بعد عمليات الضفة... القتال المطوَّل على جبهات متعددة ينهك الجيش الإسرائيلي

دمار هائل خلفته عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مخيم نور شمس (د.ب.أ)
دمار هائل خلفته عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مخيم نور شمس (د.ب.أ)
TT

بعد عمليات الضفة... القتال المطوَّل على جبهات متعددة ينهك الجيش الإسرائيلي

دمار هائل خلفته عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مخيم نور شمس (د.ب.أ)
دمار هائل خلفته عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مخيم نور شمس (د.ب.أ)

يسلط هجوم الجيش الإسرائيلي متعدد الأطراف على المقاتلين في الضفة الغربية، الضوء على مدى تعقيد الظروف المتدهورة في الأراضي الفلسطينية، والمتطلبات الجديدة على جيش منهك أصلاً؛ بسبب الحرب على قطاع غزة، والتصعيد على الحدود مع لبنان، وفق تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وتقلت الصحيفة في تقريرها عن محللين إسرائيليين قولهم إن «القتال المتجدد في الضفة الغربية، أثار شبح القتال المطول على جبهات متعددة».

يسير الناس أمام الدمار الذي خلفته عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق في مخيم نور شمس للاجئين في طولكرم (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي منهك

وقال غاي أفياد، الباحث في شؤون «حماس» والضابط الإسرائيلي السابق لـ«وول ستريت»: «الجيش اليوم منهك، في نهاية المطاف لدينا مجموعة محدودة للغاية من جنود الاحتياط الذين يحملون ثقل القتال، إنهم الأشخاص أنفسهم طوال الوقت».

ولفتت الصحيفة إلى أن الفصائل الأحدث والأصغر سناً، تصاعدت في السنوات الأخيرة، رغم استخدام الحكومة والجيش الإسرائيليين كل الوسائل للضغط عليها، فيما تضم الحكومة بعض قادة المستوطنين البارزين، الذين عملوا على توسيع المستوطنات، وشن عدوان على المدن الفلسطينية.

مسلح فلسطيني يحضر جنازة عايد أبو الهيجا (69 عاماً) الذي قُتل خلال عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم نور شمس للاجئين (إ.ب.أ)

«أبو شجاع» يلهم شباباً فلسطينيين

وتطرقت الصحيفة إلى مقتل قائد كتيبة جنين في «سرايا القدس» بطولكرم محمد جابر الملقب بـ«أبو شجاع»، مشيرة إلى أنه «رمز لجيل جديد من القادة المسلحين في الضفة الغربية، واستحوذ على خيال بعض الشباب الفلسطيني في وقت سابق، بعد شيوع أنباء عن اغتياله».

ووفق الصحيفة، فإنه حتى قبل حرب غزة، كانت الضفة تنحدر إلى حالة من الاضطراب مع تصاعد التوغلات العسكرية، والهجمات العنيفة على الفلسطينيين من قبل المستوطنين، ورأت أن الحرب على غزة «صبت الوقود على الوضع في الضفة»، لافتة إلى مقتل 622 فلسطينياً، منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، في حين نفذ المستوطنون 1200 هجوم.

واتهمت جماعات حقوق الإنسان وحدات محددة من الجيش الإسرائيلي بارتكاب انتهاكات ضد الفلسطينيين في الضفة، وتشمل هذه الوحدات عدداً من الجنود المتشددين، الذين خضعوا للتدقيق بعد وفاة رجل فلسطيني أميركي مسن في عام 2022 كان قد احتجزه الجنود.

ووصف تحقيق عسكري إسرائيلي الحادث بأنه «فشل أخلاقي من جانب الجنود»، الذين يتبعون كتيبة «نيتساح يهودا».

يرفع رجل فلسطيني ذراعيه بعدما أوقفته القوات الإسرائيلية وفتشته خلال عملية عسكرية في مدينة الخليل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

موقف دفاعي

وفي هذا الإطار، قالت تهاني مصطفى، المحللة الفلسطينية البارزة في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة لحل النزاعات مقرها بروكسل لـ«وول ستريت»: «لقد رأينا الفلسطينيين في الضفة الغربية يضطرون إلى اتخاذ موقف دفاعي، ليس لديهم أي شيء آخر، إنها مسألة أمن شخصي في هذه المرحلة، سواء كان ذلك ضد جنود الجيش الإسرائيلي المتطرفين أو المستوطنين».

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بوقوع 20 قتيلاً منذ بدء العملية الإسرائيلية في الضفة الغربية، الأربعاء الماضي. وأعلنت حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي» أن 13 على الأقل من القتلى ينتمون إلى «كتائب القسام» و«سرايا القدس» الذراعين المسلحتين لهما.

وقال سكان فلسطينيون في طولكرم إنهم حوصروا فعلياً في منازلهم منذ بدء العملية الإسرائيلية، ليل الثلاثاء، خوفاً من الخروج إلى الشوارع بسبب القصف العنيف.

وقال فراس خليفة (48 عاماً)، الذي يعيش في مخيم نور شمس للاجئين في طولكرم للصحيفة: «البنية التحتية مدمرة، الإنترنت يعمل بالكاد، اتصل بعض الناس بالهلال الأحمر لإجلائهم، لكن الجيش الإسرائيلي لم يسمح لهم بالمرور».

مخاطر استراتيجية لإسرائيل

وبحسب ما أكد محللون عسكريون للصحيفة، فإن «العملية الحالية تشكل مخاطر استراتيجية لإسرائيل، فقد تعرضت قواتها المسلحة لضغوط بسبب القتال الذي استمر قرابة 11 شهراً في غزة والصراع المتصاعد مع «حزب الله»، ويعتمد الجيش بشكل كبير على جنود احتياطيين بدوام جزئي، الذين يقولون إنهم منهكون من أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ عقود».

وقال شلومو موفاز، وهو مسؤول كبير سابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، للصحيفة، إن العملية في الضفة الغربية تشمل مئات الجنود، بمن في ذلك القوات التي تم نقلها إلى الميدان من دورات تدريبية وقوات احتياطية كتعزيزات، وأضاف: «يحتاج الجيش إلى تعلم كيفية الانتشار عبر ساحات عدة. ليس لديه خيار».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الإسرائيلي يوافق على استمرار العمليات العسكرية على الجبهة الشمالية

شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (رويترز-أرشيفية)

وزير الدفاع الإسرائيلي يوافق على استمرار العمليات العسكرية على الجبهة الشمالية

قال متحدث باسم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الثلاثاء)، إن الوزير وافق على استمرار العمليات العسكرية الهجومية على الجبهة الشمالية.

أوروبا وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تتحدث في مؤتمر صحفي في ختام اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع (د.ب.أ)

مجموعة السبع: الآن الوقت المناسب لوقف إطلاق النار في لبنان

كثف وزراء خارجية مجموعة الدول السبع اليوم (الثلاثاء)، الضغوط على إسرائيل لقبول اتفاق وقف إطلاق النار مع «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

يشعر الفلسطينيون في غزة بالخوف من أن تصب إسرائيل كامل قوتها العسكرية على القطاع، بعد ظهور احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية أشخاص يتفقدون الدمار في موقع غارة جوية إسرائيلية ليلية استهدفت حي الشايح بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

إسرائيل: لن نتسامح مع أي انتهاك لوقف إطلاق النار في لبنان

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن إسرائيل تبدو مستعدة للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».