صفي الدين لا يشبه قادة «حزب الله»... تاريخ بدأ من «قم» الإيرانية

خلافاً لزعامات لبنانية درست العلوم الدينية في النجف

هاشم صفي الدين في صورة تعود إلى عام 2015 (أ.ف.ب)
هاشم صفي الدين في صورة تعود إلى عام 2015 (أ.ف.ب)
TT

صفي الدين لا يشبه قادة «حزب الله»... تاريخ بدأ من «قم» الإيرانية

هاشم صفي الدين في صورة تعود إلى عام 2015 (أ.ف.ب)
هاشم صفي الدين في صورة تعود إلى عام 2015 (أ.ف.ب)

خلافاً لقادة «حزب الله» التاريخيين، يُعدّ هاشم صفي الدين أول زعيم شيعي محتمَل للحزب اللبناني، ينحدر من «حوزة قم» بإيران.

وتتّجه الأنظار اليوم إلى الشخصية التي ستَخلُف نصر الله، وبرغم أن المعلومات الواردة من داخل الحزب اللبناني تفيد بتعيين نعيم قاسم «قائداً لمرحلة مؤقتة»، تقول مصادر عراقية إن هذا القرار «تمهيد لإعلان صفي الدين، ابن خالة نصر الله، أميناً عاماً»، في حال تأكّدت نجاته من الضربة الإسرائيلية.

وأعلن «حزب الله»، السبت، عن مقتل نصر الله في القصف الإسرائيلي الذي استهدف مقر الحزب بحارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت.

صفي الدين متحدثاً خلال تشييع عنصرين من الحزب قُتلا بتفجيرات أجهزة الاتصالات منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)

تاريخ بين «حوزتَين»

كان جميع قادة الحزب اللبناني؛ عباس الموسوي، وصبحي الطفيلي، وحسن نصر الله، قد تلقّوا علومهم الدينية في حوزة النجف بالعراق، باستثناء مراحل دراسية محدودة في «قم»، وكذلك الأمر بالنسبة لراغب حرب الذي «جمعته شراكة بحثية» مع عباس الموسوي، كما يقول باحثون عراقيون، إلا صفي الدين، فقد بدأ بدراسة «الشريعة الدينية» بمراحلها الثلاث في حوزة قم بإيران، مطلع الثمانينات، بالتزامن مع تأسيس «حزب الله» في لبنان.

ويدل مصطلح «الحوزة» في الأدبيات الشيعية على مدرسة تُحاضر فيها العلوم الدينية الخاصة بالطائفة الشيعية، ومنها يتخرّج علماء ومراجع.

لماذا قم وليس النجف؟

تقول مصادر عراقية، على صلة بأجواء الحوزة، إن الظرف السياسي في العراق منع صفي الدين من الالتحاق بالنجف ليس أكثر، «فلولا الحرب العراقية الإيرانية لما ذهب الرجل إلى قم».

ووصفت المصادر تلك المرحلة، بأنها «الأشد في النجف»؛ لأن النظام العراقي حينها «شدّد الخناق على طلبة العلوم الشيعية في المدينة، ورحل كثيرون خارج البلاد تحت وطأة الحرب مع إيران».

ووُلد صفي الدين عام 1964، ما يعني أنه بلغ الـ18 من عمره حين تأسّس حزب الله في لبنان، على يد مجموعة من «قادة المقاومة» الذين درسوا في النجف العراقية.

ولأن الحرب العراقية الإيرانية اندلعت يومذاك، التحق صفي الدين بحوزة قم، بينما تقول مصادر عراقية ولبنانية إن «عماد مغنية اهتم بالتحاق مريح لصفي الدين في قم».

حسن نصر الله زعيم «حزب الله» (أرشيفية - رويترز)

«جبل عامل» في إيران

يقول باحثون عراقيون، على اطّلاع بتاريخ «الحوزة»، إن «صفي الدين تلقى العلوم الدينية في مدرسة جبل عامل في قم، بينما كان العراقيون في مدرسة أخرى تحمل اسم الصدر (محمد باقر)».

وحين وصل صفي الدين إلى قم، صادف أن يكون نصر الله هناك، برغم أن الأخير تلقى دروسه الأولى في حوزة النجف نهاية السبعينات، بتشجيع من رجل دين في بلدة «صور»، جنوب لبنان.

وقال باحثون، إن الطلبة اللبنانيين، لا سيما صفي الدين، لديهم مكانة خاصة في قم، وكانوا هم أيضاً «منعزلين عن الآخرين».

وكان صفي الدين مُعَداً لخلافة نصر الله منذ عام 1994، وهو العام الذي أنهى فيه دراسته بقم، وعاد إلى بيروت.

وفي أكتوبر 2008، قالت وسائل إعلام إيرانية، إن قيادة «حزب الله» اختارت صفي الدين خليفةً للأمين العام حسن نصر الله في حال نجحت إسرائيل في اغتيال الأخير، فيما يشبه «الوصية المبكرة».

«ولاية الفقيه»

على الرغم من أن قادة «حزب الله» يَعُدُّون أن المرشد الإيراني هو مرجعهم الديني والسياسي، فإن نشأة وتعليم صفي الدين في قم سيكون لها تأثير في تشكّل القرار السياسي والميداني خلال الفترة المقبلة.

ويفيد باحثون بفوارق كثيرة بين حوزتَي النجف وقم، لكن الأبرز هو التنافس على «ريادة العالم الشيعي»، وغالباً ما كانت الكفة تميل إلى النجف، إلى جانب الخلاف العقائدي الذي جعل قم واجهة لـ«ولاية الفقيه» المطلَقة، منذ المرشد الأول الخميني، وهو أمر يرفضه غالبية مراجع النجف، وفقاً لباحثين عراقيين.

ويقول الباحث العراقي علي المدن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «مدرسة النجف، خلال فترة صعود مرجعيات الحكيم والخوئي، معروفة بحيادها السياسي، وابتعادها عن التدخل المباشر في الشؤون السياسية، وهو ما يختلف عن مدرسة قم التي اهتمت بالسياسة بشكل أكبر، وطوَّر فيها الفقيه دوراً مهماً له في هذا المجال».

ولم يكن صفي الدين استثناءً عن تأثيرات حوزة قم، في إطار «ولاية الفقيه»، كما أن مصاهرته لقاسم سليماني لعبت دوراً في اندماجه الثقافي بالمناخ الإيراني الذي شكّل وعيَه السياسي حتى وصل الآن إلى قيادة أبرز جماعة مسلحة في الشرق الأوسط.



«معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»

«معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»
TT

«معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»

«معركة حلب» تستدعي مخاوف «أشباح الموصل»

باغت التَّقدمُ السريع لفصائل سورية مسلحة نحو مدينة حلب، أمس (الجمعة)، أطرافاً إقليمية ودولية، وأعاد التذكير بأشباحَ سقوط مدينة الموصل العراقية قبل عشر سنوات بيد تنظيم «داعش».

وبعد هجماتٍ طوال اليومين الماضيين، تمكَّن مقاتلو مجموعات مسلحة أبرزها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل مدعومة من تركيا من السيطرة على خمسة أحياء غرب حلب، قبل وصولهم إلى قلب المدينة التي تُعدّ ثانية كبريات مدن البلاد، وسط مقاومة ضعيفة من القوات الحكومية الموالية للرئيس بشار الأسد، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وشهود عيان.

وتبدّد المعركة حول حلب السيطرة التي فرضتها قوات الحكومة السورية، وروسيا وإيران الداعمتان لها، كما تنهي هدوءاً سيطر منذ عام 2020 على شمال غربي سوريا، بموجب اتفاق روسي – تركي أبرمه الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان.

ومن شأن تقدم تلك الجماعات المسلحة أن يصطدم بمناطق نفوذ شكّلتها، على مدار سنوات، مجموعات تدعمها إيران و«حزب الله». ومع حلول مساء الجمعة، وتقدم الفصائل المسلحة داخل عاصمة الشمال السوري، تقدم «رتل عسكري مؤلف من 40 سيارة» يتبع «ميليشيا لواء الباقر»، الموالية لإيران، من مدينة دير الزور بشرق البلاد نحو حلب، وفق «المرصد السوري».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 23 غارة على مدينة إدلب وقرى محيطة بها، فيما دعت تركيا إلى «وقف الهجمات» على إدلب، معقل الفصائل السورية المسلحة في شمال غربي سوريا.