هدنة غزة: «مؤشرات قاتمة» تُربك مفاوضات جولة القاهرة

إسرائيل تتحدث عن قضايا عالقة «لم تحل»... ومصر تدعو لضغوط دولية

نقل جريح فلسطيني إلى مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
نقل جريح فلسطيني إلى مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

هدنة غزة: «مؤشرات قاتمة» تُربك مفاوضات جولة القاهرة

نقل جريح فلسطيني إلى مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
نقل جريح فلسطيني إلى مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

عقبات عديدة تنتظر جولة مرتقبة بالقاهرة بشأن مفاوضات هدنة غزة، أبرزها رفض إسرائيل الانسحاب من محور فيلادلفيا على خلاف رغبة كل من القاهرة و«حماس»، وسط مطالب مصرية بضغوط دولية لإبرام الاتفاق بعدّه «السبيل الوحيد» لخفض التصعيد بالمنطقة.

ووفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن «المؤشرات الحالية قاتمة ويمكن عدّها متعمدة لإرباك محادثات القاهرة»، لافتين إلى أن «رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعول على تأجيل حسم المفاوضات لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أملاً في وصول حليفه المرشح الجمهوري دونالد ترمب».

وأكد هؤلاء «ضرورة تحقيق ضغوط دولية، ولا سيما أميركية على نتنياهو، للذهاب لاتفاق يبدو حالياً أنه يواجه عقبات أكثر من مساعي تحقيقه».

ووسط زيارة كان يجريها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لمصر، قال نتنياهو، الثلاثاء، إن «إسرائيل لن تنسحب من محور فيلادلفيا تحت أي ظرف»، ووصفت واشنطن تلك التصريحات بأنها «متشددة وليست بنّاءة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار»، بحسب ما ذكره مسؤول أميركي كبير يرافق بلينكن، في جولته بالشرق الأوسط، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، ورفضتها أيضاً مصر على لسان مصدر رفيع المستوى، جدد تمسك القاهرة «بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من معبر رفح ومحور فيلادلفيا».

جانب من زيارة بلينكن للدوحة (الخارجية الأميركية)

وبينما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن «الخلافات بشأن القضايا العالقة لم تحل»، تمسكت «حماس» في بيان لها، بمقترح سابق أبلغت الوسطاء موافقتها عليه في 2 يوليو (تموز) لإبرام اتفاق هدنة، رافضة الالتزام بأي مقترح جديد، بعد الحديث عن نسخة جديدة طرحتها واشنطن، الجمعة، عقب مفاوضات بالدوحة، وتنتظر أن تناقش بجولة القاهرة.

ورفضت «حماس» في البيان ذاته، اتهام الرئيس الأميركي جو بايدن، لها بأنها «تتراجع» عن إبرام اتفاق، مؤكدة أن نتنياهو بأنه هو «من يعرقل الوصول لاتفاق، ويضع شروطاً وطلبات جديدة».

ويرى مساعد وزير الخارجية الأسبق المصري السفير رخا أحمد حسن، أن من المؤشرات غير الإيجابية، طريقة استقبال بلينكن في قطر، حيث لم يلتق أمير الدولة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولا نظيره القطري، فيما تم استقباله من وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، مؤكداً أن «الدوحة تبدو مستاءة من عدم التوصل لاتفاق».

مسعفون يحملون جثة من موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي فلسطينيين نازحين (أ.ف.ب)

وكانت الخارجية القطرية، أفادت الثلاثاء بحدوث لقاء بين الخليفي وبلينكن، في ظل جولة خارجية يقوم بها رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، الذي أجرى الأربعاء محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الأميركي بشأن جهود الوساطة.

وخلال الاتصال الهاتفي، أكد رئيس الوزراء القطري لبلينكن، «أهمية توحيد الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى اتفاق يؤدي لوقف إطلاق النار في غزة ويجنب المنطقة تبعات التصعيد الإقليمي».

ويحاول نتنياهو، وفق رخا، «إفساد أي اتفاق» ولا يزال يراهن على «عدم حدوثه قبل الانتخابات الأميركية أملاً في وصول حليفه ترمب، للحصول على دعم ومكاسب أكبر».

وتعد الأكاديمية المتخصصة في العلاقات الدولية، نورهان الشيخ، أن «تمسك كل طرف سواء حماس أو إسرائيل بموقفه، والتعنت الإسرائيلي بشأن عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، يعطيان مؤشرات قاتمة بشأن أي انفراجة محتملة في محادثات القاهرة».

يضاف إلى ذلك، وفق الشيخ، «حالة الارتباك» التي تشهدها إدارة بايدن والتي ألقت بظلالها على المفاوضات، ما انعكس على عدم وجود تأثير حقيقي على نتنياهو، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة.

وبالتوازي، تواصل القاهرة جهودها المكثفة لحضّ طرفي الأزمة على إبرام الاتفاق.

وطالب وزير الخارجية والهجرة، الدكتور بدر عبد العاطي في محادثات هاتفية، الثلاثاء، مع نظيرته الكندية، ميلاني جولي بـ«ضرورة تكاتف أطراف المجتمع الدولي من أجل التوصل لوقف شامل لإطلاق النار، بعدّه السبيل الوحيد لوقف التصعيد في المنطقة واحتواء مخاطر توسيع دائرة الصراع».

وطالب عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، الثلاثاء، بأن «تترفع الأطراف فوق أي مصالح ذاتية، وبتحكيم العقل والمنطق»، آملاً في أن تكون مفاوضات الخميس والجمعة «فرصة ذهبية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار يجنب المنطقة التصعيد».

نقل جريح فلسطيني إلى مستشفى ناصر بعد قصف إسرائيلي على خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

كما توافق الوزير المصري، مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، خلال محادثة هاتفية الأربعاء، على «أهمية التوصل إلى صفقة بشكل عاجل يتم بموجبها الوقف الفوري لإطلاق النار»، بجانب «التأكيد على أن وقف الحرب فى القطاع من شأنه أن يساهم فى خفض حدة التصعيد فى المنطقة بأكملها»، وفق إفادة للخارجية المصرية.

إلا أن المؤشرات الحالية، وفق السفير رخا، تشي بأن «العقبات أكثر من الإيجابيات» وهناك صعوبة في اجتياز تلك العقبات مع عدم ممارسة واشنطن ضغوطاً حاسمة على إسرائيل.

وتتفق معه الدكتورة نورهان الشيخ على أن «الأجواء ليست مبشرة بالتوصل لاتفاق والفرصة قد تتلاشى مع انشغال واشنطن بانتخابات قريبة»، كما أنه «ليست هناك مؤشرات» تفيد بإمكانية أن يضغط الوسطاء أكثر، مع عدم تقبل إسرائيل و«حماس» بالتراجع عن موافقهما


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
TT

البرلمان العراقي يستأنف فصله التشريعي بمناقشة التهديدات الإسرائيلية

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة انتخاب رئيسه محمود المشهداني الشهر الماضي

على الرغم من خلو جدول أعمال جلسة البرلمان العراقي المقررة الاثنين من أي بند يتعلق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على العراق، أفادت مصادر برلمانية بأن الجلسة ستشهد مناقشة هذا الموضوع في جلسة سرية.

وتسود الأوساط الرسمية والشعبية العراقية مخاوف متزايدة من احتمال وقوع الضربة في أي لحظة، وسط تداول واسع لعشرات الأهداف المحتملة للقصف، ويتبع معظمها فصائل مسلحة، بما في ذلك محطات فضائية مملوكة لهذه الفصائل.

وفي ظل غياب موقف رسمي حكومي واضح حيال التهديدات الإسرائيلية، خاصة بعد المذكرة التي وجهتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة والتي تضمنت شكوى ضد العراق، هي الأولى منذ قصف مفاعل «تموز» العراقي عام 1981 خلال الحرب العراقية - الإيرانية؛ صرح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بأن التهديدات الإسرائيلية أصبحت أكثر جدية من أي وقت مضى.

البرلمان العراقي الذي استأنف فصله التشريعي قبل أسبوعين عقب انتخاب رئيس جديد له، فشل في عقد جلسة بسبب الخلافات حول ما يُعرف بـ«القوانين الجدلية»، مثل قانون الأحوال الشخصية، وقانون العفو العام، وقضية عائدية العقارات إلى أصحابها الأصليين. إلا أن تصاعد مخاطر التهديدات الإسرائيلية ضد العراق دفع البرلمان إلى عقد جلسة يوم الاثنين، تضمنت بنوداً عادية دون التطرق إلى القوانين الخلافية.

وفي حين لم تتضح بعد طبيعة النقاشات التي سيجريها البرلمان، أو ما إذا كانت ستُتخذ قرارات محددة، أكدت رئاسة البرلمان أن أي قرارات تصدر ستكون داعمة لجهود الحكومة.

صمت على جبهة الفصائل

في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اتخاذ قرارات صارمة لحفظ سيادة البلاد، التزمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران الصمت منذ أيام. وكان السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قد أصدر أوامر صارمة بشأن التعامل مع أي ضربات صاروخية قد تنفذها الفصائل المسلحة التي دأبت على توجيه ضربات من الأراضي العراقية نحو إسرائيل.

ووفقاً لتعليمات السوداني، فإن مسؤولية إطلاق أي صاروخ تقع على عاتق القطعات العسكرية الماسكة للأرض، والتي ستتحمل تبعات ذلك.

وبينما يسود الصمت جبهة الفصائل المسلحة، تشير الأوساط السياسية العراقية إلى أن هذا الصمت يأتي بناء على أوامر إيرانية بالتزام الهدوء، خاصة بعدما وضعت إسرائيل إيران على قائمة أهدافها المحتملة في المستقبل القريب، رغم إشارات السلام التي بدأ كبار المسؤولين الإيرانيين بإصدارها.

وقال الباحث في الشأن السياسي الدكتور سيف السعدي لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار الحرب والسلم يجب أن يُتخذ ضمن المؤسسات الدستورية وفق المادة (61) من الدستور، عبر تقديم طلب من رئيس مجلس الوزراء وتصويت أغلبية أعضاء البرلمان ومصادقة رئيس الجمهورية، وبالتالي إعلان حالة الطوارئ».

وأضاف السعدي أن «الخطورة تكمن في أن الفصائل المسلحة غير مكترثة بتحذيرات رئيس الوزراء، وسيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة على المدى المنظور، منها قد تكون اغتيالات لشخصيات ومعسكرات ومقرات تابعة لفصائل المقاومة».

وتوقع السعدي أن «يشهد العراق عمليات إسرائيلية قبل نهاية العام؛ مما قد يعقّد الوضع، خاصة أن العراق يقع في محيط إقليمي حساس وملتهب؛ مما سيؤدي إلى ارتدادات كبيرة داخل النظام السياسي العراقي».

وفيما يتعلق باتفاقية الإطار الاستراتيجي التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بحماية النظام السياسي العراقي، أوضح السعدي أن «الاتفاقية تهدف إلى الحفاظ على النظام السياسي وحماية مؤسسات الدولة والديمقراطية في العراق. ومن منظور الولايات المتحدة، تُعتبر الفصائل المسلحة خارج المؤسسات الرسمية؛ مما قد يوفر لإسرائيل مبرراً لضرب العراق بزعم أنها تدافع عن نفسها».

والجدير بالذكر أن فصائل «المقاومة» قد استهدفت إسرائيل خلال شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بأكثر من مائة هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة؛ مما دفع الولايات المتحدة للتدخل عدة مرات للوساطة مع الحكومة العراقية بهدف منع الفصائل من توجيه ضربات أخرى إلى إسرائيل.