لبنان يأمل أن يتوج لقاء بايدن - ترمب باتفاق لوقف النار

يؤيد الضمانات لتطبيق الـ1701 ويرفض تدخل إسرائيل لمنع الخروق

صورة مركَّبة للرئيس الحالي بايدن وخليفته ترمب
صورة مركَّبة للرئيس الحالي بايدن وخليفته ترمب
TT

لبنان يأمل أن يتوج لقاء بايدن - ترمب باتفاق لوقف النار

صورة مركَّبة للرئيس الحالي بايدن وخليفته ترمب
صورة مركَّبة للرئيس الحالي بايدن وخليفته ترمب

تراهن القوى السياسية في لبنان على أن يشكل اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي جو بايدن وخلفه الرئيس دونالد ترمب، المقرر الأربعاء في البيت الأبيض، محطة تؤسس للتوصل لوقف النار بين «حزب الله» وإسرائيل، وتفتح الباب أمام نشر الجيش اللبناني في الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701 من دون إدخال تعديلات عليه كما ورد في المسودة التي أرسلتها واشنطن لإسرائيل، وتوخّت منها توفير الضمانات لتل أبيب، والتي تلقى معارضة من الجانب اللبناني، رغم أنه لم يطّلع عليها ولم يسبق للوسيط الأميركي آموس هوكستين أن ناقشها مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يحمل تفويضاً من الحزب لإعادة الهدوء إلى الجنوب.

موقف استباقي

واستباقاً لما يمكن أن ينتهي إليه لقاء بايدن - ترمب، خصوصاً لجهة توافقهما على تكليف هوكستين بمواصلة جهوده متنقلاً بين بيروت وتل أبيب للتوصل إلى وقف للنار، فإن لبنان، بلسان الرئيس بري وبتأييد من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليس في وارد الموافقة على تعديل القرار 1701، وتحديداً بالنسبة لإعطاء إسرائيل الحق بالتدخل براً وجواً في حال حصول أي خرق له.

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أعاد في القمة العربية التأكيد على تمسك لبنان بالقرار 1701 (رئاسة مجلس الوزراء اللبناني)

وفي هذا السياق، أكدت مصادر لبنانية رسمية رفيعة أن بري وميقاتي ليسا في وارد الموافقة على تعديل الـ1701، وكانا أبلغا موقفهما إلى هوكستين، مع أنه لم يتطرق أثناء اجتماعه بهما إلى وجود نية لتعديله. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن بري توافق مع الوسيط الأميركي على خريطة الطريق لضمان تطبيقه، وإنه كان ينتظر رد فعل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ليأتيه الجواب بتفلته من موافقته على النداء الأميركي - الفرنسي المدعوم دولياً وعربياً وإسلامياً لوقف النار في جنوب لبنان.

واشنطن والترتيبات الأمنية

وكشفت المصادر أن مجرد موافقة واشنطن على إعطاء تل أبيب حق التدخل لمنع أي خرق يعني من وجهة نظر لبنان أنها تجيز لها ترتيبات أمنية من جانب واحد تشكل تعدياً على السيادة اللبنانية، وهو ما يلقى معارضة من بري وميقاتي.

وكان سبق للبنان أن أسقط اتفاق 17 مايو (أيار) 1983، الذي لحظ في حينه إعطاء إسرائيل الحق بإقامة نقاط مراقبة داخل الحدود الأمامية للبنان قبالة الشمال الإسرائيلي، كون ذلك شرطاً لانسحابها من لبنان بعد اجتياحها لأراضيه في يونيو (حزيران) 1982.

ولفتت المصادر إلى أن لبنان بحالته السياسية الراهنة لن يسمح بإقحامه بترتيبات أمنية مع إسرائيل، ولو على شاكلة إعطائها الحق بالتدخل في حال حصول أي خرق للقرار 1701، وأكدت أن البديل لضمان تطبيقه يكمن في مضاعفة عديد الجيش اللبناني و«اليونيفيل» في جنوب الليطاني، لمنع أي وجود مسلح خارج إطار الشرعية اللبنانية.

سيادة غير منقوصة

ورأت المصادر أن لبنان لن يتردد في إعطاء الضوء الأخضر للجيش اللبناني بمؤازرة «اليونيفيل» لبسط السيادة غير المنقوصة على جنوب الليطاني. وقالت إنه لن يُسمح بأي شكل من الأشكال بالتعايش مع وجود مسلح غير شرعي، وليس هناك من مانع أن يوجد في التحصينات التي كان يشغلها «حزب الله» في أماكن وجوده قبل أن ينكفئ إلى شماله، إلا إذا تقرر تدميرها ومعها ما تبقى من الأنفاق للتخلص من بنيته العسكرية، لسحب ما تتذرع به إسرائيل من حجج لمواصلة حربها على لبنان.

وأكدت المصادر أن لبنان مستعد لتوفير كل الضمانات، تحت سقف عدم المساس بسيادته المطلقة على الجنوب، وهو لا يمانع تشديد الرقابة على جنوب الليطاني، والتعاون مع المجتمع الدولي لتأمين كل الإمكانات اللوجيستية والميدانية لضمان تطبيق القرار 1701.

وقالت إنه من هذا المنطلق يتعاطى بإيجابية مع إمكانية تطعيم لجنة الرقابة الثلاثية المؤلفة من ممثلين عن «اليونيفيل» والجيشين اللبناني والإسرائيلي بممثلين عن الولايات المتحدة، ودولة عربية يُتفق عليها بين الأطراف المعنية بتطبيقه، إضافة إلى فرنسا، كونها تشكل القوة الضاربة في «اليونيفيل»، حيث يفترض زيادة القوات من خلال جنسيات متعددة.

رقابة على الحدود

وأوضحت المصادر أن لدى لبنان الاستعداد لفرض رقابة مشددة على موانئ بيروت وصيدا وطرابلس والمعابر الحدودية الشرعية التي تربط لبنان بسوريا، أسوة بتلك المفروضة من قبل الجيش اللبناني في مطار رفيق الحريري الدولي، التي قوبلت بارتياح أميركي حيال دوره بضبط كل أشكال التهريب من لبنان وإليه، بما فيها تمرير السلاح غير الشرعي إلى الداخل اللبناني.

وفيما يترقب لبنان الرسمي ما سيؤول إليه لقاء بايدن - ترمب، آملاً أن يتوصلا لوقف النار لطي صفحة الحرب الدائرة بين «حزب الله» وإسرائيل، وما ترتب على ذلك من أكلاف بشرية ومادية غير مسبوقة، ونزوح فاق المليون ونصف المليون نازح، فإن المسؤولية تقع على عاتق الحزب، وتتطلب منه ترجمة تفويضه لبري فعلاً لا قولاً، والتعاطي بمرونة وواقعية مع جنوح الأكثرية الساحقة من اللبنانيين نحو التهدئة وإنهاء الحرب، وعدم توفير الذرائع لإسرائيل لمواصلة حربها التدميرية، بدلاً من المكابرة، لأن استمرارها سيأخذ البلد إلى المجهول.

تفاؤل أحبطته إسرائيل

في المقابل، فإن معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية استبقت لقاء بايدن - ترمب بالترويج لموجات من التفاؤل المفتعل الذي لا أساس له بوقف الحرب، قبل أن يباشر الأخير ممارسة صلاحياته في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، مع أن هذا التفاؤل سرعان ما اصطدم بتأكيد رئيس الأركان هرتسي هاليفي تصديقه على توسيع العملية البرية في لبنان. فهل يأتي تهديده للضغط على الحكومة اللبنانية للتسليم بشروطه لوقف النار، أم لمواصلة الحرب بذريعة أنها - أي الحكومة - تخالف ما ورد في مسودة الضمانات الأميركية لإسرائيل، مع أنها كانت وما زالت تدعو لوقف النار، وتلتزم بخريطة الطريق لتطبيق القرار 1701؟ وهذا ما يختبر مدى استعداد الرئيسين لترجيح الحل الدبلوماسي على العسكري.


مقالات ذات صلة

«بنك إسرائيل» يبقي على الفائدة دون تغيير مع استقرار التضخم

الاقتصاد مبنى «بنك إسرائيل» في القدس (رويترز)

«بنك إسرائيل» يبقي على الفائدة دون تغيير مع استقرار التضخم

قرر «بنك إسرائيل»، يوم الاثنين، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه السابع على التوالي، حيث استقر التضخم الناجم عن الحرب.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي جانب من الدمار الذي لحق بمنطقة حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة الغارات التي استهدفتها ليلاً (أ.ف.ب)

لبنان يستبعد إعطاء حق لإسرائيل بالتوغل لمنع الانتهاكات

التفاؤل اللبناني ولو بحذر بالتوصل لوقف النار في الجنوب بتطبيق القرار الدولي «1701» من دون أي تعديل يبقى عالقاً على مدى تجاوب رئيس وزراء إسرائيل.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد من موقع غارة إسرائيلية على مدينة بعلبك شرقي البقاع اللبناني في 25 نوفمبر 2024... وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية على بلدة في بعلبك تخلّف 3 قتلى مع استمرار عمليات الإنقاذ

ذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، اليوم (الاثنين)، أن غارة إسرائيلية على بلدة النبي شيت في بعلبك بشرق لبنان أسفرت عن مقتل 3 في حصيلة أولية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب مع نظيره الإيطالي أنطونيو تاجاني في مؤتمر «حوار روما المتوسطي»... (إ ب أ)

لبنان أمام «حوار روما المتوسطي»: نتطلع إلى دعمكم لبناء دولة قوية

جدّد وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، التأكيد أن بلاده مستعدة للوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في القرار «1701»، مشدداً على أنه «لن يكون هناك سلاح دون…

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب مجتمعاً مع رئيس مجلس النواب نبيه بري (صورة أرشيفية)

تأكيد لبناني لـ«جدية» التفاوض لوقف النار

عبَّر نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب عن تفاؤل حذر في إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان، واصفاً التفاوض بـ«الجدي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقتل فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية

جثمانا القتيلين وحولهما أقاربهما في بلدة يعبد غرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
جثمانا القتيلين وحولهما أقاربهما في بلدة يعبد غرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

مقتل فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية

جثمانا القتيلين وحولهما أقاربهما في بلدة يعبد غرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
جثمانا القتيلين وحولهما أقاربهما في بلدة يعبد غرب جنين بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل فلسطينيين في شمال الضفة الغربية المحتلة؛ هما شاب وطفل، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده أطلقوا النار بعد إلقاء «عبوات ناسفة» نحوهم.

وقالت وزارة الصحة ليل الأحد: «شهيدان برصاص الاحتلال في يعبد، الشهيد الطفل محمد ربيع حمارشة (13 عاماً)، والشهيد أحمد محمود زيد (20 عاماً)»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت «وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا)» أفادت بأن القوات الإسرائيلية نفذت عملية اقتحام لبلدة يعبد الواقعة غرب جنين، و«اندلعت على أثرها مواجهات، أطلق خلالها الجنود الرصاص الحي... بكثافة ومن مسافة قريبة صوب الطفل حمارشة والشاب زيد».

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه خلال نشاط لقواته في منطقة يعبد «ألقى إرهابيان عبوات ناسفة على جنود من جيش الدفاع الإسرائيلي».

وأضاف: «رد الجنود بإطلاق النار، وحُددت الإصابات، ولم ترد أنباء عن إصابات في صفوف» الجيش الإسرائيلي.

وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، خصوصاً في شمالها، منذ اندلاع الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقتلت القوات الإسرائيلية ومستوطنون ما لا يقل عن 777 فلسطينياً في الضفة الغربية منذ بدء الحرب على غزة، وفقاً لوزارة الصحة في رام الله.

كما قتلت هجمات نفّذها فلسطينيون على إسرائيليين ما لا يقل عن 24 شخصاً في الفترة نفسها بالضفة الغربية، وفقاً لأرقام رسمية إسرائيلية.