هدنة غزة: هل تعزز تحركات مبعوث ترمب جهود الوسطاء؟

ويتكوف يحث على إبرام صفقة قبل 20 يناير... وسط حديث عن «تقدم كبير»

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

هدنة غزة: هل تعزز تحركات مبعوث ترمب جهود الوسطاء؟

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)

لقاءات وتصريحات بشأن هدنة قطاع غزة يقودها مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، تطرح تساؤلات بشأن إمكانية إبرام صفقة تبادل رهائن قريبة، لا سيما مع حديث إسرائيلي عن «تقدم كبير» بالمحادثات، وسط تأكيدات جديدة من الوسطاء بشأن الاتفاق.

تلك التحركات التي تسابق مهلة وضعها ترمب تنتهي قبل 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأكيداً على اهتمام أميركي من الساكن الجديد للبيت الأبيض على الوفاء بموعد إنجاز إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه، متوقعين أن تعزز تلك التحركات جهود الوسطاء لإبرام اتفاق قريب لوقف مؤقت لإطلاق النار، يتسع بعد ذلك لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس البرلمان النرويجي، مسعود قره خان، الاثنين، في لقاء بأوسلو، «أهمية وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بالكميات الكافية»، وفق بيان للرئاسة المصرية.

ستيف ويتكوف خلال زيارة إلى المنطقة الاثنين، قال إنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل تنصيب ترمب في 20 يناير، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وذلك رداً على أسئلة «رويترز» على هامش مؤتمر اقتصادي في أبوظبي.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه.

فلسطينيون يبحثون في مكب نفايات عما يمكن أن يستفيدوا منه في خان يونس الاثنين (أ.ف.ب)

وكان مصدر مطلع كشف لـ«رويترز» في 5 ديسمبر (كانون الأول)، أن ويتكوف سافر إلى قطر وإسرائيل في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لبدء جهود دبلوماسية للتوصل إلى إطلاق سراح الرهائن قبل توليه منصبه في 20 يناير، لافتاً إلى أن «فريق ترمب على تواصل مع مسؤولين في الشرق الأوسط، ويدعمون التوصل إلى اتفاق».

تصريحات ويتكوف، بعد لقاءاته، تعني أن «هناك تحركات وسباقاً مع الزمن لإبرام صفقة رهائن، وإعطاء تأكيد أميركي جيد على مهلة ترمب وعدم تجاوز موعدها»، وفق تقدير الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، لافتاً إلى أن تلك التصريحات ربما تكون ضمن «خطة عكسية من ترمب وفريقه مع علمهم بوجود تقدم في المفاوضات، لينسبوا لأنفسهم أي مكسب لإطلاق سراح الرهائن».

ورغم أن الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، ترى أن حضور مبعوث ترمب لا يحمل أي وزن أو سلطة سياسية، فإنها تؤكد أنه «حضور رمزي ويعبر حالياً فقط عما يريده الرئيس الأميركي من وقف إطلاق النار قبل التنصيب».

ويذهب المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، إلى أبعد من ذلك، قائلاً إن حضور مبعوث ترمب للمنطقة، يتعلق بما هو أكبر من التأكيد على صفقة غزة فقط، مرجحاً أنه قد يسعى لترتيب خطوات مستقبلية، بعد وصول الرئيس الأميركي المنتخب إلى سدة الحكم، في فلسطين وسوريا وغيرهما، وتحمل تصريحاته رسائل للجميع بالمنطقة، لا سيما «حماس» ونتنياهو.

فلسطيني يقف متأثراً قرب جثث أفراد عائلة قتلوا في غارة إسرائيلية بدير البلح الأحد (إ.ب.أ)

في الجانب الإسرائيلي، قال وزير الخارجية جدعون ساعر، في مؤتمر صحافي الاثنين بالقدس، إن إسرائيل «أكثر تفاؤلاً الآن» بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، مضيفاً: «هناك مفاوضات غير مباشرة جارية بشأن عودة نحو 100 رهينة، وأن فرص تحقيق ذلك تحسنت، لكن من السابق لأوانه التأكد من ذلك».

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر سياسية، الاثنين، أنه «تم إحراز تقدم إيجابي في المفاوضات المتعلقة بالإفراج عن الرهائن»، لافتة إلى وجود «صفقة صغيرة حالياً تناقش إطلاق سراح المختطفين الذين يعدّون حالات إنسانية، لكن إسرائيل تعمل على زيادة عدد المفرج عنهم».

وتم «تبادل مسودات الاتفاق بين إسرائيل و(حماس) عبر الوسطاء المصريين، وتشمل 3 بنود رئيسة؛ وهي إطلاق النساء وكبار السن والمرضى الإسرائيليين، ووقف مؤقت لإطلاق النار لمدة تصل إلى 60 يوماً، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من أجزاء من قطاع غزة، مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، ونقاشات بشأن إعادة فتح الجانب الفلسطيني من معبر رفح الذي سيطرت عليه إسرائيل في مايو (أيار) الماضي»، وفق الهيئة.

التفاؤل ليس حكومياً فقط، بل يمتد إلى عائلات الرهائن الإسرائيليين، التي أعلنت الأحد، عقب لقاء مع نتنياهو، أن الأخير «قال إن الوقت قد حان للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المختطفين، وهناك أسباب للتفاؤل»، مضيفة: «نفهم من رئيس الوزراء أنه يعترف بتقدم كبير في القدرة على التوصل إلى اتفاق. ونأمل أن نسمع عن التقدم في الأيام المقبلة».

وبرأي أنور، فإن توالى التصريحات الإسرائيلية بهذه الكثافة، يعني أن ذلك تمهيد للرأي العام لديهم بشأن الصفقة، في ظل تقارير عن بدء حصر أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم ضمن صفقة التبادل وحديث عن وجود 4 أميركيين ضمن الدفعة الأول بالصفقة، متوقعاً أن غزة تنتظر صفقة وشيكة، ستكون من دون شك قبل انتهاء مهلة ترمب.

وبحسب تسوكرمان، فإن «نتنياهو سيحاول تأمين اتفاق بسيط على الأقل للحصول على بداية إيجابية مع إدارة ترمب، فضلاً على أن وقف إطلاق النار هذه المرة من شأنه أن يسمح له بالانتصار على جبهات متعددة؛ منها القول إنه فاز على (حماس) واستعاد الرهائن دون الحاجة إلى التضحية بمزيد من القوات، فضلاً عن حمايته من أي ملاحقاته بشأن الإخفاقات الاستخباراتية والسياسية المتعلقة منذ بداية الحرب».

وفي ظل هذه التطورات، فإن «حماس»، بحسب تصريحات سابقة لمصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تدرس مقترحاً حالياً، لافتة إلى أنها سبق أن أبدت «حماس» قبولها باتفاق «متدرج» في غزة على غرار اتفاق لبنان، وبدأت في حصر قوائم الأسرى لديها ولدى فصائل أخرى سواء كانوا أحياء أم أمواتاً.

لذا، فإن الدكتور عبد المهدي مطاوع يرى أن فرصة إبرام الاتفاق هذه المرة أكبر بكثير مما سبق، ليست لتهديد ترمب فقط، ولكن لأن «حماس» فقدت كل داعميها بشكل لافت، سواء في إيران و«حزب الله» في لبنان، وكذلك داعميها عبر سوريا بعد التطورات السورية الأخيرة، وباتت في موقف أقرب للقبول بالاتفاق.

وتتفق تسوكرمان، في ذلك مؤكدة أن «(حماس) أصبحت الآن في موقف استراتيجي وسياسي أكثر صعوبة مما كانت عليه قبل 6 أشهر، بعد أن فقدت إيران، وخسائر (حزب الله) و(بشار) الأسد الداعمين اللافتين في لبنان وسوريا».


مقالات ذات صلة

جيش إسرائيل يرجّح أن يكون قتل أحد سكان كيبوتس خلال التصدي لهجوم «حماس»

شؤون إقليمية مقاتلون فلسطينيون خلال الهجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 (أ.ب)

جيش إسرائيل يرجّح أن يكون قتل أحد سكان كيبوتس خلال التصدي لهجوم «حماس»

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن تحقيقاً داخلياً خلص إلى أنه «من المرجح جداً» أن يكون قد قتل أحد سكان كيبوتس في قتال مع عناصر «حماس» خلال هجوم 7 أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أقارب وأصدقاء الرهينة الإسرائيلي حمزة الزيادنة خلال مراسم دفنه (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل رهينة مع والده في غزة

أكدت إسرائيل، الجمعة، أن رفات رهينة عُثر عليه مقتولاً في غزة تعود لحمزة الزيادنة، نجل الرهينة يوسف الزيادنة، الذي عُثر على جثته بجانبه في نفق بالقرب من رفح.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار الناجمة عن غارة جوية إسرائيلية على دير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

البيت الأبيض: التوصل لاتفاق في غزة «ممكن» لكنه يحتاج للكثير من العمل الجاد

أعرب البيت الأبيض، الجمعة، عن اعتقاده أن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة «أمر ممكن»، لكنه لن يحدث دون قدر كبير من العمل الجاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: ازدياد فرص الوصول لـ«صفقة»

رغم تسريبات عن «شروط جديدة» فإن عدة مؤشرات تشي بأن الاتجاه نحو «صفقة» في قطاع غزة يزداد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري جنود إسرائيليون داخل قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)

تحليل إخباري مصر ترفض وجود قوات أجنبية في غزة... ما البدائل؟

وسط حديث يتصاعد عن خطط «لليوم التالي» في غزة، جددت مصر رفضها وجود قوات أجنبية في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)
TT

الغرب يحذّر سوريا من تعيين «مقاتلين أجانب» في الجيش

مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)
مقاتلون من «هيئة تحرير الشام» في دمشق (رويترز)

قال مصدران مطلعان إن مبعوثين أميركيين وفرنسيين وألمان حذّروا الحكام الجدد في سوريا من أن تعيينهم لـ«مقاتلين أجانب» في مناصب عسكرية عليا يمثّل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم في محاولتهم إقامة علاقات مع دول أجنبية.

وقال مسؤول أميركي إن التحذير الذي أصدرته الولايات المتحدة، والذي يأتي في إطار الجهود الغربية لدفع قادة سوريا الجدد لإعادة النظر في هذه الخطوة، جاء في اجتماع بين المبعوث الأميركي دانييل روبنشتاين وقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، يوم الأربعاء، في القصر الرئاسي في دمشق.

وقال المسؤول: «هذه التعيينات لن تساعدهم في الحفاظ على سمعتهم في الولايات المتحدة».

وأوضح مسؤول مطّلع على المحادثات أن وزيري خارجية فرنسا وألمانيا جان نويل بارو وأنالينا بيربوك طرحا أيضاً قضية المقاتلين الأجانب الذين تم تجنيدهم في الجيش خلال اجتماعهما مع الشرع في الثالث من يناير (كانون الأول).

مئات المقاتلين الأجانب

وأوردت وكالة «رويترز» أنباء التعيينات في 30 ديسمبر (كانون الأول). ولم يتم نشر تعليقات المبعوثين على تلك التعيينات من قبل.

وقادت «هيئة تحرير الشام» هجوماً أطاح بالرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول). ومنذ ذلك الحين، نصّبت حكومة في البلاد وحلت جيش الأسد. وتبذل «هيئة تحرير الشام» جهوداً لإعادة تشكيل القوات المسلحة.

وفي أواخر العام الماضي، ذكرت «رويترز» أن الهيئة أجرت نحو 50 تعييناً، بما في ذلك ستة مقاتلين أجانب على الأقل، من بينهم صينيون وإيغور من آسيا الوسطى، ومواطن تركي، ومصري، وأردني.

وقال مصدر عسكري سوري إن ثلاثة منهم حصلوا على رتبة عميد وثلاثة آخرين على الأقل حصلوا على رتبة عقيد.

وتضم «هيئة تحرير الشام» والجماعات المتحالفة معها مئات المقاتلين الأجانب في صفوفها والذين قدموا إلى سوريا خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عاماً، وكثيرون منهم يتمسّكون بتفسيرات متشددة للإسلام.

تهديد أمني رئيسي

وتنظر العواصم الأجنبية عموماً إلى المقاتلين الأجانب باعتبارهم تهديداً أمنياً رئيسياً، حيث تشتبه في أن بعضهم قد يسعون إلى تنفيذ هجمات في بلدانهم الأصلية بعد اكتساب الخبرة في الخارج.

مقاتلون من الفصائل السورية في حلب (أ.ف.ب)

وقال مسؤولون في الإدارة السورية الجديدة إن المقاتلين الأجانب قدّموا تضحيات للمساعدة في الإطاحة بالأسد وسيكون لهم مكان في سوريا، مضيفين أنهم قد يحصلون على الجنسية.

ولم ترد وزارة الدفاع السورية على طلب للتعليق. ولم تعلّق أيضاً وزارة الخارجية الألمانية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن في حوار مستمر مع السلطات المؤقتة في دمشق.

وأضاف المتحدث: «المناقشات بنّاءة وتتناول مجموعة واسعة من القضايا المحلية والدولية»، موضحاً أن هناك «تقدماً ملموساً بشأن أولويات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك تنظيم داعش».

وقال المسؤول الأميركي ومصدر غربي إن دمشق قدّمت توضيحات لتعيينات المقاتلين الأجانب بقولها إنه لا يمكن ببساطة إعادتهم إلى أوطانهم أو إبعادهم إلى الخارج حيث قد يواجهون الاضطهاد، وإنه من الأفضل الاحتفاظ بهم في سوريا.

وقال المسؤول الأميركي إن السلطات أوضحت أيضاً أن هؤلاء الأشخاص ساعدوا في تخليص سوريا من الأسد وأن بعضهم قضوا في البلاد أكثر من 10 سنوات وبالتالي أصبحوا جزءا من المجتمع.