«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

خلال جلسة استثنائية للجنة المحافظة على الممتلكات الثقافية في زمن الحرب

الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)
الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني (إ.ب.أ)
TT

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)
الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني (إ.ب.أ)

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو، ممثلة بـ«لجنة حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح»، إلى النظر إلى التهديدات الإسرائيلية التي تحيق بالمواقع الأثرية اللبنانية ومنها المسجل على لائحة «اليونيسكو» للتراث العالمي، وتوجيه تحذير إلى إسرائيل مفاده أن استهدافها أمر لن يمر دون عقاب. وجاء التحذير في جلسة استثنائية دعا إليها لبنان ووافقت عليها أكثرية أعضاء اللجنة التي يرأسها مندوب فنلندا لدى المنظمة الدولية.

الحقد الإسرائيلي على صور لم ينحصر بحدود حاضرها الراهن (أ.ف.ب)

وبنتيجة المداولات والتصويت، حصل لبنان على 4 أمور رئيسة:

الأول لفت انتباه العالم والمنظمات الدولية إلى المخاطر التي تهدد جانباً من الذاكرة الإنسانية والتاريخ البشري، بالنظر لما تمثله هذه المواقع خصوصاً قلعة بعلبك الرومانية وقلعة صور البحرية، وكلا الموقعين مهدد مباشرة بالعنف الإسرائيلي.

والأمر الثاني أن اللجنة الدولية قررت، وفق البيان الصادر عن «اليونيسكو» عقب انتهاء الاجتماع، أن المواقع الأثرية اللبنانية وعددها 34 موقعاً أخذت تتمتع بـ«أعلى مستوى من الحصانة ضد الهجوم والاستخدام لأغراض عسكرية»، وهو ما يشار إليه وفق التسمية الدولية بـ«الحماية المعززة».

تصاعد الدخان بعد غارة إسرائيلية على صيدا بجنوب لبنان (رويترز)

وبالتالي فإن الطائرات الحربية الإسرائيلية لن يكون متاحاً لها بعد اليوم وفي حال أذعنت إسرائيل لإرادة المجتمع الدولي أن تسرح وتمرح وتقصف أي مواقع في لبنان من غير وازع أو رادع. وجاء في البيان أن «اليونيسكو» تحذر من أن «عدم الامتثال لهذه البنود سيشكل انتهاكاً خطيراً لاتفاقية لاهاي لعام 1954 (لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح) وسيفتح الباب أمام إمكانية الملاحقة القضائية».

والأمر الثالث أن لبنان يستطيع الإفادة من الصندوق الخاص المخصص للجنة في إطار مساعدة مالية طارئة لإنقاذ تراث البلاد. وأخيراً أن لبنان ما زال يحظى بتعاطف على المستوى الدولي ويتعين عليه أن يستفيد منه في المنظمات الدولية إذا عرف كيفية التعاطي والعمل الموحد الذي يستلهم مصلحة لبنان العليا.

ومن بين المواقع الأثرية المدرجة في القائمة، إضافة إلى موقعي بعلبك وصور اللذين «تم رصد ضربات بالقرب منهما مؤخراً»، بحسب البيان، ثمة مواقع أخرى شهيرة على الخريطة السياحية اللبنانية ومعروفة عالمياً وفي مدن قائمة من آلاف السنين مثل صيدا وصور وجبيل، إضافة إلى مواقع أقرب عهداً مثل عنجر وبينت الجين والمتحف الوطني في بيروت وكذلك متحف سرسق.

تجدر الإشارة إلى أن تضافر الجهود، سواء من بيروت عبر حراك النواب ووزارة الثقافة والمجتمع المدني والجمعيات الأهلية والثقافية، أو ما قامت به البعثة اللبنانية لدى «اليونيسكو»، بالإضافة إلى الدعم الذي حصل عليه لبنان من 300 مثقف وأكاديمي وعالم آثار، أسهم في الضغط على لجنة «اليونيسكو» لدفعها لتحمل مسؤولياتها والتغلب على الضغوط التي مارستها جهات موالية لإسرائيل.

الخراب الذي أحدثته الغارات الإسرائيلية على مدينة بعلبك الواقعة شرق لبنان والتي تحتضن القلعة الشهيرة بالاسم نفسه (رويترز)

وجاء تدخل المجموعة ليجعل «اليونيسكو» عاجزة عن التفلت من طلب الحماية للمواقع الأثرية اللبنانية.

إشادة ميقاتي

وكان من الطبيعي أن تكون ردة الفعل اللبنانية الرسمية بالغة الإيجابية. فقد أشاد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في بيان صحافي بـ«انتصار القانون»، معتبراً أن القرار «صفعة مدوية للعدو الإسرائيلي الذي يواصل اعتداءاته التدميرية على لبنان».

وأضاف: «هذا الحكم يشكل رادعاً قوياً للعدو الإسرائيلي لأنه يعتبر أي اعتداء على المواقع الأثرية جريمة حرب، ما يبرر ملاحقة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية».

بصيص أمل

من جانبه، أعلن وزير الثقافة محمد مرتضى: «هذا القرار هو بصيص أمل كبير وسط الظلام». وتابع: «نأمل أن يثني هذا الإجراء إسرائيل التي تتصرف خارج أي إطار تنظيمي عن الإضرار بالمواقع المحمية».

أما المديرة العامة لـ«اليونيسكو» أودري أزولاي فقد أعلنت أن هناك تعاوناً عميقاً وطويل الأمد بين المنظمة الدولية ولبنان، مضيفة: «لن ندخر جهداً في تقديم جميع الخبرات والدعم اللازمين لحماية تراث لبنان الاستثنائي».

كل ما سبق يمكن الاعتداد به. بيد أن ما يهم هو النتيجة. وبكلام آخر، السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستنصاع إسرائيل إلى قرار اللجنة وهي التي ضربت بعرض الحائط القرارات الدولية أكانت الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية أو عن محكمة العدل الدولية أو عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة؟ السؤال رئيس ومركزي ويرتبط بالوضع في لبنان واستمرار الحرب الإسرائيلية عليه.


مقالات ذات صلة

تشاؤم إسرائيلي حول الاتفاق مع لبنان: لا يساوي الورق الذي سيكتب عليه

شؤون إقليمية دمار خلفته غارات إسرائيلية في لبنان (أ.ب)

تشاؤم إسرائيلي حول الاتفاق مع لبنان: لا يساوي الورق الذي سيكتب عليه

ذكرت أوساط سياسية في تل أبيب أن مبعوث الرئيس الأميركي للموضوع اللبناني، آموس هوكستين، قرر تمديد زيارته إلى بيروت والقدوم إلى إسرائيل.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جنود لبنانيون في البترون شمال لبنان حيث نفذت عملية اختطاف عماد أمهز في عملية كوماندوز إسرائيلية (رويترز)

غالبية نيابية مؤيدة لتمديد ولاية قائد الجيش اللبناني... رغم «مشاغبات» إعلام «حزب الله»

كلّما ارتفع منسوب التفاؤل بقرب التوصّل لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان وتنفيذ القرار 1701، ازدادت وتيرة الحملة التي يخوضها «حزب الله» وحلفاؤه ضدّ الجيش.

يوسف دياب
شؤون إقليمية مركبات «يونيفيل» تسير على طول شارع في مرجعيون بالقرب من الحدود مع إسرائيل - جنوب لبنان 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إصابة 4 عناصر من قوات «يونيفيل» بإطلاق صاروخ في جنوب لبنان

أعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل)، الثلاثاء، إصابة أربعة من عناصرها جراء صاروخ استهدف إحدى قواعدها في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
رياضة عالمية سامي مرهج (الاتحاد اللبناني لكرة القدم)

بثلاثية... لبنان يعود من ميانمار بفوز ودي

قاد اللاعبون الجدد منتخب لبنان لكرة القدم إلى الفوز ودياً على ميانمار 3 - 2، الثلاثاء، في يانغون، وذلك في إطار استعدادات الطرفين لخوض التصفيات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد أعمدة الدخان بعد الغارات الإسرائيلية على قرية الخيام القريبة من الحدود مع إسرائيل (أ.ف.ب)

إسرائيل تقتل قائد «منظومة القذائف الصاروخية متوسطة المدى» بـ«حزب الله»

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الثلاثاء، أن الجيش قتل قائد «منظومة القذائف الصاروخية متوسطة المدى» لجماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بري لـ«الشرق الأوسط»: ضمان موقف الإسرائيليين على عاتق الأميركيين... ووضع المفاوضات جيد

بري وهوكستين في عين التينة (د.ب.أ)
بري وهوكستين في عين التينة (د.ب.أ)
TT

بري لـ«الشرق الأوسط»: ضمان موقف الإسرائيليين على عاتق الأميركيين... ووضع المفاوضات جيد

بري وهوكستين في عين التينة (د.ب.أ)
بري وهوكستين في عين التينة (د.ب.أ)

أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع جيد مبدئياً»، وذلك بعد لقائه لساعتين مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين لبحث المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل.

وأوضح بري أن ما تبقى لإنجازه هو «بعض التفاصيل»، مشيراً إلى أن «هناك ممثلاً عنه وممثلاً عن الأميركيين لمناقشة بعض التفاصيل التقنية، وبتها قبل الانتقال إلى المرحلة التالية التي ستكون مغادرة هوكستين إلى إسرائيل، وننتظر ما سيحمله من هناك»، مكرراً أن الأمور «جيدة».

وأكد بري أن الضمانات فيما يخص الموقف الإسرائيلي هي على عاتق الأميركيين. وعما إذا كانت المسودة التي تتم مناقشتها قد تمت مناقشتها مع الإسرائيليين، أجاب الرئيس بري: «هو (هوكستين) يقول إنه نسق مع الإسرائيليين فيما يخص المسودة»، لكن بري استدرك قائلاً: «إنها ليست المرة الأولى التي ينكر فيها الإسرائيليون تعهداتهم».

وكان الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين استهل لقاءاته في العاصمة اللبنانية بيروت، الثلاثاء، في عين التينة، بلقاء رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

وعبَّر هوكستين، بعد لقائه بري، عن أمله في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، معتبراً أن حل الصراع الدائر بين إسرائيل و«حزب الله» بات «في متناول أيدينا». وقال إنه عاد إلى المنطقة نظراً لوجود «فرصة حقيقية لوضع نهاية لذلك الصراع».

وذكر هوكستين أنه أجرى محادثات «بنَّاءة جداً» مع بري لتقليص الفجوات من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.