دمشق: اغتيال هنية «انتهاك خطير» لسيادة إيران و«القانون الدولي»

الأسد مصافحاً النخالة وخلفه خليل الحية ضمن وفد فلسطيني زار دمشق أكتوبر 2022  (سانا - أ.ب)
الأسد مصافحاً النخالة وخلفه خليل الحية ضمن وفد فلسطيني زار دمشق أكتوبر 2022 (سانا - أ.ب)
TT

دمشق: اغتيال هنية «انتهاك خطير» لسيادة إيران و«القانون الدولي»

الأسد مصافحاً النخالة وخلفه خليل الحية ضمن وفد فلسطيني زار دمشق أكتوبر 2022  (سانا - أ.ب)
الأسد مصافحاً النخالة وخلفه خليل الحية ضمن وفد فلسطيني زار دمشق أكتوبر 2022 (سانا - أ.ب)

حذرت دمشق من أن يقود اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران إلى «اشتعال» المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان لها أدانت فيه عملية الاغتيال: «ارتكب الكيان الصهيوني فجر اليوم جريمة جديدة عندما قام بعدوان إرهابي في العاصمة الإيرانية طهران، وأدى إلى استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية إسماعيل هنية». وأضافت أن هذا العمل «الدنيء جاء بعد سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية الآثمة على مواقع عديدة في المنطقة، بما في ذلك الجولان السوري المحتل ولبنان، والعراق، إلى جانب استمراره بارتكاب مذابح الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية».

واعتبرت دمشق أن اغتيال هنية في طهران «انتهاك خطير» لسيادة إيران ويعد «انتهاكاً للقانون الدولي»، مؤكدة على «أن استمرار استهتار الكيان الإسرائيلي بالقوانين الدولية، وعدم انصياعه لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، ودعوات معظم دول العالم لوقف مجازره، قد يقود إلى اشتعال المنطقة برمتها».

وأعربت دمشق عن وقوفها إلى جانب إيران وتضامنها معها، ومع الشعب الفلسطيني «المقاوم والصامد في مواجهة آلة العدوان الإجرامية» بحسب ما جاء في البيان الذي نشرته وسائل الإعلام الرسمية السورية الأربعاء.

الأسد مصافحاً النخالة وخلفه خليل الحية ضمن وفد فلسطيني زار دمشق أكتوبر 2022 (سانا - أ.ب)

يشار إلى أن حركة «حماس» كانت ولغاية عام 2012 من أبرز حلفاء دمشق الفلسطينيين، إلا أن العلاقات توترت بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011، وفي عام 2012 نقلت الحركة مكاتبها من دمشق إلى الدوحة، وبعد نحو عشر سنوات أعلنت «حماس» عن رغبتها في إعادة استئناف علاقتها مع دمشق، وزار وفد منها دمشق عام 2022، وجرى تبادل التصريحات بالرغبة في تجاوز الماضي، لتدخل العلاقات في طور الهدوء، دون استئناف فعلي لها.

في المقابل تعززت علاقة طهران مع «حماس» و«حزب الله» اللبناني كجزء من محور «المقاومة» الذي يضم أيضاً دمشق وطهران وفصائل عراقية وحركة أنصار الله الحوثية في اليمن.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل قائد «القسّام» محمد الضيف

شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء الغارة الإسرائيلية على مخيم المواصي حيث قالت إسرائيل إنها قتلت الضيف (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يؤكد مقتل قائد «القسّام» محمد الضيف

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، مقتل قائد «كتائب القسّام» محمد الضيف في ضربة جوية إسرائيلية على غزة الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
آسيا نائب رئيس حركة «فتح» محمود العالول (يسار) وعضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق (يمين) رفقة وزير الخارجية الصيني وانغ يي

«الخارجية الصينية»: نأمل في أن تتمكّن الفصائل الفلسطينية من إقامة دولة مستقلة قريباً

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، اليوم (الخميس)، إن الصين تأمل في أن تتمكّن الفصائل الفلسطينية من إقامة دولة مستقلة في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط»
أوروبا نشر رئيس الوزراء الماليزي مقطع فيديو مسجلاً لاتصال هاتفي مع قيادي في «حماس» لتقديم التعازي في وفاة هنية لكن تم حذفه في وقت لاحق (أ.ف.ب)

رئيس وزراء ماليزيا غاضب بسبب حذف «فيسبوك» منشوراً عن هنية

نشر رئيس الوزراء الماليزي مقطع فيديو مسجلاً لاتصال هاتفي مع قيادي في «حماس» لتقديم التعازي في وفاة هنية لكن تم حذفه في وقت لاحق.

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
شمال افريقيا متظاهرون يلوّحون بالأعلام أثناء مشاركتهم في مظاهرة تنديدية باغتيال إسماعيل هنية بعد صلاة العشاء في «الفاتح» بإسطنبول (أ.ف.ب)

بالصور... مظاهرات في إسطنبول وتونس والرباط تنديداً باغتيال هنية

انطلقت مظاهرات في كلّ من إسطنبول وتونس والرباط، أمس (الأربعاء)، تنديداً باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية المرشد الإيراني علي خامنئي يستقبل قائد «حماس» إسماعيل هنية ووفداً من الحركة (أرشيفية - وكالة إرنا)

«إعلام إيراني»: خامنئي سيؤم صلاة الجنازة على إسماعيل هنية

 قالت وسائل إعلام إيرانية رسمية، صباح اليوم (الخميس)، إن الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي، سيؤم صلاة الجنازة على زعيم حركة حماس إسماعيل هنية اليوم.

«الشرق الأوسط» (طهران)

دلالات اغتيال هنيّة وحسابات «الدولة العميقة»

دلالات اغتيال هنيّة وحسابات «الدولة العميقة»
TT

دلالات اغتيال هنيّة وحسابات «الدولة العميقة»

دلالات اغتيال هنيّة وحسابات «الدولة العميقة»

اغتيال رئيس حركة «حماس»، إسماعيل هنية، في قلب مجمع الحرس الثوري الإيراني، فجر اليوم (الأربعاء)، واغتيال قائد أركان «حزب الله»، فؤاد شكر، قبله بساعات قليلة في قلب ضاحية بيروت الجنوبية، يجعل التعبير «ضربات محسوبة ومحدودة» موضوع تهكُّم وسخرية كبيرين؛ فهذا الاغتيال يفتح الباب أمام تصعيد في الحرب، بأقل احتمال، وتصعيد كبير جداً قد يتحول إلى حرب إقليمية شاملة، ولا يقل خطورة عن ذلك، يعني اغتيال المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس».

وتشير التقديرات إلى أن المجتمعين توقعوا أسوأ ردّ من الأطراف الأخرى، بما في ذلك عودة «حماس» إلى تنفيذ عمليات انتقام مسلحة داخل إسرائيل وعبر «حزب الله» الذي يهدد بالانتقام الشديد، وحتى دخول إيران بشكل مباشر، لاعتبارها اغتيال هنية إهانة عسكرية استراتيجية.

كل هذه الحسابات طُرِحت في الاجتماع الذي تقرر فيه تنفيذ اغتيال هنية، الذي ضم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، ورئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، ورئيس «الموساد»، الذي يترأَّس فريق التفاوض مع «حماس»، ديفيد برنياع، ورئيس المخابرات العامة (الشاباك)، رونين بار، الذي يشارك في هذه المفاوضات، وغيرهم من قادة الأجهزة. وقد بدأ الاجتماع في الثامنة من مساء الثلاثاء، واستمر بلا انقطاع. ودُرِست فيه كل السناريوهات ولم ينفضَّ إلا عندما «تأكدوا من إتمام العملية بنجاح»، فجر الأربعاء.

فماذا يعني ذلك؟

أولاً لافت للنظر تركيبة أصحاب القرار؛ فالاغتيال لم يكن قرار حكومة اليمين المتطرف، بل قرار الدولة العميقة في إسرائيل. فهذه المؤسسة تجري عادة حسابات واسعة وعميقة. فما الدافع لأن تتخذ قراراً مغامراً كهذا، تشترك فيه مع نتنياهو، الذي تتهمه بصراحة بالغة بأنه معنيّ بالاستمرار في الحرب لخدمة مصالحه الشخصية والحزبية؟ هل يوجد هنا التقاء مصالح مفاجئ؟

يبدو أن هذا هو السر. التقاء المصالح. وربما أكثر من ذلك؛ رضوخ المؤسسة العسكرية والدولة العميقة لإرادة نتنياهو. فما مصلحتها في هذا؟

هنا نأتي إلى بيت القصيد: الصرعات والصراعات الداخلية، التي لا تقل وزناً عن الحسابات الإقليمية والدولية. فالجيش الإسرائيلي وبقية الأجهزة الأمنية تعيش كارثة معنوية منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث وقعت في إخفاق يعتبره قادتها أكبر إخفاق في تاريخ الدولة العبرية. لقد حاولت التغلب على هذه الكارثة بحرب شعواء دمرت فيه قطاع غزة بشكل شبه كامل، فهم بوضوح على أنه ليس موجهاً ضد «حماس» لإبادتها بل ضد الشعب الفلسطيني كله. قتلوا نحو 40 ألفاً، ثلثاهم من النساء والأطفال والمسنين والعَجَزة. دمروا كل الجامعات والمستشفيات ومعظم المدارس والجوامع والكنائس. قتلوا علماء وصحافيين وأطباء ومعلمين وباحثين ومخترعين وفقهاء ورجال دين.

كان من أهداف هذه الشراسة ترك علامات تُحفَر في ذاكرة الشعب الفلسطيني كنكبة ثانية، مثلما حفرت أميركا في ذهن اليابانيين مجزرة هيروشيما، وفي ذاكرة الألمان مجزرة دريزدين. لكن هذا كله لم يحقق أياً من أهداف الحرب. وبقيت الصورة الختامية أن الجيش الإسرائيلي بعظمة قوته (ثلاثة أرباع المليون جندي ومئات الطائرات الحديثة والصواريخ الجبارة وآلاف الأطنان من المتفجرات) وبضخامة وحداثة أسلحته ودعم الولايات المتحدة وحكومات الغرب له، يدير حرباً تستغرق 10 أشهر ضد تنظيم مسلح محدود القوة (30 - 40 ألف عنصر) وفقير الأسلحة، ولم يستطع حسمها.

هذه المشكلة أثارت تساؤلات كثيرة لدى الحلفاء والأصدقاء، الذين كانوا يأتون لتعلم دروس الحرب من الجيش الإسرائيلي. ولكنها أثارت أسئلة أكثر لدى الجمهور الإسرائيلي. وبسبب الصراعات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي، ومحاولات حكومة اليمين درء الاتهامات عنها بالمسؤولية عن الإخفاق، زاد اليمين على الوقود ناراً، فراح يحرض على قيادة الجيش ويتهمها بالفشل وبالجبن. ودلت الاستطلاعات على أن ثقة الجمهور الإسرائيل بالأجهزة الأمنية انخفضت بشكل حاد من 90 في المائة إلى 70 و60 في المائة.

وصار رئيس أركان الجيش وجنرالاته يتعرضون لإهانات حتى في جلسات الحكومة، من وزراء عديدين وليس فقط بن غفير وسموترتش. وكان نتنياهو يسمع ويسكت. ولكن ابنه لم يسكت فينشر في الشبكات الاجتماعية دعماً لحملة التحريض هذه.

ومن هنا كان الطريق قصيراً، لنرى المستوطنين يعتدون على جنود الجيش الإسرائيلي الذين يحمونهم في الضفة الغربية، وأكثر من ألفي عنصر من نشطاء الليكود والصهيونية الدينية يهاجمون ثلاث قواعد عسكرية، ويعتدون على الجنود برفقة وزراء ونواب، بحجة الدفاع عن جنود متهمين باغتصاب أسري فلسطينيين.

لقد قررت الأجهزة الأمنية استعادة هيبتها المهدورة، أياً كان الثمن، فانتهزت فرصة التراخي الأمني في الضاحية وفي طهران، ووجَّهت ضربتيها. ولديها قناعة بأن هناك مَن سيتدخل من وراء البحار لمنع توسع التوتر إلى حرب شاملة. فهل سيسعفها هذا الاستعراض للعضلات؟ أم أن الجشع لدى اليمين سيطالبها بالمزيد من هذه العضلات؟ هل سيكون الرد محسوباً ومحدوداً، ووفق أي حسابات؟