مروان عيسى «رجل الظل» الذي كاد يقتله السرطان قبل إسرائيل

مصير الرقم 2 في «القسام» و3 على قائمة الاغتيال الإسرائيلية... «بانتظار البيان الرسمي»

مروان عيسى وسط معتقلين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط (أرشيفية - بي بي سي)
مروان عيسى وسط معتقلين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط (أرشيفية - بي بي سي)
TT

مروان عيسى «رجل الظل» الذي كاد يقتله السرطان قبل إسرائيل

مروان عيسى وسط معتقلين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط (أرشيفية - بي بي سي)
مروان عيسى وسط معتقلين أُفرج عنهم في صفقة جلعاد شاليط (أرشيفية - بي بي سي)

يحاول الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس» تحديد ما إذا كان مروان عيسى، نائب رئيس «كتائب القسام» الجناح العسكري للحركة، قد قُتل فعلاً في غارة جوية استهدفته وسط قطاع غزة، ليلة السبت - الأحد الماضي.

ويستخدم مسؤولو الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي والشاباك إجراءات خاصة للتحقق بشكل نهائي، مما إذا كان قد تم «إغلاق ملف» الرجل الثاني في القسام الذي استخدمت إسرائيل لاغتياله أسلحة مشتركة، «ثقيلة وخارقة للتحصينات»، من أجل التحقق من عدم خروجه حياً من المجمع تحت الأرضي الذي كان فيه.

وقالت القناة 12 الإسرائيلية إنه «بعد ثلاثة أيام من الهجوم القوي غير المعتاد في مخيم النصيرات للاجئين، وسط القطاع، لا تزال إسرائيل لا تعرف على وجه اليقين ما إذا كان عيسى قد قُتل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تأكيد تصفية أحد كبار أعضاء (حماس) قد يأتي على وجه التحديد من الفلسطينيين، ومن (حماس) نفسها».

أما «حماس» التي لم تعقب حتى إعداد هذا التقرير، فإنها تجد صعوبة في الاتصال والتواصل والتحقق من أي معلومات، كما أن الوصول إلى الجثامين والتحقق منها في ظل الانهيار الكبير الذي سببته الضربة الإسرائيلية، معقد للغاية.

دمار جراء الغارات الإسرائيلية على مخيم النصيرات في قطاع غزة فبراير الماضي (إ.ب.أ)

وكان الجيش الإسرائيلي قد استخدم في استهداف عيسى قنابل خارقة للتحصينات، بالإضافة إلى قنابل ثقيلة للغاية.

وفي الوثائق التي نشرها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، شوهد انفجار كبير مع انفجارات أصغر، من أجل التأكد من أن من لم يقتله الانفجار نفسه أو انهيار النفق، فسيموت اختناقاً أو استنشاقاً لمواد خطيرة.

ولا تريد إسرائيل إعلان مقتل عيسى رسمياً إلا إذا تأكدت نهائياً، بعدما أخطأت أول الحرب بإعلان اغتيال المسؤول السياسي في «حماس» روحي مشتهى الذي تبين أنه أصيب ونجا وعاد لمزاولة عمله.

أفراد من الدفاع المدني في الشارع المجاور للمبنى الذي أصيب بغارة إسرائيلية استهدفت نائب زعيم «حماس» صالح العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت 3 يناير 2024 (أ.ف.ب)

وعيسى هو أهم هدف يتم استهدافه منذ بداية الحرب، ويعدّ الرجل رقم 3 على قائمة المطلوبين الإسرائيلية في «حماس»، بعد محمد الضيف، قائد «كتائب القسام»، ويحيى السنوار، قائد «حماس» في غزة. أما الرقم 4 فكان صالح العاروري واغتالته إسرائيل فعلاً في لبنان.

وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باغتيال الرقم 3 و2 و1 في «حماس» بعدما اغتالوا الرقم 4.

من هو مروان عيسى الملقب برجل الظل؟

ولد مروان عبد الكريم عيسى عام 1965، في مخيم البريج وسط قطاع غزة، نشأ وترعرع بالمخيم، وتلقى تعليمه في مدارس «الأونروا»، قبل أن يتلقى تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية. كان رياضياً مميزاً وبرز في لعب كرة السلة في نادي خدمات المخيم.

انتمى عيسى لجماعة الإخوان المسلمين في بدايات شبابه قبل فترة صغيرة من الإعلان عن تأسيس حركة «حماس»، التي انضم إليها لاحقاً.

أحمد الجعبري القائد في «كتائب القسام» (وسائل إعلام فلسطينية)

اعتقل مرة واحدة من قبل قوات الاحتلال عام 1987، وأفرج عنه عام 1993، وبقي يعاني من الملاحقة الإسرائيلية، ثم اعتقل عام 1997 من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وخرج من سجونها مع اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية نهاية عام 2000.

شارك في بدايات عمل «كتائب القسام» خلال سنوات الانتفاضة، وانخرط في عمليات التصدي للاقتحامات الإسرائيلية، واشترك في تنفيذ عمليات إطلاق نار وقذائف هاون وصواريخ تجاه المستوطنات التي كانت توجد داخل القطاع.

طفل فلسطيني يرشق ناقلة جند إسرائيلية بالحجارة في مخيم الدهيشة بالقرب من بيت لحم في 5 يوليو 2002 (أرشيفية - رويترز)

تدرّج في العمل الدعوي والعسكري داخل حركة «حماس» و«كتائب القسام»، حتى أصبح شخصية عسكرية مرموقة، ثم عُين قائد لواء المنطقة الوسطى قبل أن يصبح عضواً في المجلس العسكري ثم أمين سر المجلس، حتى وصل إلى منصبه الحالي، نائباً لقائد «القسام» بعد اغتيال الرجل الثاني في الكتائب أحمد الجعبري عام 2012.

بنيامين نتنياهو يستقبل جلعاد شاليط عام 2016 بجنوب إسرائيل (أ.ب)

وقالت مصادر «الشرق الأوسط» إن عيسى لعب دوراً مهماً في تغيير تركيبة المكتب السياسي لحركة «حماس» بعد انتخابات عام 2012، عندما طالب بضرورة وجود ممثل للكتائب في المكتب، وترشح وأصبح هو في هذا المنصب ليكون حلقة وصل ما بين المستويين السياسي والعسكري. واستمر في ذلك حتى الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2021، حيث ظهر لأول مرة علناً في صورة جمعت أعضاء المكتب السياسي الحالي الذي تمتد فترة ولايته حتى عام 2025، وقد وضع «كمامة» على وجهه في تلك الصورة التي أصبحت أحدث ظهور له.

لكن الذي لا يعرفه كثيرون أن عيسى الذي تعرض لعديد محاولات الاغتيال ونجا منها، كان يصارع الموت منذ سنوات طويلة فعلاً بسبب إصابته بالسرطان

وكشفت المصادر عن أن عيسى مصاب منذ نحو 8 سنوات بالسرطان، وقد تدهورت صحته عدة مرات في الفترة الماضية التي سبقت الحرب، وكان يتلقى علاجاً في مكان خاص، وجرت هناك محاولات حثيثة لإخراجه خارج قطاع غزة من أجل تلقي العلاج قبل هذه الحرب.

استهداف عيسى ليس الأول في هذه الحرب، فقد تعرض بحسب المصادر، لمحاولة اغتيال عندما تم استهداف مبنى من عدة طوابق في حي اليرموك بمدينة غزة بقصف بعدة صواريخ وسط حزام ناري عنيف، ليتبين لاحقاً أنه غادر المبنى والمنطقة بأكملها قبل ساعات من الهجوم الإسرائيلي.

وقبل ذلك حاولت إسرائيل قتل عيسى في معركة «سيف القدس» عام 2021، بعد استهداف شقة سكنية في حي تل الهوى كان من المفترض أن يصل إليها عيسى، لكنه تأخر دقائق معدودة جعلته ينجو بحياته، وقتل في الهجوم شقيقه وائل الذي كان قائداً في جهاز استخبارات «القسام».

كما حاولت إسرائيل اغتياله في اللحظة التي تعرض فيها أحمد الجعبري عام 2012، لمحاولة اغتيال في مخيم البريج وسط قطاع غزة، بعد قصف منزل كان موجوداً به.

أما العملية التي كانت أقرب للنجاح، فكانت بعد أيام من اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، وحينها أصيب بجروح متوسطة تعافى منها لاحقاً.

صفقات تبادل الأسرى

وكان عيسي الذي لا يحب الأضواء نشطاً بشكل كبير في أي محادثات متعلقة بصفقات تبادل الأسرى.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، إن عيسى لعب دوراً مهماً في التخطيط لعملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط، وتنسيق عملية إخفائه ثم التفاوض حوله.

وتنسب المخابرات الإسرائيلية إلى عيسى أكثر من 50 في المائة من المسؤولية عن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، والتخطيط له.

وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن عيسى كان على علم بالخطة بشكل كامل، وكان حاضراً في الاجتماع الأخير الذي حدد نقطة الصفر، وعلى اتصال مباشر مع قادة وحدات النخبة الذين نفذوا الهجوم الأول في ذلك اليوم، وأشرف بشكل مباشر على عملية اقتحام كيبوتس «بئيري» الواقع شرق المنطقة الوسطى لقطاع غزة، والذي كان بمثابة مسرح مهم لهجوم «القسام».

وتشير التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية، الأخيرة، إلى أن الهجوم ضد عيسى كان ناجحاً، وأن «حماس» تواجه صعوبات في معرفة نتائج العملية، كما إسرائيل تماماً.

وقالت مصادر في حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، إنها تابعت التقارير الإسرائيلية حول الهجوم، ولا معلومات مؤكدة حتى الآن حول حقيقة ما جرى، ولا يمكن التأكد من أن عيسى كان موجوداً بالمكان.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

شؤون إقليمية نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
TT

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

وقالت الصحة اللبنانية في بيان، اليوم السبت، إن «الغارات الإسرائيلية المتواصلة على مختلف المناطق اللبنانية تسببت بمقتل 3670 شخصاً وإصابة 15413 آخرين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية»، وفقاً للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

فرق الإنقاذ تبحث تحت أنقاض مبنى مدمر بعد غارات إسرائيلية على منطقة سكنية في حي البسطة بوسط بيروت (إ.ب.أ)

ولفت البيان إلى أن حصيلة الغارات الإسرائيلية على مختلف المناطق اللبنانية أسفرت عن مقتل 25 شخصاً، وإصابة 58 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة خلال الساعات الـ24 الماضية.

يذكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية بدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي بشن سلسلة واسعة من الغارات لا تزال مستمرة حتى الساعة، استهدفت العديد من المناطق في جنوب لبنان والبقاع شرق لبنان والعاصمة بيروت والضاحية الجنوبية لبيروت وجبل لبنان وشمال لبنان.

وبدأ الجيش الإسرائيلي في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عملية عسكرية برية مركزة في جنوب لبنان.

وطالت الغارات الإسرائيلية منازل المواطنين والمنشئات المدنية والصحية والطرقات، ومراكز للجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل».