مجلس أمن كردستان يتهم «الاتحاد الوطني» بتسليم معارض كردي إلى طهران

أربيل عدّت تصريحات السفير الإيراني «باطلة وملفّقة»

مقاتلات كرديات إيرانيات في محيط أربيل بكردستان العراق في صورة تعود إلى 1 ديسمبر 2022 (أ.ف.ب)
مقاتلات كرديات إيرانيات في محيط أربيل بكردستان العراق في صورة تعود إلى 1 ديسمبر 2022 (أ.ف.ب)
TT

مجلس أمن كردستان يتهم «الاتحاد الوطني» بتسليم معارض كردي إلى طهران

مقاتلات كرديات إيرانيات في محيط أربيل بكردستان العراق في صورة تعود إلى 1 ديسمبر 2022 (أ.ف.ب)
مقاتلات كرديات إيرانيات في محيط أربيل بكردستان العراق في صورة تعود إلى 1 ديسمبر 2022 (أ.ف.ب)

في مسعى لإخلاء مسؤوليته عن تسليم المعارض الكردي الإيراني بهزاد خسروي إلى طهران، حمّل «مجلس أمن إقليم كردستان» المسؤولية عن ذلك لأجهزة الأمن في محافظة السليمانية التي يهيمن عليها حزب «الاتحاد الوطني». وبالتزامن مع ذلك، وجّهت وزارة الداخلية في الإقليم انتقادات لاذعة للسفير الإيراني لدى العراق محمد رضا آل صادق على خلفية تصريحات كرر فيها مزاعم بأن بلاده هاجمت في أربيل «أوكار تجسس إسرائيلية».

وقال «مجلس أمن إقليم كردستان» في بيان، مساء الأحد، إن «(حزب) الاتحاد الوطني قام بتسليم بهزاد خسروي، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، دون دراية من (مجلس أمن إقليم كردستان)». وأشار إلى أن الاتحاد الوطني «يدير منذ مدة المؤسسات الحكومية والأمنية في السليمانية بقرار حزبي، والمؤسسات الرسمية لإقليم كردستان ليست مسؤولة عن السلوك غير القانوني» للاتحاد الوطني بقيادة بافل طالباني.

وسلّمت قوات الأمن الداخلي في السليمانية (قوات «الأسايش»)، الجمعة الماضية، الناشط الكردي إلى السلطات الإيرانية. وتتقاطع الرواية التي يقدمها حزب «الاتحاد الوطني» وقوات أمن السليمانية، مع روايات متعددة تقدمها أحزاب إيرانية معارضة ومجلس أمن كردستان (الذي تهيمن عليه الحكومة في أربيل)؛ إذ يتمسك حزب الاتحاد بذريعة أن عملية التسليم أتت على خلفية عدم حصول الناشط الإيراني على إقامة بحسب الأصول، ويؤكد أنه لا خلفيات سياسية تقف وراء القضية، وهو ذات الموقف الذي عبّرت عنه قوات الأمن (الأسايش)، التي قالت في بيان سابق إن «اعتقال المواطن (الإيراني بهزاد خسروي) الأسبوع الماضي، (جاء نتيجة) لعدم وجود (تصريح) إقامة له في السليمانية، وأنه لا يحمل أوراق إقامة في إقليم كردستان، ولا علاقة له بالنشاط السياسي». وأكدت أن «خسروي طلب العودة إلى جمهورية إيران الإسلامية بعدما أُلقي القبض عليه، وأنه وقّع تعهداً قانونياً على ذلك». لكن «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» الذي ينتمي إليه خسروي، تحدث عن عمليات «تعذيب» تعرض لها خلال عملية الاعتقال قبل تسليمه إلى «مديرية الاستخبارات الإيرانية». وأشار الحزب إلى أن الناشط «حاصل مع والدته وشقيقته على تصريح إقامة في السليمانية، وكانت إقامتهم في المدينة قانونية ويعيشون فيها منذ أكثر من 10 سنوات، وهو مسجّل لاجئاً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إقليم كردستان العراق».

مقاتلون يعاينون آثار القصف الإيراني على السليمانية بكردستان العراق في سبتمبر العام الماضي (إ.ب.أ)

وطبقاً لمصادر كردية، فإن «الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني» من بين أقدم الأحزاب الكردية المعارضة وتأسس عام 1945. وتضعه طهران مع أحزاب أخرى توجد في إقليم كردستان العراق، على لائحة المنظمات الإرهابية، وتتهمه بشن هجمات على أراضيها. واتهمت طهران هذه الأحزاب بتحريض الأكراد الإيرانيين على المظاهرات التي اندلعت في إيران في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد مقتل الشابة الكردية مهسا أميني على أيدي قوات الأمن الإيرانية.

وتتحدث مصادر كردية عن أن حزب «الاتحاد الوطني» يسعى إلى استمالة طهران من خلال تسليمها بعض المعارضين لنظامها بهدف حصول الحزب على دعمها في انتخابات برلمان إقليم كردستان المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وثمة من يتحدث عن ارتباط عملية التسليم بالزيارة المزمعة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى العراق في الأيام المقبلة.

وتسبب وجود الأحزاب الإيرانية الكردية داخل الأراضي العراقية في كردستان بمشاكل غير قليلة للعراق، وقد درجت طهران خلال السنوات الأخيرة على القيام بعمليات قصف بالصواريخ والطائرات للمناطق الحدودية العراقية المتاخمة لحدودها التي توجد فيها الأحزاب الإيرانية المعارضة، وهو أمر أدى إلى خسائر في الممتلكات وأرواح المواطنين الأكراد العراقيين.

ووقّع العراق وإيران في مارس (آذار) 2023، اتفاقية للتبادل والتنسيق الأمني بشأن حماية الحدود المشتركة بين البلدين. وتتضمن الاتفاقية نقل مقار الأحزاب الكردية الإيرانية في كردستان العراق إلى مناطق بعيدة عن الحدود المشتركة بين الدولتين إلى جانب نزع أسلحتها.

أربيل تنتقد سفير إيران

من جانبها، وجهت أربيل انتقادات لاذعة للسفير الإيراني لدى العراق محمد رضا آل صادق على خلفية تصريحات أدلى بها، أول من أمس، لوسائل إعلام عراقية، ذكر فيها أن بلاده قامت بقصف أربيل بهدف «الدفاع عن نفسها ضد إسرائيل»، في إشارة إلى الهجوم الإيراني بالصواريخ الباليستية على أربيل منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، بذريعة مهاجمة «مركز تجسس إسرائيلي»، الأمر الذي نفته أربيل وكذبته الحكومة الاتحادية في بغداد.

ووصفت وزارة داخلية الإقليم، في بيان، تصريحات السفير الإيراني بأنها «اتهامات لا أساس لها من الصحة؛ إذ ربط مرة أخرى قصف المدنيين في أربيل بالدفاع عن أنفسهم ضد إسرائيل». وأضافت: «إننا نرفض بشدة كافة الاتهامات والأكاذيب والافتراءات التي لا أساس لها والتي تم توجيهها ضد إقليم كردستان في الماضي».

وذكرت الوزارة أن «لجنة رفيعة المستوى من الحكومة الاتحادية (وقتذاك) زارت المناطق التي تعرضت للقصف، وتم نفي ما ورد في هذه المزاعم».


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي سليمان أوسو رئيس «المجلس الوطني الكردي» (الشرق الأوسط)

مبادرة أميركية فرنسية لاستئناف المباحثات بين الأحزاب الكردية في سوريا

كشفت مصادر كردية أن فرنسا والولايات المتحدة قدمتا مبادرة لاستئناف المباحثات الداخلية بين قطبَي الحركة الكردية في سوريا، لإحياء الحوارات المتعثرة منذ 2020،…

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

العراق يدخل مرحلة «الهبّة الديموغرافية»

يزيد عدد سكان العراق اليوم على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم دون الـ15 عاماً، حسبما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، أمس، بعد أول تعداد.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية إلى حماية حقوق التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
TT

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على المفاوضات الجارية لهدنة الأيام الـ60 بين لبنان وإسرائيل عن أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإخراج مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، على أن يترافق ذلك مع مفاوضات إضافية عبر الوسطاء الأميركيين.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مباركة» ترمب لجهود بايدن حصلت خلال لقائهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين.

وبينما سادت حالة الترقب للمواقف التي ستعلنها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والبيان المشترك «الوشيك» من بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضاً فرنسا بالإضافة إلى لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل»، ستُشرف على تنفيذ عمليات إخلاء «حزب الله» من مناطق الجنوب «على 3 مراحل تتألف كل منها من 20 يوماً، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي»، بما يشمل أيضاً انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في هذه المنطقة بموازاة انتشار معزز لقوات من الجيش اللبناني و«اليونيفيل». وتشمل المرحلة الثانية في الأيام الـ20 التالية بدء عمليات الإخلاء والانسحاب من مناطق القطاع الأوسط، وتُخصص الأيام الـ20 الأخيرة لتطبيق المبدأ نفسه في القطاع الشرقي. وسُربت معلومات إضافية عن أنه «لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لـ(حزب الله)». ولكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني.

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

بقاء اللجنة الثلاثية

وتوقع مصدر أن تضطلع الولايات المتحدة بـ«دور فاعل» في آلية المراقبة والتحقق من دون أن يوضح ما إذا كانت أي قوات أميركية ستشارك في هذه الجهود. ولكن يتوقع أن تقوم بريطانيا ودول أخرى بـ«جهود خاصة موازية للتحقق من وقف تدفق الأسلحة غير المشروعة في اتجاه لبنان». ولن تكون الآلية الخماسية بديلاً من اللجنة الثلاثية التي تشمل كلاً من لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل».

وتعامل المسؤولون الأميركيون بحذر شديد مع «موجة التفاؤل» التي سادت خلال الساعات القليلة الماضية، آملين في «عدم الخروج عن المسار الإيجابي للمفاوضات بسبب التصعيد على الأرض».

ومن شأن اقتراح وقف النار، الذي توسط فيه دبلوماسيون أميركيون وفرنسيون أن يؤدي إلى إحلال الاستقرار في جنوب لبنان «إذا وفت كل الأطراف بالتزاماتها». غير أن العديد من الأسئلة حول الاقتراح لا تزال من دون إجابة، بما في ذلك كيفية ممارسة الجيش اللبناني سلطته على «حزب الله».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، عن دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات، أن الجانبين مستعدان للموافقة على الاتفاق. لكنه «حض على توخي الحذر» بعدما «عشنا بالفعل لحظات كان فيها الاتفاق وشيكاً قبل اتخاذ خطوات تصعيدية كبيرة»، كما قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين «يعتقدون أن المسار يسير في اتجاه إيجابي للغاية».

الوسيط الأميركي آموس هوكستين (أ.ب)

قرار أممي جديد؟

وكانت «الشرق الأوسط» أول من نقل، الاثنين، عن مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان الهدنة بعد ظهور مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار «اليونيفيل» والجيش اللبناني في المنطقة بإشراف «آلية مراقبة وتحقق» جديدة «تحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».

ويتوقع أن يصدر مجلس الأمن «قراراً جديداً يضع ختماً أممياً على الاتفاق الجديد» ويتضمن «لغة حازمة» حول الالتزامات الواردة في الاتفاق، من دون أن يشير إلى أنه سيكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يخوّل المجتمع الدولي اتخاذ «إجراءات قهرية» لتنفيذ ما ورد في القرار 1701.

ويتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس (آذار) 1948، على أن «تجري عملية إخلاء مقاتلي (حزب الله) وأسلحتهم من منطقة عمليات (اليونيفيل) طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل إلى تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».