مجلس الحرب الإسرائيلي يوافق على استئناف المفاوضات حول الأسرى

«حماس» تتكتم... ومؤشرات على أن نتنياهو والسنوار «غير معنيَّين»

أفراد من عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» في تجمع للمطالبة بالإفراج عنهم (رويترز)
أفراد من عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» في تجمع للمطالبة بالإفراج عنهم (رويترز)
TT

مجلس الحرب الإسرائيلي يوافق على استئناف المفاوضات حول الأسرى

أفراد من عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» في تجمع للمطالبة بالإفراج عنهم (رويترز)
أفراد من عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» في تجمع للمطالبة بالإفراج عنهم (رويترز)

قرر مجلس وزراء إدارة الحرب في الحكومة الإسرائيلية، الخميس، الموافقة على استئناف المفاوضات مع «حماس» حول صفقة تبادل أسرى، وإرسال فريق التفاوض إلى القاهرة. لكنَّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، رفض مسودة اتفاق عرضها مندوب الجيش الإسرائيلي، اللواء نتسان ألون، وقال إنها تحتوي على أمور لا يستطيع الموافقة عليها.

وقال مقرب من وفد المفاوضات الإسرائيلي إن هذا القرار مهم ولكنه لا ينطوي على بشائر في هذه المرحلة. وأضاف، وفق تصريحات لوسائل الإعلام العبرية، أن «القرار جاء تحت ضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين وفي ظل التغيرات الدراماتيكية التي تشهدها الساحة الإسرائيلية والصدمة التي أحدثها قرار المدعي العام في لاهاي بخصوص إصدار أوامر اعتقال لقادة إسرائيل أسوةً بقادة (حماس)، فضلاً عن موجة الاعترافات الدولية بدولة فلسطينية. لكن رفض مسودة اتفاق يضعها جنرال كبير في الجيش الإسرائيلي ويوافق عليها مسبقاً قادة أجهزة المخابرات، لا يبشِّر بالخير، ويدل على أن نتنياهو لم يتوصل بعد إلى قرار حاسم لتفضيل تحرير الأسرى على حساباته السياسية والشخصية».

وحسب مصادر سياسية في تل أبيب، فإن هذه المسودة تأخذ في الاعتبار التعديلات الأخيرة التي وافقت عليها «حماس»، مما يعني أنها قد تكون مقبولة من قيادتها في غزة.

وقال مسؤول آخر، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن «نتنياهو يتلكأ بطريقة مفزعة. فهو يضيع فرصة تلو الأخرى للتوصل إلى اتفاق. فقط قبل شهرين طُرح عليه اتفاق أفضل بكثير من الاتفاق الذي يعرضه المصريون اليوم، ورفضه. والآن يتخذ المصريون موقفاً منه ويعتقدون أنه لا توجد لديه نيَّات حقيقية للتوصل إلى اتفاق، فيرفض مقترحاً من جيشه. ويبث رسائل سلبية تجاه مصر. ويعود لتفضيل قطر عليها، مع أنه فقط قبل أسبوعين بعث برسائل تشكيك إلى الدوحة».

وبينما لم تعلِّق حركة «حماس» رسمياً حتى الآن على ما أعلنته إسرائيل عن تكليف فريق التفاوض بالعمل على استئناف المفاوضات، أكدت مصادر مقربة من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تتلقَّ أي إشارات رسمية من الوسطاء حول ذلك. وقالت المصادر إن الحركة معنية هي الأخرى بالعودة إلى المفاوضات، لكنها ستتبنى استراتيجية جديدة تضمن إلزام إسرائيل بكل خطوة سيتم التوافق عليها خلال المفاوضات. وحسب المصادر فإن قيادة «حماس» أجرت اتصالات مع قيادة الفصائل الفلسطينية وتوصلت إلى تفاهمات حول الخطوط العريضة التي ستتبناها خلال المفاوضات. وأكدت المصادر أن الاتصالات لم تتوقف بين قيادة الحركة والوسطاء المصريين والقطريين، لكنَّ هذه الاتصالات كانت في إطار المداولات ولم يكن هناك أي تحرك جدي في ظل الموقف الإسرائيلي الأخير الذي رفض المقترح الأخير الذي وافقت عليه الحركة.

وفي صحيفة «هآرتس»، كتب المراسل العسكري عاموس هرئيل، أن «نتنياهو في الحقيقة لا يريد صفقة بالشروط القائمة. وأي عملية أخرى لتحرير سجناء فلسطينيين مقابل مخطوفين يمكن أن تكلِّفه حل حكومته. هو بصعوبة أقنع شركاءه المتطرفين، الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، بألا يعملا على تخريب الصفقة الأولى التي تم التوقيع عليها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وكلَّفت إسرائيل ثمناً ضئيلاً. يصعب التصديق أن هذين الاثنين سيوافقان على صفقة أخرى ستكلف في هذه المرة إسرائيل تقديم تنازلات أكبر. الأهم من بينها هي مطالبة (حماس) الأساسية في المفاوضات، بوقف الحرب تماماً. فمن دون ذلك، لن توافق (حماس) غزة على صفقة، وترى فيها انتحاراً لأنها لا تضمن بقاءها، ولذلك فإنه ليس لديها أي سبب للموافقة.

من جهة أخرى، إنهاء الحرب هو ثمن سيجد نتنياهو صعوبة في دفعه، لأنه بذلك يعترف بأنه غير قادر على تحقيق أهداف الحرب كما وعد الجمهور. الآن حتى «حماس» غير متحمسة للدفع قدماً بالصفقة لأن قادتها يشعرون بأن وضعهم الاستراتيجي تحسَّن».


مقالات ذات صلة

هل تلجم «مصلحة الجميع» نيّات توسعة الحرب في لبنان؟

تحليل إخباري المبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت 18 يونيو الحالي (أ.ب)

هل تلجم «مصلحة الجميع» نيّات توسعة الحرب في لبنان؟

قبل أيام زار هوكستين، عراب الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي، تل أبيب وبيروت في مسعى لمنع تحول المواجهة من جبهة محدودة في جنوب لبنان إلى مواجهة مفتوحة.

مالك القعقور (لندن)
شؤون إقليمية حقل الغاز الطبيعي البحري الإسرائيلي «تمار» في الصورة أمام عسقلان قرب ساحل غزة (رويترز)

اتحاد المصنّعين الإسرائيليين: سنُغلق منصّات الغاز إذا نشبت حرب مع «حزب الله»

قال رون تومر، رئيس اتحاد المصنّعين في إسرائيل، إنه سيتم وقف تشغيل كل منصّات استخراج الغاز الطبيعي في المياه الإسرائيلية؛ لحمايتها في حال نشوب حرب مع «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)

تحليل إخباري واشنطن توكل لباريس التواصل مع طهران لمنع التصعيد في جنوب لبنان

أكد مصدر دبلوماسي غربي أن واشنطن أوكلت إلى باريس مهمة التواصل مع إيران وحليفها «حزب الله» لإعادة الهدوء إلى جبهة جنوب لبنان ومنع توسعة الحرب بين الحزب وإسرائيل.

محمد شقير (بيروت)
الولايات المتحدة​ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يتحدث في مؤتمر صحافي بمقر حلف شمال الأطلسي (الناتو) ببروكسل 14 يونيو 2024 (أ.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نسعى لاتفاق دبلوماسي يمنع الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن الولايات المتحدة تسعى بشكل عاجل للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة لمنازلهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية تظهر هذه الصورة الملتقطة من الحدود الجنوبية لإسرائيل مع قطاع غزة جنوداً إسرائيليين يصلحون جنزير دبابة في 18 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

موجة رفض داخل الجيش الإسرائيلي للخدمة العسكرية في غزة

كشف النقاب عن موجة رفض للخدمة العسكرية في غزة بدأت تنتشر في الجيش الإسرائيلي، وتشمل مئات الجنود والضباط في الاحتياط.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

واشنطن توكل لباريس التواصل مع طهران لمنع التصعيد في جنوب لبنان

تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)
تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

واشنطن توكل لباريس التواصل مع طهران لمنع التصعيد في جنوب لبنان

تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)
تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)

ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر ما ستؤول إليه معاودة الولايات المتحدة الأميركية تحركها على خطين لمنع مزيد من التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، والإبقاء عليه تحت السيطرة، لقطع الطريق على تفلّت المواجهة العسكرية في جنوب لبنان وتدحرجها نحو توسعة الحرب التي يمكن أن تمتد إلى الإقليم، في ضوء تهديد إيران بالتدخّل، وإعلانها أنها لن تقف مكتوفة اليدين، على حد تأكيد مصدر بارز في الثنائي الشيعي («حزب الله» و«حركة أمل»)، كاشفاً لـ«الشرق الأوسط» أن طهران أحاطتهم علماً بأنها أبلغت واشنطن أنها لن تسمح بالاستفراد بحليفها، أي الحزب، وسيكون لها الرد المناسب في الميدان.

ويتضمن التحرك الأميركي خطين، الأول منهما هو مواصلة واشنطن الضغط المباشر على إسرائيل، الذي احتل حيزاً واسعاً في اللقاءات التي عقدها وزير دفاعها يوآف غالانت في زيارته لواشنطن، التي شملت كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وأبرزهم نظيره الأميركي لويد أوستن، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الطاقة أموس هوكستين، المكلف رسمياً بتهدئة الوضع على الجبهة بين لبنان وإسرائيل.

واشنطن تطلب مساعدة باريس

يأتي تحرك واشنطن بإيفادها هوكستين إلى باريس استكمالاً لتحركها باتجاه تل أبيب، على حد تأكيد مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»، بقوله إن اختيار هوكستين لهذه المهمة ينطلق من أن العاصمة الفرنسية هي الأقدر على التواصل مع طهران، الذي لم ينقطع أبداً، لإشراكها في جهود التهدئة من جهة، وأيضاً مع «حزب الله» من جهة ثانية، من خلال سفيرها في بيروت هيرفيه ماغرو، أو من ينوب عنه، سعياً وراء تهدئة الوضع بخفض منسوب التصعيد لمنع توسعة الحرب.

ولفت المصدر الدبلوماسي الغربي إلى أن واشنطن، بلسان هوكستين، ستوكل إلى باريس مهمة التواصل مع القيادة الإيرانية، لعلها تسهم في خفض منسوب التوتر في جنوب لبنان بحكم تحالفها الاستراتيجي مع «حزب الله»، وقال إنها تولي أهمية لدور باريس للبحث في ما يمكن القيام به في اليوم التالي في حال تم التوصل إلى وقف النار على الجبهة الغزاوية.

طهران مضطرة للتدخل المباشر

ورأى المصدر نفسه أن تعاطي طهران مع المواجهة المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل في جنوب لبنان لن يكون في مطلق الأحوال نسخة طبق الأصل عن مساندتها حركة «حماس» في تصديها للاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، الذي يقتصر على قيام أذرعها في المنطقة بتشغيل المسيّرات لإرباك إسرائيل، من دون أن يحدث ذلك تبدُّلاً في المسار العام للمواجهة.

وبكلام آخر، فإن طهران ستضطر للتدخل المباشر في حال بادرت إسرائيل إلى توسعة الحرب في جنوب لبنان، في ظل رفعها لسقوف التهديدات، التي يقابلها الحزب بالمثل، وإن كانت لا تحبّذ توسعتها، وهذا ما تبين من خلال ردّها على استهداف تل أبيب قنصليتها في دمشق، الذي بقي محدوداً وتحت السيطرة، ولم يفعل فعله ولم يتسبب بردود فعل، وتحديداً من واشنطن التي كانت أُعلمت مسبقاً بطبيعة ردها من خلال قنوات التفاوض غير المباشر، التي ما زالت مفتوحة من دون أن تتوقف ولو للحظة.

وفي هذا السياق، يقول مصدر سياسي لبناني إن واشنطن، وإن كانت على قناعة بأن عودة التهدئة إلى الجنوب ترتبط أولاً وأخيراً بوقف النار في غزة، تدرك أن الحزب يرهن موقفه من تهدئة الوضع بمضامين الاتفاق في حال حصوله، وما إذا كان سيؤدي إلى وقف إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع، وامتناعها عن مطاردة «حماس»، وعدم التعامل مع وقف النار على أنه مؤقت، خصوصاً أن رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو يؤكد باستمرار أنه لن يوقف النار إلا بعد القضاء على «حماس» والتخلص منها نهائياً.

ويؤكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الجبهة الجنوبية بات معلقاً على وقف النار في غزة بلا شروط، وأنه لا خيار أمام إيران سوى التدخل جنوباً في حال أقدمت إسرائيل على توسعة الحرب، وأن طرفي المواجهة، مع أنهما يصران على رفع منسوب استعدادهما للحرب، فإنهما في المقابل يسعيان لاستقدام التدخلات التي تفتح الباب أمام إمكانية إنضاج تسوية تعيد الحرارة للوساطة التي يتولاها هوكستين. ويقول المصدر إن تبادلهما التهديدات لا يعني بالضرورة ارتياحهما لأوضاعهما في الداخل على نحو لا يدعوهما للقلق.

واشنطن والتهديد الإيراني

في الجنوب، الذي يقف على مشارف دخول «حزب الله» في مواجهة شاملة مع إسرائيل، لا يريدها لكنه يستعد لها، يبقى السباق على أشده بين التهدئة وبين توسعة الحرب، وهذا ما يضع إيران أمام ضرورة التدقيق في حساباتها، لأنه لا خيار أمامها سوى الوقوف إلى جانب حليفها.

فهل تنجح الضغوط المتنقلة بين عواصم الدول المعنية في إبعاد شبح الحرب، أم أن الذي كتب قد كتب، ما يضع إيران في الصفوف الأمامية للمواجهة لمنع إسرائيل من إضعاف الحزب الذي كان له دور في حجز مقعد لإيران في عداد الدول ذات الصلة بأزمة الشرق الأوسط، بما لديها من مصالح تسعى لتوفير الحماية لها؟

وإلى أن يتضح مصير المواجهة للتأكد ممّا إذا كانت الغلبة للتهدئة جنوباً، فإن واشنطن ربما تأخذ التهديد الإيراني بعين الاعتبار، لأنها لا تحبذ اشتعال المواجهة التي من شأنها أن تهدد الاستقرار في المنطقة، وهذا ما لا تريده مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصاً أن محور الممانعة يراهن على تدخل إيران في تصديها لمحاولات إضعاف حليفها «حزب الله»، ما ينعكس سلباً على نفوذها في المنطقة، كون الحزب هو من أمّن لها التموضع سياسياً على مرمى حجر من فلسطين المحتلة.