«تاكسي الجورة» خدمة جديدة لاجتياز «معبر المصنع» على طريق دمشق ـ بيروت

الاستهداف الإسرائيلي للمعابر بين سوريا ولبنان يُحوّل سفر السوريين إلى مشقة

متطوعون من الهلال الأحمر السوري يساعدون مواطنين على عبور الحفرة في «المصنع» (أرشيفية)
متطوعون من الهلال الأحمر السوري يساعدون مواطنين على عبور الحفرة في «المصنع» (أرشيفية)
TT

«تاكسي الجورة» خدمة جديدة لاجتياز «معبر المصنع» على طريق دمشق ـ بيروت

متطوعون من الهلال الأحمر السوري يساعدون مواطنين على عبور الحفرة في «المصنع» (أرشيفية)
متطوعون من الهلال الأحمر السوري يساعدون مواطنين على عبور الحفرة في «المصنع» (أرشيفية)

في مواجهة التداعيات الصعبة لضرب المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، وتحديداً «معبر المصنع ـ جديدة يابوس»، أطلقت شركات سفريات في دمشق وبيروت خدمة جديدة باسم «تاكسي الجورة»؛ لمساعدة المسافرين بين البلدين على اجتياز الحفرة العميقة التي أحدثها القصف الإسرائيلي عند «معبر المصنع» الحدودي بين البلدين، في الرابع من الشهر الحالي، وأدت إلى قطع الطريق أمام حركة السيارات.

وللمرة الثانية استهدفت غارة إسرائيلية، فجر الجمعة، منطقة المصنع الحدودية، وأدت مجدداً إلى قطع الطريق الدولية بين البلدين، «التي تعدّ ممراً رئيسياً للحاجيات الإنسانية ولعشرات الآلاف من اللبنانيين»، وفق ما قاله وزير النقل والأشغال اللبناني، علي حمية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وذلك بعد ساعات قليلة من استهداف غارة إسرائيلية لمعبر غير شرعي في منطقة حوش السيد علي، في منطقة القصير ـ الهرمل، مساء الخميس.

الإعلان عن خدمة «تاكسي الجورة» على «فيسبوك»

ويعتمد كثير من السوريين في سفرهم إلى أوروبا على مكاتب السفارات في بيروت ومطار بيروت، إضافة إلى اعتمادهم على البنوك ومكاتب الحوالات في لبنان لتسلم حوالاتهم المالية الخارجية، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والإجراءات المالية السورية المعقدة فيما يتعلق بتسلم الحوالات بالعملات الأجنبية وفارق سعر الصرف.

وبعد ضرب «معبر المصنع» في المرة الأولى؛ ذهب الكثير من المسافرين السوريين يتجهون إلى الأردن، مستفيدين من خدمات شركات نقل أردنية قدمت تسهيلات خاصة لدخول السوريين إلى البلاد، إلا أن ذلك لم يحد من مشقة الانتظار لساعات طويلة على الحدود الأردنية.

شاب سوري، كان لديه موعد مقابلة في سفارة أوروبية في عمان الأسبوع الماضي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «الانتظار على الحدود الأردنية يتجاوز 7 ساعات، عدا عن خطورة طريق درعا»، مضيفاً أنه ما زال يدرس الخيارات المتاحة للطرق التي يمكن استخدامها في سفره القريب إلى أوروبا، من مطار بيروت عبر الدبوسية، أم مطار عمان، أم عبر نقل بحري من بيروت إلى تركيا ثم أوروبا، مؤكداً أن «جميع الخيارات شاقة وخطرة».

واصلون من لبنان عند معبر جديدة يابوس في جنوب غربي سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

ومع أن استخدام معابر سورية ـ لبنانية بديلة، مثل «معبر الدبوسية ـ العبودية» في ريف حمص الغربي، ليس أقل مشقة، بل ربما أخطر في ظل الاستهدافات الإسرائيلية فإن الكثير من السوريين يفضلونه، كونه أقصر، وقد يتمكنون من العودة في اليوم ذاته.

شركة سفريات كتبت في منشور لها عبر معرفاتها على الإنترنت، أن تجربتها على طريق «معبر الدبوسية ـ العبودية» كانت «فاشلة بامتياز»، ولذلك قررت التعامل مع الواقع الجديد لـ«معبر المصنع»، وإطلاق خدمة «تاكسي الجورة»، وهي تزويد سيارات الشركة بمعدات تحزيم وحبال وبكرات اصطناعية، يستخدمها فريق حمالين عند الجورة بين نقطتي جديدة يابوس ـ المصنع، يقومون بتحزيم الحقائب والأمتعة وتمريرها فوق الجورة، بينما يكمل المسافرون سيراً على الأقدام إلى الطرف الآخر من الجورة.

وبعد الإعلان عن إطلاق هذه الخدمة راحت معظم مكاتب السفريات تعلن عن تقديمها هذه الخدمة، التي بدأت فعلياً منذ قطع طريق المصنع في المرة الأولى، إلا أنه لم يتم التعامل معها بوصفها خدمة مستقلة، حيث كانت فرق الإغاثة على الحدود تتولى تقديم المساعدة للوافدين والمسافرين في عبور الحفرة.

عابرون باتجاه سوريا على الطريق التي تضررت بفعل الغارة الإسرائيلية (أرشيفية)

شاب متطوع في الهلال الأحمر السوري، لم يكشف عن اسمه، تحدث عن مشقات عبور الحفرة، التي يحاولون التعامل معها لمساعدة الوافدين من لبنان على اجتيازها، وقال: «الوضع الإنساني هناك لا يمكن وصفه، أقلها نقل الأمتعة، التي تتم بواسطة الحبال، لكن الأصعب هو نقل العجزة والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة ممن يتطلب نقلهم حذراً شديداً في الحركة».

وتوجد 6 معابر شرعية تربط سوريا، هي: «معبر المصنع - جديدة يابوس»، يليه «معبر الدبوسية ـ العبودية»، (65 كم غربي حمص)، وتم فتحه عام 2007، وهو معبر جسري بطول 45 متراً. ويعتمد عليه أهالي المنطقة الوسطى في سوريا للسفر عبر مطار بيروت، ثم «معبر جوسية» (40 كم غربي حمص)، الذي يعد بوابة البقاع الشمالي مع محافظة حمص، بالإضافة إلى «معبر مطربا» وهو معبر جسري صغير قامت إسرائيل باستهدافه عدة مرات، ثم «معبر تل كلخ ـ وادي خالد» الذي أنشئ عام 2009. و«معبر العريضة» الذي يربط بين مدينتي طرابلس وطرطوس على الساحل، ويعد ثالث أهم طريق تجاري بين البلدين.


مقالات ذات صلة

صمت سوري رسمي إزاء الضربات الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية

المشرق العربي مشهد من المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية (أ.ب)

صمت سوري رسمي إزاء الضربات الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية

موقف دمشق «في حال صدوره سيكون مشابهاً للمواقف التي تعلن عنها دول عربية عدّة، وتدعو فيها المجتمع الدولي إلى مضاعفة جهوده للوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة».

موفق محمد (دمشق)
الاقتصاد علم سوري كبير فوق «حديقة تشرين» بدمشق 2025 (أ.ف.ب)

سوريا: مرسوم رئاسي بزيادة الرواتب والأجور بنسبة 200 %

أصدر الرئيس السوري، أحمد الشرع، مرسوماً يقضي بزيادة الرواتب والأجور المقطوعة بنسبة 200 في المائة لجميع العاملين بالدولة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي حصّادة زراعية خلال عملية حصاد موسم القمح والشعير لهذا العام في مناطق الجزيرة السورية (الشرق الأوسط)

أسوأ موجة جفاف تعصف بالجزيرة السورية منذ 26 عاماً

نقص الأمطار الشتوية «أدى إلى فشل شبه كامل في إنتاج القمح؛ ما ينذر بعجز يُقدّر بنحو 2.73 مليون طن متري، ما يعادل الاحتياج الغذائي السنوي لأكثر من 16 مليون شخص».

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي لاجئة عراقية قاطنة في مخيم «روج» الغاصّ بعناصر ومسلحي تنظيم «داعش» ويقع أقصى شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

عائلات عراقية في مخيم «روج» بشمال شرقي سوريا لا تريد العودة إلى بلدها

ترفض عشرات العائلات العراقية القاطنة في مخيم «روج» الخاص بعناصر ومسلحي تنظيم «داعش» الإرهابي، والذي يقع في أقصى محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، العودة إلى بلدها.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي بالون حراري ألقته طائرة حربية إسرائيلية في أجواء الريف الغربي من محافظة درعا (موقع درعا 24)

«البالونات الحرارية»... جديد أسلحة إسرائيل بالمواجهة مع إيران في أجواء سوريا

ألقت إسرائيل، السبت، «بالونات حرارية» يُرجَّح أنها مزوّدة بتقنيات مراقبة، في سماء محافظة درعا، وذلك مع تصاعد المواجهة مع إيران في أجواء جنوب سوريا.

موفق محمد (دمشق)

صمت سوري رسمي إزاء الضربات الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية

مشهد من المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية (أ.ب)
مشهد من المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية (أ.ب)
TT

صمت سوري رسمي إزاء الضربات الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية

مشهد من المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية (أ.ب)
مشهد من المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية (أ.ب)

تلتزم دمشق الرسمية الصمت إزاء الهجوم الذي نفَّذه الجيش الأميركي ليل السبت - الأحد على 3 مواقع نووية إيرانية؛ في أول تدخل مباشر لدعم إسرائيل، ضمن تصعيد غير مسبوق تشهده المنطقة منذ منتصف الشهر الحالي، بينما تتابع وسائل الإعلام الرسمية والمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل السورية والشارع السوري باهتمام كبير وقائع الهجوم وتطوراته.

ورغم صدور مواقف عربية وإقليمية تجاه الهجوم الأميركي، لم يصدر من دمشق أي موقف أو بيان رسمي في هذا الشأن... وتوقعت مصادر سياسية متابعة لتطورات الأحداث منذ اندلاع المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية استمرار «الصمت الرسمي» الذي بدأ مع بدء المواجهة الراهنة.

القاذفة الأميركية «بي - 2» مع طائرات «إف - 22» تحلق فوق مدينة نيويورك في 4 يوليو 2020 (رويترز)

إلا أن المصادر نفسها، رأت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن موقف دمشق «في حال صدوره في الساعات أو الأيام القادمة، سيكون مشابهاً للمواقف التي تعلن عنها دول عربية عدّة، وتدعو فيها المجتمع الدولي إلى مضاعفة جهوده للوصول إلى حل سياسي شامل ينهي الأزمة، ويفتح صفحة جديدة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».

المصادر ذاتها «استبعدت أن تقوم إيران باستهداف القواعد الأميركية في سوريا؛ لأن تصريحات مسؤوليها تدل على أنها لا تريد استمرار وتوسع الحرب، وإنما الانتهاء منها». وقالت: «إذا قامت الميليشيات العراقية الموالية لإيران باستهداف القواعد الأميركية، فإنها يمكن أن تستهدف القواعد الموجودة في العراق، ولا نتوقع أن تقوم باستهداف القواعد في شرق سوريا؛ لأن الملاحظ حتى الآن هو أن إيران تضرب فقط في إسرائيل، ولم تضرب قواعد أميركية في المنطقة».

صورة فضائية لموقع فوردو الإيراني (رويترز)

ومنذ اندلاع المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية في الـ13 من يونيو (حزيران) الجاري لم تصدر سوريا موقفاً رسمياً تجاهها، فهي على «مسافة عداء واحدة» مع الطرفين، وفق مصادر قريبة من الحكومة بدمشق؛ قالت حينها لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع السوري الهش، وأولوية إعادة تشكيل وبناء الدولة، لا يحتملان تصدير مواقف غير محسوبة بدقة بين خصمين ساهما في تدمير سوريا».

في موازاة ذلك، تابعت وسائل الإعلام السورية الرسمية والخاصة والمواقع الإلكترونية ومنصات التواصل باهتمام منذ ساعات الصباح الباكر، خبر الضربات الأميركية للمفاعلات النووية الإيرانية، والتطورات التي تلتها، وتصريحات المسؤولين الأميركيين والإيرانيين والإسرائيليين التي أعقبت الهجوم، إضافة إلى وقائع الرد الإيراني الذي أعقبه وما خلفه من أضرار في إسرائيل... كل ذلك بات محور الحديث الأول لأغلبية المواطنين في الشارع الدمشقي مع متابعة التطورات عبر أجهزة الهواتف النقالة وشاشات التلفزة، وتبادل الآراء فيما إذا ما كانت الأمور ذاهبة إلى تصعيد أكبر أم إلى تسوية سياسية.

وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث ورئيس الأركان الجنرال دان كين يتحدثان عن الضربة الأميركية (أ.ف.ب)

ويلاحظ أن بعض مَن رصدت «الشرق الأوسط» أحاديثهم، ظهرت عليهم «علائم رضى» لما تتعرض له إيران حالياً، لأنها اصطفت إلى جانب النظام السوري السابق في سنوات الحرب. لكنّ بعضاً آخر أبدى خشيته من تبعات ما يمكن أن تخلفه هذه الضربات من تأثيرات اقتصادية ومالية ستنعكس سلباً على السوريين الذين يعيش أكثر من 90 في المائة منهم تحت خط الفقر، وفق تقارير أممية.

كما أبدى البعض مخاوف من عودة حالة عدم الاستقرار إلى بعض المناطق في البلاد؛ «لأن إيران يمكن أن تقوم بتحريك بقايا أذرعها، ومنها فلول النظام السابق، انتقاماً من الإدارة السورية الجديدة التي أخرجت الميليشيات الإيرانية والميليشيات الأجنبية الأخرى التابعة لها و(حزب الله) اللبناني من الأراضي السورية، وأفقدتها نفوذها فيها».