80 % من مدارس قطاع غزة دمّرتها الحرب... وأطفال خسروا عامهم الدراسي

إسماعيل وهبة مدير مدرسة الطائف التابعة للأونروا في رفح بقطاع غزة يقوم بتدريس الأطفال الفلسطينيين في 4 مارس 2024 (أ.ف.ب)
إسماعيل وهبة مدير مدرسة الطائف التابعة للأونروا في رفح بقطاع غزة يقوم بتدريس الأطفال الفلسطينيين في 4 مارس 2024 (أ.ف.ب)
TT

80 % من مدارس قطاع غزة دمّرتها الحرب... وأطفال خسروا عامهم الدراسي

إسماعيل وهبة مدير مدرسة الطائف التابعة للأونروا في رفح بقطاع غزة يقوم بتدريس الأطفال الفلسطينيين في 4 مارس 2024 (أ.ف.ب)
إسماعيل وهبة مدير مدرسة الطائف التابعة للأونروا في رفح بقطاع غزة يقوم بتدريس الأطفال الفلسطينيين في 4 مارس 2024 (أ.ف.ب)

تحت خيمة في جنوب قطاع غزة، يلعب أطفال لعبة «المدرسة»، بعد أن انقطعوا عن الدراسة في القطاع المحاصر حيث دمّرت 8 من كل 10 مدارس، وفق اليونيسف، منذ بدء الحرب قبل 6 أشهر.

ويقول المتحدث باسم اليونيسف في الأراضي الفلسطينية، جوناثان كريكس، إن مبادرة إقامة المدرسة التي أقدمت عليها مديرة مؤسسة تعليمية، «تسمح للأطفال خصوصاً بالتعامل مع الصدمة»، واصفاً الوضع بأنه «مأسوي تماماً».

ويضيف: «هناك 325 ألف طفل في سن الدراسة لم يحضروا ساعة صف واحدة منذ 6 أشهر»، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ويروي مجد حلاوة (16 عاماً) أن القصف طال مدرسته في مدينة غزة التي نزح منها مع عائلته، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي أعطى العائلة وعدداً من الأقارب مدة 3 دقائق لإخلاء المبنى الذي يسكنونه في غزة، والمكوّن من 6 طوابق. ويتابع في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية من إدمونتون في كندا، التي لجأ إليها في منتصف يناير (كانون الثاني): «تركت كل كتبي ومستلزماتي المدرسية في منزلي. كنت أعتقد أنني سأعود إلى البلاد قريباً، لكن ذلك لم يحدث».

وتوقفت الدراسة في قطاع غزة فور اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) بعد هجوم حركة «حماس» غير المسبوق على إسرائيل، وبدء الردّ الإسرائيلي المدمّر. وتحوّلت مدارس الأونروا في القطاع إلى مراكز إيواء لمئات آلاف النازحين، وتعرّض 67 في المائة من المدارس لضربات مباشرة، وفق تقرير صادر عن منظمات غير حكومية بالاستناد إلى صور للأقمار الصناعية وتقارير ميدانية. وتضررت 82 في المائة من المدارس.

وستكون إعادة بناء المدارس خطوة أولى شاقة على طريق إعادة الأطفال إلى المدارس. لكن التحدي الحقيقي سيكون شفاء أطفال القطاع النازحين والتعامل مع الصدمات النفسية الناتجة عن الموت والدمار والجوع، حتى يتمكنوا من العودة الى التعلّم، كما يقول عاملون في مجال الصحة.

وأسفر هجوم «حماس» عن مقتل نحو 1140 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استناداً إلى آخر الأرقام الإسرائيلية الرسمية.

وتعهدت إسرائيل «القضاء» على «حماس»، وتنفذ حملة قصف عنيف تترافق مع هجوم برّي منذ 27 أكتوبر، على قطاع غزة، ما أدّى الى مقتل ما لا يقل عن 33091 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفق آخر الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة.

في رفح، في أقصى جنوب القطاع، يتكدّس أكثر من مليون ونصف مليون شخص، غالبيتهم من النازحين، بحسب «الأمم المتحدة»، وبات الوضع الإنساني في المدينة مأساوياً.

معلمة تتحدث إلى الطلاب في فصل دراسي في مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح جنوب قطاع غزة في 27 مارس 2024 (أ.ف.ب)

دمار

نحو نصف سكان قطاع غزة تحت سن 18 عاماً. وكان نظام التعليم في القطاع يعاني أصلاً من صعوبات شتى، بعد 5 حروب مع إسرائيل خلال العشرين عاماً الماضية، وبسبب الفقر والبطالة.

ويقول ديفيد سكينر، من منظمة «سايف ذي تشيلدرن» (أنقذوا الأطفال): «إعادة بناء المدارس أمر معقّد للغاية... لكنه أكثر بساطة من إعادة التأهيل على التعليم». وتمّ إنشاء مدارس مؤقتة في خيم في مدينة رفح الجنوبية.

في خيمة صغيرة، تقف معلّمة إلى جانب لوح خشبي، تعلّم تلاميذ من الصفّين الأول والثاني الابتدائي، وتقول: «نشعر بفرح لأننا نحاول تفادي تجهيل مئات آلاف التلاميذ».

وتضيف المعلمة، هبة حلاوة، أمام 30 طفلاً يحاولون تعلّم كيفية قراءة كلماتهم الأولى، إن التعليم يفتقر أيضاً إلى «الكتب المدرسية والأقلام». رغم ذلك، «الأطفال سعداء بالمدرسة».

ووضعت وزارة التربية والتعليم التابعة لـ«حماس» خطة مبدئية لاستئناف مسيرة التعليم الأساسي والثانوي في اليوم التالي لانتهاء الحرب.

وتستند الخطة إلى إقامة 25 ألف خيمة كقاعات دراسة بديلة في ظل التدمير الكلي أو الجزئي الذي أصاب معظم المدارس في القطاع. وتتضمن الخطة توظيف آلاف المدرسين والمساعدين بدلاً من المعلمين الذين قتلوا في الحرب.

لكن مجد حلاوة، الذي كان يحلم بأن يصبح محامياً، يشعر أن الأمر لا يتعلق فقط بوجود مدرسة يذهب إليها مرة أخرى. إذ «لا يمكن لأحد أن يتغلّب على كل ذكريات ما حدث، ولا خلال 100 عام»، وفق رأيه.

ويشير إلى أن استئناف الدراسة بالنسبة إليه «صعب جداً، والقيام بسنة دراسية في شهرين أو 3 أشهر»، ولا سيما وقت يعجز فيه عن الاتصال بأصدقائه الذين بقوا في غزة، والذين قتل بعضهم.

أطفال يحضرون فصلاً دراسياً في مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح جنوب قطاع غزة في 27 مارس 2024 (أ.ف.ب)

ضرر إدراكي

تقول أودري مكماهون، الطبيبة النفسية للأطفال من منظمة «أطباء بلا حدود»: «التعلّم يفترض الوجود في مكان آمن. فمعظم الأطفال في غزة في الوقت الحالي أدمغتهم تعمل تحت الصدمة».

وتضيف لوكالة الصحافة الفرنسية: «التحدّيات التي سيتعيّن عليهم مواجهتها هائلة، وستستغرق وقتاً طويلاً للتعافي منها. الأطفال الأصغر سنّاً يمكن أن يصابوا بإعاقات إدراكية مدى الحياة بسبب سوء التغذية، في حين من المرجح أن يشعر المراهقون بالغضب من الظلم».

ويقول سكينر: «ننسى غالباً عندما نفكّر بغزة، الكارثة التي تطول الأطفال. هؤلاء أطفال فقدوا أقارب، ويعانون من مشكلات جسدية بالغة ومن سوء التغذية».

في بعض الدول التي شهدت حروباً، لم يعد عدد كبير من الأطفال إلى مقاعد الدراسة حتى بعد انتهاء العنف. في العراق، بعد 6 سنوات من إعلان الحكومة الانتصار على تنظيم «داعش»، لم يعد عشرات آلاف الأطفال إلى المدرسة، وفق البنك الدولي.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

جددت القاهرة، الجمعة، تأكيدها ضرورة «وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي فتى فلسطيني يقفز قرب صاروخ غير منفجر بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مخيم النصيرات الجمعة (إ.ب.أ)

دبابات إسرائيلية تنسحب من مخيم النصيرات مخلِّفة عشرات القتلى

قال الجيش الإسرائيلي إن قواته التي تنفذ عمليات منذ الخامس من أكتوبر تستهدف منع مسلحي «حماس» من معاودة تنظيم أنفسهم وشن عمليات.

«الشرق الأوسط» (غزة)

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT

المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا: موجة نزوح من حلب وإغلاق المطار

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

قال المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا، الجمعة، إن هناك تقارير عن عمليات نزوح واسعة من مناطق في ريف حلب الغربي ومناطق داخل المدينة مع إعلان فصائل مسلحة دخولها مدينة حلب.

وأضاف المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا أن بعض العائلات نزحت من حلب وإدلب إلى أماكن إيواء جماعية في حماة.

وأشار المكتب إلى أنه تم إغلاق مطار حلب الدولي، وتعليق جميع الرحلات، مضيفاً أن «الوضع الأمني في حلب يتدهور بشكل سريع».

وسيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة أخرى على مدينة سراقب في محافظة إدلب، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، في إطار هجوم واسع تشنّه في شمال سوريا دخلت خلاله مدينة حلب.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أهمية سراقب (شمال غربي) أنها تمنع أي مجال للنظام من التقدم إلى حلب، وتقع على عقدة استراتيجية تربط حلب باللاذقية (غرب) وبدمشق».

دخلت مجموعات مسلحة بينها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، الجمعة، مدينة حلب في شمال سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد قصفها في سياق هجوم مباغت وسريع بدأته قبل يومين على القوات الحكومية، هو الأعنف منذ سنوات.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الفصائل «دخلت إلى الأحياء الجنوبية الغربية والغربية» لكبرى مدن الشمال السوري.

وأضاف أنّها سيطرت على خمسة أحياء في ثانية كبرى مدن البلاد، مشيراً إلى أنّ الجيش السوري «لم يبدِ مقاومة كبيرة».

وهي المرة الأولى التي تدخل فيها فصائل مسلحة إلى حلب منذ استعاد الجيش السوري السيطرة الكاملة على المدينة عام 2016.

وأفاد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حلب بوقوع اشتباكات بين الفصائل، والقوات السورية ومجموعات مساندة لها.

كذلك، قال شاهدا عيان من المدينة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنهما شاهدا مسلحين في منطقتهما، وسط حالة من الهلع.

وأودت العمليات العسكرية بحياة 277 شخصاً، وفقاً للمرصد، غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم 28 مدنياً قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش في المعركة.

وبدأ الهجوم خلال مرحلة حرجة تمر بها منطقة الشرق الأوسط مع سريان وقف إطلاق نار هش في لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» الذي يقاتل منذ سنوات إلى جانب الجيش النظامي في سوريا.

ومع حلول يوم الجمعة، كانت الفصائل سيطرت على أكثر من خمسين بلدة وقرية في الشمال، وفقاً للمرصد السوري، في أكبر تقدّم منذ سنوات تحرزه المجموعات المسلحة السورية.

وكان المرصد أفاد، الخميس، بأنّ مقاتلي «هيئة تحرير الشام» وحلفاءهم تمكّنوا من قطع الطريق الذي يصل بين حلب ودمشق.

وتعرّض سكن جامعي في مدينة حلب الجمعة للقصف، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين، بحسب وكالة «سانا» الرسمية.

وأدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

ومن مدينة حلب، قال سرمد البالغ من العمر (51 عاماً)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «على مدار الساعة، نسمع أصوات صواريخ ورمايات مدفعية وأحياناً أصوات طائرات»، مضيفاً: «نخشى أن تتكرر سيناريوهات الحرب وننزح مرة جديدة من منازلنا».

وقال ناصر حمدو البالغ (36 عاماً) من غرب حلب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتابع الأخبار على مدار الساعة، وقطع الطريق يثير قلقنا اقتصادياً لأننا نخشى ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان بعض المواد».

ووصلت تعزيزات من الجيش إلى حلب، وفق ما أفاد مصدر أمني سوري.

وقبل إعلان المرصد دخول «هيئة تحرير الشام» إلى المدينة، أشار المصدر الأمني إلى «معارك واشتباكات عنيفة من جهة غرب حلب». وأضاف: «وصلت التعزيزات العسكرية ولن يجري الكشف عن تفاصيل العمل العسكري حرصاً على سيره، لكن نستطيع القول إن حلب آمنة بشكل كامل ولن تتعرض لأي تهديد».

وتابع: «لم تُقطع الطرق باتجاه حلب، هناك طرق بديلة أطول بقليل»، متعهداً بأن «تفتح كل الطرق قريباً».

وتزامناً مع الاشتباكات، شنّ الطيران الحربي الروسي والسوري أكثر من 20 غارة على إدلب وقرى محيطة بها، وفق المرصد السوري، أدّت إلى مقتل شخص.

بدوره، أعلن الجيش الروسي، الجمعة، أن قواته الجوية تقصف فصائل «متطرفة».

عناصر تتبع فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

ونقلت وكالات أنباء روسية عن متحدث باسم مركز المصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية في سوريا قوله إن «القوات الجوية الروسية تنفذ هجمات بالقنابل والصواريخ على معدات وعناصر جماعات مسلحة غير شرعية ونقاط سيطرة ومستودعات ومواقع مدفعية تابعة للإرهابيين»، موضحاً أنها «قضت» على 200 مسلح خلال الـ24 ساعة الماضية.

ودعت تركيا، الجمعة، إلى «وقف الهجمات» على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غربي البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عبر منصة «إكس»، إنّ الاشتباكات الأخيرة «أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية».

أطراف دولية

يعد القتال الناجم عن هذا الهجوم، الأعنف منذ سنوات في سوريا، التي تشهد منذ عام 2011 نزاعاً دامياً عقب احتجاجات شعبية أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودفع الملايين إلى النزوح، وأتى على البنى التحتية والاقتصاد في البلاد.

وفي عام 2015، تدخلت روسيا إلى جانب الجيش السوري، وتمكنت من قلب المشهد لصالح حليفها، بعدما خسر معظم مساحة البلاد.

وخلال شهرين من الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان، كثّفت الدولة العبرية ضرباتها للفصائل الموالية لإيران في سوريا.

وقدمت هذه الفصائل، وأبرزها «حزب الله»، دعماً مباشراً للقوات السورية خلال الأعوام الماضية، ما أتاح لها استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد.

والجمعة، عدّ المتحدّث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن الوضع في حلب «انتهاك لسيادة سوريا». وأعرب عن دعم بلاده «للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري».

وشدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في بيان، «على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب»، بعد اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

في إدلب، عدّ رئيس «حكومة الإنقاذ» التي تدير مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» محمد البشير، الخميس، أن سبب العملية العسكرية هو حشد النظام «في الفترة السابقة على خطوط التماس وقصفه مناطق آمنة، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين الآمنين».

وتسيطر «هيئة تحرير الشام» مع فصائل مسلحة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة.

ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس (آذار) 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو الداعمة لدمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل المسلحة، وأعقب هجوماً واسعاً شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر.

وشاهد مراسل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، مقاتلين من فصائل عدة في مدينة الأتارب يتقدمون إلى مشارف مدينة حلب، في ظل انسحاب الجيش ودخول دبابات وآليات تابعة للفصائل المعارضة.

وقال مقاتل ملثّم، لمراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا مُهجَّر منذ خمس سنوات، والآن أشارك في المعارك، وإن شاء الله سنعيد أرضنا وبلدنا اللذين أخذهما النظام، وندعو إخوتنا الشباب الجالسين في منازلهم للانضمام إلينا كي نعيد البلد».