انقسام داخل الضباط الإسرائيليين حول احتمالات نجاح المفاوضات

فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر للسكان بإخلاء أحياء شمالية في خان يونس جنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر للسكان بإخلاء أحياء شمالية في خان يونس جنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
TT

انقسام داخل الضباط الإسرائيليين حول احتمالات نجاح المفاوضات

فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر للسكان بإخلاء أحياء شمالية في خان يونس جنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر للسكان بإخلاء أحياء شمالية في خان يونس جنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)

في حين يسود انطباع في إسرائيل بأن الولايات المتحدة تستعد لأسبوع حاسم من الدبلوماسية، تسعى خلاله لاحتواء مخاطر التصعيد إلى حرب أوسع نطاقاً في منطقة الشرق الأوسط، بعد اغتيال زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية وقيادي «حزب الله» اللبناني فؤاد شكر، والدفع نحو اتفاق بين إسرائيل و«حماس» على صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة؛ خرج 71 ضابطاً جديداً في الجيش الإسرائيلي برسالة علنية إلى رئيس الأركان، هيرتسي هليفي، يطالبون فيها بتنفيذ سياسة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وتحقيق انتصار كامل في غزة.

وقد بدا أن هؤلاء الضباط، وهم يشكلون نسبة 40 في المائة من الخريجين الجدد، يستخدمون لغة الخطاب التي يتفوّه بها نتنياهو ويقولون إنهم مدركون لصعوبة الأوضاع لكنهم لا يتنازلون عن النصر التام والكامل. ويعتقدون بأن الجيش بات على شفا تحقيق النصر ولا يجوز أن تتوقف الحرب في مرحلة كهذه، حسب رأيهم.

فلسطينيون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر للسكان بإخلاء أحياء شمالية في خان يونس جنوب قطاع غزة الأحد (د.ب.أ)

«إحباط»

وكان ضباط آخرون كبار في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وجّهوا رسالة ذات مضمون مناقض لرسالة الضباط الصغار، قالوا فيها إنهم يشعرون بـ«إحباط» من أن المستوى السياسي لا يضع أهدافاً سياسية واضحة للحرب على قطاع غزة، وأن الحرب تطول في ظل غياب «غاية استراتيجية - سياسية للأهداف التي يحققها الجيش الإسرائيلي». وذكر موقع «واينت» الإلكتروني، الأحد، أن الضباط «محبطون» بسبب «عدم وجود أي بوصلة من الكابينيت السياسي - الأمني، وعدم صدور أي قرار للمدى البعيد حول وجهة الحكومة في القتال في غزة، والاحتكاك الدائم والقابل للاشتعال قريباً في الشمال» ضد «حزب الله».

ووصف الضباط الكبار هذا الوضع بأنه «مراوحة في المكان نفسه، تضع مصاعب أمام الجيش الإسرائيلي بما يتعلق بنشر قواته والتخطيط للسنوات المقبلة، بما في ذلك التخطيط للمهمات المتعلقة ببلورة مفاهيم الدفاع عن الحدود».

سيارات تنتظر المرور عند حاجز شرق طوباس في الضفة الغربية أغلقه الجيش الإسرائيلي بعد إطلاق نار في منطقة غور الأردن الأحد (أ.ف.ب)

«السلطة بديلاً لحماس»

ورأى أحد الضباط العضو في هيئة الأركان العامة أنه «بالإمكان أن نقيم خلال شهرين أو ثلاثة نوى استيطانية في محور نيتساريم، وأن تتأسس عليها مستوطنات ندافع عنها بقوات دائمة. وهذا حل ممكن والحكومة تملك تفويضاً باتخاذ قرار بشأنه وأن ينفذه الجيش الإسرائيلي كغاية طويلة الأمد في غزة. ويوجد حل آخر استراتيجي لغزة: حكم عسكري إسرائيلي يسيطر على أطنان المواد الغذائية والوقود التي نزودها للسكان الغزيين يومياً، وتصل هكذا إلى (حماس) أيضاً، التي ما زالت واقفة على أرجلها». وتابع: «لكن، بالإمكان، كحل آخر أيضاً، إدخال السلطة الفلسطينية كي تسيطر بدلاً من (حماس)، بشكل تدريجي أو استناداً إلى آلاف الغزيين الذين كانوا جزءاً من (فتح)، وبرعاية إقليمية، مع أثمان سياسية ستدفعها إسرائيل طبعاً. بيد أن المشكلة هي أنه لا يوجد قرار (إسرائيلي) كهذا أو ذاك، وإنما البقاء عالقون في الوضع الراهن الذي سيستمر لسنة أخرى من دون تحقيق غايات الحرب التكتيكية التي يعمل الجنود يومياً من أجلها، من دون وجود هدف سياسي. ومن الصعب لدرجة المستحيل التخطيط في هذا الوضع لبناء وممارسة قوة الجيش الإسرائيلي».

وعلق نتنياهو، على هذا التقرير خلال اجتماع حكومته، الأحد، قائلاً: «سمعت أنهم يدعون في وسائل الإعلام أنه لا يوجد هدف للقتال وأن المستوى السياسي يمنع الجيش الإسرائيلي من التقدم، وهذا ليس صحيحاً. الهدف هو الانتصار. والجيش الإسرائيلي يوجه ضربات إلى (حماس) بمنهجية بهدف القضاء على قدرات (حماس) العسكرية والسلطوية، وفي موازاة ذلك تحرير المخطوفين».

«سد الفجوات»

في سياق متصل، أشار موقع «واللا» الإسرائيلي إلى أن الإدارة الأميركية كلّفت بإدارة هذا الأسبوع الدراماتيكي كلاً من مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، ويليام بيرنز، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكن. وقال الموقع: «بالنسبة لواشنطن، فإن نتائج الأسبوع المقبل ستوضح ما إذا كان الشرق الأوسط سوف يغرق أكثر فأكثر في أزمة وحرب متواصلة ومتوسعة، أو ما إذا كان سيحدث، للمرة الأولى منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، تغيير ملموس، يترجم إلى نتائج إيجابية يمكن أن تشكل إرث الرئيس جو بايدن».

وذكر التقرير أن الجهود «الأميركية والقطرية والمصرية» ستتركز في الأيام المقبلة على محاولة سد الفجوات المتبقية بين إسرائيل و«حماس»، قبل الجولة الأخيرة من المفاوضات بين الجانبين المقررة يوم الخميس القادم، التي وصفها مسؤول إسرائيلي رفيع تحدث لـ«واللا» بأنها «الفرصة الأخيرة» للتوصل إلى اتفاق.

ونقل موقع «واللا» عن ذلك المسؤول قوله إن واشنطن وحلفاءها في أوروبا يمارسون، في الوقت ذاته، ضغوطاً شديدة على إيران و«حزب الله» لعدم الرد على الاغتيالات التي نفذتها إسرائيل في بيروت وطهران. وأشار التقرير إلى أنه «ليس لدى الولايات المتحدة وإسرائيل صورة واضحة حتى الآن حول موعد ومضمون الهجمات المحتملة من إيران و(حزب الله). لكن التقدير العام هو أن (حزب الله) قد يهاجم أولاً، ربما في غضون اليومين المقبلين»، كما نقل التقرير عن مسؤولَين أميركيين ومسؤول إسرائيلي.

وكان مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، جيك سوليفان، قد عقد، الجمعة، اجتماعاً عبر «زوم» مع عائلات ثمانية من الأسرى الأميركيين المحتجزين في غزة، وأطلعهم على جولة المفاوضات الحاسمة التي ستعقد يوم الخميس في القاهرة أو الدوحة، بحسب ما نقل «واللا» عن مصدرين على دراية مباشرة بالاجتماع. وقال سوليفان للعائلات إن بايدن وفريقه يدفعون من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى وتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، ولكن أيضاً لأنهم يعتقدون أن الاتفاق قد يمنع حرباً إقليمية. وأكد أن من الملح التوصل إلى اتفاق، وأوضح أن كلاً من إسرائيل و«حماس» قد غيرتا تفاصيل في الاتفاق المقترح وأضافتا بعض المطالب الجديدة، معتبراً أن «هذا سيتطلب تنازلات وقيادة من كلا الجانبين».

وفي هذا السياق، كشفت هيئة البث العام الإسرائيلية «كان 11» في نشرتها المسائية، السبت، أن فريق المفاوضات الإسرائيلي لم يُدعَ إلى الاجتماع الذي عقده المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) يوم الخميس الماضي، ولم يتطرق الوزراء خلال الاجتماع إلى جولة المحادثات المقررة مع الوسطاء والجانب الأميركي، الخميس.

ونقلت القناة عن مصادر إسرائيلية وأجنبية حالة من عدم التفاؤل قبل المحادثات المقررة الخميس.

ونقلت صحيفة «هآرتس»، الأحد، عن مصدر إسرائيلي قوله إنه وفقاً للمعلومات التي بحوزة إسرائيل، فإن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يحيى السنوار، يريد التوصل إلى صفقة، وإن «السؤال هو ما إذا نتنياهو يريدها، أم أنه سيتساوق مع بن غفير الذي تعهد بتفكيك الحكومة. هل سيتعالى نتنياهو إلى حجم الموضوع ويحرر المخطوفين، أم سيفضل إنقاذ ائتلافه». وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه يوجد «تشاؤم في إسرائيل حيال احتمالات التوصل إلى صفقة».


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي: يجب تنفيذ اتفاق غزة «بشكل صارم»

الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي: يجب تنفيذ اتفاق غزة «بشكل صارم»

أشاد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بالاتفاق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين في قطاع غزة، وقال إنه يجب تنفيذ الاتفاق بشكل «صارم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بايدن يصافح نتنياهو خلال لقاء بالبيت الأبيض في 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بايدن يهنئ نتنياهو على اتفاق وقف إطلاق النار

تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهنئته على اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم الحركة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يحتلفون باتفاق وقف النار في دير البلح بقطاع غزة أمس (أ.ب) وفي الإأطار أقارب لذوي محتجزين إسرائيليين يحتفلون أيضاً في تل أبيب (رويترز)

إسرائيل و«حماس» تستقبلان ترمب بصفقة التبادل

قبل أيام من تنصيب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب، وبعد ضغوط مارستها الإدارتان الأميركيتان، الراحلة والقادمة، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء

«الشرق الأوسط» (عواصم)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو: العمل لا يزال جاريا على «آخر تفاصيل اتفاق» غزة

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ليل الأربعاء-الخميس أنّ العمل لا يزال جاريا على معالجة «آخر تفاصيل» الاتفاق في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي شباب يدقون الطبول ويرقصو في شوارع دير البلح وسط قطاع غزة بعد دقائق من سماع نبأ الاتفاق الذي تم التوصل إليه في العاصمة القطرية الدوحة (أ.ب)

دموع فرح ممزوجة بألم فراق الأحبة في غزة بعد وقف إطلاق النار

عبرت غادة، وهي أم لخمسة أطفال نزحت من منزلها في مدينة غزة أثناء الصراع المستمر منذ 15 شهرا، عن سعادتها الشديدة وقالت إنها تبكي «من الفرح».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)

ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول «سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته».

ويحط ماكرون في بيروت وبمعيته وفد رسمي ضيق، يضم وزيري الخارجية والدفاع جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو، ومبعوثه الخاص إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لو دريان، وعدداً قليلاً من النواب ومجموعة من الشخصيات التي لديها صلات «خاصة» بلبنان، وهم مدعوون شخصيون لماكرون.

ووفق البرنامج المتوافر، فإن ماكرون سيلتقي العماد عون في قصر بعبدا، بعدها سيتحدث الرئيسان إلى الصحافة. كذلك سيلتقي ماكرون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي سبق لفرنسا أن اقترحته رئيساً لحكومة إصلاحية مقابل انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وفي سياق اجتماعاته، سيلتقي ماكرون قادة الفينول في مقر السفير الفرنسي في بيروت ورئيسي مجموعة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار «الجنرالين الأميركي والفرنسي» لمراجعة كيفية تطبيق الاتفاق، والعمل على تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني.

تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان «بلد أكبر من حجمه»، وأنه «يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية». وتعتبر هذه المصادر أن «انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم». وباختصار، تريد باريس أن «تساهم في بزوغ لبنان الجديد».

يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.

وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد «جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701». وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة «فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم». أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و«حزب الله» أيضاً، إلى الالتزام به.

ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على «ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها»؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.

تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة «حزب الله» للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن «حزب الله» فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.

وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر «الإليزيه» أن الرئيس ماكرون «شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية» اللبنانية. وترى باريس أنه «بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين».

أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها «رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم»، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.

وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان «من غير ترميم الثقة الدولية به»؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.

وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور «مستمر» مع واشنطن، وأن الطرفين «توصلا إلى رؤية مشتركة» بالنسبة للبنان.