63 بؤرة استيطانية ضمن خطة لمنع قيام دولة فلسطينية

سموتريتش يعمل على ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل

سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
TT

63 بؤرة استيطانية ضمن خطة لمنع قيام دولة فلسطينية

سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)

كشف وزير المال الوزير الثاني في وزارة الدفاع الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش، عن سلسلة خطوات لتخليد الاحتلال وتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية، ومنع قيام الدولة الفلسطينية. ومن ضمن هذه الخطوات إعطاء شرعية لما يزيد على 63 بؤرة استيطانية تجري إجراءات تحويلها إلى مستوطنات رسمية.

وتتضمن هذه الخطة إعادة الاستيطان في شمال الضفة الغربية، وسحب صلاحيات البناء والتنظيم من الإدارة المدنية لصالح دائرة خاضعة لسموتريتش مباشرة. وقد أعلن عن هذه الخطة بشكل صريح، خلال اجتماع لرؤساء المستوطنات في الضفة الغربية، عقد يوم الأحد الماضي في مزرعة «شحريت»، غرب مدينة نابلس، وهي بؤرة استيطانية تم تحويلها إلى مستوطنة في فبراير (شباط) من السنة الماضية.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليوم (الثلاثاء)، إن سموتريتش الذي كان يعمل في الماضي في الظلام، بات يتحدث بشكل صريح عن خططه الاستيطانية. وهو يستغل انشغال النخبة السياسية في تل أبيب بالإصلاحات القضائية، وبعد ذلك بالحرب على قطاع غزة، لتنفيذ مخططه الهادف إلى ضم الضفة الغربية فعلياً إلى إسرائيل. وأكدت الصحيفة أن سموتريتش، الذي يتولى مسؤولية مباشرة عن مؤسسة الإدارة المدنية المكلفة منح تراخيص البناء في الضفة ومراقبة «البناء غير القانوني» للفلسطينيين، يعتمد تكتيكين أساسيين في تحقيق مخططه. هما: تشريع البؤر الاستيطانية «غير القانونية» التي دشنها المستوطنون من دون الحصول على إذن من الحكومة والجيش، إلى جانب التوسع في هدم المنازل والمرافق الإنشائية الفلسطينية بحجة أنها «غير مرخصة».

وربطت الصحيفة بين قدرة سموتريتش على تنفيذ مخططه الهادف إلى ضمّ الضفة الغربية عملياً إلى إسرائيل، وبين التوجهات المتطرفة لحكومة نتنياهو الحالية، مشيرة إلى أن المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن وافق على طلب وزير المالية بإضفاء الشرعية على 63 بؤرة استيطانية «غير قانونية» في الضفة الغربية. وفي الوقت ذاته، يعمل سموتريتش على تمرير قرارات حكومية تقضي بتحويل ملايين الشواقل كموازنات لتحسين الأوضاع الأمنية وتطوير البنى التحتية في مستوطنات الضفة الغربية، كما أشار التحقيق. لكن أكثر الخطوات دراماتيكية، التي يسعى حالياً سموتريتش إلى تنفيذها، في إطار سعيه لضم الضفة الغربية عملياً، كما تؤكد الصحيفة، تتمثل في إعلان رغبته في اتخاذ إجراءات إدارية وقانونية تهدف إلى تحويل مساحات واسعة من الأراضي تقدر بعشرات آلاف الدونمات في الضفة إلى «أراضي دولة» لتمكينه بعد ذلك من تخصيصها لبناء مزيد من المستوطنات اليهودية هناك.

ورأت الصحيفة أنه لم يكن من سبيل الصدفة أن سموتريتش أصرّ خلال المفاوضات الائتلافية التي أدت إلى تشكيل الحكومة الحالية على أن يتولى من خلال موقعه وزيراً في وزارة الأمن مهمة الإشراف على الإدارة المدنية في الضفة الغربية التابعة لقيادة جيش الاحتلال، مشيرة إلى أنه يعدّ هذا الموقع أهم من مكانته وزيراً للمالية.

وأبرزت الصحيفة أنه في إطار سعيه لإحكام سيطرته على الصلاحيات المتعلقة بالبناء ومراقبة البناء «غير الشرعي» في الضفة الغربية، أصرّ سموتريتش على أن يتولى مقربه هليل روت، منصب نائب رئيس الإدارة المدنية، على أن يتم نقل جميع الصلاحيات المدنية من رئيس الإدارة المدنية إلى روت. ولفتت إلى أن روت لا ينتمي إلى التيار الديني القومي المتطرف فقط، بل سبق أن شغل منصب نائب المدير العام لحركة «بني عكيفا»، وهي تمثل الإطار الشبابي لأتباع هذا التيار المتطرف.

سيارات أحرقها مستوطنون في قرية فلسطينية قرب رام الله في 7 يونيو الحالي (أ.ف.ب)

ومن أجل ضمان عدم منح جيش الاحتلال أي تأثير على قرارات روت، فقد نجح سموتريتش في إلزام المؤسسة العسكرية بالموافقة على أن يعمل روت تحت إمرة يهودا إلياهو، رئيس «إدارة الاستيطان» في وزارة الأمن، وهي الإدارة التي تقع مباشرة تحت إشراف سموتريتش نفسه. وأضافت الصحيفة أن الأخير تمكن من مراكمة نفوذ كبير في الضفة الغربية بعكس رغبة قيادة الجيش والمخابرات «التي اضطرت إلى التعايش مع فقدانها كثيراً من صلاحياتها بسبب الإسناد الذي يتلقاه وزير المالية من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو».

وأوضحت الصحيفة أن عدم رضا قادة الجيش عن منح سموتريتش هذه الصلاحيات الواسعة يعود بالأساس إلى خشيتهم من أن تفضي سياسات الوزير على صعيد الاستيطان إلى تفجير الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، ومن أن يؤدي اعتراضها عليه لأن يستغل منصبه وزيراً للمالية لوضع العراقيل أمام طلباتهم لزيادة الميزانية العسكرية، خصوصاً ما يتعلق بتمويل التسليح أو المتعلقة بتغطية الحقوق التقاعدية للضباط، وتحديداً أصحاب الرتب العالية بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية.

ويعدّ سموتريتش أحد أكثر الوزراء تطرفاً في تاريخ إسرائيل، حيث سبق أن دعا إلى «محو» بلدة حوارة، الواقعة جنوب مدينة نابلس، و«إبادة» الفلسطينيين في قطاع غزة، فضلاً عن أن صحيفة «هآرتس» اقتبست عنه قوله، في لقاء مع قيادات التيار الديني القومي، إنه يضع أمام الفلسطينيين 3 خيارات: المغادرة، أو العمل في خدمة اليهود، أو القتل. وقد أثار سموتريتش قبل عام جدلاً واسعاً عندما عرض أثناء محاضرة ألقاها في باريس خريطة ما سماه «إسرائيل الكبرى»، التي تضم إلى جانب فلسطين، الأردن وأجزاء واسعة من سوريا ولبنان.

كما أن سموتريتش كان قد نشر في سبتمبر (أيلول) عام 2017، وكان حينها عضو كنيست جديداً نسبياً، «خطة الحسم» التي يَعدّ أن تطبيقها سيُنهي الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، من خلال محو الخط الأخضر ومنع قيام دولة فلسطينية. وهي خطة من عدة مراحل، تقضي المرحلة الأولى منها إنشاء «وعيٍ» بأن حق تقرير المصير في المنطقة الواقعة غرب نهر الأردن هو لليهود فقط. وإحداث فوضى تؤدي إلى سقوط الدولة الفلسطينية. وفي المرحلة الثالثة من «خطة الحسم» يتم تخيير الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين: «من يريد، وهو قادر على التنازل عن تطلعاته القومية، أن يبقى هنا والعيش كفرد في الدولة اليهودية...»، ولكن ليس كمواطنين، «ومن لا يريد، أو ليس قادراً على التنازل عن تطلعاته القومية، سيحصل منا على مساعدة من أجل الهجرة إلى الدول العربية الكثيرة، التي بإمكان العرب أن يحققوا فيها تطلعاتهم القومية، أو إلى أي وجهة أخرى في العالم». أما من سيصرون على اختيار «الخيار الثالث، أي الاستمرار في ممارسة العنف تجاه الجيش الإسرائيلي، دولة إسرائيل والسكان اليهود، فستتعامل قوات الأمن معهم بحزم، بقوة كبيرة كالتي نمارسها الآن، وبشروط مريحة أكثر بالنسبة لنا».

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، غادي آيزنكوت، قوله إنه «إذا كانت هذه خطة الرجل الأكثر تأثيراً في الحكومة الإسرائيلية الآن، فإن وضعنا سيئ. فحلم سموتريتش هو كارثة للمشروع الصهيوني وخطر على مستقبل الدولة كدولة يهودية، ديمقراطية، تقدمية متساوية بروح وثيقة الاستقلال». وأضاف آيزنكوت أن «المشكلة ليست سموتريتش الذي يمثل 10 في المائة من الجمهور الإسرائيلي الذي يؤيد رؤية الدولة الواحدة. المشكلة هي مع الحزب الحاكم ومع نتنياهو، الذين جلبونا إلى وضع، فيه الهوامش المتطرفة، هي التي تقود الدولة إلى مكان مدمر».


مقالات ذات صلة

إسرائيل: دويّ صفارات الإنذار في القدس والضفة الغربية بعد قصف من لبنان

المشرق العربي جانب من عملية استهداف لمسيّرة في الشمال الإسرائيلي (إ.ب.أ)

إسرائيل: دويّ صفارات الإنذار في القدس والضفة الغربية بعد قصف من لبنان

أفادت تطبيقات التنبيه الإسرائيلية بأن صفارات الإنذار دوت في ضواحي القدس والضفة الغربية المحتلة اليوم السبت للتحذير من قصف من لبنان وفقا لما قاله الجيش الإسرائيل

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز) play-circle 00:21

تقرير: إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال نصر الله

كشف مسؤولون إسرائيليون وأميركيون، لموقع «أكسيوس» الأميركي، السبت، أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لردع إيران عن مهاجمة إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: لا نسعى إلى التصعيد... ونصر الله أشد أعداء إسرائيل

أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري اليوم (السبت)، أن إسرائيل لا تسعى إلى تصعيد أوسع، بل تسعى إلى إعادة الرهائن والتأكد من أن حدودها آمنة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله 28 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

أبرز ردود الفعل الدولية على اغتيال حسن نصر الله

نعت حركة «حماس» اليوم (السبت) أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بعد تأكيد الحزب مقتله من جراء ضربة جوية نفذها الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية (القبة الحديدية) تعترض الصواريخ التي أطلقت من لبنان (أ.ب)

«حزب الله» يعلن قصف مستعمرة إسرائيلية بـ50 صاروخاً

أعلن «حزب الله» اللبناني، اليوم (السبت)، قصف «مستعمرة» معالوت الإسرائيلية  بـ50 صاروخاً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تقرير: إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال نصر الله

TT

تقرير: إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال نصر الله

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

كشف مسؤولون إسرائيليون وأميركيون، لموقع «أكسيوس» الأميركي، السبت، أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لردع إيران عن مهاجمة إسرائيل رداً على الغارة الجوية الإسرائيلية في بيروت التي قتلت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، وجنرالاً إيرانياً كبيراً.

وأوضح الموقع أهمية الطلب لأن الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» يتصاعد بالفعل إلى حرب شاملة في المنطقة.

وكانت إيران حريصة على تجنب أي هجوم على إسرائيل يمكن أن يجرها إلى مثل هذه الحرب، لكن المسؤولين في واشنطن وتل أبيب قلقون من أن اغتيال نصر الله قد يدفع طهران إلى حافة الهاوية.

ويأتي الطلب الإسرائيلي للدعم الأميركي بعد أن تراجع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» وشن الهجوم الضخم دون التشاور المسبق على الرغم من حث الولايات المتحدة على خفض التصعيد.

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته على عدم علمهم المسبق بالهجوم الذي أدى إلى مقتل نصر الله، لكنهم لم ينتقدوه أيضاً وأصدروا بيانات تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين لـ«أكسيوس»: «كان نصر الله رجلاً سيئاً، لكن من المحبط أن يفعل الإسرائيليون هذا دون استشارتنا ثم يطلبون منا الدعم عندما يتعلق الأمر بردع إيران».

وذكر ثلاثة مسؤولين أميركيين لـ«أكسيوس» أن إدارة بايدن تدعم مقتل نصر الله، لكنها تشعر بالإحباط إزاء الافتقار إلى التشاور والشفافية من الجانب الإسرائيلي.

وقال المسؤولون الأميركيون إن أوستن ومدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز وقائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا تلقوا إحاطة من نظرائهم الإسرائيليين، حيث كانت العملية جارية بالفعل، دون إمكانية حقيقية للتدخل أو التعبير عن آرائهم.

وأضاف أحد المسؤولين الأميركيين أن الأولوية القصوى لإدارة بايدن الآن هي تجنب قيام إسرائيل بعملية برية في لبنان، فضلاً عن منع التدخل الإيراني المباشر في القتال والتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح للمدنيين على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية بالعودة إلى ديارهم.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، هاجمت إيران إسرائيل بشكل مباشر لأول مرة في التاريخ، رداً على غارة جوية إسرائيلية قتلت أعلى جنرال إيراني في سوريا، وأحبط الهجومَ تحالف دولي وإقليمي بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل.

وتعهدت إيران بالرد على اغتيال إسرائيل لزعيم «حماس» إسماعيل هنية في طهران قبل شهرين، لكنها لم تفعل ذلك بعد.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت طلب في محادثة مع نظيره الأميركي لويد أوستن بعد اغتيال نصر الله اتخاذ خطوات عملية وإصدار بيانات لردع إيران عن شن هجوم ضد إسرائيل، بحسب مسؤولين أميركيين وإسرائيليين.

وأصدرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) السبت بياناً قالت فيه إن أوستن «أعرب عن دعمه الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، وإن الولايات المتحدة عازمة على منع إيران والشركاء والوكلاء المدعومين منها من استغلال الوضع أو توسيع الصراع».

وقال المتحدث باسم البنتاغون، بات رايدر، إن أوستن أوضح أن الولايات المتحدة «تظل على استعداد لحماية القوات والمرافق الأميركية في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل».