ضربة الضاحية... هل انتهى «الرد الإسرائيلي» أم اقتربت الحرب الشاملة؟

صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
TT

ضربة الضاحية... هل انتهى «الرد الإسرائيلي» أم اقتربت الحرب الشاملة؟

صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

سواء نجحت الضربة الإسرائيلية في «تحييد» القائد العسكري المستهدف في «حزب الله» أو لا، يجدر التفكير في تداعيات العملية التي حصلت مساء الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت.

فإسرائيل سارعت إلى القول عبر وسائل إعلام عدة إن «الهجوم» على ضاحية بيروت انتهى بالنسبة إليها، وإن الأمر يتوقف الآن على رد فعل «حزب الله».

الجو الإسرائيلي يبدو متجهاً نحو الاكتفاء بما تعدّه حكومة بنيامين نتنياهو رداً على ما حصل في بلدة مجدل شمس في الجولان، خصوصاً أن اغتيال مسؤول عسكري كبير في «حزب الله» (يتردد على نطاق واسع أنه فؤاد شكر المستشار العسكري للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله) يُرضي بلا شك الرأي العام الإسرائيلي. اللافت أن واشنطن التي لا تنفك تكرر أنها لا تريد حرباً واسعةً في الشرق الأوسط سارعت إلى إبداء «تفهّم» للعملية الإسرائيلية مع أنها حصلت في ضاحية بيروت، أي عملياً في ما يُعرف بـ«بيروت الكبرى»، بما يخالف الرغبة في حصر الاشتباك في الجنوب.

أما على الضفة اللبنانية، فيبدو المشهد مختلفاً لأن «حزب الله» لا يعدُّ نفسه مسؤولاً عما حصل في مجدل شمس، وقد سبق له أن نفى نفياً قاطعاً استهداف البلدة. ومن هنا، تقول مصادر في الحزب إن ما حصل في الضاحية الجنوبية هو اعتداء إسرائيلي وتجاوز متكرر لقواعد الاشتباك القائمة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وليس رداً على شيء. ويسوقون أمثلة كثيرة على انتهاك إسرائيل لقواعد الاشتباك، منها استهداف صحافيين في بدايات الحرب وقصف مناطق سكنية واغتيال صالح العاروري في ضاحية بيروت.

بناءً على ذلك تتسع دائرة التساؤل عن المرحلة المقبلة، فهل يمتنع «حزب الله» عن الرد أم يرد بضربة ويثير رد فعل إسرائيلياً جديداً، وتتدحرج الأمور نحو مواجهة شاملة تُسقط الخطوط الحمر التي رسمها الطرفان بحكم الأمر الواقع.

والحرب المحتملة ماذا ستكون؟ هل هي حرب قصف مدمّر متبادل؟ أم أن حرباً برية ستقع ويحصل توغّل بري إسرائيلي في جنوب لبنان؟ ومعلوم أن «حزب الله» يتوعّد في المقابل بتوغّل في أراضي الجليل الأعلى، المنطقة المتاخمة للحدود الجنوبية اللبنانية. وماذا عن حرب إقليمية ممكنة؟ من سيشارك فيها؟ وما هو نطاقها المحتمل؟

في موازاة ذلك، من سيقوم بجهود دبلوماسية لاحتواء الوضع؟ هل هناك غير الدور الأميركي الذي لم ينجح حتى الآن رغم محاولات متكررة وزيارات عدة لآموس هوكشتاين في تهدئة الجبهة اللبنانية الإسرائيلية؟

وبينما قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبدالله بو حبيب، في تصريح تلفزيوني، إنه اتصل بالدوائر المعنية في واشنطن وسمع تأييداً صريحاً للعملية الإسرائيلية، قال سفير لبناني سابق في واشنطن لـ«الشرق الأوسط» إن الإدارة الأميركية لا تريد توسع الحرب لأن تحولها إلى مواجهة إقليمية هو تطور خطير لا يعلم أحد إلى أين سيقود العالم كله. يضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة هي في خضم الأشهر الانتخابية مع كل ما في السباق الحالي من تعقيدات ومفاجآت.

أجواء الضاحية الجنوبية - إن جاز التعبير - تؤكد أن «حزب الله» سيرد رداً مدروساً ودقيقاً أياً تكن العواقب، وأن هذا الرد سيكون «نوعياً» واستراتيجياً.

خلاصة القول إن ضربة الضاحية نقلت المواجهة إلى مرحلة جديدة يترقبها اللبنانيون بقلق كبير على المصير.


مقالات ذات صلة

ضربة إسرائيلية تقتل «قيادياً» من «حزب الله» في جنوب لبنان

المشرق العربي أشخاص يهرعون إلى موقع السيارة المستهدفة في منطقة صور (وسائل التواصل) play-circle

ضربة إسرائيلية تقتل «قيادياً» من «حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه قتل «قائداً» في «حزب الله» بجنوب لبنان في رابع ضربة ينفذها هذا الأسبوع بهذا البلد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار «حزب الله» يشاركون في تشييع مقاتلين ببلدة الطيبة في جنوب لبنان يوم 6 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

ظاهرة العملاء تتزايد في بيئة «حزب الله» وتكشف اختراق قيادته

تحوّل ملف عملاء إسرائيل إلى كابوس يقضّ مضاجع «حزب الله»، وبات خطره يعادل تداعيات الحرب الإسرائيلية ضده وضد بيئته.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي عناصر في قوات الـ«يونيفيل» عند الحدود اللبنانية الجنوبية (د.ب.أ)

إشكالات الـ«يونيفيل» و«الأهالي» في جنوب لبنان تتزايد... والحد منها «مسؤولية حزب الله»

تتكرّر الإشكالات في الفترة الأخيرة بين قوة «الأمم المتحدة» الموقتة العاملة في جنوب لبنان والأهالي، التي كان آخرها يوم الجمعة.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي الرئيس جوزيف عون مجتمعاً مع قادة الأجهزة الأمنية في وقت سابق (رئاسة الجمهورية)

هل يحمل أبو مازن إلى بيروت خطة لجمع السلاح الفلسطيني؟

يستعد لبنان الرسمي لاستقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الأربعاء المقبل، في زيارة يُفترض ألا تشبه سابقاتها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي مركبات تابعة لـ«اليونيفيل» تسير في مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)

بعد هجوم على دوريتها جنوب لبنان... «اليونيفيل»: يجب الامتناع عن تعريض حياة قواتنا للخطر

أفادت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) اليوم (الجمعة)، بأن إحدى دورياتها تعرضت لهجوم «بوسائل عنيفة» أثناء نشاط عملياتي في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السوداني من «قمة بغداد»: صندوق لإعمار غزة ولبنان

TT

السوداني من «قمة بغداد»: صندوق لإعمار غزة ولبنان

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية ببغداد
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية ببغداد

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، خلال كلمة العراق في القمة العربية بدورتها الرابعة والثلاثين، عن 18 مبادرة لتنشيط العمل العربي، إضافة إلى تخصيص العراق 40 مليون دولار لإعادة الإعمار في غزة ولبنان، بواقع 20 مليوناً لكل منهما.

ولم يذكر السوداني تفاصيل مبادرات النقاط الثمانية عشرة، لكنه أشار إلى أنها تتضمن «مبادرة تأسيس الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار ما بعد الأزمات والصراعات والحروب».

ورحّب السوداني في مستهل كلمته بضيوف القمة، مؤكداً أن بلاده «تعتمد سياسة خارجية تضع الشراكة أولوية».

وقال إن «رؤيتنا لنهاية الأزمات ومناشئ الصراع في المنطقة تنطلق من حصول الشعب الفلسطيني على كامل حقه في الحياة الحرة الكريمة على أرضه، ووقف العدوان المستمر الذي يغذي الصراع والعنف».

وأضاف: «هذه الإبادة الجماعية بلغت من البشاعة ما لم تشهده صراعات التاريخ»، مؤكداً رفض العراق المستمر لسياسات التهجير القسري للفلسطينيين، وضرورة وقف المجازر في غزة، والاعتداءات على الضفة الغربية والأراضي المحتلة، وفتح الأبواب أمام المساعدات الإنسانية.

قادة يحضرون الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد بالعراق (أ.ب)

إنقاذ غزة

وفي حديثه عن الأوضاع الإنسانية في فلسطين، قال: «كلنا شاهدنا تلك الصور التي يظهر فيها الأطفال مصطفين بالمئات من أجل لقمة أو قطعة رغيف قد يحصلون عليها أو يعودون فارغي الأيدي. ماذا ستسجل ذاكرة هذا الجيل من ألم ومرارة وإحساس بالظلم؟».

ودعا السوداني إلى «عمل عربي جاد ومسؤول لإنقاذ غزة، وإعادة تفعيل دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) في القطاع وفي الضفة الغربية».

وأكد دعم العراق لـ«وقف إطلاق النار في جنوب لبنان»، مديناً «الاعتداءات المتكررة على سيادة هذا البلد الشقيق».

وجدَّد السوداني مواقف بلاده الثابتة والداعمة لوحدة الجمهورية العربية السورية وسيادتها على كامل ترابها الوطني، ورفض أي اعتداء أو هيمنة على أراضيها.

وقال: «لن نبخل بأي جهد لدعم الأشقاء في سوريا لإقامة دولة المواطنة، وبناء نظام دستوري ديمقراطي من خلال عملية انتقالية شاملة، تضمن حقوق جميع أبناء الشعب السوري، وحرية الأديان لجميع مكوناته، وتحارب الإرهاب بمختلف أشكاله».

وثمَّن السوداني القرار الأخير للولايات المتحدة برفع العقوبات عن سوريا، والذي أعلنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية.

وفيما يتعلّق باليمن والسودان، قال السوداني إن «العراق يؤكد وقوفه مع وحدة اليمن وسيادته وإنهاء الصراع والانقسام، من أجل وقف معاناة الشعب اليمني وتلبية احتياجاته الإنسانية، إلى جانب دعم جهود الأمم المتحدة لتأسيس تسوية شاملة ومستدامة».

اجتماعات وزراء الخارجية العرب في بغداد (الجامعة العربية)

وحدة السودان

وشدّد على «ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وحقن دماء أبناء الوطن الواحد، وإيجاد حلول مستدامة للأزمة الإنسانية الحادة التي تمر بها البلاد».

كما أشار إلى ليبيا، قائلاً: «رابط الأخوة يستدعي منا وقفة من أجل وضع حل شامل مبني على الحوار، لتعزيز الاستقرار وإنهاء الانقسام الداخلي».

وأكد السوداني أن العراق يؤمن بـ«الحوار سبيلاً لتسوية الخلافات»، معبّراً عن ترحيبه ودعمه للمفاوضات الأميركية الإيرانية، انطلاقاً من رؤية تُؤمن بالسلم والتعايش والتواصل المنتج.

وشدّد على «الحاجة إلى المُضي بروح الأخوة والمسؤولية نحو حلول جذرية تعالج أصل المشكلات، وتستحضر أولوية الأمن العربي المترابط لشعوبنا، وتشجع آليات العمل المؤسسي الداعمة للاستقرار العربي والإقليمي».

وعدّ أن القمة العربية الرابعة والثلاثين «ليست مجرد لقاء، بل بداية لمشروع نأمل أن يُشكل انعطافة وانطلاقة جديدة، نضمن معها مستقبلاً يليق بشعوبنا وتطلعات أجيالنا».