الحرب في قطاع غزة تدخل شهرها الثاني عشر... ولا مؤشرات على هدنة

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

الحرب في قطاع غزة تدخل شهرها الثاني عشر... ولا مؤشرات على هدنة

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

دخلت الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، السبت، شهرها الثاني عشر من دون مؤشرات إلى تراجع حدة القصف والغارات الإسرائيلية الدامية أو احتمال التوصل إلى هدنة سريعة والإفراج عن رهائن.

يأتي هذا غداة مقتل ناشطة أميركية - تركية، الجمعة، خلال مظاهرة ضد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، حيث اعترف الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار، بينما أسفت واشنطن لـ«الخسارة المأساوية».

وتسبّبت الحرب التي بدأت بعد هجوم لحركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بدمار هائل وأزمة إنسانية كارثية في القطاع الذي يناهز عدد سكانه 2.4 مليون نسمة.

وقبل الفجر وفي الصباح الباكر، هزت غارات جوية عدة وقصف مدفعي القطاع الفلسطيني المحاصر، بحسب ما أفاد صحافيون من «وكالة الصحافة الفرنسية».

فلسطينيون يحملون جثمان شخص قتل في قصف إسرائيلي على مدرسة عمرو بن العاص في حي الشيخ رضوان بقطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال شهود ومسعفون إن 17 فلسطينياً على الأقل قتلوا، بينهم نساء وأطفال، في جباليا ومدينة غزة في الشمال، وكذلك في النصيرات والبريج في الوسط.

وقتل 5 فلسطينيين، فجر الأحد، جراء قصف إسرائيلي على مخيم جباليا شمال قطاع غزة.

وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن «5 مواطنين من عائلة واحدة استشهدوا إثر قصف الاحتلال لمنزل في منطقة العلمي بالمخيم، ونقلوا إلى مستشفى كمال عدوان».

وأشارت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية، إلى «إطلاق مدفعية الاحتلال قذائفها باتجاه المناطق الشمالية من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة».

وكتب مفوض عام «الأونروا» فيليب لازاريني، عبر منصة «إكس»: «أحد عشر شهراً. كفى. لا أحد يستطيع تحمل هذا الأمر فترة أطول. يجب أن تنتصر الإنسانية. يجب وقف النار الآن».

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بعرقلة التوصل إلى هدنة، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطاً داخلية لإبرام اتفاق من شأنه إطلاق سراح رهائن خطفوا خلال هجوم الحركة الفلسطينية.

وتجمع آلاف المتظاهرين، مساء السبت، في تل أبيب ومدن أخرى بينها القدس وحيفا، مطالبين الحكومة بتأمين إطلاق الرهائن. وحملوا لافتات كتبت عليها «أيديكم ملطخة بالدماء» و«من التالي؟»، في إشارة إلى مقتل 6 رهائن استعادت إسرائيل جثثهم من جنوب قطاع غزة، الأحد الماضي.

متظاهرون إسرائيليون في تل أبيب يطالبون بإبرام صفقة لتبادل المحتجزين والأسرى (أ.ف.ب)

«مذعورون»

وفي غزة، أعلن الدفاع المدني، السبت، أن غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين فلسطينيين، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص على الأقل، بينما أعلن الجيش أنه استهدف مقراً لقيادة «حماس».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «3 شهداء وأكثر من 20 إصابة تم انتشالهم، بعد قصف الطيران الحربي الإسرائيلي بصاروخين مصلى وغرفة صف في مدرسة عمرو بن العاص التي تؤوي نازحين في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة».

كما أفادت مصادر طبية بأن 33 فلسطينياً على الأقل أصيبوا في غارة جوية إسرائيلية على منطقة سكنية في بيت لاهيا، ويتلقون العلاج في مستشفيات العودة وكمال عدوان والإندونيسي.

وفي مخيم جباليا، قصفت خيمة للنازحين داخل مدرسة حليمة السعدية التي كانت تؤوي نازحين، حسب شهود.

وقال أحمد عبد ربه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يوجد ما بين 3000 و3500 شخص في هذه المدرسة. كنا نائمين عندما سقط علينا صاروخ فجأة. استيقظنا مذعورين. وجدنا شهداء، بينهم أطفال ونساء».

وأظهرت صور بثتها «وكالة الصحافة الفرنسية» الخيمة محترقة وآثار دماء على الفرش والأرض، وسط بعض الممتلكات البسيطة التي دُمرت أو احترقت.

وفي مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، بكى فلسطينيون أمام جثث 5 من أقاربهم قتلوا في النصيرات.

مبانٍ مدمرة في خان يونس نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

وأدى هجوم «حماس» إلى مقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، حسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يستند إلى بيانات رسمية. ويشمل هذا العدد الرهائن الذين قضوا خلال احتجازهم.

وتسبّبت حملة القصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة، بمقتل أكثر من 40 ألف قتيل، وفق وزارة الصحة في غزة. وتؤكد الأمم المتحدة أن غالبية القتلى من النساء والأطفال.

ورغم جهود تبذلها دول الوساطة: الولايات المتحدة وقطر ومصر، منذ أشهر، لم يتوصل طرفا الحرب إلى اتفاق بشأن وقف النار، يتيح كذلك تبادل الرهائن الإسرائيليين بمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وتعثّرت المحادثات للتوصل إلى هدنة في الأسابيع الماضية، بسبب خلافات أبرزها الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر المعروف باسم «محور فيلادلفيا»، وعدد المعتقلين الفلسطينيين الذين يمكن إطلاقهم في مقابل الإفراج عن رهائن.

ويصرّ نتنياهو على إبقاء قوات إسرائيلية عند الشريط الحدودي، في حين تتمسك «حماس» بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.

وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بيل بيرنز، السبت، إنه «يعمل جاهداً» مع الوسطاء لتحسين إطار اتفاق وقف إطلاق النار، مضيفاً: «آمل في أن نقدم مقترحاً أكثر تفصيلاً (لاتفاق هدنة) في الأيام المقبلة».

«رصاصة في الرأس»

إلى ذلك، انسحبت إسرائيل من مدينة جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة بعد عملية عسكرية استمرت عشرة أيام.

وقال مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن 36 فلسطينياً، بينهم 8 أطفال، قتلوا في الأيام العشرة للعملية.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن أحد جنوده قتل خلال المواجهات في جنين يوم 31 أغسطس (آب).

وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967 وكثفت عملياتها العسكرية فيها إثر اندلاع الحرب في غزة.

كما طالبت عائلة مواطنة تركية - أميركية قتلت، الجمعة، بالرصاص خلال مظاهرة احتجاج على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة، بتحقيق مستقل في مقتلها متهمة الجيش الإسرائيلي بقتلها، فيما وصفته بأنه عملية «عنيفة».

وأصيبت عائشة نور إزغي إيغي البالغة (26 عاماً)، «برصاصة في الرأس» خلال مشاركتها في المظاهرة ببلدة بيتا.

وقالت عائلة الضحية، في بيان: «لقد خطفت من حياتنا من دون طائل وبطريقة غير قانونية وعنيفة، من جانب الجيش الإسرائيلي».

وقالت تركيا إنها قُتلت على يد «جنود الاحتلال الإسرائيلي»، بينما وصفت الولايات المتحدة مصرعها بأنه «مأساوي»، وضغطت على إسرائيل للتحقيق.

وندد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بإسرائيل ووصفها، السبت، بأنها دولة «وحشية». وحضّ الدول الإسلامية على مواجهتها، قائلاً إن «الوقوف ضد إرهاب الدولة الإسرائيلية واجب إسلامي علينا. إنه واجب ديني».

ورد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قائلاً إن إردوغان «يواصل إلقاء الشعب التركي في نيران الكراهية والعنف من أجل أصدقائه في (حماس)».

وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته «ردت بإطلاق النار باتجاه محرض رئيسي على أعمال عنف يرمي الحجارة باتجاه القوات، ويشكل تهديداً لها».

مقتل 3 مسعفين في لبنان

إضافة إلى التوتر المتصاعد في الضفة، أثارت حرب غزة مخاوف من اتساع نطاقها إلى جبهات أخرى، خصوصاً في شمال الدولة العبرية، حيث يتبادل الجيش الإسرائيلي القصف عبر الحدود مع «حزب الله» اللبناني الذي فتح بدءاً من 8 أكتوبر (تشرين الأول)، «جبهة إسناد» لقطاع غزة وحليفته «حماس».

وأعلن الحزب، السبت، أنه استهدف قاعدتين إسرائيليتين بصواريخ «كاتيوشا». وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية، أن إسرائيل نفّذت غارات جوية وقصفاً مدفعياً في مناطق عدة بجنوب البلاد.

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 3 مسعفين وإصابة اثنين آخرين بجروح، جراء «استهداف» إسرائيل فريقاً من الدفاع المدني كان يعمل على إخماد حرائق في بلدة فرون بجنوب لبنان.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه رصد صواريخ تطلق من لبنان واعترض عدداً منها. وأضاف أنه قصف في وقت لاحق موقع إطلاق لـ«حزب الله» في بلدة قبريخا، وكذلك عيتا الشعب وكفرشوبا.

وأعلن «حزب الله» أنه أطلق وابلاً من الصواريخ على شمال إسرائيل، فجر الأحد، رداً على الهجوم الذي أسفر، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية، عن مقتل 3 مسعفين بجنوب لبنان.

وقال الحزب المدعوم من إيران، في بيان: «رداً على اعتداءات العدو... خصوصاً الاعتداء الذي طال الطواقم الطبية في بلدة فرون وأدى إلى استشهاد وإصابة أفراد من الدفاع المدني، قصفنا مستعمرة كريات شمونة بصلية من صواريخ الفلق».


مقالات ذات صلة

الأردن: مطلق النار الذي قتل 3 إسرائيليين على الحدود أردني

العالم العربي مطلق النار الذي قتل 3 إسرائيليين على الحدود الأردنية الإسرائيلية الأحد أردني (إ. ب.أ)

الأردن: مطلق النار الذي قتل 3 إسرائيليين على الحدود أردني

قالت وزارة الداخلية الأردنية إن مطلق النار الذي قتل 3 إسرائيليين على الحدود الأردنية الإسرائيلية، الأحد، أردني.

«الشرق الأوسط» (عمان)
تحليل إخباري لافتة ملقاة على الأرض قرب نار أشعلها متظاهرون مناهضون للحكومة الإسرائيلية خلال احتجاجات طالبت بإطلاق سراح الرهائن (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: تضارب بشأن مصير مقترح «الفرصة الأخيرة»

تضارب جديد تشهده مفاوضات الهدنة في غزة، بشأن مصير «المقترح الأميركي النهائي» لحل أزمة الحرب بالقطاع التي تدخل شهرها الـ12، وسط حديث إعلامي أميركي عن تأجيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري كيف ينعكس التقارب المصري - التركي على الملفات الإقليمية الساخنة؟

تشهد مصر وتركيا تقارباً ملحوظاً بعد سنوات من التوتر، وتتّجه أنظار العالم إلى هذه الشراكة الناشئة، وتأثيرها المحتمل على الملفات الساخنة في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية هوية ماهر الجازي الذي نفذ عملية ضد 3 إسرائيليين على معبر «جسر أللنبي» صباح الأحد (متداولة على مواقع التواصل) play-circle 00:39

نتنياهو: دون السيف لا يمكن العيش في الشرق الأوسط

قال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن المسلح خرج من الشاحنة التي كان يقودها على «معبر أللنبي»، وفتح النار، ما أسفر عن مقتل 3، قبل أن يقتله حراس الأمن فوراً.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي سيارة خدمات طبية تسير بالقرب من موقع إطلاق سائق شاحنة النار على جسر اللنبي المعروف أيضاً باسم جسر الملك حسين بالقرب من أريحا في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

ماذا نعرف عن المعابر الثلاثة بين الأردن وإسرائيل؟

لفت حادث مقتل 3 إسرائيليين، الأحد، في عملية مسلحة نفَّذها أردني اقترب من جسر «الملك حسين - اللنبي» من ناحية الأردن، الأنظار للمعابر الرابطة بين الأردن وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إسرائيل تلوح بـ«معركة قريبة» في لبنان و«حزب الله» يرفض تغيير «قواعد الاشتباك»

مواطنون ينقلون أثاث منازلهم من بلدة الخيام بجنوب لبنان التي تتعرض لقصف إسرائيلي يومياً (د.ب.أ)
مواطنون ينقلون أثاث منازلهم من بلدة الخيام بجنوب لبنان التي تتعرض لقصف إسرائيلي يومياً (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تلوح بـ«معركة قريبة» في لبنان و«حزب الله» يرفض تغيير «قواعد الاشتباك»

مواطنون ينقلون أثاث منازلهم من بلدة الخيام بجنوب لبنان التي تتعرض لقصف إسرائيلي يومياً (د.ب.أ)
مواطنون ينقلون أثاث منازلهم من بلدة الخيام بجنوب لبنان التي تتعرض لقصف إسرائيلي يومياً (د.ب.أ)

أوعز رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لـ«تغيير الوضع في الشمال» على أثر التبادل المتواصل لإطلاق النار والآخذ بالتصاعد، بموازاة تسريبات أمنية إسرائيلية بأن «المعركة في لبنان تقترب»، وذلك بعد ساعات على استهداف إسرائيلي لعناصر من الدفاع المدني، ورد «حزب الله» عليه بإطلاق مسيرات وصواريخ «فلق» باتجاه مواقع عسكرية إسرائيلية في كريات شمونة ورأس الناقورة.

ويزداد الوضع الأمني في جنوب لبنان وشمال إسرائيل تعقيداً، ما دفع نتنياهو للتهديد خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة، بأنه أوعز للجيش الإسرائيلي وجميع الأجهزة الأمنية بالاستعداد لتغيير هذا الوضع، مؤكداً أنه «لا يمكن الاستمرار في الوضع الحالي، والحكومة ملتزمة بإعادة جميع سكان الشمال إلى منازلهم بأمان». ووصف «حزب الله» في لبنان بأنه «الذراع الأقوى لإيران».

وتزامنت تهديدات نتنياهو مع تسريبات أمنية إسرائيلية لوسائل إعلام بأن «المعركة في لبنان آخذة بالاقتراب، رغم أن توقيتها الدقيق لم يتقرر بعد»، وأن أمام إسرائيل فرضيتين، «إما التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب على غزة، وإما انهيار المفاوضات ونشوب حرب واسعة بشكل سريع مقابل (حزب الله) في لبنان».

مناصرات لـ«حزب الله» يلطمن قرب مدافن مقاتلين قضوا في الحرب الأخيرة

وبينما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن «الحكومة قررت عدم تصعيد مستوى القتال مقابل (حزب الله) حالياً»، نقلت في الوقت نفسه عن مسؤول أمني قوله إن «التوصل لاتفاق ينهي الحرب على غزة يتيح لإسرائيل أن تختار التوقيت المفضل من أجل شن هجوم ضد أهداف (حزب الله) في المستقبل، بعد أن يستكمل الجيش الإسرائيلي استعداداته وخططه العسكرية لشن حرب واسعة على لبنان».

عملية واسعة وغزو

ورأى هذا المسؤول الأمني أن استمرار القتال بين إسرائيل و«حزب الله» بشكله الحالي «من شأنه أن يفرض على إسرائيل دخولاً أسرع لعمل عسكري في ظروف مريحة أقل بالنسبة لها».

وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي في المراحل الأخيرة من استعداداته «لمعركة محتملة»، تشمل استعدادات برية واسعة إلى جانب كل أنواع الهجوم الممكنة. وقال إن «توسيع الحرب قد يشمل توغلاً برياً في لبنان، وتدمير قدرات (حزب الله) في عمق الأراضي اللبنانية، وإبعاد مقاتليه بهدف تقليص مقاومة اجتياح إسرائيلي».

عناصر من الدفاع المدني يحاولون إطفاء حرائق في أحراج لبنانية قصفتها إسرائيل بالجنوب (جمعية الرسالة)

وبموازاة تلك التهديدات، يؤكد «حزب الله» تصميمه على «مواصلة جبهة الإسناد»، ويقول إن إسرائيل «لن تتمكن من إعادة المستوطنين إلى منازلهم مهما علا الصراخ إلا عن طريق واحد، هو وقف العدوان على غزة»، حسبما قال نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش.

تهديد «حزب الله»

وقال دعموش في حفل تأبيني في الضاحية الجنوبية إن «المقاومة لن تقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك وكسر المعادلات القائمة، وكلما تمادى العدو في عدوانه وتوسع في اعتداءاته، زادت المقاومة من ردها، وتوسعت في عملياتها».

ورأى دعموش أن التصعيد الإسرائيلي الأخير والتهديد بالاستعداد لتحركات هجومية جديدة داخل لبنان، «لن يغير موقفنا، ولن يبدل معادلاتنا، ولن يصرفنا عن الميدان، فالتصعيد ليس في مقابله إلا التصعيد، ونحن قوم لا نخشى التهديد ولا التهويل».

آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة الخيام بجنوب لبنان (د.ب.أ)

ميدانياً، رد «حزب الله»، الأحد، على مقتل 3 مسعفين في استهداف لسيارة إطفاء في بلدة الغندورية ليل السبت، بإطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه الجليل الأعلى والجليل الغربي.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد، أنه شن سلسلة من الغارات الجوية على أهداف لـ«حزب الله» في جنوب لبنان، مؤكداً أنه اعترض عدداً من المقذوفات التي أطلقت من لبنان خلال الليل.

وقال الجيش في بيان إن سلاح الجوي الإسرائيلي «ضرب منشآت عسكرية لـ(حزب الله) في مناطق عيترون ومارون الراس ويارون في جنوب لبنان».

وقال «حزب الله» في بيان إنه «قصف (...) للمرة الثانية مستعمرة كريات شمونة بصليات مكثفة من الصواريخ» رداً على «اعتداءات العدو (...) خصوصاً المجزرة المروعة في بلدة فرون التي أسفرت عن شهداء وجرحى من الدفاع المدني». كذلك، أعلن «الحزب» استهداف منطقة قرب كريات شمونة.

3 مسعفين قضوا في استهداف إسرائيلي لهم في أثناء إطفاء الحرائق في فرون بجنوب لبنان السبت (متداول)

استهداف الدفاع المدني

والسبت، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 3 مسعفين جراء «استهداف» إسرائيل فريقاً من الدفاع المدني كان يعمل على إخماد حرائق في جنوب لبنان، علماً أن الاستهداف كان الثاني بعد 12 ساعة على استهداف فريق آخر في المنطقة الحدودية كان يحاول إطفاء النيران. وأكدت حركة «أمل» الحليفة لـ«حزب الله» أن اثنين من المسعفين كانا ينتميان إليها. وأشارت إلى أن كلاً منهما «استُشهد في أثناء قيامه بواجبه الإنساني والوطني دفاعاً عن لبنان والجنوب». وأدان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي «هذا العدوان الجديد ضد لبنان»، وعدَّه «خرقاً فاضحاً للقوانين الدولية وعدواناً سافراً على القيم الإنسانية».

وشجبت وزارة الصحة العامة «هذا الاعتداء الإسرائيلي السافر الذي طال فريقاً في جهاز رسمي تابع للدولة اللبنانية، علماً بأنه الثاني من نوعه ضد فريق إسعاف في أقل من 12 ساعة». وأكدت الوزارة أن إصرار العدو الإسرائيلي على مراكمة هذه الاعتداءات التي يحظرها القانون الدولي، ليس سوى تأكيد على همجيته ونياته العدوانية التي لا تترك مجالاً لإنجاز مهام إنسانية يفسح لها المجال عادة في أعتى الحروب وأقساها».

عناصر من الدفاع المدني يعملون على إطفاء حرائق ناتجة عن قصف إسرائيلي بجنوب لبنان (جمعية الرسالة)

ولم يكن استهداف فرق الإسعاف الأول من نوعه، إذ أكد وزير الصحة العامة فراس الأبيض في بيان، أن «هذا الاعتداء السافر والمستهجن والذي يضرب بعُرض الحائط القوانين والأعراف الدولية، هو حلقة مؤلمة في سلسلة طويلة طالت الجسم الإسعافي والصحي في لبنان».

وقال الأبيض: «حتى تاريخه وبسبب العدوان، استُشهد 25 مسعفاً من مختلف فرق الإسعاف العاملة في الميدان، وكذلك استُشهد عاملان صحيان، وأصيب 94 مسعفاً وعاملاً صحياً بجروح، واستُهدف مستشفيان هما مستشفيا ميس الجبل والشهيد صلاح غندور اللذان يشكّلان مرفقين صحيين ضروريين للأهالي والنازحين قسراً الموجودين في المناطق المعرّضة والمتاخمة للاعتداءات، كما استهدف 21 مركزاً صحياً وخرجت عن الخدمة، أو تضررت جزئياً 32 آلية إسعاف وإطفاء».

وناشد «المراجع والهيئات الدولية الإنسانية، وضْع حد نهائي لهذا الاستهداف المتكرر والمتعمد للعاملين الصحيين والمدنيين والمرافق والتجهيزات التابعة لهم، حيث من المطلوب تكثيف الجهود الصادقة لتحقيق هذا الهدف».