قال محمد بزي مدير مركز «هاكوب كيفوركيان» لدراسات الشرق الأدنى، وأستاذ الصحافة بجامعة نيويورك، في مقال نشرته صحيفة «غارديان» البريطانية، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خالف وعوداً قدمها للرئيس الأميركي جو بايدن بكبح الهجمات الإسرائيلية على غزة.
وأضاف أنه «على مدار العام الماضي، بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يمزق الخطوط الحمراء التي فرضتها الولايات المتحدة واحداً تلو الآخر في حرب إسرائيل الوحشية على غزة، أصر بايدن وإدارته المتهورة على أنهم لا يريدون أن ينتشر الصراع إلى لبنان المجاور وما بعده».
وتابع: «لكن على مدار الشهر الماضي، شن نتنياهو وحكومته حرباً شاملة ضد لبنان، بغارات جوية مكثفة في جميع أنحاء البلاد وغزو بري للجنوب، ونزح أكثر من مليون شخص، مع توسيع إسرائيل لهجومها على ما تدعي أنها معاقل (حزب الله)».
ويسأل: «كيف رد بايدن على عناد نتنياهو الأخير وإذلاله المستمر للإدارة الأميركية؟ يواصل بايدن إرسال المزيد من الأسلحة الأميركية والدعم العسكري لإسرائيل، وأعلن (البنتاغون) أنه سينشر أحد أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي تقدماً في إسرائيل، إلى جانب نحو 100 جندي أميركي لتشغيله، وستكون هذه هي المرة الأولى التي تنشر فيها واشنطن علناً قوات أميركية في إسرائيل منذ شنت حكومة نتنياهو حربها على غزة بعد هجوم أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من قبل (حماس)».
وذكر أن «بايدن يرسل قوات أميركية إلى صراع خارجي قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث تواجه نائبته وحليفته الديمقراطية، كامالا هاريس، الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي حقق مكاسب مع الناخبين في الولايات المتأرجحة من خلال التعهد بتقليص التدخل العسكري الأميركي في الخارج. من خلال نشر نظام الدفاع الصاروخي (ثاد) وطاقمه في إسرائيل، يورط بايدن الولايات المتحدة بشكل أعمق في صراع إقليمي أثاره نتنياهو إلى حد كبير على مدار العام الماضي».
وذكر الكاتب أن «هذا أحدث مثال على فشل بايدن في فرض أي عقوبات على نتنياهو مع توسيعه لحرب غزة إلى حرب إقليمية؛ بغزو لبنان ومواجهة جديدة مع إيران».
وأضاف: «حاولت إدارة بايدن فرض خطوط حمراء جديدة على نتنياهو وحكومته اليمينية، وحثت إسرائيل على عدم مهاجمة مواقع إنتاج النفط الإيراني أو مواقع التخصيب النووي، الأمر الذي قد يؤدي إلى رد إيراني قاسٍ وإلى مواجهة أكبر. وبحسب ما ورد، أبلغ مسؤولون إسرائيليون الولايات المتحدة أنهم سيتجنبون استهداف النفط والبنية التحتية والمواقع النووية الإيرانية».
وذكر: «لقد خرّب رئيس الوزراء الإسرائيلي مراراً وتكراراً المفاوضات من أجل وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن مع (حماس) في غزة، وتراجع عن اتفاق الشهر الماضي مع الولايات المتحدة وفرنسا لوقف إطلاق النار المؤقت مع (حزب الله) في لبنان. وقرار (البنتاغون) نشر نظام الدفاع الصاروخي (ثاد)، إلى جانب القوات الأميركية، في إسرائيل، قد يشجع نتنياهو على تقويض إدارة بايدن مرة أخرى بهجوم إسرائيلي واسع النطاق على إيران. وعلى الرغم من إصراره على أنه لا يريد حرباً أوسع، فإن بايدن يواصل مكافأة نتنياهو على توسيع الصراع، وطمأنته بأن الولايات المتحدة ستنقذ إسرائيل مهما فعلت».
وأوضح أن «تكاليف الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل منذ أكتوبر الماضي مذهلة، وقد تم حمايتها إلى حد كبير من التدقيق العام؛ إذ استخدمت إدارة بايدن أساليب مختلفة لتسريع شحنات الأسلحة وتجنب المراجعة من قبل أعضاء الكونغرس. وبحسب تقرير أعده مشروع (تكاليف الحرب) التابع لجامعة براون، أرسلت واشنطن لإسرائيل ما يقرب من 18 مليار دولار من الأسلحة وغيرها من المساعدات على مدار العام الماضي. وبالإضافة إلى المساعدات المباشرة لإسرائيل، تكبدت الولايات المتحدة 4.8 مليار دولار من الإنفاق العسكري الإضافي في الشرق الأوسط بسبب الصراع».
وأكد أن «إدارة بايدن أنفقت ما لا يقل عن 22.7 مليار دولار في جهودها لدعم حكومة نتنياهو، قد تفاجئ العديد من دافعي الضرائب الأميركيين الذين يتحملون الفاتورة في وقت تكافح فيه واشنطن لترويض التضخم، وتفتقر وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية إلى التمويل الكافي لتجاوز بقية موسم الأعاصير هذا العام. وبعيداً عن ذلك، تعد واشنطن أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، التي تعد أكبر متلقٍّ للمساعدات الخارجية الأميركية في العالم؛ إذ تلقت نحو 310 مليارات دولار (معدلة للتضخم) منذ تأسيس الدولة اليهودية عام 1948».
وأضاف: «كذلك بعد هجوم (حماس) العام الماضي، أعلن بايدن دعمه المطلق لإسرائيل وقادتها، ولكن سرعان ما أصبح من الواضح أن استراتيجية بايدن التي تأمل في التأثير على نتنياهو خلف الكواليس ستفشل بشكل مذهل؛ إذ قوض الزعيم الإسرائيلي، بايدن وأذله في كل فرصة. وفي معظم ذلك الوقت، تجنب بايدن المسار الأكثر مباشرة لتجنب صراع أوسع: استخدام عمليات نقل الأسلحة الأميركية للضغط على نتنياهو لقبول وقف إطلاق النار في غزة، حيث قتلت إسرائيل أكثر من 41000 فلسطيني وشردت ما يقرب من 90 في المائة من السكان».
وتابع: «لكن بايدن رفض باستمرار استخدام النفوذ الذي كان لديه على نتنياهو، وعندما لا تستخدم النفوذ؛ تفقده. لقد سمح بايدن لنتنياهو بالتغلب عليه قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، والاستفادة من الدعم الأميركي غير المشروط لشن حرب مدمرة ضد لبنان في محاولة لتدمير (حزب الله)، وتستخدم إسرائيل نفس الدليل الذي استخدمته في غزة لإحداث الفوضى في لبنان، وهو دولة أصغر من ولاية كونيتيكت: قصف جوي واسع النطاق وتشريد المدنيين، يليه غزو بري».
وأكد أن الإدارة الأميركية «تصر على أنها لا تريد صراعاً إقليمياً، ولكنها تواصل إرسال الأسلحة التي تجعلها متواطئة بعمق في تصرفات إسرائيل».