غزيون سئموا الشكوى من المجاعة: العالم «مش حاسس فينا»

سيدة اضطرت إلى شراء طحين «فاسد» لإطعام أسرتها

TT

غزيون سئموا الشكوى من المجاعة: العالم «مش حاسس فينا»

فلسطيني يجلس يوم الاثنين الماضي على أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)
فلسطيني يجلس يوم الاثنين الماضي على أنقاض منزل دمره القصف الإسرائيلي في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

امتدت معاناة الجوع المتفاقمة إلى مناطق واسعة من قطاع غزة، بينما يعبر غزيون عن ضيقهم حتى من الشكوى في ظل استمرار الحرب وعدم القدرة على إدخال المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.

ومع إقرار الكنيست الإسرائيلي قانوناً لحظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وإبلاغ الخارجية الإسرائيلية، للأمم المتحدة، بشكل رسمي بإنهاء العلاقات مع الوكالة، تضاعفت المخاوف لدى سكان غزة.

تحت وطأة القصف الذي لا يتوقف تقريباً على شمال غزة، اضطر عاطف الحلاق، وهو من سكان مخيم جباليا إلى النزوح نحو غرب مدينة غزة منذ أسبوعين، يقول الرجل إنه يبحث منذ قدومه إلى المنطقة عما يقدمه لأطفاله البالغ عددهم 8، ومع ذلك لا يجد.

وبحسب الحلاق، فإن أسواق شمال قطاع غزة فارغة ولا يتوفر فيها سوى الطحين، وبعض المعلبات التي سمحت إسرائيل بإدخالها مؤخراً لتوزيعها ضمن مساعدات إنسانية بشكل محدود جداً، وباتت تباع في الأسواق بعد سرقة بعضها من «اللصوص» وبأسعار باهظة الثمن.

فلسطينيون ينزحون يوم الثلاثاء من شمال غزة وسط عملية عسكرية إسرائيلية (رويترز)

يقول الحلاق لـ«الشرق الأوسط»: «كل شخص لديه عائلة كبيرة لا يستطيع في الحقيقة أن يشتري هذه المعلبات بمثل هذه الأسعار خاصةً أنه سيحتاج 3 معلبات على الأقل لكي يستطيع سد رمق أطفاله».

أما الشاب محمود السكني فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعودنا على الجوع، ما عادت تفرق معنا، بناكل شوية خبز حافي من دون أي إشي، أو شوية رز، أو شوية عدس، وحياة وماشية».

ويضيف السكني بأسى وضيق: «ما بدنا نضل نشكي ونقول الجوع قتلنا، لأنه العالم مش حاسس فينا أصلاً، ولا راح يحس فينا، وما بنستنى من حدا يطلع إلنا أو يدخل إلنا، بيكفي ربنا شايف وعارف حالنا، وننتظر منه الفرج».

مساعدات صفرية

وتؤكد منظمات دولية ومنها «برنامج الأغذية العالمي» أن شهر أكتوبر المنصرم كان الأكثر سوءاً على سكان قطاع غزة. بسبب انعدام الأمن الغذائي وتوقف إدخال المساعدات.

ويقول المواطن سمير الحسني لـ«الشرق الأوسط»، وهو من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة ونازح إلى خان يونس جنوب القطاع، إنه للأسبوع الثالث على التوالي لا يجد في الأسواق ما يسد به رمق أطفاله.

وأشار الحسني (48 عاماً) إلى أن المنظمات الإغاثية الدولية ومنها «أونروا» وجهات أخرى توقفت قدرتها على تسليم أي مساعدات إنسانية للسكان في جنوب قطاع غزة، ما يفاقم الظروف الإنسانية التي يعيشونها في الآونة الأخيرة.

جانب من عمليات توزيع الطحين في دير البلح بوسط قطاع غزة مطلع الشهر الحالي (أ.ب)

وتغلق إسرائيل منذ أشهر معبر رفح البري، فيما تغلق معبر كرم أبو سالم بشكل كامل منذ ما يزيد على شهرين وهو الذي كان مخصصاً لإدخال المساعدات الإنسانية لسكان جنوب قطاع غزة.

وبحسب «برنامج الأغذية العالمي» فإنه «لم يتم تسليم سوى 5 آلاف طن متري من الغذاء إلى غزة طوال الشهر، أي ما يعادل 20 في المائة فقط من المساعدات الغذائية الأساسية المطلوبة لـ1.1 مليون شخص، يقطنون جنوب قطاع غزة».

وأفاد مصدر مسؤول بوزارة التنمية الاجتماعية التابعة للحكومة الفلسطينية في رام الله، ويشرف على توزيع بعض المساعدات بغزة، لـ«الشرق الأوسط» إن الشهر الماضي حقق «نتيجة صفرية» في دخول المساعدات، ما انعكس سلباً على قدرة جميع الجهات الدولية والعربية والفلسطينية في تقديم الدعم للنازحين وغيرهم.

وأوضح المصدر أن «معدل ما دخل نهاية الشهر الماضي فقط لا يتعدى 5 في المائة فقط من احتياجات السكان، واقتصر على إدخال كميات محدودة جداً من الدقيق الأبيض (الطحين)».

طحين فاسد

بفعل الضغوط الملقاة على عاتق السيدة أنعام أبو ريالة، وهي من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة ونازحة في دير البلح وسط القطاع، اضطرت إلى شراء كيس طحين واحد «مسوس (أي فاسد)» حتى تتمكن من خبزه لإطعام أبنائها وأحفادها البالغ عددهم 23 شخصاً، وجميعهم يعيشون في خيمتين متلاصقتين.

وتقول أبو ريالة لـ«الشرق الأوسط» إن ما دفعته مقابل هذا الكيس من الطحين 150 شيقلاً (الدولار الأميركي يساوي 3.7 شيقل) رغم أنه «مسوس»، وقد يعرض حياتها وحياة أبنائها وأحفادها للخطر.

أطفال فلسطينيون يبحثون عن بقايا طعام في القمامة في دير البلح يوليو الماضي بعد انتشار المجاعة (د.ب.أ)

تستدرك السيدة بحزن: «مضطرة أعمل هيك، لأنه ما فيه حل بإيدينا، وعايشين ظروف صعبة وما حدا حاسس فينا؛ بدنا نعيش مثل أهلنا اللي ضلوا بالشمال واضطروا ياكلوا أكل الحيوانات، ويمكن إحنا نعمل مثلهم إن استمر الوضع هيك».

وتحدثت أبو ريالة عن تأثرها وغيرها بالتضييق على عمل «أونروا»، وقالت: «الوكالة أكثر جهة كانت توزع علينا المساعدات، وإن نفذت إسرائيل مخططها، سنعيش طوال حياتنا بفقر وبمجاعة تقتل أولادنا مثلما قتلتهم في شمال القطاع».

ويفتقد سكان غزة الخضراوات أو المعلبات لجميع أنواع الأغذية، كما باتوا يفتقدون لأنواع مختلفة من الاحتياجات الأساسية مثل السكر والملح وغيرهما، نتيجة منع إدخالها من إسرائيل.

وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» هناك «مساعٍ حثيثة تبذل من عدة أطراف لإدخال كميات حتى وإن كانت محدودة من الخضار والطحين وغيره لأسواق جنوب قطاع غزة، وقد تنجح هذه الجهود جزئياً في الأيام المقبلة بعد انخراط واسع من الولايات المتحدة فيها».

وفيات الرضع

ولا تتوقف أزمة انعدام الغذاء على الأصحاء أو من نجوا حتى الآن من الحرب، إذ مات رضيع جديد هو بلال يحيى جنينة وعمره 6 أشهر تقريباً، الاثنين الماضي، نتيجة مضاعفات الأمراض والمجاعة ونقص الحليب الطبي بشكل أساسي.

وقال عم الرضيع جنينة لصحافيين داخل مستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بمدينة غزة، إن الطفل كان في مستشفى كمال عدوان يتلقى العلاج ويحاول الأطباء تقديم مدعمات غذائية خاصة له لإنقاذ حياته، إلا أنه بسبب فرض الحصار على المستشفى وخروجه عن الخدمة، نقل الرضيع إلى مستشفى المعمداني أول من أمس من قبل منظمة الصحة العالمية ووفد أممي قدم إلى مستشفى كمال عدوان لإجلاء المرضى.

وأوضح أن «الرضيع عانى من سوء تغذية حاد بفعل نقص الحليب الطبي الذي كان يتوجب أن يستخدمه، وهو ما لم يتوفر في أي من المستشفيات أو العيادات الطبية وحتى الصيدليات».

وتقول مصادر طبية فلسطينية إن هناك المئات من الأطفال المعرضين للخطر في شمال قطاع غزة، وقد يفقدون حياتهم نتيجة نقص الأدوية والطعام.

الطفل يزن كفارنة بات «وجه المجاعة» في غزة بعد وفاته في مارس الماضي (أ.ف.ب)

ونشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الاثنين، تقريراً حول واقع الظروف في قطاع غزة وخاصة شماله، وقالت إن قطاع غزة «يعيش في 3 دوائر من الحصار الإسرائيلي تخضع لقيود مختلفة؛ فالقطاع بأكمله محاصر لا يدخله أو يخرج منه أحد إلا بإذن من الجيش الإسرائيلي، كما يُفرض حصار آخر على شمال القطاع بأكمله من منطقة وادي غزة وحتى الحدود مع بيت حانون، ويُفرض منذ مطلع الشهر الماضي حصار آخر وأشد في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون».

ونقلت «هآرتس» عن مسؤول أممي كبير قوله: «قطاع غزة في حصار داخل حصار داخل حصار».

ونقلت الصحيفة العبرية عن يورغوس بترويولوس مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في قطاع غزة: هناك استخدام واضح للمساعدات الإنسانية كسلاح ضد المدنيين شمال القطاع.

وحذر بترويولوس من كارثة حقيقية تتهدد سكان شمال قطاع غزة، مشيراً إلى أن هناك مرضى يواجهون الموت في مستشفى كمال عدوان، وقد شاهدهم بنفسه خلال زيارته للمستشفى في الأيام الأخيرة.

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي يتعامل مع الفرق الأممية بطرق مهينة، ويقوم بإجبارهم على إنزال الجرحى والمرضى وتفتيشهم.

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

وقال المسؤول الأممي الدولي: «في إحدى المرات عندما قمنا بنقل الجرحى، سألنا الضابط عن سبب عدم قيامنا بإخراج الجرحى من سيارة الإسعاف، قلت له: (تعال وانظر، هذه فتاة تبلغ من العمر سبع سنوات ولديها جرح في رأسها يمكنك من خلاله رؤية دماغها)، لكن يبدو أن الطريقة الوحيدة لكي لا تكون إرهابياً في غزة هي أن تكون طفلاً... لقد تأخرنا لمدة ثلاث ساعات أثناء الفحص، وطوال هذا الوقت واصل المسعف إعطاء الأكسجين للفتاة، لقد نقلناها إلى المستشفى في غزة، لكنني لا أعرف ما إذا كانت قد بقيت على قيد الحياة».


مقالات ذات صلة

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:39

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية عناصر من حركتي «حماس» و«الجهاد» يسلمون رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر في نوفمبر 2023 (د.ب.أ)

انتقادات من الجيش لنتنياهو: عرقلة الاتفاق مع «حماس» سيقويها

حذر عسكريون إسرائيليون، في تسريبات لوسائل إعلام عبرية، من أن عرقلة نتنياهو لصفقة تبادل أسرى، تؤدي إلى تقوية حركة «حماس»، وتمنع الجيش من إتمام مهماته القتالية.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة في مخيم النصيرات للاجئين بغزة (أ.ف.ب)

غزة: 71 قتيلاً جراء القصف الإسرائيلي في يوم واحد

أعلنت وزارة الصحة  الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم (الخميس)، ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 44 ألفاً و56 قتيلاً، إلى جانب 104 آلاف و268 إصابة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً
TT

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

«معركة حلب» تباغت سوريا وتخلط الأوراق محلياً وإقليمياً

دخلت فصائل مسلحة؛ بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا أمس، أجزاءً غرب مدينة حلب في شمال سوريا، وتقدمت على نحو كبير وسريع بعد قصفها في سياق هجوم بدأته قبل يومين على القوات الحكومية هو من أعنف جولات القتال منذ سنوات.

وبددت المعارك التي باغتت القوات الحكومية السورية؛ وروسيا وإيران الداعمتين لها، هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على الشمال الغربي السوري، بموجب تهدئة روسية - تركية.

وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لحلب. وقال شاهدا عيان من المدينة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا رجالاً مسلحين في منطقتهما، وسط حالة هلع في المدينة.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله».

ومع دخول ليل السبت، وتبين تقدم الجماعات المسلحة، أفاد «المرصد السوري» بتوجه «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة تابع لـ(ميليشيا لواء الباقر)، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور نحو حلب».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 255 شخصاً، وفقاً للمرصد، معظمهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 24 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم قوات النظام بالمعركة.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل بسطت سيطرتها على أكثر من 50 بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد، في أكبر تقدّم تحرزه المجموعات المسلحة المعارضة للنظام منذ سنوات.

وفي المقابل، وصلت تعزيزات من الجيش السوري إلى مدينة حلب، ثانية كبرى المدن في سوريا، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري الوكالة الفرنسية.

وقبل إعلان «المرصد السوري» دخول «هيئة تحرير الشام» إلى حلب، أفاد المصدر نفسه عن «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب».

وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل، ولن تتعرض لأي تهديد».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على إدلب وقرى محيطة بها.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن روسيا، التي تدعم قواتها في سوريا الرئيس بشار الأسد، تعدّ الهجوم انتهاكاً لسيادة سوريا، وتريد من السلطات التحرك سريعاً لاستعادة النظام.

ودعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا، بعد سلسلة الغارات الروسية - السورية.

وتسيطر «تحرير الشام» مع فصائل أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عبر منصة «إكس»: «لقد طالبنا بوقف الهجمات. وقد أدت الاشتباكات الأخيرة إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية»، مشيراً إلى «التطورات في إدلب ومحيطها الحدودي».

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورميات مدفعية، وأحياناً أصوات طائرات. آخر مرة سمعنا مثل هذه المعارك كانت قبل نحو 5 سنوات».

وأَضاف الموظّف في شركة اتصالات: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا، سئمنا هذه الحالة واعتقدنا أنها انتهت، لكن يبدو أنها تتكرر من جديد».

وكان عراقجي عدّ التطورات الميدانية في سوريا «مخططاً أميركياً - صهيونياً لإرباك الأمن والاستقرار في المنطقة عقب إخفاقات وهزائم الكيان الصهيوني أمام المقاومة»، وفق تصريحات أوردتها الوزارة الخميس.

وقال المحلّل نيك هيراس من معهد «نيو لاينز» للسياسات والاستراتيجية للوكالة الفرنسية، إن تركيا ترى أن «حكومة (الرئيس السوري) بشار الأسد تواجه وضعاً صعباً بسبب عدم اليقين بشأن مستقبل الوجود الإيراني في سوريا، وترسل رسالة إلى دمشق وموسكو للتراجع عن جهودهما العسكرية في شمال غربي سوريا».

ويرى مدير «المرصد السوري» لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أن الجيش السوري لم يكن مستعداً أبداً لهذا الهجوم. وأعرب عن استغرابه الضربات الكبيرة التي يتلقاها الجيش السوري على الرغم من الغطاء الجوي الروسي.

وتساءل: «هل كانوا يعتمدون على (حزب الله) المنهمك حالياً في لبنان؟».

بدوره، قال مسؤول بالأمم المتحدة، الجمعة، إن 27 مدنياً، بينهم 8 أطفال، لقوا حتفهم في قتال بشمال غربي سوريا على مدى الأيام الثلاثة الماضية، في إحدى أسوأ موجات العنف منذ أعوام بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية.