أسعار الأضاحي تنغص فرحة العيد في شمال شرقي سوريا

أسعارها زادت 50 % جراء توالي سنوات الجفاف وتضاعف أثمان الأعلاف

من سوق «السيكر» للمواشي التي تقع بريف بلدة الدرباسية الجنوبية (الشرق الأوسط)
من سوق «السيكر» للمواشي التي تقع بريف بلدة الدرباسية الجنوبية (الشرق الأوسط)
TT

أسعار الأضاحي تنغص فرحة العيد في شمال شرقي سوريا

من سوق «السيكر» للمواشي التي تقع بريف بلدة الدرباسية الجنوبية (الشرق الأوسط)
من سوق «السيكر» للمواشي التي تقع بريف بلدة الدرباسية الجنوبية (الشرق الأوسط)

تشهد أسواق المواشي في محافظة الحسكة تراجعاً كبيراً في حركة شراء أضاحي العيد وركوداً غير مسبوق، لكثرة الرؤوس المعروضة وقلة الطلب على شرائها.

ويشتكي أهالي شمال شرقي سوريا من غلاء أسعار كباش العيد في الأسواق التي جاوزت 8 ملايين ليرة (تعادل 550 دولاراً أميركياً)، بينما بلغ سعر الخروف الصغير الذكر 3 ملايين (200 دولار) بوزن 20 كيلو غراماً، في حين تباع الأنثى منه بسعر مليونين ونصف المليون (170 دولاراً) بعد ارتفاع أسعارها 50 في المائة عن العام الماضي.

تجار وزبائن في سوق «السيكر» للمواشي التي تقع بريف بلدة الدرباسية الجنوبية (الشرق الأوسط)

هذه الأسعار فاقت توقعات مجدي (38 عاماً) الذي كان يحمل معه مبلغ مليونَي ليرة سورية وهو مرتبه لشهرين من العمل، قاصداً سوق «السيكر» للمواشي، التي تقع بريف بلدة الدرباسية الجنوبية؛ على أمل شراء أضحية للعيد مطابقة لمواصفات الذبح الحلال. وقال لـ«الشرق الأوسط» بنبرة حزينة كيف: «تفاجأنا بالأسعار ولاحظت أنها مرتفعة بشكل كبير عن أسعار الأضاحي العام الفائت، أي ضحية اليوم وزنها 20 كيلو سعرها 3 ملايين، وهذا المبلغ لا أملكه حقيقةً».

غير أن حالة مجدي ليست استثنائية؛ نظراً لأن أعداداً كبيرة من السوريين عبّروا عن شكواهم وإحباطهم من ارتفاع أسعار أضاحي العيد لهذا العام، وهو ارتفاع كبير مقارنةً مع دخل سكان المنطقة والرواتب التي يتقاضاها موظفو سلطات «الإدارة الذاتية» وحكومة النظام السوري، ويبلغ أعلى راتب مليون ليرة.

وعبَّر شيار، الذي يعمل سائقاً لسيارة أجرة، عن خيبة أمله بسبب الأسعار الصادمة، وارتسمت علامات الاستغراب على وجهه وهو يقول: «كحال أغلب سكان المنطقة دخلنا المادي محدود، أخشى أن يأتي يوم أشتري فيه الأضحية من القصاب كيلو أو اثنين إذا بقيت الحالة هكذا».

حركة راكدة في سوق «السيكر» للمواشي التي تقع بريف بلدة الدرباسية الجنوبية (الشرق الأوسط)

وأوضح زيدان لجو (58 عاماً) وهو تاجر كان يعرض عدداً من الأضاحي في سوق السيكر، أن الزيادة الكبيرة في الأسعار مردها ارتفاع تكلفة الأعلاف الباهظة، وموجات الجفاف المتتالية التي عصفت بالمنطقة، إلى جانب تراجع المساحات المزروعة بالقمح والشعير التي تدخل بشكل رئيسي في علف المواشي، وأشار إلى أن مربي الماشية «أُجبروا على شراء العلف بأسعار باهظة؛ وهو الأمر الذي انعكس على أسعار بيعها، لا المربي يربح ولا التاجر يحقق نسبة ربح من بيع الخراف، علماً أن أسعارها مرتفعة اليوم».

وبينما استسلم الكثير من سكان المنطقة لفكرة التخلي عن شراء أضحية العيد هذا العام، يصرّ آخرون على اتباع هذه الطقوس الدينية رغم ارتفاع أسعارها، مثل نواف علي البالغ من العمر 50 عاماً، حيث يعمل مدرساً عند «الإدارة الذاتية» ولديه ثلاثة أبناء، أحدهم مقيم في دولة أوروبية وأرسل له مبلغاً من المال بغية شراء الأضحية.

وبعد اطلاعه على الأسعار الباهظة، لفت نواف إلى أن أي ضحية يبدأ سعرها بمليونَي ليرة فما فوق: «أعلم أن الأسعار غالية وباهظة كثيراً تفوق قدرتنا المالية، لكن سأشتري ضحية العيد لأنها طقس ديني نتمسك بإحيائه في عائلتنا كل عام، هذه الفرحة لن نتنازل عنها ولن نرضخ للظروف المعيشية».

أضحية بالشراكة

قال الحاج جميل إبراهيم، الذي يمتلك مذبحاً للحوم الحمراء ببلدة الدرباسية وينشط في مجال بيع الأغنام، إن أسعار الأضحية العيد «وصلت حداً قياسياً وبات الكثير من الأسر ذات الدخل المحدود تفضّل الاشتراك معاً لشراء ضحية واحدة، عوضاً عن شراء ضحية على حسابها وهذه الحال باتت مألوفة لدى الكثير من العائلات».

وأكدت مديرية التجارة التابعة لـ«لإدارة الذاتية» أن ارتفاع أسعار اللحوم مرتبط بشكل أساسي بارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية، الدولار يعادل 15 ألف ليرة وقبل الحرب 2011 كان بـ47 ليرة فقط، وأوضحت هذه المديرية أن قرار تصدير المواشي سيؤثر بشكل نسبي على ارتفاع أسعارها؛ إذ إن قسماً كبيراً من الأغنام والقطعان تصدر إلى خارج سوريا.

من سوق «السيكر» للمواشي التي تقع بريف بلدة الدرباسية الجنوبية (الشرق الأوسط)

يذكر أن الثروة الحيوانية في مناطق شمال شرقي سوريا تأثرت بالتغيير المناخي وسنوات الجفاف المتتالية التي ضربت البلاد في السنوات الأخيرة. وذكرت المجموعة الإحصائية السورية أن إجمالي أعداد الثروة الحيوانية في محافظة الحسكة حتى نهاية 2023 بلغت مليوناً و700 ألف رأس.



بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، الأحد، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة. وأضاف بيدرسن: «نرى أنه من الضروري للغاية تهدئة التصعيد حتى لا يتم جر سوريا أكثر إلى هذا النزاع».

من جانبها، لم تصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مختزل أعلنت فيه عن اللقاء دون تفاصيل.

وكانت تقارير إعلامية محلية قد أفادت في وقت سابق بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف اللجنة الدستورية اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، المقربة من الحكومة، عن مصادر قولها إن بيدرسن «بات على قناعة بأنه لا بد من انعقاد هذه اللجنة في العواصم العربية المرشحة لاستضافتها، وهي بغداد والرياض والقاهرة، لكون الجانب الروسي يرفض رفضاً قاطعاً انعقادها في جنيف».

وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات، ولم يتم التوافق على مكان آخر. وحسب صحيفة «الوطن»، يجري بيدرسن مباحثات مع المسؤولين السوريين في دمشق التي وصلها يوم الأربعاء، حول إمكانية استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية.

وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، صرّح في وقت سابق لوكالة «تاس» الروسية بأن جنيف هي المكان الوحيد المرفوض من قبل الجانب الروسي، لافتاً إلى قبول موسكو بأي من الأماكن الأخرى المقترحة. وفيما يتعلق بمقترح عقد الاجتماع في بغداد، قال لافرنتيف إن المعارضة السورية رفضت هذا الاقتراح باعتبار بغداد مكاناً غير محايد لها؛ لأن الحكومة العراقية داعمة لدمشق. وأضاف: «لا تزال المعارضة تصر على رفض هذا الخيار، رغم أنه لا يمكن أن يؤثر على سير المفاوضات الدستورية». وحسب المسؤول الروسي، فقد أكدت موسكو لبيدرسن ضرورة مواصلة الجهود لاستئناف اجتماعات اللجنة الدستورية، كما دعته لبذل الجهود بدلاً من الدعوة إلى ممارسة النفوذ على هذا الجانب أو ذاك.

ومنذ بدء النزاع في سوريا، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية، مستهدفة مواقع تابعة للقوات الحكومية وأهدافاً إيرانية وأخرى تابعة لـ«حزب الله» اللبناني. وازدادت وتيرة الغارات على وقع المواجهة المفتوحة التي تخوضها إسرائيل مع «حزب الله» في لبنان المجاور. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل 105 أشخاص، معظمهم مقاتلون موالون لإيران، في حصيلة جديدة لغارات إسرائيلية استهدفت، الأربعاء، 3 مواقع في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، ضمّ أحدها اجتماعاً «لمجموعات سورية موالية لطهران مع قياديين من حركة (النجباء) العراقية و(حزب الله) اللبناني». وكان المرصد أحصى مقتل 92 شخصاً في حصيلة سابقة لهذه الغارات. ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران لترسيخ وجودها العسكري في سوريا. وتقول في الفترة الأخيرة إنها تعمل على منع «حزب الله» من «نقل وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.