نصر الله يلمح لاختراق: ما جرى إعلان حرب

ألقى كلمة مسجلة واكبها تحليق منخفض للطيران الإسرائيلي فوق بيروت

نصر الله خلال كلمته
نصر الله خلال كلمته
TT

نصر الله يلمح لاختراق: ما جرى إعلان حرب

نصر الله خلال كلمته
نصر الله خلال كلمته

أدان الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، اليوم الخميس، تفجيرات أجهزة اتصال تعود لأعضاء الجماعة نُسبت إلى إسرائيل، مخلفة ضحايا وحالة إرباك. وقال إن «مجزرتي الثلاثاء والأربعاء... جرائم حرب أو إعلان حرب».

وأضاف أن إسرائيل تجاوزت «كل الضوابط والخطوط الحمراء» في هذه العملية، وقال عن تفجيرات أجهزة الاتصالات: «العدو تجاوز في هذه العملية كل الضوابط والقوانين والأخلاق»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وبدا لافتاً أن إطلالة الأمين العام لـ«حزب الله» للتعليق على الهجومين اللذين تعرض لهما حزبه في اليومين الماضيين جاءت مُسجلة، بعدما اعتاد أن تكون معظم إطلالاته مباشرة. فرغم كلمة «مباشر» التي وضعتها قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» على شاشتها، إلا أن مؤشرين يؤكدان أن الكلمة كانت مسجلة.

الأول، أنه لم يتطرق لخروقات جدار الصوت التي تزامنت مع الإطلالة والتي وُصفت بـ«الأعنف» على الإطلاق، علماً أن المقربين منه اعتادوا دوماً خلال إطلالات مماثلة أن يمرروا له أوراق مباشرة على الهواء يكتبون عليها ملاحظات لوضعه في آخر المستجدات. أما المؤشر الثاني فهو إعادة إحدى العبارات مرتين على التوالي، ما بدا أنه خطأ في المونتاج.

وكان لافتاً في كلمة نصر الله التي تابعها الملايين بعد الضربات الكبيرة التي تلقاها «حزب الله» الذي سقط له آلاف الجرحى والقتلى خلال دقائق يومي (الثلاثاء) و(الأربعاء)، قوله إنه «بالنسبة للحساب العسير فالخبر هو في ما سترونه لا في ما ستسمعون ونحتفظ به في أضيق دائرة»، ما بدا بمثابة إقرار باختراقات داخله حزبه.

كان الطيران الإسرائيلي، وخلال كلمة نصر الله، قد خرق جدار الصوت وبشكل عنيف جداً فوق معظم المناطق اللبنانية ما أدى لحالة ذعر بين المواطنين.

وأشار نصر الله إلى أنه تم توزيع أكثر من 4000 جهاز «بيجر» على أعضاء الجماعة، وهي الأجهزة التي استهدفتها تل أبيب. وأكد الأمين العام لـ«حزب الله» أن التفجيرات «كانت بالنسبة لنا ثقيلة ودامية وكانت امتحاناً كبيراً لنا»، وقال: «لا شك أننا تعرضنا إلى ضربة كبيرة أمنياً وعسكرياً غير مسبوقة في تاريخ المقاومة وغير مسبوقة في تاريخ لبنان».

لكنه أكد أنه «بكل اطمئنان وثقة هذه الضربة الكبيرة وغير المسبوقة لم تسقطنا ولن تسقطنا إن شاء الله». وأشار إلى أن كبار قيادات «حزب الله» لا يحملون طراز أجهزة «البيجر» التي انفجرت، وقال: «نأمل أن تدخل إسرائيل جنوب لبنان لأنها ستُوجد فرصة تاريخية لـ(حزب الله)».

وأعلن أن الحزب شكّل «لجان تحقيق داخلية» في تفجير أجهزة الاتصالات. وقال: «في موضوع التفجيرات، توصلنا إلى نتائج شبه قطعية»، مضيفاً «لكن ما زلنا نحتاج إلى بعض الوقت للتأكد من النتيجة... سواء من الشركة التي باعت التصنيع إلى النقل إلى الوصول إلى لبنان إلى الإجراءات هنا في لبنان إلى التوزيع - من المُنتج إلى المستهلك - (...) إلى لحظة التفجير»، متابعاً أن الحزب شكّل «لجان تحقيق داخلية» في ذلك.

وتوعّد نصر الله إسرائيل بعد الهجمات وقال إن «الحساب سيأتي». وفي كلمة ألقاها عبر الشاشة، قال إن ما فعلته إسرائيل «سيواجه بحساب عسير وقصاص عادل من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون»، مشيراً إلى أنه لن يحدد مكان أو زمان أو شكل الرد.

وأكد أن إسرائيل لن تكون قادرة على إعادة سكان الشمال إلى المنطقة الحدودية مع لبنان، ما لم توقف الحرب على قطاع غزة.

وأضاف نصر الله: «لن تستطيعوا أن تعيدوا سكان الشمال إلى الشمال... وافعلوا ما شئتم... لا تصعيد عسكري ولا قتل ولا اغتيالات ولا حرب شاملة تستطيع أن تعيد السكان إلى الحدود».

وأوقعت موجة جديدة من تفجيرات أجهزة اتصال تابعة لـ«حزب الله» في لبنان، الأربعاء، 20 قتيلاً وأكثر من 450 جريحاً في مختلف أنحاء البلاد، وفق السلطات اللبنانية.

ويأتي هذا الهجوم غداة هجوم مماثل غير مسبوق نسبه الحزب إلى إسرائيل وأوقع 12 قتيلاً ونحو ثلاثة آلاف جريح، بحسب وزارة الصحة اللبنانية، في انفجارات أجهزة «بيجر» تابعة لـ«حزب الله».

ومن دون أن يعلّق على الانفجارات التي حصلت في لبنان، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الأربعاء، أن «مركز ثقل» الحرب «ينتقل الى الشمال»، في إشارة إلى الجبهة المفتوحة مع «حزب الله» اللبناني في موازاة الحرب المستمرة مع حركة «حماس» في قطاع غزة. وأضاف: «نحن في بداية مرحلة جديدة في الحرب».


مقالات ذات صلة

مسؤول أمني إسرائيلي: أي عملية برية في لبنان ستكون «أقصر» ما يمكن

المشرق العربي عَلم لبناني يرفرف وسط اشتباكات عبر الحدود بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في صور بلبنان (رويترز)

مسؤول أمني إسرائيلي: أي عملية برية في لبنان ستكون «أقصر» ما يمكن

قال مسؤول أمني إسرائيلي، الجمعة، إن أي عملية برية قد تنفذها القوات الإسرائيلية ضد «حزب الله» في لبنان ستكون «أقصر» ما أمكن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي لبنانيون يتفقدون الدماء بعد غارة إسرائيلية استهدفت بلدة المعيصرة في كسروان (أ.ف.ب)

وزير الصحة: 25 قتيلاً في ضربات إسرائيلية على لبنان منذ صباح الجمعة

قال وزير الصحة اللبناني، فراس الأبيض، إن 25 شخصاً قُتلوا في ضربات إسرائيلية على لبنان منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية متظاهرون يحملون دمية كبيرة تمثل نتنياهو مكبل اليدين وملطخة بالدماء على يديه ووجهه (د.ب.أ)

لماذا تراجع نتنياهو عن اقتراح الهدنة مع «حزب الله»؟

تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن دعمه للاقتراح الأميركي - الفرنسي بشأن هدنة مدتها ثلاثة أسابيع مع «حزب الله» عقب تعرضه لـ«ضغوط سياسية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري صورة لنتنياهو خلال مظاهرة ضد التصعيد الأخير في نيويورك (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «أخطر بكثير»... ماذا تغير في مواجهة السنوار ونصر الله مع إسرائيل؟

ما الذي يجعل المواجهة الحالية بين إسرائيل و«حزب الله» أكثر خطورة من سابقاتها؟ سياسي فلسطيني بارز يشرح لـ«الشرق الأوسط».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من مرتفعات الجولان قرب بحيرة طبريا جراء صواريخ أطلقها «حزب الله» (رويترز)

«حزب الله»: قصفنا مدينة طبريا... والجيش الإسرائيلي: اعترضنا صواريخ

قال «حزب الله»، الجمعة، إنه قصف مدينة طبريا الواقعة على بعد أكثر من ثلاثين كيلومتراً عن الحدود مع لبنان، بصلية صاروخية، رداً على غارات كثيفة تستهدف بلدات

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«أخطر بكثير»... ماذا تغير في مواجهة السنوار ونصر الله مع إسرائيل؟

صورة لنتنياهو خلال مظاهرة ضد التصعيد الأخير في نيويورك (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو خلال مظاهرة ضد التصعيد الأخير في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

«أخطر بكثير»... ماذا تغير في مواجهة السنوار ونصر الله مع إسرائيل؟

صورة لنتنياهو خلال مظاهرة ضد التصعيد الأخير في نيويورك (أ.ف.ب)
صورة لنتنياهو خلال مظاهرة ضد التصعيد الأخير في نيويورك (أ.ف.ب)

قال سياسي فلسطيني بارز لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان «يواجه منعطفاً بالغ الخطورة، ومن مصلحة حكومته التحرك سريعاً لاستجماع شروط وقف النار»، لأن إسرائيل التي تهاجمه حالياً «أخطر بكثير» من تلك التي كانت قائمة حين أطلق زعيم «حماس» يحيى السنوار «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتبعه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في اليوم التالي معلناً إطلاق «حرب المساندة».

وشرح أن خطورة إسرائيل الحالية تنبع من تغييرات عدة، قسمها على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية. وأوضح أن التغييرات على الجبهة الفلسطينية تتمثل بالنقاط التالية:

  • نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في دفع المؤسسة الإسرائيلية إلى خوض حرب وجود، وهي تختلف تماماً عن حرب الحدود أو الحملات الانتقامية.
  • كان الانطباع السائد منذ عقود أن إسرائيل عاجزة عن خوض حروب طويلة تستنزف جيشها واقتصادها وأن عقيدتها العسكرية تقوم على شن حروب خاطفة وحاسمة.
  • لم يتخيل كثيرون وبينهم السنوار أن إسرائيل يمكن أن ترسل جيشها للقتال في شبكة أنفاق غزة المعقدة مع ما يمكن أن يعنيه ذلك من كمائن وأخطار وخسائر.

  • كانت هناك شبه قناعة أن إسرائيل ليست في وارد تعريض اقتصادها لاستنزاف ترتبه حرب طويلة تدور فصولها على أرض غزة مع مواجهات واقتحامات في الضفة.
  • ساد انطباع أيضاً أن الولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بشن حرب طويلة يمكن أن تفتح الباب لمواجهة إقليمية. وثمة من كان يعتقد أن إسرائيل التي نفذت على أرض إيران عمليات استخباراتية مستفزة ستتحاشى بالتأكيد الانزلاق إلى حافة مواجهة مباشرة معها.
  • كانت لدى كثيرين قناعة بأن الرصيد الكبير من الرهائن الذي جمعته «حماس» في السابع من أكتوبر لن يتسبب في اكثر من ردة فعل قاسية من الجيش الاسرائيلية قد تمتد اياما او اسابيع يعقبها وقف للنار وفتح باب التفاوض لعملية تبادل الرهائن والاسرى.
  • بعد ما يقرب من السنة من العملية التي أطلقها زعيم «حماس» تبدو الصورة مختلفة: الحرب في غزة مستمرة وتسببت في قتل أكثر من أربعين ألف فلسطيني، ونتنياهو يتهرب من وقف النار على رغم أثمان الحرب.

أما على الجبهة اللبنانية، فيرصد السياسي الفلسطيني العوامل التالية التي تزيد من خطورة المواجهة وتبرز اختلافها عن الجولات السابقة:

  • مشكلة لبنان الأولى هي أن «حزب الله» كان المبادر إلى إطلاق الحرب وسارع إلى ربط الوضع اللبناني بالأوضاع في غزة.
  • كان واضحاً منذ تحريك جبهة جنوب لبنان أن قرار الانخراط في هذه الحرب لا يحظى بتأييد أكثرية اللبنانيين لا سيما أبناء المكونات الأخرى خارج بيئة الحزب.
  • أطلق «حزب الله» ما سماه «حرب المساندة» من دون الالتفات إلى حجم التدهور الاقتصادي والمعيشي في لبنان وإلى الحساسيات التي تشكلت ضده بفعل ممارسات داخلية وتدخلات في الإقليم، خصوصاً في سوريا.

مشيعون يدفنون أفراد عائلة سقطوا في غارة إسرائيلية على قرية بجنوب لبنان الخميس (أ.ف.ب)

  • واضح أن نصر الله لم يتوقع حرباً طويلة وتفوقاً تكنولوجياً إسرائيلياً بهذا الحجم لكنه حين طالت الحرب بات عاجزاً عن التراجع.
  • توقع «حزب الله» أن ترمي إيران بثقلها في حال تعرضه لخطر محدق وهو ما لم تفعله إيران حتى الساعة بسبب حساباتها المتعلقة بالعقوبات الغربية عليها وبرنامجها النووي. بدت إيران غير مستعدة لمجازفة في وقت تغرق فيه أميركا في الحسابات الانتخابية.
  • ألحقت إسرائيل أضراراً كبيرة بماكينة «حزب الله» العسكرية، لكن الأضرار التي يمكن تلحق بلبنان أخطر وأفدح. أسقطت إسرائيل ما كان الحزب يعتبره «قواعد اشتباك»، وها هو يتعامل مع الحرب في لبنان بوصفها جزءاً من الحرب الوجودية.
  • لا يعمل الوقت لصالح لبنان.