المعارضة اللبنانية تنتقد «تغييب الدولة» وتطالب بهدنة فورية وانتخاب رئيس

لقاءات دبلوماسية في نيويورك لوقف الحرب وتطبيق القرار 1701

لبنانيون ينزحون من الجنوب باتجاه الشمال إثر الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)
لبنانيون ينزحون من الجنوب باتجاه الشمال إثر الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)
TT

المعارضة اللبنانية تنتقد «تغييب الدولة» وتطالب بهدنة فورية وانتخاب رئيس

لبنانيون ينزحون من الجنوب باتجاه الشمال إثر الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)
لبنانيون ينزحون من الجنوب باتجاه الشمال إثر الهجمات الإسرائيلية (د.ب.أ)

هاجمت قوى المعارضة اللبنانية «تغييب الدولة» عن الحرب الدائرة على الأراضي اللبنانية بين «حزب الله» وإسرائيل، وطالبت بهدنة فورية، وبفتح المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية ولمناقشة التطورات الأمنية والعسكرية، بموازاة حراك دبلوماسي لبناني للتوصل إلى حل.

وواصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لقاءاته الديبلوماسية المكثفة في نيويورك في إطار «العمل على وقف العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان»، وبحث مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «في أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 ومساهمة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) في الحفاظ على الاستقرار». وطلب «دعماً طارئاً من منظمات الأمم المتحدة الإنسانية لدعم لبنان في هذه المرحلة».

وخلال اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بحث الطرفان في الوضع في لبنان وأهمية الوقف الفوري لإطلاق النار والتوصل إلى حل للنزاع القائم.

رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجتمعاً مع نظيره البريطاني كير ستارمر في نيويورك (رويترز)

وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خلال لقائها مع ميقاتي، إلى أنها «بحثت معه الوضع الخطير في جنوب لبنان وتأثيره على المدنيين». وقالت: «نحن في حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار للسماح بحل ديبلوماسي يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة». أضافت: «سنواصل دعم الشعب اللبناني المتضرر من الصراع».

واجتمع رئيس الحكومة اللبنانية مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، وتم البحث في المساعي الفرنسية المستمرة لوقف إطلاق النار، مشيراً إلى أنه «لا يزال بإمكاننا تجنب الحرب، ومن غير المقبول وقوع إصابات في صفوف المدنيين». وكشف عن أنه سيزور لبنان لمواصلة البحث.

رئيس الحكومة اللبنانية خلال لقائه مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (أ.ب)

بوحبيب

ويأتي التحرك في ظل «وضع ينذر بالأسوأ في الشرق الأوسط بسبب العدوان الإسرائيلي على لبنان»، كما قال وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، متسائلاً: «ألم تشبع إسرائيل من الحروب؟».

وأكد بوحبيب، في كلمة لبنان في الأمم المتحدة، أنّ «لبنان يعيش أزمة تُهدّد وجوده... وما نعيشه في لبنان هو نتيجة للاحتلال الذي يعدّ المتسبّب في كل ما نعيشه وإسرائيل كانت تتهرّب وتتجاهل ترسيم الحدود»، لافتاً إلى أنّ «الاحتلال الإسرائيلي يحرق الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض لعدم التمكن من زراعتها لسنوات»، محذّراً من «جرّ الشرق الأوسط إلى الانفجار الكبير».

وقال بوحبيب: «عودة الإسرائيليين إلى المستوطنات لن تتحقّق بالقتال، بل بوقف النار»، مضيفاً أنّه «على إسرائيل وقف التصعيد لمنع الانفجار الكبير». كما أكد أنّ «مقتل أيّ مدني مأساة لا يمكن القبول بها ولا يمكن تبريرها».

لبناني يتفقد الدمار عقب غارة إسرائيلية استهدفت بعلبك في شرق لبنان (أ.ف.ب)

تحرك المعارضة

وبموازاة تلك الحركة الدبلوماسية، تحركت قوى المعارضة في الداخل للدفع نحو تسوية سياسية داخلية وتطبيق الهدنة وتفعيل المؤسسات. وقال عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة بعد لقائه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع: «ننادي بهدنة وندعو إلى انتخاب رئيس للجمهورية؛ ويجب الحفاظ على دور المؤسسات؛ نظراً للظروف التي نمر بها».

و سأل جعجع، في بيان: «هل يستطيع أحد أن يشرح لي ما الذي يمنع الرئيس نبيه بري حتى الآن من دعوة المجلس النيابي للالتئام بشكل طارئ لمناقشة المأساة التي يعيشها الشعب اللبناني في الوقت الحاضر، خصوصاً إذا تذكرنا أن عشرة نواب كانوا قد تقدموا بتاريخ 22 /7 /2024 بطلب خطي لتعيين موعد جلسة لمناقشة الحكومة في خصوص التدابير الواجب اتخاذها لتجنيب الجنوب ولبنان الحرب؟».

وأضاف: «هل يستطيع أحد أن يشرح لي لماذا لا يدعو الرئيس بري فوراً لجلسة فعلية لا صورية، كما كان يحصل في السابق، لانتخاب رئيس للجمهورية، انطلاقاً من المأساة التي يعيشها الشعب اللبناني في الوقت الحاضر؟ ألا يخدم تعطيل المؤسسات الدستورية في لبنان وفي طليعتها رئاسة الجمهورية أعداء لبنان وخصوصاً إسرائيل؟ هل يجوز استمرار معاناة اللبنانيين الذين لا تكفيهم الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة حتى جاءت الحرب التي حذَّرنا منها مراراً وتكراراً لتهجِّرهم في قلب وطنهم ويعيشوا مأساة ما بعدها مأساة؟».

وأكد جعجع أنه «لم يعد مسموحاً أن تبقى الدولة الفعلية مغيبة وأن نبقى في الواقع المرير الذي نعيشه في السنوات الثلاثين الأخيرة من تاريخنا رأفة بالناس المعذبة والمقهورة».

«كتلة تجدد»

وفي السياق نفسه، عدّت «كتلة تجدد» أن لبنان «وقع في المحظور الذي لطالما حذّرنا منه». وقال النائب ميشال معوض بعد اجتماع للكتلة: «لبنان ينازع، والشعب اللبناني يموت ويذل، وإذا لم ننقذ أنفسنا فوراً سيكون ما نعيشه مآسي مضاعفة، ونهاية لبنان الذي نعرفه. الحقيقة هي أن هذه الحرب التي تسقط يومياً عشرات اللبنانيين، ليست حربنا، بل حرب الآخرين على أرضنا. هذه الحرب ليست حرباً دفاعية، هذه الحرب لم يقررها الشعب اللبناني عبر مؤسساته الدستورية، هذه الحرب قررها وجرنا إليها (حزب الله)، ومن ورائه محور الممانعة منذ صباح 8 أكتوبر (تشرين الأول)»، مشيراً إلى أن اللبنانيين يدفعون ثمنها.

ورأى أن هناك حلاً واحداً «لوقف شلال الدم ومنع انحلال لبنان الوطن والدولة والقضية»، وهو «وقف الحرب فوراً قبل فوات الأوان»، مضيفاً أن ذلك يتطلب: «اجتماع رافضي الحرب في لبنان ورفع الصوت»، و«مد اليد لتضامن وطني غير مصطنع لا يستثني أحداً حمايةً للبنان واللبنانيين». كما يتطلب أن يكون لقاء اللبنانيين «بين متساوين في منتصف الطريق على قاعدة العودة إلى لبنان وحمايته والعودة إلى مشروع الدولة».

وطالبت الكتلة بـ«وقف الحرب فوراً والاستفادة من الضغط الدولي على إسرائيل»، و«التطبيق الشامل للقرار 1701 بكل مندرجاته»، بما فيه «حصر السلاح والقرار الاستراتيجي بالدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية تطبيقاً لـ(الطائف) وللقرار 1559»، كما يتطلب «إعادة تكوين السلطة لمواكبة المسار الإنقاذي بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية».

ودعت الكتلة الرئيس نبيه بري إلى «فتح المجلس فوراً أمام انتخاب الرئيس بجلسة مفتوحة بدورات متتالية والكف عن تعطيل النصاب. ومن ثم تشكيل حكومة أولويتها استعادة السيادة والاستقرار والشروع في الإصلاح وإطلاق عجلة الاقتصاد».


مقالات ذات صلة

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب) play-circle 00:42

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف قلب إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت

تجددت الغارات الإسرائيلية (الأحد) على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 12 موقعاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي، بغارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب) play-circle 00:37

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

رأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني بالجنوب يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.