تركيا: نتعاون مع دول المنطقة منذ بدء «عملية حلب» لوحدة سوريا

مطالبات بإدارة مدنية في حلب لا تستثني الأكراد… ومنبج وتل رفعت هدف رئيس

تقدم لـ«تحرير الشام» والفصائل المسلحة باتجاه حماة (رويترز)
تقدم لـ«تحرير الشام» والفصائل المسلحة باتجاه حماة (رويترز)
TT
20

تركيا: نتعاون مع دول المنطقة منذ بدء «عملية حلب» لوحدة سوريا

تقدم لـ«تحرير الشام» والفصائل المسلحة باتجاه حماة (رويترز)
تقدم لـ«تحرير الشام» والفصائل المسلحة باتجاه حماة (رويترز)

في أول تعليق للمؤسسة العسكرية في تركيا على التطورات في شمال سوريا، قالت وزارة الدفاع إن أنقرة تتعاون وتنسق بشكل وثيق مع دول المنطقة منذ تجدد الصراع في شمال سوريا الأسبوع الماضي، الذي نتج من عوامل داخلية وقضايا لم تحسم، وإنه يجري اتخاذ إجراءات لتحقيق الاستقرار والحفاظ على وحدة سوريا.

في الوقت ذاته، دعا حزب العدالة والتنمية الحاكم، إلى تشكيل حكومة سورية تشمل المعارضة أيضاً، نافياً الادعاءات بأن تركيا تقف وراء التحرك الأخير للفصائل المسلحة في شمال سوريا.

وبينما دخلت «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتعاونة معها إلى بعض مناطق حماة، بعد سيطرتها على حلب في أكبر وأسرع تقدم تحرزه في مواجهة الجيش السوري منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، أكد مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركي، زكي أكتورك، في إفادة صحافية أسبوعية، الخميس، عدم وجود صلة لتركيا بالصراع في شمال سوريا، وقال إنه «ناجم عن عوامل وديناميكيات داخلية ومشاكل عالقة لم يتم حلها منذ فترة طويلة، ولأن الحكومة السورية لم تضع في الحسبان مطالب المعارضة».

مبررات وتدابير

وقال أكتورك: «قواتنا تتخذ كل التدابير اللازمة للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، ومنذ بداية العملية الأخيرة للمعارضة، يستمر التعاون والتنسيق الوثيق مع نظرائنا في المنطقة».

وأضاف أن تركيا تتابع من كثب الأنشطة التي بدأتها فصائل المعارضة السورية في منطقة حلب، والتطورات ذات الصلة في إطار الأهمية والأولوية الممنوحة لوحدة سوريا وسلامة أراضيها ومكافحة الإرهاب.

قصف لـ«تحرير الشام» على أطراف حماة (أ.ف.ب)
قصف لـ«تحرير الشام» على أطراف حماة (أ.ف.ب)

وشدد على أن الجيش التركي لن يسمح لـ«حزب العمال الكردستاني» وذراعه في سوريا وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وهما التنظيمان اللذان يشكّلان تهديداً خطيراً على وحدة تراب سوريا وسيادتها، بالاستفادة من حالة عدم الاستقرار بالمنطقة.

ولفت، في الوقت ذاته، إلى التزام تركيا بالاتفاقات التي أبرمتها في مناطق العمليات التي نفذتها في شمال سوريا، في إشارة إلى التفاهمات الموقّعة مع روسيا وأميركا، وتتوقع أن يلتزم بها محاوروها.

عنصر من «هيئة تحرير الشام» عند نقطة تفتيش في الراشدين بمحافظة حلب 29 نوفمبر (رويترز)
عنصر من «هيئة تحرير الشام» عند نقطة تفتيش في الراشدين بمحافظة حلب 29 نوفمبر (رويترز)

بدوره، قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، المتحدث باسم الحزب، عمر تشيليك، إن الادعاءات القائلة بأن تركيا تدعم الجماعات المسلحة التي تقودها «هيئة تحرير الشام»، كلها أكاذيب وغير واقعية.

وأضاف تشيليك، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع للجنة التنفيذية للحزب ليل الأربعاء - الخميس، أنهم يتابعون التطورات في سوريا من كثب ويتابعون من كثب أيضاً التصريحات التي تدلي بها بعض الدول وبعض الجهات داخل تركيا وخارجها في هذا السياق.

ولفت تشيليك إلى أنه كانت هناك هجمات مختلفة على منطقة خفض التصعيد في إدلب من قِبل القوات السورية وعناصر أخرى، وتم انتهاك مذكرة موسكو بشأن إدلب الموقّعة بين تركيا وروسيا في 5 مارس (آذار) 2020، وانتهاك مقررات عملية أستانة، مرات عدة، وقد حذّرت تركيا مراراً من ذلك.

أولويات تركيا

ورداً على تصريحات زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، التي قال فيها إن «إضعاف إيران في المنطقة والتسبب في حروب طائفية وتعزيز إسرائيل وضمان أمنها لا ينبغي أن يكون من أولويات تركيا، وإن على الحكومة أن تتحدث مباشرة مع الرئيس السوري بشار الأسد»، قال تشيليك إن تركيا لا تريد إضعاف إيران، ولا تقويتها، والأمر نفسه ينطبق على روسيا، وقلنا مراراً وتكراراً إن وجود القوات التركية في سوريا ليس ضد أي جماعة أو أي دولة، وإنما لتلبية المصالح المشروعة لتركيا واحتياجات أمنها القومي.

وعدّ أن هذه التصريحات تتسم بانعدام المسؤولية، وحدَّد أهداف تركيا في شمال سوريا، قائلاً: «لا نريد أي نوع من الوجود الإرهابي في تل رفعت ومنبج والمناطق القريبة من حدودنا، كما لا نريد سقوط ضحايا من المدنيين في سوريا، وبالطبع لا نريد أبداً تدفق موجة من الهجرة إلى تركيا».

مقاتلان من «تحرير الشام» يحملان صاروخاً أثناء تجهيز لضربات في حماه (أ.ف.ب)
مقاتلان من «تحرير الشام» يحملان صاروخاً أثناء تجهيز لضربات في حماه (أ.ف.ب)

وأشار تشيليك إلى أن الرئيس رجب طيب إردوغان ذكر في الفترة الأخيرة، بشكل متكرر، أنه يريد لقاء الرئيس بشار الأسد، لكن الأسد لم يستجب وظل متأخراً.

وذكر أن ما تريده تركيا هو تشكيل حكومة سورية تضم مختلف الأطراف بما في ذلك المعارضة بناءً على اتفاق سياسي ودستور جديد.

حكومة انتقالية

في السياق ذاته، قال رئيس حزب المستقبل المعارض رئيس الوزراء التركي الأسبق، أحمد داود أوغلو، إن هناك تحركات في درعا في الجنوب بين حماة وحمص، والوقت في سوريا الآن هو وقت الدبلوماسية لا الحرب.

ودعا الحكومة التركية إلى الحوار مع الحكومة السورية، وروسيا، وإيران، وأميركا، وبريطانيا، وفرنسا والصين، «وأن تبعث برسالة إلى الأمم المتحدة تطالب فيها بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا».

داود أوغلو اقترح تشكيل حكومة سورية مؤقتة وإدارة مدنية في حلب تشمل الأكراد (موقع الحزب)
داود أوغلو اقترح تشكيل حكومة سورية مؤقتة وإدارة مدنية في حلب تشمل الأكراد (موقع الحزب)

أضاف داود أوغلو، خلال كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية المشتركة لحزبه مع حزب السعادة، أنه «ينبغي إنشاء إدارة مدنية على الفور في حلب، لا تستبعد الأكراد؛ لأنه بعيداً عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الأكراد هناك مؤيدون لتركيا ويجب توحيد سوريا لا تقسيمها».

هجمات لـ«قسد»

من ناحية أخرى، تقدمت قوات «قسد» في ريف حلب الشمالي، بعد اشتباكات مع الفصائل الموالية لتركيا، وسيطرت على محطة بابيري لضخ المياه التي تعد مصدراً رئيساً لتزويد مدينة حلب بالمياه، وبلدة خفسة في ريف منبج الجنوبي شرق حلب.

وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أنه بعد اشتباكات عنيفة مع فصائل «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، توسعت «قسد» باتجاه مطار كويرس العسكري، بعد أن تمكنت فصائل «الجيش الوطني» من السيطرة على منطقة الشهباء ومدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي.

«قسد» تهاجم مواقع للفصائل الموالية لتركيا في شمال حلب وشرقها (المرصد السوري)
«قسد» تهاجم مواقع للفصائل الموالية لتركيا في شمال حلب وشرقها (المرصد السوري)

وأضاف أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 11 عنصراً من فصائل «الجيش الوطني» كما سيطرت «قسد» على 3 عربات عسكرية.

وفي محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، نفذت القوات الخاصة في «قسد» عملية تسلل إلى مواقع فصيل «أحرار الشرقية» بعد رصد تحركات في قرية مبروكة بريف رأس العين ضمن مناطق «نبع السلام» الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية.

كما تسللت قوات «قسد» إلى موقع للفصائل قرب القاعدة التركية عند محطة تحويل الكهرباء في الحسكة، ودارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، قُتل خلالها 4 عناصر من الفصائل، وأصيب 7 آخرون، في حصيلة أولية.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي لسوريا: صدور الإعلان الدستوري «قد يسد فراغاً قانونياً»

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقائه غير بيدرسون المبعوث الأممي لسوريا في دمشق 20 يناير 2025 (الرئاسة السورية) play-circle

المبعوث الأممي لسوريا: صدور الإعلان الدستوري «قد يسد فراغاً قانونياً»

رحب غير بيدرسون المبعوث الأممي لسوريا بالخطوات المتخذة لاستعادة سيادة القانون في البلاد، وقال إن صدور الإعلان الدستوري في دمشق «قد يسد فراغاً قانونياً مهماً».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي مسيرة تضامنية لأكراد سوريا مع قوات (قسد) في مدينة القامشلي بعد تعرض مقراتها لضربات تركية جوية في يناير 2023 (الشرق الأوسط)

الأكراد ينتقدون الإعلان الدستوري: «يتنافى» مع تنوع سوريا

انتقدت الإدارة الذاتية الكردية، الخميس، الإعلان الدستوري الذي وقعه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، معتبرة أنه «يتنافى» مع تنوع سوريا

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (القامشلي)
المشرق العربي الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع يوقع الخميس على الإعلان الدستوري للبلاد وإلى جانبه وزير الخارجية أسعد الشيباني في القصر الرئاسي في دمشق (أ.ف.ب)

باريس تنبه دمشق بأنها تحت المجهر والتعامل معها مرهون بأدائها

ربطت باريس استمرار العمل برفع العقوبات أو التخلي عن عقوبات جديدة بمحاكمة المسؤولين عن المجازر الأخيرة في سوريا.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي روسيا تنتقد حكام سوريا الجدد في اجتماع مغلق للأمم المتحدة وتحذر من صعود المتطرفين (أ.ب)

روسيا تنتقد قادة سوريا الجدد بشدة في اجتماع مغلق للأمم المتحدة

قال مصدران مطلعان لـ«رويترز» إن روسيا انتقدت بشدة حكام سوريا الجدد في اجتماع مغلق للأمم المتحدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عدت «انتفاضة 14 آذار» أكبر تجمع شعبي في لبنان (أرشيفية)

بعد 20 عاماً على «14 آذار»... المطالب اللبنانية بدأت تتحقق

بعد 20 عاماً على «ثورة 14 آذار» بدأت معالم الحلم والمطالب التي رفعها الأفرقاء اللبنانيون تتحقَّق مع التبدلات الداخلية والخارجية.

كارولين عاكوم (بيروت)

الأونروا تحذّر من حرمان جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين من التعليم إذا انهارت

فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا في غزة (أ.ف.ب)
فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا في غزة (أ.ف.ب)
TT
20

الأونروا تحذّر من حرمان جيل كامل من الأطفال الفلسطينيين من التعليم إذا انهارت

فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا في غزة (أ.ف.ب)
فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا في غزة (أ.ف.ب)

حذّر فيليب لازاريني، المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الخميس من أنّ انهيار الوكالة سيتسبّب بحرمان جيل كامل من الأطفال الفلسطينينين من التعليم «ما سيؤدّي لزرع بذور مزيد من التطرّف».

وقال لازاريني لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ هناك «خطرا حقيقيا يتمثّل بانهيار الوكالة وانفجارها» إذا ما استمرّت ضائقتها المالية الشديدة. وأضاف أنّه إذا انهارت الأونروا «فإننا بالتأكيد سنضحّي بجيل من الأطفال الذين سيحرَمون من التعليم المناسب».

ومنذ أكثر من سبعة عقود، تُقدّم الأونروا إلى اللاجئين الفلسطينيين مساعدات أساسية وإنسانية وخدمية مثل التعليم والرعاية الصحية. ووصف لازاريني الأونروا بأنّها «شريان حياة» لنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني يتوزّعون على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا.

وكان لازاريني قال الاثنين إنّه لا يمكن استبدال الأونروا إلا بمؤسسات فلسطينية، بعدما أعلنت إسرائيل أنها تشجع منظمات أخرى على «تولّي المسؤولية» في غزة. وقال لازاريني الاثنين خلال مؤتمر صحافي في جنيف «إن البديل ليس منظمة غير حكومية، وليس منظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة»، مشددا على أنّ «البديل الوحيد القابل للاستمرار هو (...) المؤسسات الفلسطينية التابعة للدولة الفلسطينية».

وفي قطاع غزة الذي دمّرته الحرب التي استمرت 15 شهرا، توظف الأونروا 13,000 شخص وتدير عمليات إنسانية لمنظمات أخرى. وفي نهاية يناير (كانون الثاني) علّقت إسرائيل عمل الأونروا على أراضيها بموجب قانون أقِرّ في أكتوبر (تشرين الأول) يحظر نشاط الوكالة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. وتتّهم السلطات الإسرائيلية موظفين في الأونروا بالتورط في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

ودفعت هذه الاتهامات كبار المانحين إلى تعليق تمويلهم الوكالة. وخلص تحقيق أجرته الأمم المتحدة في أغسطس (آب) إلى أن تسعة من موظفي الأونروا «ربما كانوا متورطين» في الهجوم. والخميس، قال لازاريني «نحن نقدّم في المقام الأول خدمات شبيهة بالخدمات الحكومية». وأضاف «من هنا فأنا لا أرى أيّ منظمة غير حكومية أو وكالة أممية تتدخل فجأة لتقديم خدمات عامة».

وحذّر المسؤول الأممي من أنّ فقدان الخدمات التعليمية التي تقدمها الأونروا قد تكون عواقبه وخيمة. وقال «إذا حرمتَ 100 ألف فتاة وصبي في غزة، على سبيل المثال، من التعليم، وإذا لم يكن لديهم مستقبل، وإذا كانت مدرستهم مجرد يأس ويعيشون بين الأنقاض، فأنا أقول لك إنّنا نزرع بذلك بذور مزيد من التطرف». وأضاف «أعتقد أنّ هذه وصفة لكارثة».