سقوط محور فيلادلفيا... ورقة ضغط على «حماس» في المفاوضات؟

خطة إسرائيل تحييد الأنفاق بدءاً بهدم منازل يشتبه في أنها تمر تحتها

TT

سقوط محور فيلادلفيا... ورقة ضغط على «حماس» في المفاوضات؟

شخص يستلقي بمبنى تضرر في الهجوم العسكري الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الخميس (رويترز)
شخص يستلقي بمبنى تضرر في الهجوم العسكري الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الخميس (رويترز)

​سيطرت إسرائيل عملياً على محور «فيلادلفيا» الحدودي بين قطاع غزة ومصر، متذرعة بأنها تريد السيطرة على «أنبوب أكسجين» حركة حماس، من خلال تحييد الأنفاق الحدودية هناك، لكن لا تبدو المسألة بهذه البساطة وحسب، بل يتعلق الأمر بحسابات أخرى أكثر منها أهمية من الناحية الأمنية.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل مسلحين فلسطينيين في المحور، وعثر على أنفاق حدودية وصادر أسلحة، فإنه من الواضح أنه لن يكتفي بذلك ولديه خطة عمل هناك.

للوهلة الأولى، لا يبدو أن إسرائيل ستسلم المنطقة لأي جهة، بل تفكر في إنشاء «لواء إقليم فيلادلفيا» لإدارة المكان بما فيه معبر رفح، وهي خطة كانت ستكون سهلة، لولا رفض مصر القاطع التعامل مع الواقع الذي تريد إسرائيل فرضه.

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي لأحد أنفاق حركة «حماس» في قطاع غزة أبريل الماضي (أ.ف.ب)

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية أنه يوجد أمام إسرائيل فترة عمل طويلة.

وقالت مصادر إسرائيلية إن ثمة خطة جاهزة. وبحسب موقع «واي نت» العبري، فإن مسؤولين في إسرائيل اقترحوا إدارة المكان في الوقت الحالي والعمل على تحييد جميع الأنفاق، بدءاً بهدم منازل يشتبه بمرور أنفاق تحتها ثم تدمير الأنفاق، ثم فحص الأمر بعد ذلك.

جنود من الجيش المصري يقفون للحراسة عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة (د.ب.أ)

ويعتقد المسؤولون أن لذلك أهمية كبرى، الأولى الضغط على «حماس» «وسيكون ذلك رافعة الضغط والورقة المفقودة في صفقة الرهائن»، و«تشجيع المصريين أيضاً على التصرف بطريقة أكثر فاعلية، على سبيل المثال، إنشاء حاجز تحت الأرض وحاجز عسكري مشترك».

وقالت القناة «12» إن الجيش الإسرائيلي نفذ المرحلة الأولى من العمل في المحور الاستراتيجي، ولكن هناك أهداف إضافية يجب على القوات إنجازها، بدءاً من التعامل مع الأنفاق التي تم تحديد موقعها بالفعل، مروراً بمسح المنطقة فوق الأرض حتى الوصول إلى كتائب حماس.

وبحسب القناة، فإنه يجري الآن رسم خرائط ومسح للمنطقة في المحور، بغرض تحديد أماكن إضافية لـ«حماس»، والتقدير في إسرائيل هو أن هناك أنفاقاً إضافية سيتم تحديدها.

عناصر من «حماس» في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وكان الجيش قد أعلن أنه تم تحديد ما لا يقل عن 20 نفقاً تعبر إلى سيناء في طريق فيلادلفيا. ويريد الجيش معالجة الأنفاق الخارجية التي تم تحديد موقعها بالفعل، ثم الدخول إلى قلب رفح؛ حيث توجد كتائب «حماس» التي لم يتم التعامل معها بعد.

هذا من الناحية الأمنية، لكن كيف سيساعد احتلال المحور في المفاوضات؟

يعتقد الإسرائيليون أن «أنبوب أكسجين» «حماس» مهم استراتيجياً بالنسبة للحركة، وهو ورقة مهمة في الصفقة. وقالت القناة «12» إنه من الممكن أن تعرض إسرائيل عودته بوصفه جزءاً من الخطوط العريضة لاتفاق مستقبلي.

معبر رفح تحت سيطرة إسرائيل في جانبه الفلسطيني يوم 7 مايو (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وبحسب القناة، فإن ذلك يحتاج إلى ترتيبات إسرائيلية مع الجيش المصري وهيئات دولية تشرف على المحور ومعبر رفح، ضمن ما يمكن أن يعرف بـ«الضمانات الخارجية»، التي تحتاج إلى أكثر من التنسيق مع مصر، وهو ما سيتطلب من إسرائيل نشر أجهزة استشعار على طول محور فيلادلفيا، بالاتفاق مع الجيش المصري.

وحتى الآن ترفض مصر التعامل مع الواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه هناك، وقد رفضت بشكل قاطع فتح معبر رفح من جهتها، طالما أن إسرائيل تحتل الجانب الفلسطيني منه.

وتجري نقاشات تشارك فيها الولايات المتحدة ودول أخرى وحتى السلطة الفلسطينية، من أجل حل هذه الإشكالية.

وبينما تواصل إسرائيل تعميق عمليتها في رفح، تعهد رئيس الأركان هرتسي هليفي بـ«تعميق الإنجازات». وقال: «سنعمق الإنجاز وهذا يتطلب قدراً كبيراً من الاحترافية والإصرار والقيم».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي سيارات الإسعاف تصل إلى موقع الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

إيران و«حماس» تدينان القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت

أدانت إيران وحركة «حماس» الفلسطينية، الجمعة، الغارة الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، التي قالت إسرائيل إنها استهدفت المقر المركزي لـ«حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية جمع من الناس ورجال الإنقاذ بالقرب من الأنقاض المشتعلة لمبنى دمّر في غارة جوية إسرائيلية بحي حارة حريك في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

كيف فشلت إسرائيل أمام «حماس» وتمكنت من اختراق «حزب الله»؟

قبل عام، منيت إسرائيل بأسوأ فشل استخباراتي لها على الإطلاق عندما شنّت «حماس» هجوماً مفاجئاً في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

«حماس» تندد بـ«أكاذيب مفضوحة» لنتنياهو في كلمته أمام الأمم المتحدة

اتهمت حركة «حماس» الفلسطينية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بترديد «أكاذيب مفضوحة» في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مدرسة مدمَّرة في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل موظفة بمنظمة خيرية في غزة

قتل مسلَّحون فلسطينيون في قطاع غزة عاملة إغاثة من منظمة خيرية مقرها الولايات المتحدة، بعدما أطلقوا النار على سيارتها «خطأ»، وفق ما قالت حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)

أشبه بكابوس... عائلات تروي رعب القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (صور)

طفل ينام على الأرض وسط ساحة الشهداء في بيروت بعد فراره مع عائلته من الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)
طفل ينام على الأرض وسط ساحة الشهداء في بيروت بعد فراره مع عائلته من الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)
TT

أشبه بكابوس... عائلات تروي رعب القصف الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (صور)

طفل ينام على الأرض وسط ساحة الشهداء في بيروت بعد فراره مع عائلته من الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)
طفل ينام على الأرض وسط ساحة الشهداء في بيروت بعد فراره مع عائلته من الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

بين ليلة وضحاها، وجدت رحاب ناصيف نفسها تمضي ليلتها في العراء بعدما فرّت على غرار الآلاف من منزلها في ضاحية بيروت الجنوبية على وقع غارات إسرائيلية كثيفة جعلت ليل سكان المنطقة أشبه بكابوس طويل.

وتقول المرأة البالغة 56 عاماً بعدما أمضت ليلتها في حديقة كنيسة في وسط بيروت، على غرار كثيرين «توقعت أن تتوسّع الحرب لكنني خلت أنها ستطال أهدافاً، لا المدنيين والبيوت والأطفال»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتابع «لم أجهز ملابسي ولم يخطر ببالي حتى أننا سنخرج بهذا الشكل، ونجد أنفسنا فجأة في الشارع».

عائلات تجلس على الأرض في ساحة الشهداء بعد فرارها من الغارات الجوية الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

تواصلت الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، معقل «حزب الله» طيلة ساعات الليل. وطالت مناطق عدة داخلها وعلى أطرافها، بينها أحياء أنذر الجيش الإسرائيلي سكانها تباعاً بإخلائها خلال ساعات الليل.

ورغم حلول الظلام، كان الوهج الذي أحدثته الانفجارات كفيلاً بإضاءة سماء المنطقة مع اشتعال نيران ضخمة، في وقت يتردد صدى الغارات في بيروت ومحيطها طيلة الليل، في مشهد غير مسبوق منذ الحرب التي خاضها «حزب الله» وإسرائيل صيف 2006.

رجل يجلس في ساحة الشهداء بعد فراره من الغارات الجوية الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

وتقول رحاب التي تعتني بسيدة مسنّة وتقيم في حي السلم، أحد أفقر أحياء ضاحية بيروت الجنوبية، «أشعر اليوم بقلق وخوف من المجهول. أن تتركي منزلك ولا تعلمين إلى أين تتجهين وماذا سيحدث لك وهل ستعودين إلى بيتك؟ كلها أسئلة بحاجة إلى أجوبة».

عائلات تفترش الأرض في ساحة الشهداء بعد فرارها من الغارات الجوية الإسرائيلية على الضاحية (أ.ب)

رغم وتيرة الغارات العنيفة، لم يتضح حجم الدمار الذي خلّفته بعد ولا عدد الضحايا الناتج عنها. وبثّ تلفزيون محلي تابع لـ«حزب الله» لقطات مصورة صباح اليوم أظهرت دماراً هائلاً وأبنية من طوابق عدة سويت بالأرض. وبدت المنطقة بعد توقف الغارات في ساعات الصباح الأولى أشبه بساحة حرب منكوبة مع استمرار تصاعد سحب دخان من أنحائها.

ومنذ سلسلة الانفجارات التي طالت مساء الجمعة «المقر المركزي» لـ«حزب الله» في حارة حريك، وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي، لم يصدر أي بيان رسمي من الحزب الذي اكتفى بنفي «ادعاءات» إسرائيل بتخزينه أسلحة في أبنية مدنية طالتها الغارات ليلاً بعد إنذار سكانها بإخلائها.

عائلات تحمل أمتعتها في ساحة الشهداء في بيروت بعد فرارها من الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

«ليلة صعبة جداً»

على وقع الغارات، فرّت مئات العائلات من الضاحية الجنوبية على عجل وسط حالة إرباك وهلع وغضب. وأعلنت مدارس ومساجد وكنائس فتح أبوابها ليلاً في محاولة لاستيعاب تدفق النازحين.

في وسط بيروت كما على الكورنيش البحري وفي أحياء عدة من العاصمة، شاهد مصورو «وكالة الصحافة الفرنسية» عائلات بأكملها أمضت ليلتها مع أطفالها في العراء وافترشت الحدائق والأرصفة، في مشهد لم تألفه العاصمة اللبنانية منذ زمن.

أطفال مع عائلاتهم يرقدون على الأرض في ساحة الشهداء في بيروت بعد فرارهم من الغارات الجوية الإسرائيلية على الضاحية (أ.ب)

في ساحة الشهداء، توزعت عائلات في كل ناحية مع سياراتهم وبدت ملامح الإرهاق والتعب واضحة على الوجوه، بينما أمضى آخرون ليلتهم على الأرض، تحميهم أغطية خفيفة.

وتقول هلا عز الدين (55 عاماً) التي نزحت مع عائلتها وأحفادها الصغار من برج البراجنة، إحدى المناطق التي طالتها الغارات الإسرائيلية «اشتدت حدّة القصف ليلاً وبدأ البيت يهتز بنا».

وتضيف «ما ذنب الشعب؟ تريدون أن تخوضوا الحرب لكن ما ذنبنا نحن؟»، في إشارة إلى فتح «حزب الله» جبهة من جنوب لبنان ضدّ إسرائيل منذ نحو عام دعماً لحركة «حماس» الفلسطينية في غزة.

لبنانيون نازحون من الضاحية الجنوبية لبيروت يلجأون إلى ساحة الشهداء في بيروت (إ.ب.أ)

ووصفت هلا التي تهدم منزلها خلال حرب يوليو (تموز) 2006 بانفعال ما جرى ليلاً بأنه «كبير جداً». وقالت وهي تجلس على رصيف في ساحة الشهداء، حيث أمضت الليلة، «لسنا مضطرين لأن نعيش ما حدث في غزة ولسنا مضطرين لتحمل ذلك».

ويقاطعها زوجها قائلاً «نحن نصبر لكن يجب ألا ندفع الثمن وحدنا».

أفراد عائلة نزحت من القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت يتجمعون مع بعض أمتعتهم في ساحة الشهداء (أ.ف.ب)

على بعد أمتار، تحاول حوراء الحسيني (21 عاماً) أن تتمالك نفسها بعد ليلة مضنية.

وتقول بعدما أمضت ليلتها مع والدها وشقيقها وشقيقتها في ساحة الشهداء، «كانت ليلة صعبة جداً، الصواريخ فوق منزلنا، ولن أنسى صوت الأطفال» في الحي.

وتضيف «سنعود الآن إلى منزلنا (في الضاحية الجنوبية)، لكننا خائفون، لم نعد نستطيع بصراحة أن نعيش في هذا البلد».

عاجل رئيس الأركان الإسرائيلي يتوعد بـ"الوصول" إلى كل من يهدد إسرائيل بعد إعلان مقتل نصر الله الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل حسن نصر الله