفه عن السيدة اللبنانية الأولى

المشرق العربي السيدة الأولى نعمت عون إلى جانب زوجها الرئيس جوزيف عون في بعبدا (رويترز)

نعمت عون حملت مسؤوليات «بحجم جبال»... ما نعرفه عن السيدة اللبنانية الأولى

مع فوز قائد الجيش جوزيف عون بالرئاسة، برز اسم زوجته السيدة الأولى نعمت عون، التي لعبت دوراً في دعم زوجها خلال مسيرته المهنية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس عون مستقبلاً ميقاتي في بعبدا (الوكالة الوطنية للإعلام)

ميقاتي يلتقي عون: نحن أمام مرحلة جديدة لسحب السلاح من جنوب الليطاني

في أوّل لقاء رسمي له كرئيس لجمهورية لبنان، استقبل جوزيف عون، رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي، في قصر بعبدا.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف بجوار حاجز على جبل الشيخ (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف عدداً من المناطق في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية تفجيرات في بلدة كفركلا وفي محيط بلدتي عيتا الشعب والوزاني، سُمع دويها في بلدات عدة بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

بعد انتخاب العماد جوزيف عون، تؤكد باريس أن «دعمنا للبنان سيكون متواصلاً وتاماً وغير مشروط»، وتحث السياسيين اللبنانيين على تشكيل حكومة قوية تدعم الرئيس.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي سفراء الدول والدبلوماسيون حاضرون في جلسة انتخاب الرئيس اللبناني (رويترز)

ترحيب عربي ودولي واسع بانتخاب عون رئيساً للبنان

لاقى انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبنان ردود فعل دولية وعربية مرحبّة ومشددة على أهمية أن تستعيد البلاد الأمن والاستقرار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

جيل اللجوء السوري في ألمانيا مشتت تجاه العودة

السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
TT

جيل اللجوء السوري في ألمانيا مشتت تجاه العودة

السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)
السوري ـ الألماني أنس معضماني يلتقط صورة مع المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل قبل 12 عاماً (غيتي)

لم تتوقف فاتورة حكم نظام بشار الأسد في سوريا يوم رحيله عن السلطة؛ إذ لا تزال تداعياتها المُربكة ممتدة حتى خارج البلاد. فالسوريون من أبناء جيل اللجوء الذين بدأوا في الانتقال صغاراً للعيش في ألمانيا قبل سنوات وشبوا مغتربين، مشتتون تجاه قضية عودتهم.

وتحدث شباب سوريون مقيمون في ألمانيا إلى «الشرق الأوسط» عن تعقيدات اجتماعية واقتصادية وعائلية بل ولغوية لدى أبنائهم، تحاصر فكرة رجوعهم إلى بلادهم. واحد من هؤلاء، أنس معضماني، الذي حظي بشهرة واسعة قبل 12 سنة، عندما التقط صورة بطريقة «السيلفي» مع المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه مع غيره يواجهون قراراً صعباً: «هل نعود إلى سوريا أو نبقى في ألمانيا؟».

ومعضماني، واحد من نحو 260 ألف لاجئ سوري حصلوا على الجنسية الألمانية، فيما يتبقى أكثر من 700 ألف من مواطنيه يعيشون وفق أوضاع مؤقتة يمكن أن تتغير عندما يستقر الوضع ببلادهم.

ويُفكر معضماني بأن يُقسّم وقته بين ألمانيا وسوريا، ويفتتح مشاريع في البلدين. ويضيف كما لو أنه يبرر ذنباً ارتكبه: «دمشق أجمل مدينة على الأرض، ولكنني أحب ألمانيا، وبرلين أصبحت مدينتي الثانية».