إغلاقات وحواجز إسرائيلية تعقّد الحياة في الضفة الغربية المحتلة

جندي إسرائيلي عند حاجز في مدينة الخليل بالضفة الغربية (رويترز)
جندي إسرائيلي عند حاجز في مدينة الخليل بالضفة الغربية (رويترز)
TT

إغلاقات وحواجز إسرائيلية تعقّد الحياة في الضفة الغربية المحتلة

جندي إسرائيلي عند حاجز في مدينة الخليل بالضفة الغربية (رويترز)
جندي إسرائيلي عند حاجز في مدينة الخليل بالضفة الغربية (رويترز)

في الضفة الغربية المحتلة، يغلق الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب في قطاع غزة، طرقا بحواجز وبوابات عسكرية وسواتر ترابية، ما يعرقل حركة التنقل بين المدن والقرى بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين يمضون ساعات لقطع مسافات قصيرة.

وباتت رحلة عامر السلامين (47 عاما) الأسبوعية من مكان عمله وسكنه في رام الله إلى مقر عائلته في بلدة السموع في جنوب الضفة الغربية عبارة عن «معاناة وألم وقهر»، كما يقول، بسبب الإغلاقات وإقفال الجيش الإسرائيلي طرقا بشكل فجائي، فيضطر لسلوك مسافة أخرى أطول.

ويقول السلامين الذي يعمل محاسبا في شركة في رام الله: «اعتدت نهاية كل أسبوع أن أزور أهلي بصحبة زوجتي وأبنائي. لكنني اليوم أخاف أن يحدث شيء على الطريق، كما أن طول المسافة مرهق ومتعب وغير مريح». ويضيف: «أصبحت أفضّل أن أذهب وحدي بواسطة المركبات العمومية العاملة بين رام الله والخليل».

وكانت الطريق تستغرق قرابة الساعة ونصف الساعة، فأصبحت تستغرق قرابة أربع ساعات.

وكثّفت القوات الإسرائيلية منذ الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة «حماس» على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عملياتها العسكرية في الضفة الغربية، مشيرة إلى ملاحقة مشتبه بهم و«إرهابيين». وسقط في هذه العمليات التي تتخللها مواجهات مع فلسطينيين، أكثر من 380 قتيلا بين الفلسطينيين.

وأكد الجيش الإسرائيلي ردّا على سؤال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» نشر حواجز إضافية في الضفة الغربية «بعد تقييم الوضع من أجل توفير الأمن للسكان».

فلسطينيون في سياراتهم ينتظرون السماح لهم بعبور حاجز إسرائيلي قرب مدينة نابلس في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

وقال فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية» إنه غادر مدينة القدس يوما الساعة الثامنة صباحا واتجه إلى مدينة طولكرم في شمال الضفة الغربية، فوصلها الساعة 13:30، بمعنى أن الطريق استغرقت خمس ساعات في حين كانت تأخذ عادة ساعتين. وقد اضطر للعبور في قرى وطرق ترابية.

كذلك تستغرق الطريق من القدس إلى جنين الوقت نفسه، وكانت لا تتجاوز الساعتين.

عقب هجوم السابع من أكتوبر مباشرة، أغلق الجيش الإسرائيلي مدخل بلدة حوارة من جهة مدينة نابلس بواسطة بوابة حديد، وأغلق المدخل الرئيسي المؤدي إلى مدينة رام الله بالقرب من مستوطنة بيت إيل، كان القادمون من القدس يسلكونه. وبات عليهم الآن قطع مسافات طويلة للدخول إلى رام الله من إحدى القرى الشمالية.

وحسب مصوّر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أغلق الجيش الإسرائيلي غالبية قرى مدينة الخليل في شمال الضفة ببوابات حديد. ويسلك السكان في المنطقة مخارج ترابية نحو قرى بعيدة للتنقل إلى باقي المدن.

ويجد السكان في حي كفر عقب الذي يبعد قرابة 12 كيلومترا عن سور مدينة القدس صعوبة في عبور معبر قلنديا العسكري شبه المغلق، للوصول إلى عملهم أو مصالحهم أو إلى المستشفيات داخل مدينة القدس.

ويقول مراد خالد (27 عاما) إن عليه أن يكون على الحاجز الساعة الثالثة صباحا حتى يصل إلى عمله في القدس في السابعة. ويخضع مع سيارته «للفحص الأمني، وقد يستغرق الفحص ساعة لكل سيارة».

وتقدّم سكان حي كفر وعدد من الجمعيات منها «جمعية سانت إيف» والمركز الكاثوليكي لحقوق الإنسان وجمعيات إسرائيلية للدفاع عن حقوق الإنسان، بالتماس أمام القضاء الإسرائيلي يطالب بفتح المعبر أمام المواطنين الفلسطينيين المقدسيين.

وشيّدت إسرائيل عام 2004 جدارا فاصلا شمال مدينة القدس الشرقية عند حاجز قلنديا، وفصلت أحياء كاملة عن قلب المدينة. وتقول إنها بنته «لأسباب أمنية».

وكان الجيش الإسرائيلي تعهّد أمام المحكمة العليا لدى بناء الجدار، تسهيل الحركة للمواطنين المقدسيين عند معبر قلنديا.

ويشير الالتماس المكوّن من 19 صفحة إلى أن الخروج من الحي غير ممكن حالياً إلا بمركبة خاصة وحتى الساعة الخامسة مساءً فقط، والإغلاق محكم للغاية لدرجة أنه لا يُسمح لسيارات الإسعاف بدخول الحي بعد الساعة الخامسة مساءً، ولا تحصل أي استجابة للحالات الطارئة أو الطبية أو غيرها.

وجاء في الالتماس أن حي كفر عقب «تحوّل إلى سجن كبير».

وبدأت إسرائيل نشر حواجز عسكرية في الضفة الغربية بعد الانتفاضة الأولى في عام 1987، وشقت طرقا التفافية ليسلكها المستوطنون. وبعد اندلاع الانتفاضة الثانية في عام 2001، كثفت حواجزها وبواباتها أمام الفلسطينيين.

ويعيش في الضفة الغربية البالغة مساحتها نحو ستة آلاف كيلومتر مربع، قرابة ثلاثة ملايين فلسطيني، و490 ألف إسرائيلي في مستوطنات لا يعترف بها المجتمع الدولي. إلا أن المستوطنين غير معنيين بالقيود المستجدة لأنهم يستخدمون طرقات التفافية خاصة بهم.

وبسبب صعوبة التنقّل بين مدن الضفة الغربية المختلفة، لجأت جامعات وأبرزها النجاح وأبو ديس وبيرزيت التي تعدّ من كبرى الجامعات الفلسطينية، إلى اعتماد التعليم الإلكتروني عن بعد.

وتقول الطالبة لين أحمد إن الطريق بين طولكرم حيث تسكن وجامعة بيرزيت كانت تستغرق سابقا نحو الساعة، لكن عقب اندلاع الحرب، باتت تستغرق أكثر من ثلاث ساعات «بسبب الإغلاقات وتدمير بعض الطرق المؤدية إلى المدينة ومخيمي طولكرم ونور شمس».

وبحسب عبد الله أبو رحمة، مسؤول دائرة العمل الشعبي في «هيئة مقاومة الجدار» التابعة للسلطة الفلسطينية والتي تتابع حركة الاستيطان، أقفل الجيش الإسرائيلي نحو 700 طريق في الضفة الغربية المحتلة منذ الانتفاضة الثانية، بسواتر ترابية أو بوابات أو مكعبات إسمنتية، وازداد عددها بعد بدء الحرب الأخيرة في قطاع غزة.

ويشير إلى أن الحركة على الطرق بين المدن «باتت مشلولة».


مقالات ذات صلة

بريطانيا وفرنسا وألمانيا تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

شؤون إقليمية جثامين ضحايا غارة جوية إسرائيلية شمال قطاع غزة أمس الخميس (ا.ب)

بريطانيا وفرنسا وألمانيا تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

دعت حكومات ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة في بيان مشترك، إلى العودة إلى وقف إطلاق النار في غزة على الفور، وطالبت إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ أحد مناصري ترمب يواجه متظاهرين داعين لإطلاق سراح خليل في نيويورك في 12 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ترمب بين الاحتجازات والترحيل

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، الأسس القانونية لممارسات الإدارة الأميركية في قضية الطالب محمود خليل وغيرها من قضايا الترحيل.

رنا أبتر (واشنطن)
شؤون إقليمية مطار بن غوريون في تل أبيب (أرشيفية - رويترز)

الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن غوريون بصاروخ باليستي

أعلن متحدث عسكري حوثي، استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي فرط صوتي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مشيعون فلسطينيون يحملون جثة طفل قُتل في غارة جوية إسرائيلية على مدينة غزة (د.ب.أ) play-circle 00:31

مقتل 6 أطفال في غارة إسرائيلية على مبنى بمدينة غزة

لقي 6 أطفال حتفهم وأصيب آخرون إثر قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية بمدينة غزة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (الجيش الإسرائيلي) play-circle

وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد بضم مساحات من قطاع غزة

هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس باحتمال ضمّ أجزاء من قطاع غزة ما لم تفرج حركة «حماس» عن الرهائن، مع توسيع نطاق عمليات الجيش الإسرائيلي في القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

رسالة قاآني تجلي جماعة الحوثي من بغداد

الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)
الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)
TT

رسالة قاآني تجلي جماعة الحوثي من بغداد

الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)
الجيش الأميركي أكد أن حملته مستمرة للقضاء على الحوثيين في اليمن (رويترز)

اضطرت جماعة «الحوثي» اليمنية إلى إخلاء مقر لها في العاصمة العراقية بغداد، بعد رسالة تحذير إيرانية، وإجماع داخل تحالف «الإطار التنسيقي» على تجنب التصعيد مع الأميركيين.

وكشفتْ مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط»، أن إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري»، حذر قادة فصائل عراقية من أن «هجمات الجيش الأميركي ضد منشآت تابعة لجماعة الحوثي قد ترتد سريعاً على بغداد». وطالب «بعدم القيام بأي نشاط عسكري خلال هذه المرحلة الحساسة».

وفي تطور متزامن قالت المصادر إن جماعة «الحوثي» أخلت مقراً استراتيجياً في أحد الأحياء الراقية وسط بغداد، وقد تغلق مقرين آخرين بعد ضغوط من «الإطار التنسيقي».

وفي طهران، تبرَّأ المرشد الإيراني علي خامنئي من «وكلاء» طهران في المنطقة، ووصفهم بـ«قوى مستقلة تدافع عن نفسها»، في حين توعَّد الولايات المتحدة بـ«صفعة رنانة لو شرعت في عمل ما» ضد بلاده.