لودريان حذّر من إضاعة فرصة الاهتمام الدولي بلبنان

حثّ النواب على انتخاب الرئيس ودعا إلى تثبيت وقف النار

المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان مجتمعاً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارته الخميس إلى بيروت (أ.ب)
المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان مجتمعاً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارته الخميس إلى بيروت (أ.ب)
TT

لودريان حذّر من إضاعة فرصة الاهتمام الدولي بلبنان

المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان مجتمعاً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارته الخميس إلى بيروت (أ.ب)
المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان مجتمعاً مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال زيارته الخميس إلى بيروت (أ.ب)

تأتي زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان للبنان في سياق حثّه النواب على الإفادة من الحاضنة الدولية التي كانت وراء التوصل لوقف النار والذهاب إلى البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية، محذراً من «إضاعة فرصة الاهتمام الدولي بلبنان لإخراج انتخابه من الدوران في حلقة مفرغة، لأن هناك ضرورة لتحصين الهدنة في الجنوب بإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية بدءاً بإنهاء الشغور الرئاسي وتشكيل حكومة فاعلة تأخذ على عاتقها الانتقال بالبلد إلى بر الأمان على نحو يُعيد الاهتمام الدولي به، شرط الالتزام بحرفية الاتفاق لطي صفحة الحرب تمهيداً لتطبيق القرار 1701».

وما إن حطّ لودريان في بيروت حتى استبقه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وقبل أن يلتقيه، بتحديد موعد لجلسة انتخاب الرئيس في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، آملاً بأن تكون مثمرة وحاسمة بالتوافق على رئيس لا يشكّل تحدياً لأحد، ويجمع بين اللبنانيين ولا يفرّقهم.

فالرئيس بري بدعوته إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون أوفى بتعهده بتحديد موعد لانعقاد جلسة الانتخاب فور التوصل لوقف النار، ورفع الضغوط الدولية والمحلية عنه المطالبة بإنهاء الشغور الرئاسي، ورمى الكرة في مرمى النواب للتوافق على الرئيس، مانحاً إياهم الفرصة للتشاور، لعلهم يتمكّنون من إعادة خلط الأوراق، بما يسمح بتشكيل توازنات نيابية جديدة داخل البرلمان تُعطي الغلبة لترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث، تجاوباً مع القناعة التي توصّل إليها سفراء اللجنة «الخماسية»، ومعهم لودريان، في هذا الخصوص.

وعلى الرغم من أن لودريان لم يحمل في جعبته أي جديد، مكتفياً بالاستماع إلى آراء الذين التقاهم، مسدياً نصائحه بعدم تفويت الإحاطة الدولية بلبنان وتوظيفها لانتخاب الرئيس، وبضرورة توفير الحماية القصوى لتثبيت وقف النار، فإنه تجنّب في لقاءاته مع الكتل النيابية الدخول في لعبة الأسماء أو السؤال عن المرشحين، باعتبار أن مهمة التوافق على اسم أو اثنين أو ثلاثة تقع على عاتق النواب، وعندها يمكن الذهاب إلى جلسة الانتخاب لاختيار أحدهم، مشدداً على أن دوره وسفراء اللجنة «الخماسية» يبقى تحت سقف توفير الدعم والمساعدة في التوافق على اسم الرئيس العتيد.

ونقلت مصادر نيابية عن لودريان قوله إن هناك حيوية دولية يجب الاستفادة منها لانتخاب الرئيس، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه نصح بعدم الإطاحة بالفرصة الثمينة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ممكن، ناصحاً في الوقت نفسه بالتعاون مع لجنة الرقابة لتثبيت الهدنة؛ لأن لا مصلحة للبنان بالعودة إلى الوراء.

ولفتت المصادر النيابية إلى أن الذين التقوا لودريان خرجوا بانطباع بأن التنسيق الدائم بين باريس وواشنطن كان وراء التوصل لوقف النار، وأن هذا التنسيق ينسحب أيضاً على توفير الدعم والمساعدة لتسهيل انتخاب الرئيس بالتعاون مع اللجنة «الخماسية» التي تتشكل من دول صديقة للبنان، وتبقى مهمتها مساندة الجهود لوضع حد لتعطيل انتخاب الرئيس، لكن أحداً لن ينوب عن النواب لتجاوز الحسابات الضيقة والالتفات إلى مصلحة البلد لوقف الانهيار.

ولاحظت أن لودريان، وإن كان لا يسمح لنفسه بالتدخل في استمزاج آراء النواب في اسم هذا المرشح أو ذاك، فإنه يشدّد على ضرورة انتخاب الرئيس الذي يتمتع بالمواصفات التي سبق لـ«الخماسية» أن حددتها، وكأنّه ينصح بأن يُؤتى برئيس على قياس التحديات التي تتطلّب من النواب التوافق لإخراج لبنان من أزماته من جهة، وأن يأخذ على عاتقه متابعة تنفيذ الاتفاق الذي يُعيد الهدوء إلى الجنوب ويعبّد الطريق أمام تطبيق القرار «1701».

كما أن لودريان بوجوده في بيروت أراد تأكيد الشراكة الأميركية - الفرنسية التي كانت وراء التوصل لوقف النار، ورغب في المقابل باستمزاج آراء المعنيين بانتخاب الرئيس بطرحه عليهم مجموعة من الأسئلة لاستخلاص ما يجب القيام به لرفع منسوب المساعدة الدولية والإقليمية للبنان، خصوصاً أنه سيكون، حسب المصادر النيابية، في عداد الوفد المرافق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته إلى المملكة العربية السعودية.

وتوقّعت المصادر استعداد سفراء اللجنة «الخماسية» لمعاودة تحركها لدى الكتل النيابية من موقع حثها على ضرورة التفاهم لإنهاء الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس يحظى بتوافق داخلي، وأبدت ارتياحها للقاءات التي عقدها السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري، والتي شملت معظم الكتل النيابية، وجاءت في سياق تقويم الأجواء السياسية المحيطة بانتخاب الرئيس تحضيراً للاجتماعات التي يستعد لها سفراء «الخماسية» والتي تأتي في سياق دعوتهم إلى إخراج انتخابه من المراوحة، لأنه لم يعد من الجائز الإبقاء على الشغور الرئاسي في ظل الظروف الطارئة والاستثنائية التي يمر بها لبنان.

لذلك أراد بري بترحيله انتخاب الرئيس إلى 9 يناير المقبل بأن يعطي النواب فرصة مديدة للتشاور، سعياً للتوصل إلى مرشح توافقي يُفترض بأن يتصدّر اهتمام الكتل النيابية، لعلها تترك الاصطفافات جانباً، وتتلاقى في منتصف الطريق لتهيئة الأجواء أمام انتخابه، خصوصاً أن التوازنات النيابية لا تسمح لأي فريق بتأمين الفوز لمرشحه، وبات الجميع مضطرين إلى تقديم التنازلات، وإلا فإن انتخاب الرئيس، كما في الجلسات السابقة، دونه صعوبات.

لكن الكتل النيابية، في حال ارتأت أن التشاور يبقى الممر الإلزامي للتوافق على الرئيس، فستجد نفسها مضطرة إلى التواصل مع بري، الذي كان السبّاق بالدعوة إلى الحوار قبل أن يسحبه من التداول، بسبب رفض المعارضة الانخراط فيه، لأنه من غير الجائز التوصل لتسوية رئاسية من دون التفاهم معه، بالنيابة عن الثنائي الشيعي، وإلا فإن جلسة الانتخاب لن تكون مثمرة، ما دام أنه يقف وحليفه «حزب الله» على رأس تجمع نيابي يضم 31 نائباً، ولا يمكن تجاهله، هذا عدا الحلفاء المنتمين إلى «محور الممانعة».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

المشرق العربي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

سعت إسرائيل، أمس (الجمعة)، إلى التوسّع داخل لبنان فيما يمكن وصفه بـ«الوقت الضائع»، بانتظار بدء لجنة المراقبة عملها لتنفيذ اتفاق وقف النار الذي بدأ تنفيذه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية (من اليمين) رونين بار مدير «الشاباك» ويسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلية وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء وهرتسي هاليفي رئيس أركان الجيش (حساب كاتس عبر منصة «إكس»)

تقرير: نتنياهو يريد تغيير رئيس أركان الجيش خلال 60 يوماً

قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يريدان تقديم رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي استقالته.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

قال الأمين العام لـ«حزب الله» إن الحزب حقّق «انتصاراً كبيراً يفوق النصر الذي تحقق عام 2006»، وذلك «لأن العدو لم يتمكن من إنهاء وإضعاف المقاومة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي اجتماع تكتل «الجمهورية القوية» برئاسة رئيس «القوات» سمير جعجع (حزب القوات اللبنانية)

جنبلاط: دور الجيش أسقط «الأمن الذاتي»... وجعجع: لا عودة إلى ما قبل 7 أكتوبر

عدّ رئيس «الاشتراكي» أن الدور الذي قام به الجيش اللبناني أسقط نظرية «الأمن الذاتي»، في حين أكد رئيس «القوات» أنه لا عودة إلى ما قبل 7 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
TT

مسيّرة إسرائيلية تقصف منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان

مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)
مبان مدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على قرية ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

ذكرت قناة «تلفزيون الجديد»، اليوم الجمعة، أن طائرة مسيّرة إسرائيلية أطلقت صاروخين على منطقة وطى الخيام في جنوب لبنان. ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى عن القصف.

كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق من اليوم قصف منصة صاروخية متحركة تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، فجر يوم الأربعاء الماضي بالتوقيت المحلي، بهدف إنهاء أحدث صراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار بين الجانبين.

وتشهد الهدنة بعض الخروق؛ إذ اتهم الجيش اللبناني الذي أعلن البدء بالانتشار في الجنوب، إسرائيل، الخميس، بـ«خرق» اتفاق وقف إطلاق النار «مرات عدة» خلال يومين.

وقال الجيش اللبناني في بيان: «بتاريخَي 27 و28 - 11 - 2024، بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، أقدم العدو الإسرائيلي على خرق الاتفاق عدة مرات، من خلال الخروق الجوية، واستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة مختلفة».

بدورها، قالت جينين هينيس - بلاسخارت، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان، اليوم (الجمعة)، إن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها في جنوب لبنان وتعزيز انتشار الجيش اللبناني في هذه المناطق، لا يمكن أن تتم «بين ليلة وضحاها».