غارات إسرائيل على شرق لبنان تمسح 6 عائلات من السجل المدني

خط الاستهداف تجاوز 35 كيلومتراً وقطع الأوصال مع سوريا

دمار شديد أحدثته الغارات الإسرائيلية في إحدى مناطق بعلبك (الشرق الأوسط)
دمار شديد أحدثته الغارات الإسرائيلية في إحدى مناطق بعلبك (الشرق الأوسط)
TT

غارات إسرائيل على شرق لبنان تمسح 6 عائلات من السجل المدني

دمار شديد أحدثته الغارات الإسرائيلية في إحدى مناطق بعلبك (الشرق الأوسط)
دمار شديد أحدثته الغارات الإسرائيلية في إحدى مناطق بعلبك (الشرق الأوسط)

مسحت الغارات الإسرائيلية العنيفة، ليل الاثنين – الثلاثاء، على قُرى غرب بعلبك والبقاع الشمالي في شرق لبنان، 6 عائلات من السجلات المدنية، وذلك في أعنف قصف جوي تعرّضت له المنطقة منذ بدء الحرب، وأسفر عن مقتل أكثر من 60 شخصاً، حسبما أفادت به وزارة الصحة اللبنانية.

وشهدت منطقة بعلبك وقُراها على امتداد أكثر من 35 كلم، حزاماً نارياً وليلاً عاصفاً، تمثّل في قصف صاروخي «جنوني»، سقط فيه العشرات من النساء والأطفال والمدنيين العُزّل، وطال القصف عدة بلدات تمتد على خط يبدأ من تمنين وسرعين جنوباً، ويصل إلى بلدة رام شمالاً، وشمل الحزام الناري الذي فاق 35 غارة غرب بعلبك، وبلدة الزعارير وسهل تمنين وقصرنبا وسرعين، فضلاً عن استهداف خراج بلدة مشغرة في البقاع الغربي، كما استهدفت الغارات بلدات حوش السيد علي وسهل حزين وعين بورضاي والنبي شيت وحوش الرافقة.

تدمير ممنهج

ووزّع الطيران الإسرائيلي، مساء الاثنين، غاراته بكل الاتجاهات، حتى ساعات فجر الثلاثاء، فكان لبعلبك وقُراها الشرقية والغربية النصيب الأكبر.

وقالت مصادر رسمية في بعلبك لـ«الشرق الأوسط»، إنه في بلدة بوداي وحدها شُطِبَت 4 عائلات بالكامل من سجلات النفوس، حيث «أُبِيدت عائلة من آل عساف مؤلّفة من 6 أشخاص»، وفي حي الحفير في بوداي «أُبيدت عائلتان من 16 شخصاً من سجلات النفوس من آل شمص»، أما في حي العلاق الواقع شرقي بوداي فقد «شُطبت عائلة من آل كنعان من 6 أشخاص».

وفي بلدة الرام في البقاع الشمالي، شُطبت عائلة بأكملها من آل نون، أما في محيط قلعة بعلبك، عند بوابة ثكنة غورو، فقد شُطبت عائلة من آل النمر من 6 أشخاص، بينما سقط 3 أشقاء من آل سماحة في بلدة طاريا.

وأوقع الطيران في غارات، ليل الاثنين، مزيداً من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، بالإضافة إلى تدمير ممنهج للمنازل فوق رؤوس ساكنيها في غربي بعلبك والبقاع الشمالي.

وسُجِّل في أقل من ساعتين غارات مكثفة أسفرت عن سقوط 64 قتيلاً، وأكثر من 100 جريح، جُلّهم من النساء والأطفال.

إحكام الطَّوق على الحدود البرّية

وأحكم الطيران الحربي والمسيَّر عمليات المراقبة وقطع الطرقات الشرعية وغير الشرعية فجراً على الحدود اللبنانية - السورية، حيث نفّذ سلسلة من الغارات من أجل مزيد من قطع شرايين التواصل بين لبنان والعالم العربي، مستهدفاً الحدود الشمالية، واستهدف الطيران الحربي طريق المصنع للمرة الخامسة من الجهتين اللبنانية والسورية.

وبقي طريق المصنع خارجاً عن الخدمة منذ الأسبوع الثاني للعدوان على البقاع، وبقي سالكاً أمام المشاة سيراً على الأقدام حتى مسافات طويلة، من أجل الوصول إلى دائرة الهجرة والجوازات في جديدة يابوس.

وفي الشمال، استهدف الطيران الإسرائيلي معبر حوش السيد علي شمالي الهرمل، وشن الطيران الحربي سلسلة من الغارات على المناطق الحدودية التي تربط سوريا ولبنان من الجهة السورية بهدف عزل لبنان عن سوريا، وإحكام الطَّوق على الطرقات البرّية؛ لإطباق الحصار البرّي على كامل حدود البقاع، من البقاع الغربي وصولاً إلى المعابر الواقعة شمالاً التي تربط سوريا بلبنان.


مقالات ذات صلة

أوستن يبحث خفض «التصعيد الإقليمي» مع نظيره الإسرائيلي

الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يسار) ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (وزارة الدفاع الأميركية)

أوستن يبحث خفض «التصعيد الإقليمي» مع نظيره الإسرائيلي

قالت وزارة الدفاع الأميركية، اليوم، إن وزير الدفاع لويد أوستن، ناقش «فرص خفض التصعيد الإقليمي» مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال اتصال هاتفي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نتنياهو يحبط آمال وقف النار في لبنان وغزة

نتنياهو يحبط آمال وقف النار في لبنان وغزة

أحبط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الآمال بالتوصل إلى اتفاقين لوقف إطلاق النار في لبنان وقطاع غزة، إذ قال إن «هناك حاجة لمزيد من القتال حتى تستطيع

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي لمياء فرحات إلى جانب خيمتها في منطقة الرملة البيضاء في بيروت (الشرق الأوسط)

لمياء فرحات... تكنس كورنيش بيروت الذي بات منزلها

تعلق اللبنانية لمياء فرحات، النازحة من الضاحية الجنوبية إلى الكورنيش البحري في بيروت، خيمتها التي صنعتها من شراشف هشة ببضعة حبال رفيعة، وتثبت مقعدين خشبيين مع

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي سحابة من الدخان الكثيف ناتجة عن الغارات الإسرائيلية تعلو قلعة بعلبك الأثرية في شرق لبنان (الشرق الأوسط)

الإنذارات والغارات الإسرائيلية تحوّل بعلبك إلى مدينة أشباح

أكد رئيس بلدية بعلبك أن المدينة «تتعرض لتهجير منظّم»، معلناً أن «نسبة النزوح تخطّت 80 في المائة».

حسين درويش (شرق لبنان)
شؤون إقليمية رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يسكب «ماء بارداً» على المتحمسين لوقف إطلاق النار في لبنان أو غزة

وضع نتنياهو شروطاً جديدة للاتفاق مع لبنان، وأبدى إصراره على أن يتضمن الاتفاق بنداً يحفظ لإسرائيل حرية العمليات في لبنان في إطار أي تسوية لإنهاء الحرب.

نظير مجلي (تل أبيب)

من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)
محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)
TT

من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)
محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

عاد محمود المشهداني، الطبيب ذو الخلفية الإسلامية، إلى الواجهة بعد مرور نحو 16 عاماً على إقالته من منصب رئيس البرلمان العراقي.

ولد المشهداني ببغداد عام 1948. وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، ثم التحق بكلية الطب عام 1966 وحصل فيها على شهادة البكالوريوس، ثم تخرج برتبة ملازم أول طبيب عام 1972، ليعمل طبيباً في الجيش العراقي.

والمشهداني، الذي انتُخب، اليوم الخميس، رئيساً للبرلمان، أول رئيس تشريعي في العراق بعد عام 2003، كما انتُخب رئيساً للاتحاد البرلماني العربي عام 2008.

كيف عاد المشهداني؟

مع أن عودة المشهداني ارتبطت أول مرة برئاسته للدورة الأخيرة، عام 2021، كونه أكبر الأعضاء سناً قبل انتخاب محمد الحلبوسي لدورة ثانية، لكنه عاد اليوم إلى المنصب مدعوماً من زعيم مسنّ مثله هو نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، بعد تنافس حاد داخل القوى السنية.

وفي 2022، تعرض المشهداني حين كان يرأس جلسة بصفته العضو الأكبر إلى «اعتداء»، أُخرج على إثره من الجلسة وتوجه إلى المستشفى.

ولم يتبق من جيل المشهداني في البرلمان سواه، بعد أنْ كان يُصنّف واحداً من جيل «الآباء المؤسسين» لنظام ما بعد 2003، كما أنه يعد نفسه من كبار المكون السني الذين ابتعدوا أو أُبعدوا عن العملية السياسية، من أمثال طارق الهاشمي، خلف العليان، صالح المطلك، رافع العيساوي، إياد السامرائي.

ومع أن المشهداني كان من بين ضحايا مبكرين لعمليات الإزاحة، لكنه تمكن من العودة عبر اتباعه سياسة ناعمة ضمنت له البقاء في الواجهة بشكل أو بآخر، حتى فوجئ بدعم غير مسبوق قدّمه له صديقه الزعيم الشيعي نوري المالكي الذي لا يزال يُمسك بالعديد من خيوط اللعبة السياسية في العراق، ليكون رئيساً للبرلمان.

وأدى دخول المالكي على خط التنافس السني - السني إلى المزيد من التشظي في جبهة المكون، وصولاً إلى ما بدا أنه توافق شيعي - شيعي على دعم المشهداني بوصفه السني الذي لا طموح له.

كما أن محمد الحلبوسي، الذي يعد نفسه زعيم الأغلبية السنية في العراق، برر دعمه للمشهداني من أجل «تعويضه عن الفترة التي خسرها عندما أُقيل بمؤامرة دبّرها ضده الحزب الإسلامي»، طبقاً لتصريح متلفز.

محمود المشهداني خلال جلسة افتتاحية للبرلمان العراقي عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

جيل المؤسسين

قبل أن يجد نفسه على توافق تام مع المالكي، كان المشهداني شديد الانتقاد للقيادات الشيعية طوال سنوات عمله السياسي، لا سيما خلال توليه رئاسة البرلمان عام 2006، وعندما كانت مساعي المصالحة الوطنية تخفق أمام غليان العنف الطائفي الذي اجتاح البلاد في تلك الفترة، اضطر المشهداني إلى الاستقالة عام 2008، وكانت أقرب إلى الإقالة.

في السنوات اللاحقة، خاض العراق في توترات خلّفها اجتياح تنظيم «داعش»، شملت موجات نزوح. وخلال تلك الفترة بدا أن المشهداني خارج المشهد، سوى إطلالات إعلامية متناقضة.

ومع تكرار ما بدا أنه «تقلبات» المشهداني وآراؤه المثيرة حتى خلال جلسات البرلمان التي كثيراً ما يحوّلها إلى نوع من السخرية حتى على النواب، لكنه وبعد الإزاحة الجيلية للآباء المؤسسين، فقد حصل انسجام مفاجئ بينه وبين المالكي عندما تولى محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة.

وبعد إقالة الحلبوسي من رئاسة البرلمان أواخر 2023، بقرار من المحكمة الاتحادية، توجّهت القوى السياسية التقليدية للبحث عن بديل جديد، وطرح اسم «المخضرم» محمود المشهداني، ضمن صفقة معقدة شملت توافقاً نادراً بين المالكي والحلبوسي.

ويميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن عودة المشهداني إلى منصب رئيس البرلمان تفتح شهية أنصار المالكي للحديث عن عودة الأخير أيضاً إلى منصب رئيس الحكومة، في الانتخابات التشريعية المقبلة، عام 2025.