الحملة الإسرائيلية حولت بلدات لبنانية لأطلال وحطام (صور)

جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
TT

الحملة الإسرائيلية حولت بلدات لبنانية لأطلال وحطام (صور)

جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)
جنود لبنانيون في حارة صيدا على مقربة من المبنى الذي استهدفته الأحد غارة إسرائيلية (رويترز)

أظهرت صور بالأقمار الاصطناعية قدمتها شركة «بلانت لابس» لـ«رويترز» أن الحملة العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان أدت إلى دمار كبير في أكثر من 12 بلدة وقرية حدودية حتى تَحَوَّلَ كثير منها إلى مجموعات من الحفر الرمادية.

وكانت كثير من هذه البلدات مأهولة بالسكان منذ قرنين من الزمان على الأقل قبل أن تصبح خالية الآن بسبب القصف الإسرائيلي.

صورة جوية تظهر بلدة كفركلا الحدودية بعد تدمير اسرائيلي لمنازلها (رويترز)

وتشمل الصور، التي جرى الاطلاع عليها، بلدات فيما بين كفركلا في جنوب شرقي لبنان وجنوباً لما بعد قرية ميس الجبل، ثم غرباً لما بعد قاعدة تستخدمها قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، ووصولاً إلى قرية لبونة الصغيرة.

عسكريان بالجيش اللبناني قرب موقع غارة إسرائيلية استهدفت حارة صيدا بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وقال عبد المنعم شقير رئيس بلدية ميس الجبل التي تعرضت للهجمات الإسرائيلية: «هناك منازل قديمة جميلة عمرها مئات السنين. قصفت آلاف القذائف المدفعية ومئات الغارات الجوية البلدة». وأضاف: «من يدري ما الذي سيبقى واقفاً في النهاية؟».

وقارنت «رويترز» بين صور الأقمار الاصطناعية التي التُقطت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بتلك التي التُقطت في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر 2024. وتقع كثير من القرى التي لحقت بها أضرار واضحة على مدار الشهر الماضي على قمم تلال تطل على إسرائيل.

وكثفت إسرائيل الغارات على جنوب لبنان ومناطق أخرى، الشهر الماضي، بعد قرابة عام من تبادل إطلاق النار عبر الحدود. وتوغلت القوات الإسرائيلية براً في المناطق الجبلية على الحدود مع لبنان، واشتبكت مع مقاتلي «حزب الله» في بعض البلدات.

صورة جوية توثق الدمار في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان (رويترز)

وقالت وحدة إدارة مخاطر الكوارث في لبنان التي تتابع أعداد القتلى والمصابين والهجمات على بلدات بعينها، إن البلدات التي اطلعت «رويترز» على صورها، وعددها 14، تعرضت لإجمالي 3809 هجمات إسرائيلية خلال العام الماضي.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على أسئلة من «رويترز» عن حجم الدمار. وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري في 24 أكتوبر إن إسرائيل قصفت أكثر من 3200 هدف في جنوب لبنان.

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه يهاجم بلدات في جنوب لبنان؛ لأن «حزب الله» حوَّل «القرى المدنية إلى مناطق قتال حصينة» يخفي فيها أسلحة ومتفجرات ومركبات. وينفي «حزب الله» استخدام البنية التحتية المدنية في شن هجمات أو تخزين أسلحة، كما ينفي سكان تلك البلدات هذا الادعاء.

رجل يحمل أمتعته أثناء سيره أمام موقع غارة جوية إسرائيلية على بيروت (إ.ب.أ)

وقال مصدر مطَّلع على العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان لـ«رويترز» إن القوات تهاجم بشكل ممنهج بلدات بها نقاط مراقبة استراتيجية مثل محيبيب.

وذكر المصدر أن إسرائيل «تعلمت الدروس» بعد آخر حرب لها مع «حزب الله» في عام 2006، ومن بينها هجوم مقاتلي «حزب الله» من فوق قمم التلال على القوات التي توغلت براً في وديان جنوب لبنان.

وأضاف: «لهذا السبب يستهدفون هذه القرى بشدة، حتى يتمكنوا من التحرك بحرية أكبر».

وأظهرت أحدث صور لقرية كفركلا سلسلة من البقع البيضاء على طريق رئيسي يؤدي إلى بلدة. وكشفت الصور الملتقَطة، العام الماضي، الطريق نفسه محاطاً بالمنازل والنباتات الخضراء؛ ما يشير إلى أن المنازل تعرضت للتدمير.

صورة جوية توثق التدمير في بلدة يارون بجنوب لبنان إثر القصف الاسرائيلي (رويترز)

وتعرضت كتلة كاملة بالقرب من مركز قرية ميس الجبل على مسافة 700 متر من الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة، ويفصل بين إسرائيل ولبنان، لدمار كبير.

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على لبنان (إ.ب.أ)

وبدت المنطقة، التي تبلغ مساحتها نحو 150 متراً في 400 متر عرضاً وطولاً، كأنها بقعة من الرمل البني؛ ما يشير إلى أن المباني هناك قد سُويت تماماً بالأرض. وأظهرت صور التُقطت في الشهر نفسه من عام 2023 حياً مكدساً بالمنازل.

تقول حكومة لبنان إن ما لا يقل عن 1.2 مليون شخص نزحوا بسبب الهجمات الإسرائيلية، وقُتل أكثر من 2600 على مدى العام المنصرم.

ولم يتمكن سكان القرى الحدودية من الوصول إلى بلداتهم منذ أشهر. وقال عبد المنعم شقير رئيس بلدية ميس الجبل: «بعد أن وصلت الحرب إلى ميس الجبل، وتركوا (غادر) كل سكانها، بطلنا نعرف (شي) عن الوضع بالبلد».

وأظهرت صور لقرية محيبيب القريبة مستويات مماثلة من الدمار. وكانت محيبيب من بين قرى عدة، إلى جانب كفركلا وعيترون وعديسة ورامية، أظهر مقطع فيديو تمت مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي انفجارات متزامنة فيها لمبانٍ عدة في الوقت نفسه؛ ما يشير إلى أنها كانت مفخخة بالمتفجرات.

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على بيروت (إ.ب.أ)

وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في 24 أكتوبر أن أحد مراكز قيادة «قوة الرضوان» الخاصة التابعة لـ«حزب الله» يقع تحت محيبيب، وأن القوات الإسرائيلية «حيدت شبكة الأنفاق الرئيسية» التي تستخدمها الجماعة، لكنه لم يخض في تفاصيل.

وقال هاغاري إن هدف إسرائيل هو «طرد (حزب الله) من الحدود، وتفكيك قدراته، والقضاء على التهديد الماثل أمام سكان الشمال».

وذكر جون ألترمان، وهو نائب رئيس بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: «هذه خطة أخذوها من (المخزون) على الأرفف». وأضاف: «الجيوش تضع الخطط... وهم ينفذون (الآن)».

حطام بسبب غارة جوية إسرائيلية على بيروت (أ.ب)

وكان سيث جونز، وهو نائب رئيس آخر في المركز، قال لـ«رويترز» إن «حزب الله» استخدم القرى الواقعة على خط المواجهة لإطلاق صواريخه قصيرة المدى على إسرائيل.

وقال لبنان بعلبكي قائد الأوركسترا السيمفونية الوطنية اللبنانية ونجل الفنان اللبناني الراحل عبد الحميد بعلبكي إن عائلته تشتري صوراً ملتقطة عبر القمر الاصطناعي لمسقط رأسهم عديسة للتحقق مما إذا كان منزل العائلة لا يزال قائماً.

صورة جوية تظهر بلدة كفركلا الحدودية بعد تدمير اسرائيلي لمنازلها (رويترز)

وكان عبد الحميد قد حوَّل المنزل إلى مركز ثقافي تزينه أعماله الفنية ورسوماته الأصلية وأكثر من 1000 كتاب في مكتبة مصنوعة من الخشب فقط. ورحل عبد الحميد في 2013، ودُفِنَ تحت المنزل مع زوجته الراحلة.

وقال لبنان لـ«رويترز»: «نحن عائلة فنانين، والدي معروف، وبيتنا معروف أنه بيت ثقافي. كنا نطمئن أنفسنا بهذه الفكرة».

وحتى أواخر أكتوبر، كان المنزل قائماً. لكن لبنان بعلبكي رأى في مطلع الأسبوع مقطع فيديو متداولاً لمنازل عدة تنفجر في عديسة، بما في ذلك منزل عائلته.

ولا تنتمي العائلة لـ«حزب الله»، ونفى لبنان وجود أي أسلحة أو عتاد عسكري مخزّن هناك.

وقال لبنان: «إذا عندك نسبة المعلومات الاستخباراتية والدقيقة لاستهداف عناصر عسكرية بهذا الشكل يعني تعلم جيداً ما الموجود في هذا البيت. كان بيت فن». وأضاف: «نحن كلنا فنانون. الهدف محو أي علامة حياة».


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خلال مؤتمر صحافي في بيروت (رويترز)

بوريل: لبنان على شفير الانهيار

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الأحد، من بيروت، بأن لبنان بات «على شفير الانهيار»، بعد شهرين من المواجهة المفتوحة بين «حزب الله» وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش هاجم بنى عسكرية مجاورة لمعبر جوسية الحدودي شمال البقاع، التي قال إن «حزب الله» اللبناني يستخدمها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني بعد قصف سابق على حمص (أرشيفية - رويترز)

هجوم إسرائيلي يستهدف معبراً بريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية

ذكرت «وكالة الأنباء السورية»، السبت، أن الطائرات الإسرائيلية شنّت هجوماً استهدف معبر جوسية بمنطقة القصير في ريف حمص عند الحدود السورية - اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر الدفاع المدني يبحثون عن ضحايا بعد قصف إسرائيلي على مدينة بعلبك في 14 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

لبنان: مقتل 24 وإصابة 45 في غارات إسرائيلية على بعلبك الهرمل

أفادت وزارة الصحة اللبنانية اليوم (السبت)، بأن الغارات الإسرائيلية على بعلبك الهرمل اليوم، قتلت 24 وأصابت 45 آخرين في حصيلة غير نهائية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، الأحد، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مختزل أعلنت فيه عن اللقاء دون تفاصيل.

وكانت تقارير إعلامية محلية قد أفادت في وقت سابق بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف اللجنة الدستورية اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، المقربة من الحكومة، عن مصادر قولها إن بيدرسن «بات على قناعة بأنه لا بد من انعقاد هذه اللجنة في العواصم العربية المرشحة لاستضافتها، وهي بغداد والرياض والقاهرة، لكون الجانب الروسي يرفض رفضاً قاطعاً انعقادها في جنيف».

وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات، ولم يتم التوافق على مكان آخر. وحسب صحيفة «الوطن»، يجري بيدرسن مباحثات مع المسؤولين السوريين في دمشق التي وصلها يوم الأربعاء، حول إمكانية استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، صرّح في وقت سابق لوكالة «تاس» الروسية بأن جنيف هي المكان الوحيد المرفوض من قبل الجانب الروسي، لافتاً إلى قبول موسكو بأي من الأماكن الأخرى المقترحة. وفيما يتعلق بمقترح عقد الاجتماع في بغداد، قال لافرنتيف إن المعارضة السورية رفضت هذا الاقتراح باعتبار بغداد مكاناً غير محايد لها؛ لأن الحكومة العراقية داعمة لدمشق. وأضاف: «لا تزال المعارضة تصر على رفض هذا الخيار، رغم أنه لا يمكن أن يؤثر على سير المفاوضات الدستورية». وحسب المسؤول الروسي، فقد أكدت موسكو لبيدرسن ضرورة مواصلة الجهود لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، كما دعته لبذل الجهود بدلاً من الدعوة إلى ممارسة النفوذ على هذا الجانب أو ذاك.

ومنذ بدء النزاع في سوريا، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، مستهدفة مواقع تابعة للقوات الحكومية وأهدافاً إيرانية وأخرى تابعة لـ«حزب الله» اللبناني. وازدادت وتيرة الغارات على وقع المواجهة المفتوحة التي تخوضها إسرائيل مع «حزب الله» في لبنان المجاور. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 105 أشخاص، معظمهم مقاتلون موالون لإيران، في حصيلة جديدة لغارات إسرائيلية استهدفت، الأربعاء، 3 مواقع في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، ضمّ أحدها اجتماعاً «لمجموعات سورية موالية لطهران مع قياديين من حركة (النجباء) العراقية و(حزب الله) اللبناني». وكان المرصد أحصى مقتل 92 شخصاً في حصيلة سابقة لهذه الغارات. ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول في الفترة الأخيرة إنها تعمل على منع «حزب الله» من «نقل وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.