4 قوى تتصارع في الريف الشرقي لحلب... ماذا نعرف عن أهدافها؟

TT

4 قوى تتصارع في الريف الشرقي لحلب... ماذا نعرف عن أهدافها؟

دخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في حلب (د.ب.أ)
دخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في حلب (د.ب.أ)

في الوقت الذي نفى فيه مسؤول عسكري كردي في «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) تحركها رسمياً نحو الريف الشرقي لمحافظة حلب، تظهر إفادات ميدانية تقدمها وسيطرتها على بلدتي الخفسة ومسكنة الواقعتين بالنطاق، وأن «قسد» باتت تفصلها عن مركز بلدة دير حافر المجاورة نحو 20 كيلومتراً.

وأفرزت معركة حلب وجود 4 قوى عسكرية سورية متنافسة، تتوزع في الريف الشرقي للمدينة، التي تُعد ثانية كبريات المدن السورية، وعاصمتها الاقتصادية.

والقوى الأربع المتصارعة حول الريف الشرقي لحلب، هي: الجيش السوري الحكومي، و«هيئة تحرير الشام» المقربة من تركيا، و«الجيش الوطني الحر» (الموالي لتركيا)، وقوات «قسد» (المدعومة من الولايات المتحدة، وقوامها من الأكراد)، وهذه الجهات بعضها يعادي بعضاً، ودخلت في معارك طاحنة منذ السيطرة على حلب، وتقدمها نحو محافظة حمص وسط سوريا، بعد سيطرتها على مدينة حماة.

وذكر فرهاد شامي، مدير المكتب الإعلامي لقوات «قسد»، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه لم ينشأ متغيرات بخريطة التوزيع العسكري فيما يتعلق بـ«قسد» المتمركزة في مناطق نفوذها غرب نهر الفرات، ويقول: «لا تغيير يذكر في خريطة التوزيع العسكري لقواتنا التي تتصدى لهجمات نفّذها (مرتزقة الاحتلال التركي)، على مناطق سيطرة قوات مجلسي (منبج)، و(الطبقة) العسكريين، وأوقعت كثيراً من القتلى في صفوفهم».

وأشار المسؤول العسكري الكردي إلى أن اشتباكات عنيفة تخوضها القوات بريف منبج الجنوبي، بالتوازي مع اشتباكات في بلدة دير حافر بريف حلب الشرقي، وأضاف شامي: «إن قوّاتنا أبدت مقاومة عظيمة لحماية أهالي تلك المناطق من انتهاكات وجرائم المرتزقة، ونؤكد جاهزيتنا الدائمة للتصدي لأي هجمات إرهابية»، على حد تعبيره.

وتسيطر «قسد»، وهي تحالف بين قوات كردية وعربية تدعم الولايات المتحدة الأميركية وقوات التحالف الدولي، على كامل مدينة منبج وريفها وبلدة العريمة التابعة لمدينة الباب بالريف الشرقي لمحافظة حلب، وعلى مدينة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة وتقع غرب نهر الفرات، إلى جانب مركز مدينة الرقة والريف الشرقي الشمالي لمحافظة دير الزور والقسم الأكبر من محافظة الحسكة الواقعة أقصى شمال شرقي البلاد.

4 قوى عسكرية سورية تتنافس للسيطرة على الريف الشرقي لحلب

وتقدمت «قسد» على الأرض، وسيطرت على محطة «بابيري» لضخ المياه التي تعد مصدراً رئيسياً لتزويد مدينة حلب بمياه الشرب، كما تمكنت من السيطرة على قرية خفسة في ريف منبج الجنوبي بعد اشتباكات عنيفة مع فصائل «الجيش الوطني الحر» الموالية لتركيا.

تشابك وتزاحم

وفي المقابل، سيطرت الفصائل الموالية لتركيا المنضوية في صفوف «الجيش الوطني» وغرفة عمليات «فجر الحرية»، الأحد الماضي (الأول من ديسمبر الحالي)، على بلدتي السفيرة وخناصر بريف حلب الشرقي، ومطار كويرس العسكري والفوج 111 والمحطة الحرارية، وصولاً إلى الضفة الغربية لنهر الفرات في جيب محاصر يمتد بين بلدتي خفسة (شمالاً) ومسكنة (جنوباً) وعلى طول أقل من 10 كيلومترات، بعد سيطرتها على قرى الشهباء وبلدة تل رفعت الاستراتيجية بريف حلب الشمالي.

فيما سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل غرفة «الفتح المبين» التي تقود عملية «رد العدوان»، على كامل مركز محافظة حلب ومدينة السفيرة وبلدات التايهة وجبل عزان الواقعة بريفها الشرقي، وكل المدن والبلدات بريفها الجنوبي، وانتزعت المحطة الحرارية من قبضة الفصائل الموالية لتركيا، وتقدمت صوب محافظة حماة المجاورة لحلب.

ويحتفظ الجيش السوري بمثلث محاصر في ريف حلب الشرقي، يشمل بعض قرى بلدات مسكنة ودير حافر وخناصر التي خسرها مؤخراً، بعد انسحاب قواته للتمركز في ريف حماة الجنوبي، ومحافظة حمص الملاصقة للمنطقة.

إعادة رسم الحدود

ويتسم المشهد في ريف حلب الشرقي بالتوتر والتغير المتسارع بعد انسحاب قوات الجيش السوري، ويرى بدر الدين ملا رشيد، الباحث المختص بالشأن الكردي في مركز «رامان» للبحوث والدراسات الاستراتيجية، أن معركة حلب خلطت الأوراق السورية، وأعادت رسم حدود مناطق التماس والسيطرة بين الجهات السورية وداعميها الإقليميين والدوليين.

وقال ملا رشيد لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات (قسد) سيطرت على عدة مواقع استراتيجية لتنسحب لاحقاً بذات السرعة، واليوم تعود للتقدم على مسار حوض نهر الفرات الغربي، ويظهر من هذا التقدم وجود رغبتين رئيسيتين لدى هذه القوات».

عناصر من «قسد» خلال عمليات سابقة ضد الفصائل الموالية لتركيا في شمال حلب وشرقها (المرصد السوري)

وبحسب الباحث، تتمثل الرغبة الأولى في «السيطرة على ضفة نهر الفرات الغربية لإبعاد خطر سيطرة قوات (الجيش الوطني الحر) لمنعها من التقدم نحو بحيرة الأسد ثم مدينة الطبقة الاستراتيجية، وسهولة الوصول لمركز محافظة الرقة لاحقاً من الجنوب». بينما تتمثل الرغبة الثانية وفق الباحث في «محاولة (قسد) كسب مزيد من المناطق والمواقع الاستراتيجية عسكرياً، لتشكّل خط مواجهة جديد بدلاً من الخطوط الحالية المتمثلة بحدود مدينة منبج الإدارية بحلب، والطبقة بالرقة الملاصقة لضفة نهر الفرات الغربية».

وأوضح أن انتشار وتوزع 4 جهات عسكرية سورية متصارعة ومتحاربة بريف حلب الشرقي «يحتاج لمزيدٍ من الوقت، ولربما ستفتح مواجهات مستقبلية في ظل وجود تضخم كبير من قوات الأطراف المتحاربة على حساب انحسار القوات السورية، وداعميه روسيا وإيران».

ويرهن الباحث ضبط إيقاع تشابك وتزاحم هذه القوات في بقعة جغرافية محدودة بـ«العامل الحاسم المتمثل في تدخل الولايات المتحدة في ضبط المشهد بين الأطراف المتحاربة، منعاً لمزيد من الصراعات العسكرية والأمنية، وللتركيز على معركة ما بعد حماة، في حال تقدمت قوات (ردع العدوان) أكثر نحو العاصمة السورية دمشق».


مقالات ذات صلة

تركيا تتحرك باتجاه عين العرب و«إدارة العمليات» إلى مناطق «قسد»

المشرق العربي الجيش التركي أرسل معدات عسكرية ومدرعات وذخائر إلى حدود عين العرب (كوباني) الأحد (إعلام تركي)

تركيا تتحرك باتجاه عين العرب و«إدارة العمليات» إلى مناطق «قسد»

دفع الجيش التركي بمعدات عسكرية إلى حدود مدينة عين العرب (كوباني) بالتزامن مع تحرك أرتال تابعة لإدارة العمليات العسكرية باتجاه مناطق سيطرة «قسد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية»... (أ.ب)

وزير الدفاع السوري يرفض احتفاظ الأكراد بتكتل خاص داخل الجيش

قال وزير الدفاع في الإدارة السورية الجديدة، اليوم، إنه لن يكون من الصواب أن يحتفظ المسلحون الأكراد بتكتل خاص داخل القوات المسلحة السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي إردوغان تعهّد خلال خطاب في أضنة جنوب تركيا بإنهاء وجود «الوحدات الكردية» في سوريا (الرئاسة التركية)

إردوغان: سنتخذ قريباً خطوات جذرية لتصفية «الوحدات» الكردية في سوريا

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده ستتخذ قريباً خطوات جذرية لحل مشكلة وجود «وحدات حماية الشعب» التي تقود قوات «قسد» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص وزير الخارجية العراقي: أكدنا لطهران أن ملف الفصائل شأن داخلي play-circle 00:37

خاص وزير الخارجية العراقي: أكدنا لطهران أن ملف الفصائل شأن داخلي

يقول وزير الخارجية العراقي في حوار لـ«الشرق الأوسط»، إن العراق تجاوز خطر الحرب، لكنه ملزم ببذل جهد مضاعف في الفترة المقبلة لتجنّب اشتعالها مجدداً.

علي السراي (لندن)
شؤون إقليمية القوات التركية والفصائل السورية الموالية تواصل قصفها العنيف في شرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا تعلن مقتل 29 مسلحاً كردياً في ظل التصعيد المستمر في شرق حلب

تتواصل الاشتباكات العنيفة بين القوات التركية والفصائل السورية الموالية لأنقرة وقوات «قسد» على محاور شرق حلب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

غزة... أول يوم هادئ منذ 15 شهراً

غزة... أول يوم هادئ منذ 15 شهراً
TT

غزة... أول يوم هادئ منذ 15 شهراً

غزة... أول يوم هادئ منذ 15 شهراً

عاش قطاع غزة، أمس، أول يوم هادئ له منذ 15 شهراً، مع دخول اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ.

وتُوِّج اليوم الأول من الهدنة بتبادل الأسرى، بعدما سلَّمت حركة «حماس» 3 أسيرات إسرائيليات إلى الصليب الأحمر، ليسلِّمهن بدوره إلى إسرائيل، بينما أفرجت الأخيرة عن 90 من المعتقلين الفلسطينيين (أسيرات وأطفال)، وأعادتهم إلى منازلهم في الضفة الغربية والقدس. وتسبَّب تأخر «حماس» في تسليم قائمة بأسماء الأسيرات الثلاث لأسباب «فنية»، كما قالت، بإقدام إسرائيل على شن قصفٍ سقط فيه 15 قتيلاً في مناطق مختلفة من القطاع.

وحاول الغزيون استعادة نمط الحياة التي دبّت سريعة في الشوارع والأسواق، خصوصاً مع إدخال مئات الشاحنات من المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم.

وشُوهد آلاف الغزيين يمرون عبر طرق مجرَّفة ومدمَّرة عائدين إلى منازلهم، أو في زيارة للاطمئنان على أقاربهم وأحبائهم، وبعضهم ذهب في محاولة للتسوق. لكن كثيراً من هؤلاء بدا مصدوماً من مَشاهد الدمار. وعبّرت آمال العسكري، من سكان مخيم جباليا في شمال القطاع، عن غضبها بعدما فشلت في التعرف على منزلها الذي سُوِّي بالأرض، أسوة بالمنازل المجاورة له. وقالت، لـ«الشرق الأوسط»: «ما بقي لنا شيء، حياتنا ومستقبلنا وعمرنا... دمروا بيوتنا ومستقبل أولادنا».

بدورها، وضعت الحكومة الفلسطينية خطة إغاثة وإنعاش مبكر، واستجابة طارئة لقطاع غزة، تقدَّم بها رئيس الوزراء محمد مصطفى، أمس، إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.