سكان دمشق يحتفلون ببداية عهد جديد

مقاتلون من المعارضة يحتفلون بسيطرتهم على دمشق الأحد (أ.ب)
مقاتلون من المعارضة يحتفلون بسيطرتهم على دمشق الأحد (أ.ب)
TT

سكان دمشق يحتفلون ببداية عهد جديد

مقاتلون من المعارضة يحتفلون بسيطرتهم على دمشق الأحد (أ.ب)
مقاتلون من المعارضة يحتفلون بسيطرتهم على دمشق الأحد (أ.ب)

لم ينتظر سكان مدينة دمشق شروق شمس الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، فقد خرجوا مع ساعات الفجر الأولى إلى الشوارع مع سماع أصوات كثيفة لإطلاق النار ابتهاجاً بانتهاء مرحلة طويلة أتعبت كل السوريين، وبداية عهد جديد.

ومع سماع أصوات إطلاق نار كثيف بعد منتصف الليل من كل الجهات المحيطة بدمشق ومن قلبها، دب الرعب في قلوب سكان عاصمة الأمويين لاعتقادهم أن ما يجري هي اشتباكات بين فصائل المعارضة المسلحة وجنود الجيش السوري، لكن سرعان ما انقلب خوف السكان إلى فرح مع تأكُّدهم أن إطلاق النار كان احتفالاً وابتهاجاً بسقوط النظام الحاكم، وانتهاء المرحلة السابقة بكل مآسيها، وأن البلاد باتت في بداية عهد جديد.

وبينما كانت مكبرات الصوت في مساجد حيي التضامن ودف الشوك ومنطقة الزاهرة جنوب دمشق، تصدح بتكبيرات «الله أكبر»، علا صوت أذان الفجر، خرجت الناس بمختلف فئاتها رجالاً ونساءً وشباباً وفتياناً وأطفالاً إلى الشوارع بكثافة يرددون هتافات النصر، في وقت كان فيه مقاتلون من فصائل المعارضة المسلحة ينتشرون راجلين، ويطلقون النار في الهواء، وبعضهم في سيارات تجوب الشوارع رافعين شارات النصر، ويطلقون الرصاص بكثافة ابتهاجاً.

رجل سوري يدخن «الشيشة» في أحد أحياء دمشق بعد ساعات من إعلان الإطاحة بالأسد (إ.ب.أ)

وعلى طول الطرقات شاهدت «الشرق الأوسط» ملابس عسكرية ملقاة على جوانب الشوارع، يعتقد أنها لعناصر من الجيش السوري النظامي وعناصر كانوا على الحواجز التي بدت فارغة تماماً.

سيدة سورية تلوح بعلامة النصر وتحمل باقة ورود في ساحة الأمويين بدمشق احتفالاً بإعلان الإطاحة بالأسد (أ.ف.ب)

وتجمع في الساحة المقابلة لمخبز الزاهرة الاحتياطي، المئات من الأهالي يتبادلون التهاني ببزوغ فجر العهد الجديد، وسط انتشار مكثف لمقاتلين من الفصائل المعارضة، بينما قام عدد من الأهالي بإحراق ملابس عسكرية ملقاة في الشوارع، بينما كان آخرون يحرقون صوراً معلقة لبشار الأسد على مبنى حكومي مجاور للحاجز المسمى «حاجز بركة» المؤدي إلى حيي التضامن ودف الشوك.

على أوتوستراد الزاهرة الجديدة المؤدي إلى منطقة الصناعة، ومن ثم إلى منطقة المجتهد وصولاً إلى منطقة كفر سوسة، ومن ثم ساحة الأمويين، كانت الطرق الرئيسية فارغة إلا من قلة قليلة من السيارات العامة التي كانت تمر مسرعة، وسط انتشار لمقاتلين من المعارضة وسيارات تُقل بعضهم، من دون أن يعترضون أي سيارة عامة أو مواطنين متوجهين سيراً على الأقدام إلى ساحات وسط المدينة.

مواطنون في ساحة الأمويين في دمشق (الشرق الأوسط)

التجمع الأكبر كان في ساحة الأمويين وسط دمشق، حيث احتشد المئات من الأهالي ومقاتلي فصائل المعارضة مع سيارتهم وسط إطلاق نار كثيف في الهواء وهتافات النصر وزغاريد النساء، بينما كان مزيد من مواطنين يتوجهون إلى الساحة من الطرقات الفرعية المؤدية إليها.

ولم ترصد «الشرق الأوسط» أي حوادث في شوارع حيي التضامن ودف الشوك ومنطقة الزاهرة وأحياء وسط دمشق، حيث كانت فيها الأغلبية العظمى من المحال التجارية مغلقة، على حين كانت الأفران تبيع مادة الخبز للمواطنين كالمعتاد.


مقالات ذات صلة

المشرق العربي طلال مخلوف قائد الحرس الجمهوري برفقة الرئيس المخلوع بشار الأسد (أرشيفية - إكس)

تسوية أوضاع مقرَّب من نظام الأسد تثير عاصفة من الجدل

أثارت عمليات التسوية التي تجريها الإدارة الجديدة في سوريا لعناصر الأمن والعسكريين في النظام السابق، موجة من الجدل ما بين مؤيد لهذه الخطوة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي بروسيا... 29 سبتمبر 2021 (رويترز)

إردوغان: نجري حوارا وثيقاً مع أحمد الشرع

قال إردوغان إنه «لا مكان في مستقبل سوريا لأي منظمة إرهابية بما في ذلك (داعش) وحزب العمال الكردستاني»، مضيفا أن نهج تركيا الثابت هو حماية وحدة الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الخليج عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وأسعد الشيباني وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية (وام)

عبد الله بن زايد يبحث مع الشيباني آخر التطورات السورية وعلاقة البلدين

عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي بحث مع أسعد الشيباني، وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، آخر التطورات السورية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي الأمير فيصل بن فرحان والوزير بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

السعودية ومصر تبحثان الوضع في سوريا

بحث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي، الاثنين، مستجدات الأوضاع على الساحة السورية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سفارة سوريا بالقاهرة تنتظر برقية لرفع «علم الثورة»

سوريون يقيمون في اليونان يرفعون «علم الثورة» في ميدان سنتغما (رويترز)
سوريون يقيمون في اليونان يرفعون «علم الثورة» في ميدان سنتغما (رويترز)
TT

سفارة سوريا بالقاهرة تنتظر برقية لرفع «علم الثورة»

سوريون يقيمون في اليونان يرفعون «علم الثورة» في ميدان سنتغما (رويترز)
سوريون يقيمون في اليونان يرفعون «علم الثورة» في ميدان سنتغما (رويترز)

ترفض البعثة الدبلوماسية السورية في القاهرة التجاوب مع دعوات من الجالية السورية في مصر برفع «علم الثورة الجديد» على مقر السفارة بوسط العاصمة القاهرة في الوقت الحالي؛ وذلك كون عملية تغيير العلم تخضع لـ«إجراءات بروتوكولية»، من بينها إرسال برقيات من الحكومة السورية الجديدة، وتنسيق مع الدولة المضيفة، وهو «ما لم يتم حتى الآن»، وفق مصادر سورية.

ومع التغيير الذي شهدته سوريا، بسقوط نظام بشار الأسد، شرعت الإدارة الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، في تغيير العلم، ورفع علم «الثورة السورية» بلونه الأخضر، ونجماته الثلاث، على مختلف المؤسسات السورية، وبعض سفاراتها بالخارج.

وقال نشطاء وأعضاء بالجالية السورية في القاهرة، إن «العلم السوري الجديد لم يُرفع على مقر البعثة الدبلوماسية لسوريا بمصر أو أي من ملحقياتها».

ويقيم في مصر ما يقرب من مليون ونصف المليون سوري، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة.

إجراءات بروتوكولية

ولم تستجب البعثة الدبلوماسية السورية بالقاهرة لدعوات أعضاء بالجالية لتغيير العلم السوري، وفق الناشط السياسي السوري المقيم بمصر، ليث الزعبي، الذي أشار إلى أنه «التقى أخيراً القنصل السوري بالقاهرة بشار الأسعد، وأبلغه بأن تغيير العلم يخضع لإجراءات بروتوكولية، من بينها إرسال برقيات من الحكومة السورية الجديدة، إلى البعثة الدبلوماسية بالقاهرة للتغيير».

وكلفت الإدارة الجديدة في سوريا، محمد البشير، بتشكيل حكومة انتقالية (حكومة إنقاذ)، حتى الأول من مارس (آذار) 2025، وأسندت حقيبة وزارة الخارجية إلى أسعد حسن الشيباني.

وقال الزعبي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «السفارة السورية، قامت بإنزال العلم السابق لسوريا، كما أزالت صور رموز النظام السابق من داخل مقر البعثة الدبلوماسية، لكنها لم تضع أي بديل»، مشيراً إلى أن «البعثة السورية بالقاهرة، تمثل أيضاً سوريا في الجامعة العربية، ورفع علم الثورة عليها ضروري، خصوصاً أن كثيراً من السفارات السورية بعواصم العالم قامت بتغييره».

ورفعت السفارات السورية في روسيا وأميركا والصين وعدد من دول العالم، علم الثورة السورية الجديد. وبينما لم ترفع السفارة السورية بالقاهرة، العلم الجديد على مقرها، قامت صفحات السفارة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بتغيير العلم إلى علم الثورة الجديد.

صورة صفحة السفارة السورية في مصر على فيسبوك

ورفض السفير السوري بالقاهرة حسام الدين آلا، التعقيب على موقف رفع العلم السوري الجديد بمقر السفارة بالقاهرة. بينما تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فيديو للقنصل السوري في مصر بشار الأسعد، أشار فيه إلى «انتظارهم اعتراف الجامعة العربية أولاً قبل رفع علم الثورة السورية».

ويرى الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي، أن «البعثة الدبلوماسية السورية بالقاهرة، تنتظر اعتماد الحكومة الجديدة بسوريا في الجامعة العربية، حتى ترفع علم الثورة الجديد»، مشيراً إلى أن «حكومة الإنقاذ الجديدة في سوريا، لم تعتمد بالجامعة العربية، وتغيير العلم يخضع لبروتوكول وتنسيق مع الدول المضيفة للسفارات السورية».

واعتبر الأتاسي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «السفارات التي قامت برفع العلم الجديد، تستضيفها دول مؤيده للنظام الجديد في سوريا»، مشيراً إلى أن «مصر تتخذ موقفاً إيجابياً تجاه التغيير بسوريا بشكل عام، وتعلن دعمها لخيارات الشعب السوري دون الحديث عن نظامه».

ترقب التطورات

ولا يختلف في ذلك، مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، الذي أشار إلى أن «الموقف المصري، يتسم بالتريث في الفترة الحالية، لحين وضوح الرؤية بعد التغيير الذي تشهده سوريا»، وقال إن «الخطاب المصري يؤكد على دعمه للشعب السوري وخياراته، لكنه يعكس حالة الترقب لتطورات الأوضاع».

وفي اعتقاد الحلواني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهواجس المصرية تجاه التغيير الذي تشهده سوريا، يمكن إزالتها بالحوار»، منوهاً إلى أن «رفع العلم الجديد على مقر السفارة السورية بالقاهرة يحتاج إلى خطاب من حكومة الإنقاذ إلى الحكومة المصرية»، إلى جانب «اعتراف من الدولة المضيفة بالحكومة الجديدة بدمشق».

ومنذ إعلان سقوط الأسد، تتمسك مصر بضرورة تبني عملية سياسية شاملة يشارك فيها جميع مكونات الشعب السوري. وخلال اتصال مع نظيره الروسي، مساء الأحد، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، «أهمية دعم الدولة السورية واحترام سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، وتعزيز التنسيق بين الأطراف الفاعلة من أجل دعم سوريا خلال المرحلة الانتقالية».

وطالب، بحسب بيان للخارجية المصرية، بضرورة «إعلاء مصالح عموم الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته، بما يسمح بتبني عملية سياسية شاملة بملكية سورية تفضي إلى إعادة الاستقرار إلى سوريا، بما يحفظ أمن ومستقبل ومقدرات الشعب السوري».