إشارات باردة من دمشق حيال التقارب السوري - التركي

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الملف لم ينضج بعد

لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق مايو 2008 (أ.ب)
لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق مايو 2008 (أ.ب)
TT

إشارات باردة من دمشق حيال التقارب السوري - التركي

لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق مايو 2008 (أ.ب)
لقاء رجب طيب إردوغان وبشار الأسد في دمشق مايو 2008 (أ.ب)

رغم عدم صدور رد رسمي واضح من دمشق حتى الآن على التصريحات التركية المرنة بخصوص ملف «التقارب السوري - التركي»، التي أوحت بقرب تثمير الحركة الدبلوماسية الجارية على خط موسكو - أنقرة مع مساعٍ عربية، فإن إشارات باردة بدأت تأتي من دمشق لتعيد الملف إلى المربع الأول، وهو «الحصول على ضمانات بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، شرطاً للتقارب مع أنقرة».

طفل يتابع مرور مركبة عسكرية تركية خلال احتجاجات الباب شمال سوريا في 1 يوليو (أ.ف.ب)

وفي تقريرها يوم الاثنين، قالت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من الحكومة، إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «أطلق ما يحلو له من تصريحات بشأن التقارب مع سوريا»، لكنه «تعمد» عدم الإتيان على ذكر «احتلال بلاده للأراضي السورية، ورفض إطلاق أي تصريح يوحي بإمكانية انسحاب قواته من الأراضي السورية المحتلة شمالاً»، بحسب «الوطن» التي رأت في ذلك «تجاهلاً» للمطالب السورية الواضحة بخصوص «احتلال أراضيها والإعلان علانية عن نية الانسحاب منها، والإشارة بالاسم إلى التنظيمات الإرهابية».

جنديان تركيان في أثناء دورية بمنطقة الجدار الحدودي بين تركيا وسوريا (وزارة الدفاع التركية)

مضمون التقرير يعني بحسب الصحيفة السورية، أن «أنقرة لا تبدو جاهزة لتنفيذ هذه المطالب». وكانت «الوطن» قد نقلت في وقت سابق عن مصادر متابعة في دمشق، قولها إن هناك «اتصالات مستمرة مع موسكو وعواصم عربية، تضمن أن يخرج أي لقاء مع الجانب التركي بـ(تعهد واضح وصريح وعلني بالانسحاب من كامل الأراضي السورية التي يحتلها الجيش التركي، ومن لف لفيفه وفق أجندة محددة زمنياً»، واعتبار ذلك «قاعدة أساسية يمكن البناء عليها للبحث في المتبقي من الملفات».

تشييع 7 قتلى سقطوا برصاص القوات التركية في ريف حلب الشمالي الأسبوع الماضي (الشرق الأوسط)

مصادر متابعة في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن الملف السوري - التركي لم ينضج بعد، وإن أظهرت التصريحات التركية خلال اليومين الماضيين عكس ذلك، حتى لو توفرت الإرادة السورية - التركية لتحقيق التقارب، لأن هذا الملف مرتبط بعدة ملفات أخرى شائكة ومعقدة، منها ملف إعادة اللاجئين إلى سوريا، علماً بأن عدد المسجلين منهم في تركيا يقدر بأكثر من 3 ملايين لاجئ. كذلك ملف العلاقة مع الإدارة الذاتية، وملف الفصائل المسلحة المحلية في الشمال، وملف المقاتلين الأجانب.

وأضافت المصادر أن تحقيق تقدم على مسار التقارب السوري - التركي، يرتب على الطرفين تقديم تنازلات للأطراف الأخرى، أو التوصل إلى تسويات معها تضمن استقرار المنطقة اللازم لتثمير التقارب «إن حصل». ورأت المصادر أن «الأرض لا تزال غير جاهزة».

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تباحث مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، على هامش قمة منظمة «شنغهاي» للتعاون، إجراء اجتماع يتعلق بتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق في تركيا، وفق وكالة «تاس» الروسية التي نقلت عن الرئيس التركي، قوله إن «بوتين يدرس خيار عقد اجتماع في تركيا، ولرئيس وزراء العراق أيضاً نهجه الخاص إزاء هذه القضية، نحن نتحدث دائماً عن الوساطة، ولكن لماذا لا يستطيع جيراننا أن يكونوا وسطاء؟».

وصرح إردوغان في طريق عودته من برلين إلى أنقرة، الأحد: «سنوجه دعوتنا إلى الرئيس الأسد وقد تكون في أي لحظة، ونأمل في أن نعيد العلاقات التركية - السورية إلى ما كانت عليه في الماضي»، مشيراً إلى أن أنقرة تنتظر خطوة من دمشق، لتعود وتوضح الرئاسة التركية، اليوم (الاثنين)، أنه «ليس لديها أي معلومات حول موعد ومكان لقاء الأسد وإردوغان»، وفق وسائل الإعلام التركية.

التصريحات التركية المرنة تجاه دمشق خلال الأيام الماضية، لم تلقَ ترحيباً من السوريين المعارضين وخرجت مظاهرات حاشدة منذ مطلع الشهر الحالي ضد توجهات الحكومة التركية في مناطق سيطرتها «درع الفرات ونبع السلام وغصن الزيتون داخل الأراضي السورية، أسفرت عن مقتل 7 أشخاص»، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي قال إن المظاهرات الشعبية المناهضة لتركيا (في الشمال السوري)، التي امتدت إلى مناطق سيطرة هيئة «تحرير الشام» أنهيت بإجراءات تعسفية، عبر «شن حملة اعتقالات واسعة ضد المشاركين في المظاهرات، وإجبار بعض المعتقلين على الظهور بمقاطع مصورة وخلفهم العلم التركي وهم يقدمون الاعتذار للحكومة التركية والشعب التركي لقيامهم بحرق وطمس العلم التركي».

احتجاجات لسوريين أمام باب السلامة الحدودي مع تركيا يوم الاثنين (رويترز)

في سياق آخر، أفاد المرصد، الاثنين، بأن المعابر الحدودية الفاصلة بين سوريا وتركيا استؤنف فتحها أمام الحركة التجارية وعبور المدنيين بشكل طبيعي، وهي معابر الراعي - الحمام - تل أبيض - جرابلس. كما استأنف معبر باب السلامة دخول الشاحنات التجارية فقط، بعد إقدام الجانب التركي على إغلاقه «عمداً» بسبب تصاعد وتيرة الأحداث في مناطق سيطرته داخل الأراضي السورية.

في السياق، أفاد المرصد بعودة خطوط الإنترنت من جديد إلى الخدمة بشكل طبيعي في جميع المناطق شمال حلب، بعد انقطاعها عقب الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها المنطقة في ردة فعل غاضبة على استهداف سوريين لاجئين في تركيا.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن قصف موقعين لمسلحين قرب التنف في سوريا

المشرق العربي قوات أميركية على الحدود السورية الأردنية (أرشيفية - سينت كوم)

روسيا تعلن قصف موقعين لمسلحين قرب التنف في سوريا

ذكرت وكالة الإعلام الروسية، اليوم، أن القوات الجوية الروسية نفذت ضربات على موقعين لمسلحين في سوريا على أطراف منطقة التنف التي تضم قاعدة عسكرية أميركية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي نازحون سوريون من لبنان يفترشون حديقة في المرجة وسط دمشق (الشرق الأوسط)

«الشرق الأوسط» ترصد عودة السوريين من «جحيم الحرب»

حياة مأساوية مريرة تعيشها عائلات سورية في دمشق، بعد أن اضطرت للهرب من جحيم الحرب في لبنان.

شؤون إقليمية لقاء سابق بين إردوغان والأسد في دمشق قبل عام 2011 (أرشيفية)

سفير سوريا بموسكو يستبعد لقاء إردوغان والأسد خلال قمة «بريكس»

استبعدت دمشق عقد لقاء بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب إردوغان على هامش قمة مجموعة «بريكس» المقبلة في روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة سيارة فان محترقة نشرتها صحيفة «الوطن» السورية لاستهداف إسرائيل مدينة حسياء الصناعية

دمشق تنفي استهداف معمل إيراني وسط سوريا

نفت مصادر سورية صحة الأنباء التي تحدثت عن استهداف مُسيرات إسرائيلية معملاً إيرانياً لتجميع السيارات، وقالت إن المعمل المستهدف فارغ تماماً.

شؤون إقليمية قصف للقوات السورية على محاور في ريف إدلب الجنوبي (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

القوات السورية تستهدف نقطة عسكرية تركية في إدلب

صعّدت القوات السورية هجماتها في منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا، وسط توتر مع «هيئة تحرير الشام» وفصائل المعارضة المسلحة، وتعزيزات عسكرية مكثفة من جانب تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«اليونيفيل»: نشعر «بقلق بالغ» إزاء أنشطة الجيش الإسرائيلي في لبنان

«اليونيفيل»: نشعر «بقلق بالغ» إزاء أنشطة الجيش الإسرائيلي في لبنان
TT

«اليونيفيل»: نشعر «بقلق بالغ» إزاء أنشطة الجيش الإسرائيلي في لبنان

«اليونيفيل»: نشعر «بقلق بالغ» إزاء أنشطة الجيش الإسرائيلي في لبنان

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، الأحد، إنها تشعر «بقلق بالغ إزاء الأنشطة الأخيرة التي قام بها الجيش الإسرائيلي بالقرب من موقع البعثة في جنوب شرقي مارون الراس (القطاع الغربي)، داخل الأراضي اللبنانية»، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».