أربيل تكسب جولة الانتخابات بتأجيلها

مفوضية بغداد تعلق «أعمال الاقتراع» مؤقتاً... والغريم طالباني يطعن

عناصر من البيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من البيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

أربيل تكسب جولة الانتخابات بتأجيلها

عناصر من البيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من البيشمركة يتموضعون تحت صورة لمسعود بارزاني في ضواحي كركوك (أرشيفية - إ.ب.أ)

كسبت أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، جولة حاسمة من «صراعها» مع المحكمة الاتحادية في بغداد، ومع خصوم الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، خاصة حزب «الاتحاد الوطني»، بشأن انتخابات برلمان الإقليم التي كان مقرراً إجراؤها في العاشر من يونيو (حزيران) المقبل.

وجاء كسب الجولة مع تراجع المحكمة الاتحادية عن قرار سابق لها يقضى بإلغاء «كوتة» الأقليات في الإقليم، وامتداداً لهذا التراجع قررت مفوضية الانتخابات الاتحادية المعنية بإجراء الانتخابات تعليق العمل بإجراءاتها الفنية والمالية الخاصة بالإقليم، في مؤشر مؤكد على إلغاء الموعد في يونيو المقبل والذهاب إلى موعد آخر.

وعلق الحزب «الديمقراطي الكردستاني» مشاركته في برلمان الإقليم منتصف مارس (آذار) الماضي، احتجاجاً على قرار إلغاء «كوتة» الأقليات الصادر عن المحكمة الاتحادية، قبل أن تتراجع الأخيرة عنه، وفي مقابل ذلك أصرت معظم الأحزاب والقوى الكردية على إجرائها في موعدها المحدد، وخاصة غريمه التقليدي حزب «الاتحاد الوطني».

السوداني متوسطاً مسعود بارزاني (يسار) ونيجيرفان بارزاني في أثناء مراسم افتتاح الصرح التذكاري (أ.ف.ب)

لاعب أول

ويبدو أن الحزب الديمقراطي الذي يهيمن على حكومة الإقليم ولديه نفوذ واسع في محافظتي أربيل ودهوك، عاد ليكون بمثابة «اللاعب الأول»، ولن تجري انتخابات الإقليم دون مشاركته.

وطبقاً لمعظم المراقبين، فإن الزيارتين اللتين قام بهما رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني مؤخراً إلى بغداد، ولقاءه معظم القادة السياسيين، وكذلك زيارته الحاسمة إلى طهران، كان لها الأثر الواضح في حرف المسار الضاغط الذي تعرضت له أربيل والحزب «الديمقراطي» في الأشهر الأخيرة، خاصة أن تراجع المحكمة الاتحادية عن قرارها بإلغاء «كوتة» الأقليات أتى مباشرة بعد انتهاء زيارة طهران ولقائه المرشد الإيراني علي خامنئي وكبار المسؤولين هناك.

وقرر مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، الأربعاء، تعليق العمل بالإجراءات الفنية والمالية الخاصة بانتخابات برلمان كردستان العراق لعام 2024.

وطبقاً لبيان صادر عن المجلس، فإن قرار التعليق مرتبط بموعد «حسم الدعوى المنظورة أمام المحكمة الاتحادية»، في إشارة إلى الدعوى التي أقامها رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني أمام المحكمة لإصدار أمر ولائي (إيقاف مؤقت للإجراءات) حول نظام تسجيل قوائم المرشحين، و«كوتة» الأقليات لحين البت النهائي بالدعوى.

وقررت المحكمة، في وقت سابق، «إيقاف تنفيذ البند (ثانياً) من المادة (2) من نظام تسجيل قوائم المرشحين والمصادقة عليها لانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق».

والبند الثاني المشار إليه، والذي كان محل اعتراض بارزاني ويتضمن إلغاء مقاعد الأقليات البالغة 11 مقعداً، ينص على أن «يتكون برلمان إقليم كردستان من (100) مقعد موزعة على الدوائر الانتخابية الآتية: أربيل (34) مقعداً، السليمانية (38) مقعداً، دهوك (25) مقعداً، حلبچة (3) مقاعد».

وعزت المحكمة إصدارها الأمر الولائي إلى سعيها «لتلافي ما يترتب على تنفيذه (البند ثانياً) من آثار يصعب تداركها مستقبلاً».

خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)

حزب طالباني يطعن

ورداً على قرار المحكمة، قال «الاتحاد الوطني الكردستاني» إنه يطعن بقرار مجلس المفوضين القاضي بتعليق العمل بانتخابات برلمان كردستان. وقال المتحدث باسم الحزب سعدي بيره، في مؤتمر صحافي، إن المحكمة الاتحادية العليا «تسّرعت بإصدار الأمر الولائي الخاص».

وبموجب قرار الإيقاف، فإن الحزب «الديمقراطي الكردستاني» سيتمكن من تقديم أسماء مرشحيه إلى مفوضية الانتخابات، بعد أن امتنع سابقاً عن ذلك.

وبات بإمكان رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات، وكذلك الاحتفاظ بـ«كوتة» الأقليات في البرلمان المقبل.

وتعليقاً على نجاح أربيل في قلب الطاولة السياسية لصالحها، رأى كفاح محمود، المستشار الإعلامي لزعيم الحزب «الديمقراطي» مسعود بارزاني، أن «القيادة الكردستانية تستخدم قوتها الناعمة في حل الإشكاليات، وضمن تلك الوسائل، الحوار وتبيان الحقائق، بعيداً عن المزايدات وطرح المشاكل بحيثياتها لوضع حلول واقعية لإنهائها».

رئيسي إلى أربيل

وأضاف محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الإقليم يتعامل مع كل الأفعال التي صدرت خلال الفترة الماضية وما قبلها بالقوة الناعمة الدبلوماسية والحوار، ووضع كافة أوراق الإشكاليات على طاولة المباحثات، مع فتح الأبواب للتعامل مع الجميع، بما يحفظ كيان الإقليم ومكتسبات شعبه».

وأوضح محمود أن «إجراء الرئيس نيجيرفان بارزاني مباحثات معمقة مع قادة (الإطار التنسيقي) وتحالف (إدارة الدولة) في بغداد، واختتمها بزيارة إيران التي تمتلك نفوذاً كبيراً في العراق، عوامل كانت لها الأثر الإيجابي لحل المشاكل بين أربيل وبغداد».

ورجح المستشار الكردي أن تشهد الأيام المقبلة «تقدماً نوعياً في العلاقات البينية والخارجية، خاصة أن نيجيرفان بارزاني دعا الرئيس الإيراني لزيارة الإقليم، ومن المتوقع تلبيتها كما فعل إردوغان في زيارته الأخيرة».

وسبق أن أقدمت طهران على شن هجمات بصواريخ باليستية على أربيل بذريعة وجود مواقع و«أوكار تجسس» إسرائيلية فيها، الأمر الذي نفته أربيل وبغداد على حد سواء.


مقالات ذات صلة

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي سليمان أوسو رئيس «المجلس الوطني الكردي» (الشرق الأوسط)

مبادرة أميركية فرنسية لاستئناف المباحثات بين الأحزاب الكردية في سوريا

كشفت مصادر كردية أن فرنسا والولايات المتحدة قدمتا مبادرة لاستئناف المباحثات الداخلية بين قطبَي الحركة الكردية في سوريا، لإحياء الحوارات المتعثرة منذ 2020،…

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))
المشرق العربي عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

العراق يدخل مرحلة «الهبّة الديموغرافية»

يزيد عدد سكان العراق اليوم على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم دون الـ15 عاماً، حسبما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، أمس، بعد أول تعداد.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية إلى حماية حقوق التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
TT

اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل يشمل 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)
دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على المفاوضات الجارية لهدنة الأيام الـ60 بين لبنان وإسرائيل عن أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإخراج مقاتلي «حزب الله» وأسلحتهم من منطقة عمليات القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما وراء الخط الأزرق، على أن يترافق ذلك مع مفاوضات إضافية عبر الوسطاء الأميركيين.

وأفادت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن «مباركة» ترمب لجهود بايدن حصلت خلال لقائهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين.

وبينما سادت حالة الترقب للمواقف التي ستعلنها الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو والبيان المشترك «الوشيك» من بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، وتضم أيضاً فرنسا بالإضافة إلى لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل»، ستُشرف على تنفيذ عمليات إخلاء «حزب الله» من مناطق الجنوب «على 3 مراحل تتألف كل منها من 20 يوماً، على أن تبدأ الأولى من القطاع الغربي»، بما يشمل أيضاً انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق التي احتلتها في هذه المنطقة بموازاة انتشار معزز لقوات من الجيش اللبناني و«اليونيفيل». وتشمل المرحلة الثانية في الأيام الـ20 التالية بدء عمليات الإخلاء والانسحاب من مناطق القطاع الأوسط، وتُخصص الأيام الـ20 الأخيرة لتطبيق المبدأ نفسه في القطاع الشرقي. وسُربت معلومات إضافية عن أنه «لن يُسمح لسكان القرى الأمامية في جنوب لبنان بالعودة على الفور إلى هذه المناطق بانتظار اتخاذ إجراءات تحفظ سلامتهم، بالإضافة إلى التأكد من خلو هذه المناطق من أي مسلحين أو أسلحة تابعة لـ(حزب الله)». ولكن سيسمح بعودة السكان المدنيين الذين نزحوا مما يسمى بلدات وقرى الخط الثاني والثالث جنوب نهر الليطاني.

الرئيسان الأميركيان جو بايدن ودونالد ترمب خلال اجتماعهما في البيت الأبيض 13 نوفمبر الماضي (أ.ب)

بقاء اللجنة الثلاثية

وتوقع مصدر أن تضطلع الولايات المتحدة بـ«دور فاعل» في آلية المراقبة والتحقق من دون أن يوضح ما إذا كانت أي قوات أميركية ستشارك في هذه الجهود. ولكن يتوقع أن تقوم بريطانيا ودول أخرى بـ«جهود خاصة موازية للتحقق من وقف تدفق الأسلحة غير المشروعة في اتجاه لبنان». ولن تكون الآلية الخماسية بديلاً من اللجنة الثلاثية التي تشمل كلاً من لبنان وإسرائيل و«اليونيفيل».

وتعامل المسؤولون الأميركيون بحذر شديد مع «موجة التفاؤل» التي سادت خلال الساعات القليلة الماضية، آملين في «عدم الخروج عن المسار الإيجابي للمفاوضات بسبب التصعيد على الأرض».

ومن شأن اقتراح وقف النار، الذي توسط فيه دبلوماسيون أميركيون وفرنسيون أن يؤدي إلى إحلال الاستقرار في جنوب لبنان «إذا وفت كل الأطراف بالتزاماتها». غير أن العديد من الأسئلة حول الاقتراح لا تزال من دون إجابة، بما في ذلك كيفية ممارسة الجيش اللبناني سلطته على «حزب الله».

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست»، عن دبلوماسي غربي مطلع على المحادثات، أن الجانبين مستعدان للموافقة على الاتفاق. لكنه «حض على توخي الحذر» بعدما «عشنا بالفعل لحظات كان فيها الاتفاق وشيكاً قبل اتخاذ خطوات تصعيدية كبيرة»، كما قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين «يعتقدون أن المسار يسير في اتجاه إيجابي للغاية».

الوسيط الأميركي آموس هوكستين (أ.ب)

قرار أممي جديد؟

وكانت «الشرق الأوسط» أول من نقل، الاثنين، عن مصادر واسعة الاطلاع أن الرئيسين الأميركي والفرنسي يستعدان لإعلان الهدنة بعد ظهور مؤشرات إلى «تفاؤل حذر» بإمكان نجاح الصيغة الأميركية لـ«وقف العمليات العدائية» بين لبنان وإسرائيل على أساس الإخلاء والانسحاب المتبادلين لمصلحة إعادة انتشار «اليونيفيل» والجيش اللبناني في المنطقة بإشراف «آلية مراقبة وتحقق» جديدة «تحدد بدقة كيفية تنفيذ القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2006».

ويتوقع أن يصدر مجلس الأمن «قراراً جديداً يضع ختماً أممياً على الاتفاق الجديد» ويتضمن «لغة حازمة» حول الالتزامات الواردة في الاتفاق، من دون أن يشير إلى أنه سيكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يخوّل المجتمع الدولي اتخاذ «إجراءات قهرية» لتنفيذ ما ورد في القرار 1701.

ويتضمن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه انسحاب القوات الإسرائيلية إلى الحدود الدولية طبقاً لما ورد في القرار 1701، أي إلى حدود اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس (آذار) 1948، على أن «تجري عملية إخلاء مقاتلي (حزب الله) وأسلحتهم من منطقة عمليات (اليونيفيل) طبقاً للقرار نفسه الذي ينص أيضاً على وجوب عدم وجود مسلحين أو أسلحة غير تابعين للدولة اللبنانية أو القوة الدولية على امتداد المنطقة بين الخط الأزرق وجنوب نهر الليطاني. وبالإضافة إلى التحقق من تنفيذ الاتفاق، ستبدأ محادثات للتوصل إلى تفاهمات إضافية على النقاط الحدودية الـ13 التي لا تزال عالقة بين لبنان وإسرائيل، بما فيها الانسحاب الإسرائيلي من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمالاً. وينص الاتفاق على «وقف الانتهاكات من الطرفين» مع إعطاء كل منها «حق الدفاع عن النفس».