العراق يتحضر لتعداد شامل يتلافى «الإشكاليات»

الأول منذ 27 عاماً... ويخلو من ذكر القومية والمذهب

مركبات تمر أمام الواجهة البحرية لنهر شط العرب في البصرة جنوب العراق مطلع مايو الحالي (أ.ف.ب)
مركبات تمر أمام الواجهة البحرية لنهر شط العرب في البصرة جنوب العراق مطلع مايو الحالي (أ.ف.ب)
TT

العراق يتحضر لتعداد شامل يتلافى «الإشكاليات»

مركبات تمر أمام الواجهة البحرية لنهر شط العرب في البصرة جنوب العراق مطلع مايو الحالي (أ.ف.ب)
مركبات تمر أمام الواجهة البحرية لنهر شط العرب في البصرة جنوب العراق مطلع مايو الحالي (أ.ف.ب)

أعلن نائب رئيس الوزراء العراقي وزير التخطيط محمد علي تميم، الأربعاء، عن انطلاق التعداد التجريبي في جميع محافظات العراق ومن بينها محافظات إقليم كردستان الشمالي (أربيل، دهوك، السليمانية) يوم الجمعة المقبل، في وقت أفاد مسؤولون لـ«الشرق الأوسط» بأن الإحصاء سيبتعد عن القضايا الإشكالية مثل القومية والمذهب، لكنه سيحصر نوع الديانة.

وإذا ما نجحت الحكومة العراقية في الإحصاء التجريبي، فإنها ستطلق تعداداً رسمياً في 20 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وسيكون الأول من نوعه بعد 27 عاماً على آخر تعداد عراقي جرى عام 1997.

وكان التعداد الذي جرى قبل أكثر من ربع قرن جزئياً، لأنه لم يشمل محافظات إقليم كردستان الذي كان خارج سيطرة حكومة بغداد بعد فرض حظر منطقة الطيران الجوي على نظام الرئيس الراحل صدام حسين.

ومنذ عام 2005 تسعى السلطات العراقية لتنفيذ تعداد، لكن الخطوة مُنيت بإخفاق وتعثر منذ ذلك الحين لأسباب عدة؛ منها الإشكاليات السياسية المتعلقة بتطبيق المادة 140 من الدستور الدائم المتعلقة بتطبيع الأوضاع في محافظة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها بين العرب والكرد.

تجريبي وسري

وتقدم وزير التخطيط العراقي خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء، بالشكر إلى الأسر والمجتمعات المحلية على «تعاونهم المثمر» مع الباحثين المشاركين في التعداد التجريبي، وأكد «الالتزام بضمان سرية البيانات وخصوصية الأفراد».

وقال إن «تجميع البيانات خلال التعداد التجريبي والفعلي سيكون وفق أعلى معايير السرية والخصوصية، ولا يتم استخدامها لأي غرض سوى أغراض التنمية، والهدف منه اختبار جميع أدوات التعداد، بما في ذلك الاستمارات وقواعد التطبيق الآلي والأجهزة اللوحية وضمان نقل البيانات الآمنة».

وأضاف أن «التعداد التجريبي يبدأ في مناطق محددة بجميع المحافظات (الجمعة) حيث سينفذ في 86 محلة (أحياء) بواقع 46 محلة في الريف و40 محلة في الحضر، وموزعة بين 18 محافظة، كما سيشارك بحصره 764 باحثاً وفنياً وإدارياً من كوادر هيئة الإحصاء».

وعن الأحياء والمدن التي سيشملها التعداد التجريبي، ذكر الوزير تميم، أنه «ستكون هناك 6 محلات سكنية في بغداد، ومثلها في البصرة، و5 محلات في نينوى، و8 محلات في ذي قار مشمولة بالتعداد التجريبي، وكذلك يُنفذ في 8 محلات سكنية في السليمانية، و3 محلات في أربيل، و8 محلات في دهوك، و4 محلات في كركوك، و6 محلات سكنية في النجف الأشرف ومثلها في بابل، و3 في محافظة ديالى، و7 في ميسان، و3 في كربلاء المقدسة، و2 في الديوانية، و7 محلات في الأنبار، و4 في المثنى».

وطبقاً للوزير، فإن الباحثين المشاركين في العملية التجريبية، سيرتدون ملابس تعريفية مثبتاً عليها شعار التعداد العام للسكان، ويحملون الهويات التعريفية الصادرة من وزارة التخطيط، وفي إقليم كردستان ستكون الهويات صادرة من هيئة الإحصاء في الإقليم، كما سيحملون أجهزة لوحية و(تابلت)، بحيث ترسل المعلومات مباشرة إلى مركز البيانات والمعلومات لتجميعها.

الديانات لا الطوائف

وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي لـ«الشرق الأوسط» إن «التعداد النهائي المقرر في نوفمبر المقبل ذو طبيعة تنموية خالصة، ولا يستهدف معرفة التركيبة السكانية القومية أو الطائفية، وتخلو الاستمارة المحددة لمعلومات المواطنين من ذكر هاتين الصفتين لكنها تأخذ بنظر الاعتبار ديانة الأشخاص».

وأضاف: «ما تُفكر فيه الدولة ليس عدد المواطنين العرب أو الأكراد، إنما يهمها أن تعرف أوضاع هؤلاء المالية والمعيشية والاجتماعية لتكون قادرة على معالجتها، والتعداد يهتم بعوامل التنمية وليس غير ذلك». وتابع: «المعايير الدولية تنصح غالباً بالابتعاد عن القضايا الإشكالية في موضوع التعداد السكاني».

مظاهرة في مدينة دهوك بإقليم كردستان سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

وعن الأسباب التي حالت دون إجراء التعداد منذ عام 2005، ذكر الهنداوي، أن «أسباباً عدة حالت دون ذلك، لكن أهمها الأسباب السياسية، حيث كان الكرد والعرب يطالبون بإجراء تعداد سكاني خاص للمناطق المتنازع عليها قبل إجراء التعداد العام». وشرح: «لكننا تمكنا من الحصول على حكم من المحكمة الاتحادية يقضي بعدم التقاطع بين الأمرين، وهكذا عالجنا أهم مشكلات التعداد السياسية».

وتوقع الهنداوي أن «يتم التعداد السكاني في موعده المحدد هذه المرة، بالنظر لمعالجة معظم القضايا الخلافية حوله، إلى جانب العزم والإصرار اللذين تبديهما حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في هذا الاتجاه لنجاح العملية، بعد أن قامت بتوفير جميع مستلزماتها».

وكشف الهنداوي عن أن «التعداد التقريبي لسكان العراق في الوقت الحالي يناهز 43 مليون نسمة، لكن التعداد العام للسكان سيكشف بشكل دقيق عن الرقم الفعلي».


مقالات ذات صلة

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

قدم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)
TT

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)
وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

نقلت وكالة الأنباء العراقية، الجمعة، عن وزير الخارجية فؤاد حسين قوله إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

وأضاف الوزير أن حكومة بلاده لا تريد الحرب، وتسعى لإبعاد خطرها، وأن المنطقة «تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا».

وأفادت الوكالة العراقية، السبت، بأن حكومة بغداد تقدمت بطلب لعقد جلسة طارئة لمجلس الجامعة العربية لمواجهة تهديدات إسرائيل.

وذكرت أن المندوبية الدائمة للعراق لدى الجامعة العربية «تقدمت بطلب لعقد جلسة طارئة لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين للدول العربية الأعضاء في الجامعة لمواجهة تهديدات الكيان الصهيوني».

كان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد ذكر في وقت سابق، هذا الأسبوع، أنه بعث برسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حث فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.