جهود دبلوماسية في باريس لمنع انزلاق لبنان إلى حرب شاملة مع إسرائيل

وزيرا خارجية فرنسا والولايات المتحدة: لا نريد أن نرى تصعيداً من أي طرف

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيقوم بسلسلة اتصالات على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة في نيويورك منها ما يتصل بالملف اللبناني (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيقوم بسلسلة اتصالات على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة في نيويورك منها ما يتصل بالملف اللبناني (أ.ب)
TT

جهود دبلوماسية في باريس لمنع انزلاق لبنان إلى حرب شاملة مع إسرائيل

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيقوم بسلسلة اتصالات على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة في نيويورك منها ما يتصل بالملف اللبناني (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيقوم بسلسلة اتصالات على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة في نيويورك منها ما يتصل بالملف اللبناني (أ.ب)

تشهد باريس حراكاً دبلوماسياً رئيسياً بالتوازي مع ما يحصل في نيويورك، قبل أيام قليلة على انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فيما يسمى «أسبوع الرؤساء»، حيث سيكون الملف اللبناني رئيسياً إلى جانب ملف غزة. وقبل أن يصدر أي شيء عن الاجتماع الذي ضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا في العاصمة الفرنسية، اتصل ماكرون بمسؤولين لبنانيين «مدنيين وعسكريين»، وفق قصر الإليزيه، ليطلب منهم «إيصال رسائل إلى الجماعات المحلية»، في إشارة لـ«حزب الله»، بغرض تجنب مفاقمة التصعيد الحاصل بين إسرائيل و«حزب الله» بعد موجتين من الانفجارات تسببت فيهما هجمات سيبرانية استهدفت أجهزة تواصل يستخدمها «حزب الله».

وتواصل ماكرون مع رئيسَي الحكومة والبرلمان، نجيب ميقاتي ونبيه بري. ولم يكشف الإليزيه عن الشخصية العسكرية التي تحدث إليها، وهي بلا شك قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يعرفه ماكرون شخصياً. ونقلت أوساط ميقاتي أن الطرفين تناولا الوضع في لبنان والمنطقة، وأن ماكرون عبر عن تضامنه وتعاطفه مع لبنان في هذه المحنة الأليمة. وكانت رسالة ماكرون دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وعدم التصعيد الذي «لا يفضي إلى أي حل».

ويعكس الحراك الدبلوماسي في باريس وانخراط ماكرون فيه مباشرة القلق الفرنسي من تحول المناوشات الدائرة عبر جانبَي الحدود منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى حرب شاملة، الأمر الذي تسعى باريس من خلال تواصلها مع إسرائيل والولايات المتحدة وشريكاتها في الاتحاد الأوروبي إلى تحاشيه. بيد أن هامش التحرك أمامها وقدرتها التأثيرية موضع شك، خصوصاً أن الطرف الإسرائيلي لا يأخذ بعين الاعتبار حتى المطالب الأميركية، علماً أن واشنطن هي الجهة ربما الوحيدة القادرة على التأثير على بنيامين نتنياهو. والدليل على ذلك أن أنتوني بلينكن عاد من مصر فارغ اليدين بخصوص التوصل إلى اتفاق بشأن وقف الحرب في غزة، لا بل إن الطرف الإسرائيلي لم يتردد بإطلاق هجماته السيبرانية عندما كان بلينكن في زيارة رسمية إلى القاهرة للدفع باتجاه إبرام اتفاق غزة. وقبله واجه المبعوث الرئاسي آموس هوكشتاين الذي قدم إلى إسرائيل لمنع اشتعال الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية على نطاق واسع، عدم اكتراث إسرائيلي، ما يعكس، وفق المراقبين، رغبة تل أبيب في اقتناص الفرصة لتوسيع دائرة القتال مع «حزب الله»، وهو ما لا يتردد القادة العسكريون والسياسيون في تأكيده لدى كل فرصة.

وأشارت مصادر قصر الإليزيه، في معرض تقديمها لمشاركة ماكرون في أعمال الجمعية العامة، إلى أن الحرب في غزة ولبنان وأوكرانيا ستكون على جدول اللقاءات مختلفة الأحجام للقادة الكبار (مثل «مجموعة السبع» و«مجموعة العشرين» وكذلك في اللقاءات الثنائية). ورغم أنها لم تؤكد اجتماعاً للرئيس الفرنسي مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، فإن لقاءهما مرجح جداً، باعتبار أن ماكرون حريص على المحافظة على «شعرة معاوية» مع نظيره الإيراني الذي تواصل معه أكثر من مرة إن بالنسبة لبرنامج إيران النووي أو بالنسبة لدور إيران الإقليمي، بما في ذلك قدرة طهران على التأثير على «حزب الله».

وبعد اجتماعهما في مبنى الخارجية الفرنسية دعا بلينكن ونظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه المستقيل، جميع الأطراف إلى «التهدئة في الشرق الأوسط»، وأعربا عن «قلقهما العميق» في ظل المخاوف من التصعيد بعد تفجيرات منسوبة لإسرائيل استهدفت أجهزة اتصال لعناصر «حزب الله» اللبناني. وقال سيجورنيه: «قمنا بالتنسيق لإرسال رسائل خفض التصعيد»، في حين قال نظيره الأميركي أنتوني بلينكن: «لا نريد أن نرى أي تصعيد من أي طرف يزيد الوضع صعوبة». ولا شك أن ما قام به سيجورنيه الخميس سيكون آخر مهماته الدبلوماسية؛ إذ إنه عُين مؤخراً مفوضاً في الاتحاد الأوروبي مسؤولاً عن الاستراتيجية الصناعية للاتحاد. ومن جانبه، قال بلينكن إنه لا يريد أن يرى أي أعمال تصعيدية من أي طرف تزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وإنه لا يزال يرى أن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة ما زال أمراً ممكناً.

بيد أن صحيفة «نيويورك تايمز» اعتبرت أمس أن الإدارة الأميركية وصلت إلى طريق مسدود. ونقلت الصحيفة المذكورة عن فرنك لوينشتاين، المبعوث الخاص السابق للمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية أن «امتناع بلينكن عن زيارة إسرائيل (بعد القاهرة) هو انعكاس لإدراك إدارة بايدن أن محاولة الضغط على نتنياهو لا جدوى منها». وأضاف: «قد يقول لنا نتنياهو على انفراد: حسناً، أريد وقف إطلاق النار والحصول على الرهائن... وبعد ذلك يخرج ويقول شيئاً متناقضاً تماماً». وخلاصة المسؤول الأميركي السابق أن نتنياهو «لا يهتم حقاً بما نقوله... ويجعلنا نبدو ضعفاء عندما نجعله يتحدانا علناً في كل مناسبة».



قائد الجيش اللبناني يُطلع الوزراء على الخطوط العريضة لخطة انتشار الجيش في الجنوب

مدرعة تابعة للجيش اللبناني في الجنوب (أ.ب)
مدرعة تابعة للجيش اللبناني في الجنوب (أ.ب)
TT

قائد الجيش اللبناني يُطلع الوزراء على الخطوط العريضة لخطة انتشار الجيش في الجنوب

مدرعة تابعة للجيش اللبناني في الجنوب (أ.ب)
مدرعة تابعة للجيش اللبناني في الجنوب (أ.ب)

قال وزير الداخلية اللبناني، بسام مولوي، إن قائد الجيش، جوزاف عون، أطلع الوزراء، الخميس، على الخطوط العريضة لخطة انتشار الجيش في كل المناطق، خصوصاً الجنوب؛ إذ من المنتظر انتشار الجيش مع انسحاب القوات الإسرائيلية بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.

وأضاف مولوي في مؤتمر صحافي: «قائد الجيش أطلع الوزراء أيضاً على خطة شاملة لضمان عودة النازحين» إلى مناطقهم.

وبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في لبنان، صباح الأربعاء، لينهي أحدث صراع بين إسرائيل و«حزب الله».

وقال المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، إن القوات الإسرائيلية ستنسحب من جنوب البلاد قبل انتشار الجيش اللبناني، في إطار تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار.

ووفقاً للاتفاق، سينسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان خلال 60 يوماً. ومن المقرر أيضاً أن يغادر مقاتلو «حزب الله» مواقعهم في جنوب لبنان إلى شمالي نهر الليطاني، الذي يبعد نحو 30 كيلومتراً عن الحدود مع إسرائيل.

وأبلغ هوكستين تلفزيون «الجديد» بأن الجيش اللبناني سيكون عليه الانتشار في المنطقة فور انسحاب الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المبعوث الأميركي: «(حزب الله) انتهك القرار (1701) لأكثر من عقدين، وإذا انتهكت القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وينص القرار «1701»، الذي أنهى حرباً سابقة بين إسرائيل و«حزب الله» في 2006 على نزع الأسلحة من جنوب لبنان، فيما عدا تلك التي يمتلكها الجيش، ونشر نحو 15 ألف جندي لبناني في الجنوب.