إسرائيل تدفع الوضع في جنوب لبنان إلى حافة «الانفجار الكبير»

أكثر من 100 غارة جوية… وميقاتي يلغي سفره إلى نيويورك لمواكبة التصعيد

TT

إسرائيل تدفع الوضع في جنوب لبنان إلى حافة «الانفجار الكبير»

لبنانيون يوثقون الغارات الجوية الإسرائيلية على الجنوب بجوالاتهم (أ.ب)
لبنانيون يوثقون الغارات الجوية الإسرائيلية على الجنوب بجوالاتهم (أ.ب)

دفعت إسرائيل الوضع في جنوب لبنان إلى حافة «الانفجار الكبير» بعدما شنّت غارات جوية غير مسبوقة على أودية ومجاري أنهر في قرى الجنوب، بعضها تطاله الغارات لأول مرة، في حين وسّع «حزب الله» مدى صواريخه لتطال مناطق جديدة كانت آمنة خلال نحو عام من المواجهات بين الطرفين.

ورغم عدم إعلان إصابات بشرية، فإن أجواء الرعب التي أثارتها الغارات طغت على كل ما عداها، وشلّت الحركة في قرى الجنوب اللبناني، وصولاً إلى مدينة صفد في الشمال الإسرائيلي.

وألغى رئيس الحكومة اللبناني، نجيب ميقاتي، سفره إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، على ضوء التصعيد الإسرائيلي الكبير والقصف الجوي الذي طال، بنحو 100 غارة جوية، عشرات الوديان، وضم إليها مناطق جديدة تُقصف للمرة الأولى في منطقتَي النبطية والزهراني في شمال نهر الليطاني، وقالت تل أبيب إنه استهدف منصات صواريخ تابعة للحزب.

عناصر من «حزب الله» يشاركون في تشييع قادة ميدانيين قتلوا في الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

وقال ميقاتي في بيان: «كنت عزمت على السفر إلى نيويورك في إطار تكثيف التحرك الدبلوماسي اللبناني، خلال أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لوقف العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان والمجازر التي يرتكبها العدو». وأضاف: «إلا أنه في ضوء التطورات المرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، قررت العدول عن السفر، واتفقت، بعد التشاور والتنسيق مع وزير الخارجية (عبد الله بوحبيب)، على عناوين التحرك الدبلوماسي الخارجي الملح في هذه المرحلة».

وأكد ميقاتي أنه «لا أولوية في الوقت الحاضر تعلو على وقف المجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي، والحروب المتعددة الأنماط التي يشنها». وطالب «المجتمع الدولي والضمير الإنساني، باتخاذ موقف واضح من هذه المجازر الفظيعة»، كما طالب بـ«إقرار قوانين دولية لتحييد الوسائل التكنولوجية المدنية عن الأهداف العسكرية والحربية».

الدخان يتصاعد نتيجة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان (إ.ب.أ)

100 غارة جوية

وغداة استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال قيادات في وحدة النخبة بـ«حزب الله» (الرضوان)، شنّ الجيش الإسرائيلي موجة جديدة من القصف الجوي شملت مناطق واسعة شمال الليطاني وجنوبه، وامتد القوس على شكل نصف دائرة من ساحل الزهراني الشمالي في تفاحتا، باتجاه وديان النبطية وإقليم التفاح ومجرى نهر الليطاني، ونزولاً إلى ساحل بلدة عدلون. وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية (السبت) أنّ «الجيش الإسرائيلي هاجم مواقع لـ(حزب الله) بعمق 32 كيلومتراً داخل لبنان»، متحدثة عن أكثر من «100 غارة جوية تم شنّها على مناطق جنوب لبنان».

غارات متتالية تستهدف مرتفعات جبل الريحان في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الطيران الحربي الإسرائيلي نفّذ في النبطية سلسلة غارات عنيفة على أكثر من دفعة؛ على الأودية المحيطة ببلدات: أنصار، والزرارية، والشرقية - النميرية، وزفتا، ودير الزهراني، ورومين، ووادي الكفور، وأطراف بلدة جباع في إقليم التفاح، لافتة إلى إلقاء الطائرات عدداً من الصواريخ من نوع جو - أرض، أحدث انفجارها دوياً قوياً، وتعالت سحب الدخان الكثيف في معظم بلدات منطقتَي النبطية وإقليم التفاح. وتسببت الغارات على وادي الشرقية - النميرية - زفتا باشتعال حرائق في الأحراج.

وقال الجيش الإسرائيلي بدوره إنه بعد إطلاق مقذوفات باتجاه الأراضي الإسرائيلية، شنّ ضربات عنيفة طالت نحو 180 هدفاً، واستهدفت الآلاف من فوهات إطلاق القذائف الصاروخية.

وطالت الغارات جنوباً أطراف بلدة البيسارية وجبل الريحان في جزين، وأطراف الخرايب، وتفاحتا، وميس الجبل، ومنطقة عين الزرقا عند أطراف بلدة طيرحرفا في القطاع الغربي. كما شنّ غارات على أطراف بلدة مروحين وأطراف بلدة كفرشوبا.

وأغارت مسيّرة إسرائيلية على دراجة نارية في منطقة حامول عند أطراف الناقورة؛ ما أدى إلى مقتل سوري كان على متنها. وألقت طائرات مسيّرة إسرائيلية قنابل ومواد حارقة تسببت في اشتعال الأحراج والأودية الواقعة بين بلدات القليلة والحنية وزبقين جنوب صور.

ولليوم الثاني على التوالي، شنّت إسرائيل غارات على منطقة البقاع الغربي، شرق لبنان، حيث استهدفت مرتفعات جبل الضهر، وأطراف لبايا، وأبو راشد، والقطراني.

عنصر دفاع مدني إسرائيلي يعمل على إطفاء حرائق اندلعت بسبب قصف صواريخ من جنوب لبنان (رويترز)

عمليات «حزب الله»

في المقابل، ردّ «حزب الله» على هذه العمليات، مستهدفاً القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل، وتموضعاً لقوات من لواء 300 التابع للفرقة 146 في ثكنة أدميت، إضافة لمقر قيادة فرقة الجولان 210 في قاعدة نفح، والمقر المستحدث لفرقة الجليل في إييليت هشاحر. كذلك طالت صواريخ الحزب موقع جل العلام، ومقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل، ومركز تموضع كتيبة استطلاع 631 التابعة للواء غولاني في ثكنة راموت، وثكنة زرعيت.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز) play-circle 00:29

كاتس: إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة هو الهدف الأبرز بعد وقف النار بلبنان

قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الهدف الأبرز لتل أبيب بعد وقف إطلاق النار في لبنان يتمثل بصفقة جديدة للإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)

تركيا تُعلن استعدادها «لتقديم الدعم اللازم للبنان»

أعلنت تركيا، الأربعاء، أنها «مستعدة لتقديم الدعم اللازم للبنان» بعد ساعات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيّز التنفيذ.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي طفل يقف بالقرب من المراتب بينما يحزم النازحون أمتعتهم للعودة إلى قراهم بجنوب لبنان في ملجأ بصيدا (رويترز) play-circle 00:52

بري: نطوي مرحلة تاريخية كانت الأخطر على لبنان

قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إن الحرب مع إسرائيل مثّلت «مرحلة تاريخية كانت الأخطر» التي يمر بها لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا رجل يُلوح بعلم لبنان في مدينة صيدا في حين يتجه النازحون إلى منازلهم بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

مصر ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، الأربعاء، بأن القاهرة تُرحب بوقف إطلاق النار في لبنان، مشيرة إلى أنه «سيسهم في بدء مرحلة خفض التصعيد بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«انتصار للبيت الأبيض»... صحف تحلل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)
نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)
TT

«انتصار للبيت الأبيض»... صحف تحلل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)
نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)

دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، الموقع مساء الثلاثاء، حيز التنفيذ، يوم الأربعاء، بعد أكثر من عام من القتال عبر الحدود، وشهرين من الحرب المفتوحة بين الدولة العبرية والميليشيا المدعومة من إيران. وبينما سارعت صحف حول العالم لعرض تحليلاتها بشأن الاتفاق، رأت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أن التحدي الذي يواجه إسرائيل هو إثبات أن الاتفاق «ليس مجرّد وعد فارغ»، ورأى موقع «بوليتيكو» الأميركي أن الاتفاق «انتصار كبير للبيت الأبيض»، فيما تساءلت صحيفة «إل باييس» الإسبانية إذا كان وقف إطلاق النار هذا سيكون نهاية فعلية للحرب.

جنود لبنانيون على مركبات لدى وصولهم إلى صور بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في صور بلبنان 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

«أفضّل أن نواصل القتال»

قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية في افتتاحيتها، إنه «بالنسبة لسكان الشمال (في إسرائيل)، يبدو هذا الاتفاق مألوفاً للغاية. لقد رأوا اتفاقيات من هذا النوع من قبل، لكنهم رأوا (حزب الله) يزداد قوة... إن مطالبة سكان الشمال بالثقة بوعد دبلوماسي آخر يتطلب أكثر من مجرد كلمات. وهذا يتطلب إجراءات ملموسة والتزاماً ثابتاً بسلامتهم. التحدي الذي يواجه إسرائيل هو إثبات أن هذا الاتفاق ليس مجرد وعد فارغ آخر».

ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، صوت الإسرائيليين المنقسمين بشأن الاتفاق، من الذين أخلوا البلدات الحدودية مع لبنان جراء الحرب –وعددهم نحو 60 ألفاً. ويستعرض الموقع الإعلامي قصة ميرو فاكنين، صاحب صالون تجميل في نهاريا، نهاراً، وعضو فريق التدخل في الكيبوتس، ليلاً، والمعارض الشرس لوقف إطلاق النار. يقول للصحيفة: «على الرغم من الصعوبات في حياتي الشخصية، أفضّل أن نواصل القتال ونوافق على وقف إطلاق النار فقط عندما نسيطر حقاً على الوضع». وفي منطقة أخرى، أعلن زوجان أنهما يؤيدان وقف إطلاق النار لأنهما يعتقدان أن المشكلات يجب حلها بالاتفاق لا بالقوة.

الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال صعوده إلى طائرة الرئاسة في قاعدة «أندروز» المشتركة بولاية ماريلاند الأميركية 26 نوفمبر 2024 (أ.ب)

«انتصار كبير للبيت الأبيض»

وينص الاتفاق المتفاوَض عليه بشكل خاص على فترة ستين يوماً يتعين خلالها على الجيش الإسرائيلي الانسحاب من جنوب لبنان، وانتشار الجيش اللبناني في المناطق الحدودية، ونقل «حزب الله» أسلحته الثقيلة شمال نهر الليطاني. وهذه الهدنة، كما يحللها الموقع الإعلامي الأميركي «بوليتيكو»، «انتصار كبير للبيت الأبيض الذي سعى إلى وضع اللمسات النهائية على التهدئة مع (حزب الله) خلال الأسابيع الأخيرة من رئاسة جو بايدن».

وتتساءل صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية: «السؤال هو: هل وقف إطلاق النار الذي أعلنه (الرئيس الأميركي) سيكون بمثابة ختام لجهوده الدبلوماسية في الشرق الأوسط أم نقطة انطلاق نحو اتفاقيات أكثر جذرية يمكن أن تُنهي الحرب في نهاية المطاف؟». وأشارت الصحيفة إلى أنه «وقبل 55 يوماً من نهاية ولايته، يدخل جو بايدن في سباق مع الزمن». وتابعت: «إنه (بايدن) يفضّل أن يتذكره الناس بوصفه الرئيس الذي وضع الشرق الأوسط على الطريق نحو تسوية دائمة للعداوات الطويلة الأمد بدلاً من كونه الشخص الذي ترك كارثة لخليفته».

وفي افتتاحيتها، تحث صحيفة «لوريان لو جور» اللبنانية التي تصدر بالفرنسية، «حزب الله» على «إثبات أنه لبناني أكثر من كونه فارسياً». وتضيف: «إنه مدين لنا جميعاً، وليس فقط للطائفة الشيعية، التي تأثرت بشكل خاص برهاناته الخاطئة...».

أشخاص يمشون أمام مبنى مدمَّر بعد سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في صور بلبنان 27 نوفمبر 2024 (رويترز)

«نهاية فعلية للحرب؟»

وفي إسبانيا، تعتقد صحيفة «إل باييس» أن «وقف الأعمال العدائية هو دائماً خبر جيد، ولكن هل وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان هو نهاية الحرب؟»، تتساءل صحيفة مدريد اليومية.

وفي عددها الصادر يوم الأربعاء، أشارت صحيفة «التايمز» اليومية الإنجليزية إلى أن «الدبلوماسيين الغربيين ومعظم دول الشرق الأوسط يأملون في أن يكون (الاتفاق) بمثابة تهدئة للتوترات الإقليمية بعد أشهر من تصاعد العنف الذي شمل اغتيال قادة (حزب الله) و(حماس) ومواجهة (إسرائيلية) مباشرة مع إيران».