المشهداني: الحل الأمثل ترك الحرية للأفراد في اختيار أحوالهم

مؤتمر وطني عراقي لرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية

محمود المشهداني ووفد تحالف المادة 188 (إعلام مجلس النواب)
محمود المشهداني ووفد تحالف المادة 188 (إعلام مجلس النواب)
TT

المشهداني: الحل الأمثل ترك الحرية للأفراد في اختيار أحوالهم

محمود المشهداني ووفد تحالف المادة 188 (إعلام مجلس النواب)
محمود المشهداني ووفد تحالف المادة 188 (إعلام مجلس النواب)

دخل رئيس البرلمان الجديد، محمود المشهداني، بقوة على فضاء الجدل المتواصل منذ أشهر حول مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 الصادر عام 1959.

ويبدو من خلال الإشارات والتصريحات التي أرسلها المشهداني منذ التصويت عليه رئيساً للبرلمان، نهاية شهر أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، أنه يتعامل بـ«إيجابية» مع الاتجاهات المعترضة على التعديل، لكنه في الوقت نفسه لم يتخذ موقفاً مناهضاً من المؤيدين له.

فبعد ساعات من انتخابه رئيساً للبرلمان انتقد طريقة النواب الذين طرحوا مشروع التعديل داخل البرلمان، ووصفهم بـ«قليلي الخبرة» في معرض انتقاده لعدم تضمينهم «المدونة الفقهية» في نص القانون وطرحها على البرلمان.

وقال المشهداني إن «المدونة يجب أن تأتي ضمن القانون ولا تتأخر عنه لستة أشهر. هذا شيء غير قانوني وغير مسبوق، ولا يمكن التصويت على قانون مثل هذا».

مدونات فقهية... واعتراضات

وكانت نسخة التعديل التي نوقشت مرتين داخل البرلمان، تقترح أن يقوم كل من الوقفين السني والشيعي بكتابة «مدونة فقهية»، كل حسب المدرسة الفقهية التي ينتمي إليها، على أن تقدم المدونة بعد 6 أشهر من إقرار التعديل داخل البرلمان؛ ما أثار استياء ورفض كثيرين.

في آخر ما يبدو أنها مساعٍ للانتهاء من «أزمة التعديل»، استقبل المشهداني، الأربعاء، وفد «تحالف 188» برئاسة النائبة سروة عبد الواحد، وهو تجمع ينشط منذ أشهر لإلغاء التعديل المقترح. وقدّم التحالف في بداية اللقاء التهنئة للدكتور المشهداني بمناسبة تسلمه رئاسة مجلس النواب، ثم طرح أعضاؤه «وجهات نظرهم واعتراضاتهم حول تعديل قانون الأحوال الشخصية، وتضمنت طروحات قانونية، وأخرى ذات صفة اجتماعية»، بحسب بيان صادر عن رئاسة البرلمان.

ونقل البيان عن المشهداني، قوله، إن «القانون الحالي عليه اعتراضات من بعض شرائح المجتمع، مثلما لـ(تحالف 188) اعتراضات على التعديلات، ومن ثَمَّ فإن هناك خلافات في الآراء حول استمرار العمل به أو الذهاب إلى تعديله». مؤكداً أن «الأبواب مفتوحة لدراسة كل الآراء والطروحات».

وفي مؤشر على إمكانية تمرير صيغة للتعديل تقبل بها الأطراف المعترضة والمؤيدة، يعتقد المشهداني، أن «الحل الأمثل هو ترك الحرية للأشخاص في اختيار أحوالهم الشخصية بين العمل بالقانون الحالي، أو وفقاً للتعديل الجديد الذي يتضمن مدونات مرفقة».

عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون قد يسمح بتزويج القاصرات (إ.ب.أ)

مؤتمر وطني

في سياق متصل بالاعتراضات على مشروع التعديل، اختتم في بغداد، أول من أمس، المؤتمر الوطني الرافض لتعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، وشارك فيه عدد كبير من الناشطات والمنظمات الحقوقية، وأعلنوا رفضهم لمشروع التعديل.

وقال البيان الختامي للمؤتمر إنهم اجتمعوا كي يعلنوا عن موقف «مُوَحَد رافض لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959، الذي يعدّ من أهم القوانين التي أسهمت في استقرار المجتمع العراقي، والحفاظ على وحدة نسيجه المتنوع دينياً ومذهبياً وقومياً على مدى ستة عقود ونصف العقد».

ورأى البيان أن التعديلات المقترحة «تأتي بخلفيات مذهبية طائفية تتنافى مع مبادئ الدستور العراقي الذي يؤكد على المواطنة المتساوية أمام القانون، وعلى حفظ كرامة المرأة والطفل، وحماية الأسرة والمجتمع من التفتت والتشرذم، كما تهدد ولاية القضاء بصفتها سلطة عليا لا سلطان عليها سوى القانون نفسه».

وأشار البيان إلى أن كل المحاولات السابقة لتعديل القانون النافذ، منذ عام 2003 وحتى الآن، قد قوبلت باستياء ورفض مجتمعي وسياسي وبرلماني واسع النطاق، تم التراجع عنها في حينها، ولكننا اليوم، بحسب البيان، «نرى إصراراً (عجيباً) من بعض الكتل البرلمانية على المضي بالتصويت عليها، رغم كل الاعتراضات والتحذيرات من المخاطر التي ستتولد عن ذلك، ناهيكم عن الخروقات الدستورية المتمثلة في التصويت على مدونات لم يطلع عليها مجلس النواب الذي يعدها قانوناً ساري المفعول قبل التعرف إلى محتواها ومناقشته، وهذه سابقة خطيرة، تخرج عن السياقات التشريعية المعروفة».

وأشار البيان إلى أن قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959، «استند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، بانتقاء ما يتلاءم منها مع قيم التعددية والمساواة بين مكونات المجتمع العراقي المتنوع، وهو يحمي بالوقت نفسه حقوق المرأة والطفل، مع مساحة مناسبة من الاختيار الحر للمذهب الذي يتم عليه عقد الزواج باتفاق الطرفين».

الدولة ناظمة الأسرة

وبحسب البيان الختامي للمؤتمر الوطني، فإن «التعديلات المقترحة تنسف كل تلك الأسس لتستبدلها بمدونات مذهبية مجهولة المحتوى، لكنها تفتح الأبواب لتفسيرات فقهية مختلفة من أزمان سحيقة تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، وخصوصاً المرأة والطفلات».

ويقول حيدر سعيد، رئيس قسم الأبحاث في «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات»، وأحد المشاركين في المؤتمر، إن «ثمة بروباغاندا تقدّم قانون الأحوال الشخصية بأنه نتاج آيديولوجي، وتنسب له أنه يخالف الشريعة الإسلامية، في حين أن فلسفة القانون (كما يكشف عنها نص "الأسباب الموجبة") تقوم على أن مصدره الأحكام الفقهية الإسلامية، وأنه ينتقي منها ما هو أكثر ملاءمة للعصر».

وأوضح سعيد في تدوينة عبر «إكس» أن «القانون، حين صدر في عام 1959، كان تعبيراً عن النزعة الدولتية المتنامية، ولذلك حاربته المؤسسات المجتمعية التي أحست أن الدولة تنافسها في سلطاتها، ومن ثم، فإن جوهر معارضة القانون ليس ما يُنسب له من مخالفة للشريعة، بل رفض المؤسسة الدينية دخول الدولة منظماً لمجال الأسرة».



هوكستين يستقوي بتأييد أميركي على نتنياهو للتوصل لوقف النار

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارة الأخير إلى بيروت الأربعاء (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارة الأخير إلى بيروت الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

هوكستين يستقوي بتأييد أميركي على نتنياهو للتوصل لوقف النار

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارة الأخير إلى بيروت الأربعاء (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زيارة الأخير إلى بيروت الأربعاء (أ.ف.ب)

يبقى التوصل لوقف النار في جنوب لبنان عالقاً على قدرة الوسيط الأميركي آموس هوكستين في إقناع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بضرورة السير فيه تمهيداً لتطبيق القرار الدولي 1701، على قاعدة تبنيه بلا شروط خريطة الطريق التي توافَق عليها مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإعادة الهدوء إلى الجنوب، والذي نُقل عنه قوله بأنه «قدّم كل ما يجب عليه لتسهيل تطبيقه، وأن الكرة الآن في مرمى تل أبيب لاختبار مدى جديتها في التجاوب والوساطة الأميركية»، رغم أنها استقبلته بارتكابها عدداً من المجازر المتنقلة بين البلدات الجنوبية واستهدافها للضاحية الجنوبية لبيروت، في محاولة للضغط على لبنان للتسليم بشروطها، رغم أنها تدرك سلفاً أنها غير قابلة للتنفيذ؛ لأن ما كُتب قد كُتب، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، ولم يعد من مبرر للتصعيد الإسرائيلي.

فإصرار تل أبيب على التفاوض مع لبنان تحت النار، بحسب المصادر، لم يعد يجدي نفعاً، خصوصاً وأن ما توصل إليه هوكستين مع بري الذي يحظى بتفويض كامل من قيادة «حزب الله» للتوصل لوقف النار، كان أعلم به وزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل رون دريمر، وتحديداً بالنسبة للتعديلات التي أُدخلت على المسودة التي سبق للوسيط الأميركي أن ناقشها معه خلال زيارته لواشنطن.

وكشفت عن أن هوكستين لم ينقطع عن التواصل مع دريمر طوال إقامته في بيروت واجتماعه مع مستشار بري علي حمدان لوضع ما اتفق عليه بصيغته النهائية، والتشاور معه على التعديلات التي أُدخلت عليها. وقالت بأنها حظيت بتأييد أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم باعتبار أنها بمثابة خريطة الطريق لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته بدءاً بالتوصل لوقف النار.

وقالت المصادر نفسها بأن التوافق على تطبيقه بكل مندرجاته يشمل القرار الدولي 1680 الذي ينص على ضبط الحدود بين لبنان وسورية، وإقفال المعابر غير الشرعية لمنع تهريب السلاح إلى الداخل اللبناني، في إشارة غير مباشرة إلى تجفيف كل المنابع المؤدية لاستيراده على نحو يمنع «حزب الله» من إعادة تأهيل ترسانته العسكرية بعد انكفائه من جنوب الليطاني إلى شماله.

وأكدت بأن بعض القيادات التي التقاها هوكستين على هامش مفاوضاته مع بري وتواصله ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، خرجت بانطباع بأنه ألمح إلى عدم استبعاد التواصل مع النظام السوري لضبط الحدود السورية - اللبنانية لمنع إيصال السلاح إلى «حزب الله»، مع أن الوسيط الأميركي لم يتطرق إليها مباشرة، لكنه في المقابل لم ينفِ ما تردد عن حصولها بالواسطة، من دون أن يستفيض في الحديث عنها، ومَنْ يتولاها، في ظل القطيعة القائمة بين دمشق وواشنطن.

ورأت بأن إعطاء الحق لإسرائيل بالتدخل لمنع «حزب الله» من خرق الاتفاق في حال تبين لها بأنه يعدّ العدة لاستهداف المنطقة الشمالية ليس وارداً في الاتفاق الذي توصل إليه بري مع هوكستين. وقالت بأن وجود الولايات المتحدة على رأس اللجنة «الخماسية» التي تتولى الإشراف على سير الالتزام بوقف النار وعدم خرقه، يشكّل ضمانة لإسرائيل التي سيكون في وسعها إعلام ممثلها في اللجنة بوجود خرق ليبادر للتدخل لدى قيادة الجيش اللبناني لإزالته ومعالجته فوراً تحت إشراف اللجنة، التي تضم إلى جانبه ممثلين عن لبنان وإسرائيل والقوات الدولية (يونيفيل) وفرنسا، بعد أن تقرر استبعاد بريطانيا منها، خصوصاً وأن هوكستين لم يصرّ على إشراكها فيها.

وقالت المصادر نفسها، بأن إشراك ألمانيا لم يكن مطروحاً أسوة ببريطانيا. وأكدت بأنه سبق لوزيرة الخارجية الألمانية أن اقترحت مشاركتها في اللجنة، لكنها لم تلاحق طلبها فاقتصر تشكيل اللجنة على الأعضاء الخمسة، رغم أنه كان طُرح إمكانية إشراك الأردن فيها.

وسألت ما إذا كان نتنياهو سيتذرّع بتغييب بريطانيا وألمانيا عن اللجنة لتعطيل الجهود الأميركية للتوصل لوقف النار، خصوصاً وأن بري لم يُسقط من حسابه إمكانية تمرّده على الوساطة الأميركية، وهو من أصحاب السوابق في هذا المجال، وكان وزير خارجيته جدعون ساعر مهد الطريق أمامه للهروب إلى الأمام بمطالبته بإعطاء الحق لإسرائيل بالتدخل لمعالجة الخروق، في حال حصولها، إنما على طريقته باستباحته للأجواء اللبنانية أسوة بما هو حاصل في سورية، وهذا ما يرفضه لبنان كونه يشكل تطاولاً على السيادة اللبنانية؟

كما سألت ما إذا كان نتنياهو ليس في وارد الإطاحة بالوساطة الأميركية، ويطلب التمهل تحت عنوان أن للبحث مع هوكستين صلة ويبقى مفتوحاً، من دون أن يمتنع عن مواصلة حربه التدميرية للبنان التي لم يعد لها من أهداف عسكرية تتعلق بضرب البنية العسكرية لـ«حزب الله» بمقدار ما أنه يراهن على إحداث فتنة داخلية من جراء ارتفاع عدد النازحين بشكل تقف الحكومة عاجزة عن توفير احتياجاتهم مع حلول فصل الشتاء؟

ومع أن المصادر ليست في وارد استباق رد فعل واشنطن حيال تمرد نتنياهو على وساطتها، فهي تؤكد في المقابل، بأن هوكستين أجاب، رداً على سؤال، بأنه يعاود تحركه للتوصل لوقف النار بعد أن تلقى الضوء الأخضر من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي تقاطع في موقفه مع سلفه الرئيس جو بايدن.

الدخان يتصاعد من ضاحية بيروت الجنوبية إثر استهدافها بقصف إسرائيلي (إ.ب.أ)

ورداً على سؤال أكدت بأن تحديد الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل سيُدرج على جدول أعمال اللجنة «الخماسية»، إنما بعد التوصل إلى تثبيت وقف النار، انطلاقاً من إيجاد حل للمواقع المتنازع عليها بين البلدين، وكان سبق للبنان أن تحفّظ عليها وطالب بإخضاعها كلياً لسيادته كما نصت عليه اتفاقية الهدنة وبموجب ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين عام 1923.

وأضافت بأن تثبيت الحدود يشمل المنطقة الممتدة من نقطة «ب - 1» في الناقورة إلى الجزء اللبناني من بلدة الغجر. وقالت بأنه تم الاتفاق في السابق على إيجاد حل لـ7 نقاط من 13 نقطة هي مجموع النقاط المتنازع عليها، وأن إعادة ما تبقى منها يتطلب مطابقة الخط الأزرق المعروف بخط الانسحاب، مع خط الحدود الدولية لتبيان حق لبنان بإعادتها إلى سيادته.

ولدى سؤال المصادر عن مصير التحصينات والأنفاق التي أقامها «حزب الله» في جنوب الليطاني، قالت بأنها ليست مشكلة ويمكن أن تشغلها وحدات من الجيش اللبناني بموافقة الحزب بدلاً من تدميرها، وألمحت إلى أن تطبيق القرار 1701 يعني حكماً حصر السلاح بيد الشرعية اللبنانية لضمان عدم تكرار ما أصابه من جراء تبادل الخروق بين الحزب وإسرائيل حالت دون تطبيقه منذ صدوره في أغسطس (آب) 2006، في حين لاحظت عدم تطرق المفاوضات إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين.