إنذارات الإخلاء الإسرائيلية تربك البلدات اللبنانية والنازحين إليها

قتال للوصول إلى المرتفعات الحدودية و«حزب الله» ينفي سيطرة تل أبيب على أي قرية

دمار كبير في مدينة النبطية جنوب لبنان غداة غارات إسرائيلية استهدفتها (أ.ف.ب)
دمار كبير في مدينة النبطية جنوب لبنان غداة غارات إسرائيلية استهدفتها (أ.ف.ب)
TT

إنذارات الإخلاء الإسرائيلية تربك البلدات اللبنانية والنازحين إليها

دمار كبير في مدينة النبطية جنوب لبنان غداة غارات إسرائيلية استهدفتها (أ.ف.ب)
دمار كبير في مدينة النبطية جنوب لبنان غداة غارات إسرائيلية استهدفتها (أ.ف.ب)

أربكت الإنذارات الإسرائيلية بإخلاء مناطق واسعة في جبل لبنان وجنوبه وشرقه، الساحة اللبنانية، وذلك في إجراء لافت دشّنته القوات الإسرائيلية، بالتزامن مع تصعيد القصف الجوي، الذي رافق محاولات إسرائيلية للتعمق برياً في المنطقة الحدودية، لكن «حزب الله» نفى سيطرة القوات الإسرائيلية على أي قرية، «بالرغم من الغارات الهائلة»، مشدداً على أنّ «المقاومة على الأرض تقدر كيفية المواجهة في الميدان».

وافتتح الجيش الإسرائيلي مرحلة جديدة من إصدار إنذارات الإخلاء، استهدفت مناطق في الجنوب والبقاع، شرق لبنان، وبلدة الوردانية على ساحل الشوف في جبل لبنان الجنوبي، واستُتبعت بقصف جوي للأهداف التي حدّدها الجيش في منشوراته.

وأثارت تلك الإنذارات بلبلة، وأربكت النازحين والمناطق التي لجأ إليها نازحون، حيث اضطروا إلى إخلاء تلك المناطق على عجل، وهو ما وثّقته صور انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إصدار طلب للإخلاء في منطقة الوردانية.

ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية في اليمونة بشرق لبنان (رويترز)

واستهدفت الطائرات الإسرائيلية، منذ الصباح، معظم المباني التي طلبت بإخلائها، في مروحة قصف واسعة شملت الجنوب والبقاع (شرق)، إضافة إلى قصف مركز ومكثف على المناطق الحدودية، حيث تخوض قواتها معارك قاسية في مواجهة مقاتلي «حزب الله». وبدا من سياق العمليات أن مقاتلي الحزب يحاولون الالتحام مع القوات الإسرائيلية لتحييد سلاح الجو في تلك المعارك، حسبما قالت مصادر مواكبة لسياقات المعركة في الجنوب.

وتحدثت وسائل إعلام لبنانية عن أن الجيش الإسرائيلي نفّذ محاولة ثامنة لاختراق الخط الدفاعي في اللبونة في القطاع الغربي، لكن مقاتلي الحزب تصدوا لجنوده، وذكر الحزب أن مقاتليه استهدفوا 4 دبابات من نوع «ميركافا» في مرتفع اللبونة بصواريخ موجّهه، ما أدى إلى احتراقها ووقوع طواقمها بين قتيل وجريح.

الدخان يتصاعد جراء غارة استهدفت بلدة الخيام بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

كما أعلن الحزب عن قصف تجمعات إسرائيلية في مزارع شبعا، وأخرى في بلدة بليدا اللبنانية، وأخرى على محور مسغاف عام، المقابلة لبلدتي العديسة وكفركلا في إصبع الجليل. وأعلن أيضاً عن إطلاق صواريخ باتجاه العمق في الجليل الشرقي والجليل الغربي.

في المقابل، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية مقاطع فيديو تظهر رفع العلم الإسرائيلي على خزان للمياه في بلدة عيتا الشعب الحدودية، وسط ركام مبانٍ مدمرة. وقالت وسائل إعلام لبنانية إن الخزان يقع على بُعد 700 متر من الحدود على أطراف عيتا الشعب.

وشهدت عيتا الشعب ومحيطها مساء الأربعاء أعنف المعارك، ونشر الجيش الإسرائيلي مقاطع فيديو تظهر قتالاً من مسافة صغيرة جداً في البلدة، كما اشتعلت معارك عنيفة في القوزح وراميا، خلال محاولات الجيش الإسرائيلي التقدم إلى القوزح والسيطرة على مرتفعاتها، بما يتيح له الإطلالة على البلدات المحيطة.

إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه شمال إسرائيل (أ.ف.ب)

موقف «حزب الله»

وفي ظل المعارك المستمرة منذ 18 يوماً، أكّد عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» (حزب الله) النائب حسن فضل الله أنّ «العدوّ الإسرائيلي لم يستطع تحقيق أي من أهدافه بإعادة المستوطنين إلى الشمال وإبعاد المقاومين»، وقال: «نحن لن ندخل في أي تفاصيل متعلّقة بالمفاوضات، ونرى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري قادر على تحقيق مصلحة الوطن».

في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب، تناول فضل الله تطورات الحرب على لبنان، ولفت إلى أنّ «الاحتلال لم يحتل أي قرية بالرغم من الغارات الهائلة»، مشدداً على أنّ «المقاومة على الأرض تقدر كيفية المواجهة في الميدان»، وأنّ «ملف وقف إطلاق النار هو بيد الرئيس بري، بالتعاون مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي».

وقال: «لقد عمد الاحتلال إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة، من خلال التدمير الممنهج للقرى والبلدات، خصوصاً في الجنوب وعلى خط الحدود، لتنفيذ مشروعه القديم الجديد بإقامة ما يسميه المنطقة العازلة، وهو ما خطَّط له منذ عام 1978، وصولاً إلى حرب عام 2006، فمشروعه الحقيقي هو جعل جنوب الليطاني جزءاً من كيانه، كما صرَّح علناً بعض مسؤوليه»، متوعداً بأن «المقاومة ستحبط هذا المشروع».

على الضفة الإسرائيلية، أعلن المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، «القضاء على قائد كتيبة في (حزب الله) حسين محمد عواضة في منطقة بنت جبيل». وأضاف، في بيان: «كان عواضة مسؤولاً عن عمليات إطلاق قذائف من عدة قرى في منطقة بنت جبيل نحو الأراضي الإسرائيلية».

وتابع: «قتلنا عشرات العناصر خلال معارك في جنوب لبنان، ودمّرنا أكثر من 150 هدفاً، وأغارت طائرات حربية لسلاح الجو على منطقة بنت جبيل خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وقضت القوات البرية العاملة في جنوب لبنان إلى جانب طائرات سلاح الجو على أكثر من 45 عنصراً من (حزب الله)، ودمرت أكثر من 150 هدفاً لـ(حزب الله)».


مقالات ذات صلة

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

المشرق العربي دبابة إسرائيلية عند الحدود الشمالية لإسرائيل (رويترز)

«حزب الله» يعلن تدمير 6 دبابات إسرائيلية في جنوب لبنان

أعلن «حزب الله» أنه دمر، الأحد، 6 دبابات «ميركافا» إسرائيلية في جنوب لبنان، 5 منها في بلدة البياضة الساحلية الاستراتيجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارة الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء موقعين

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».