هوكشتين يسعى إلى «حل وسط مؤقتاً» يجنّب لبنان وإسرائيل الانزلاق «إلى الأسوأ»

ذكّر بعد لقاءاته في بيروت بـ«النافذة الضيقة» الإسرائيلية

هوكستين قبيل لقائه برئيس البرلمان نبيه بري (إ.ب.أ)
هوكستين قبيل لقائه برئيس البرلمان نبيه بري (إ.ب.أ)
TT

هوكشتين يسعى إلى «حل وسط مؤقتاً» يجنّب لبنان وإسرائيل الانزلاق «إلى الأسوأ»

هوكستين قبيل لقائه برئيس البرلمان نبيه بري (إ.ب.أ)
هوكستين قبيل لقائه برئيس البرلمان نبيه بري (إ.ب.أ)

سعى مبعوث الرئيس الأميركي الخاص لشؤون الطاقة آموس هوكستين إلى تخطي «النافذة الضيقة» الإسرائيلية، والتوصل مع القيادات اللبنانية إلى «حل وسط مؤقتاً» يجنب الاشتباكات الحدودية بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي التطور «نحو الأسوأ»، استناداً إلى مبادرة دبلوماسية حملها إلى بيروت التي وصل إليها ظهر الخميس، والتقى خلالها مسؤولين لبنانيين.

وتأتي زيارة هوكستين إلى بيروت، في إطار الجهود الأميركية لتخفيف حدة التوترات على الحدود بين إسرائيل ولبنان، حيث يتصاعد التوتر على الحدود الجنوبية بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله». وكان هوكستين زار إسرائيل لإجراء محادثات بخصوص الملف نفسه.

ويرفض الحزب التوقف عن إطلاق النار قبل توقف الحرب في غزة، وسط إصرار لبناني موازٍ على أن يكون أي مقترح للحل يشمل تنفيذ القرار «1701» بما فيه انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا إلى جانب 13 نقطة حدودية أخرى متنازع عليها.

ووصل هوكستين إلى بيروت ظهر الخميس، حيث اجتمع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الخارجية وقائد الجيش ورئيس مجلس النواب خلال زيارة استمرت عدة ساعات. وقال للصحافيين في بيروت: «أنا على يقين بأن الشعب اللبناني لا يريد أن يرى تصعيداً للأزمة الحالية واتساعاً للصراع».

لقاء مع ميقاتي

واستهل هوكستين زيارته إلى بيروت بلقاء ميقاتي، حيث عقد معه خلوة أعقبها اجتماع موسّع شارك فيه وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، والقائمة بأعمال السفارة الأميركية في لبنان أماندا بيلز، والوفد الأميركي المرافق.

وشدّد الموفد الأميركي خلال الاجتماع على «ضرورة العمل على تهدئة الوضع في جنوب لبنان، ولو لم يكن ممكنا التوصل إلى اتفاق حل نهائي في الوقت الراهن». ودعا «إلى العمل على حل وسط مؤقتا لعدم تطور الأمور نحو الأسوأ»، حسبما أفادت رئاسة الحكومة اللبنانية.

بدوره، شدّد رئيس الحكومة «على أن الأولوية يجب أن تكون لوقف إطلاق النار في غزة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان والخروقات المتكررة للسيادة اللبنانية». وكرر القول: «إننا نريد السلم والاستقرار عبر الالتزام بالقرارات الدولية».

لقاء مع بري

وبعد زيارته قائد الجيش، انتقل هوكستين إلى مقر رئاسة مجلس النواب، حيث التقى الرئيس بري، حيث عرض الطرفان الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة جراء الحرب في غزة ولبنان.

وبعد اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعة وربع الساعة، قال هوكستين: «نحن في مرحلة ووقت صعب يتطلبان العمل بسرعة، وأنا مسرور لأنني تمكنت من لقاء الحكومة اللبنانية وقائد الجيش للبحث في كيفية الوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة على الحدود بين لبنان وإسرائيل».

وأضاف «لقد كنت هناك الأسبوع الماضي، وكما رأيتم رئيسنا (جو بايدن) ووزير الخارجية (بلينكن) وأنا شخصياً قلنا إننا نفضل الحلول الدبلوماسية للأزمة الحالية، وأجرينا هذه المحادثات اليوم الخميس، وأنا أؤمن بقوة أن الشعب اللبناني لا يريد أن يرى التصعيد في الأزمة الحالية لأزمة أبعد من ذلك».

كما أضاف «لذا نحن بحاجة للوصول إلى حل دبلوماسي يسمح للشعب اللبناني بالعودة إلى منازله في جنوب لبنان، والعودة إلى حياته الطبيعية، كما ينبغي أن يتمكن سكان الشمال في إسرائيل من عودتهم إلى منازلهم والعيش في أمان. هذا هو هدفنا».

وأشار إلى أنه أجرى «محادثات جيدة»، مضيفاً أنه يشعر بالأمل «أننا سوف نتمكن من العمل والمضي قدماً في هذه الجهود للوصول سوياً لحل يسمح للشعب اللبناني من الجهة اللبنانية، ومن جهة أخرى العيش بأمان والتركيز على مستقبل أفضل».

وردا على سؤال إذا ما كان يشعر أن هناك إرادة من الجهتين للتوصل إلى حل، قال هوكستين: «لقد سمعتم ما قالته الحكومة الإسرائيلية بأن هناك نافذة ضيقة وأنهم يفضلون حلاً دبلوماسياً، وأعتقد أن هذا هو الواقع. نحن نعيش الآن في أزمة ونود أن نرى حلاً دبلوماسياً، وأعتقد أن الجهتين تفضلان الحل الدبلوماسي، ومهمتنا أن نصل إلى هذا الحل».

وتخشى واشنطن من امتداد حرب إسرائيل في غزة إلى أنحاء المنطقة، وسط هجمات تضامنية تشنها الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران في كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن. وتقول إسرائيل إنها تمنح فرصة للدبلوماسية لمنع «حزب الله» من إطلاق النار على من يعيشون في شمالها وإبعاد «حزب الله» عن الحدود، محذرة من أن الجيش الإسرائيلي سيتخذ إجراءات لتحقيق هذه الأهداف. وفي المقابل، يقول «حزب الله» إنه لا يسعى لبدء حرب أوسع، لكنه لن يتراجع إذا شنت إسرائيل هجوماً أوسع على لبنان. ويقول رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إن لبنان مستعد لإجراء محادثات بشأن الاستقرار طويل الأمد على حدودها الجنوبية مع إسرائيل.



«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية وقوات «قسد»، الاستعداد للحوار مع تركيا بعدما أظهر الصراع الذي يدور في الشمال السوري ما قال مسؤوله إنه «نيات تركيا السيئة»، وأن «قوات سوريا الديمقراطية» ستُدمج في الجيش السوري.

وفي مقابل الحشد والتوعد التركي ضد المسلحين الأكراد، كشف رياض درار رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوثين الأميركي سكوت بولز ونظيره الفرنسي فابريس ديبليشان، يعملان على نزع فتيل الحرب مع تركيا وقال: «لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار، بالنسبة لتركيا وفصائلها فإنها تهدد بقتال الكرد وقوات (قسد)، حيث إن فصائل (فجر الحرية) لم تشارك في حملة دمشق، واكتفت باحتلال تل رفعت بريف حلب، وحيي الأشرفية وشيخ مقصود بحلب، حيث الغالبية الكردية».

ويرى هذا المسؤول البارز أن «أفضل طريق للسلام مع تركيا هو نزع السلاح من المناطق المهددة، والدخول في حوارات سياسية مباشرة» في إشارة إلى مدينة عين العرب الواقعة بالريف الشرقي لمحافظة حلب شمالاً.

وقال درار: «حتى لا يبقى لدى تركيا حجج وذرائع لهجوم كوباني لأنها رمز للحرية والمقاومة، يريدون كسر إرادتها، وأنقرة تحرض هذه الفصائل على القتال، كما فعلوا في منبج عندما دخلوها ونهبوها».

أفراد من «قسد» خلال تشييع خمسة عناصر قُتلوا في منبج بمواجهات مع فصائل تدعمها تركيا (أ.ف.ب)

ولطالما هددت تركيا بسيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لها على مدينة عين العرب «كوباني» الواقعة على بعد نحو 160 كيلومتراً شرق محافظة حلب، واستقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود السورية - التركية اهتماماً عالمياً بعد هجوم واسع نفذه «تنظيم داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014، وباتت نقطة انطلاقة تعاون المقاتلين الأكراد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل لقتال «داعش»، والذي نفذ أولى ضرباته على المدينة الكردية دعماً للمقاتلين، وتم إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدّد بعد معارك عنيفة استمرت نحو 6 أشهر.

نزع فتيل الحرب

وأكد درار أن الوسيطين الأميركي والفرنسي «يعملان لنزع فتيل الحرب، لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار أولاً، ثم الذهاب إلى دمشق للتفاوض مع (هيئة تحرير الشام) للوصول إلى نوع من التفاهم لإدارة سوريا بشكل مشترك»، وأشار إلى أن تركيا تريد تقاسم الكعكة السورية «من خلال وجودها وتغييرها الديموغرافي للمناطق الشمالية، لكي تستطيع أن تسيطر على المشاركة، وتدير لعبة التدخل في سوريا من جديد».

وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012، وتمكنوا من إقامة إدارات ذاتية، وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات عامة، وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية، غير أن المقاتلين الأكراد خسروا بلدات رئيسة منذ إطلاق عملية «ردع العدوان» في 8 من ديسمبر (كانون الأول)، بعد سيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لتركيا على بلدة تل رفعت وقرى منطقة الشهباء ومدينة منبج بريف حلب الشرقي، وتتقدم نحو مدينة كوباني.

«غياب المجتمع الدولي»

ولفت رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» إلى أن تركيا الوحيدة التي استفادت من هذه التغييرات المتسارعة في سوريا، وتابع درار: «تستطيع أنقرة أن تدخل بكل حرية عندما تكون ذاهبة باتجاه الجوار الحسن، لكنها الآن عبر أسلوب التحريض للفصائل السورية التي تقاتل معها، تفعل شيئاً غير مطلوب، وتغتنم الفرصة بغياب المجتمع الدولي لما يجري في سوريا».

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية - السورية (الدفاع التركية)

ويعتقد المسؤول الكردي أن الولايات المتحدة «غير راضية عن السياسة التركية التصعيدية والعدائية تجاه أكراد سوريا»، ويقول إنه: «توجد إشارات خاصة من أميركا بأن هذا الفعل فاضح وغير مقبول، ولا يمكن أن يسمح به، لكن إردوغان استغل فرصة التشجيع من ترمب عندما مدح تركيا، كما مدح إردوغان بأنه ذكي ويفهم»، موضحاً أن الإدارة الذاتية، بجناحها السياسي «مسد»، شكلت وفداً للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

وقال درار: «يمكننا أن نصل معها إلى نتائج عبر التفاوض، وتوحيد القرار السوري، ومشاركة كل السوريين في المرحلة الانتقالية والحكومة المقبلة»، ويعزو تأخر ذهاب الوفد إلى العاصمة السورية إلى «الحرب التي تجري الآن في مناطقنا، وتهديدات تركيا المتصاعدة، وعندما يتوقف هذا التهديد سيكون الوفد جاهزاً للذهاب إلى دمشق».

وأكد في ختام حديثه استعداد الإدارة الذاتية للاشتراك في الحكومة السورية المقبلة، وفي فعاليات المرحلة الانتقالية، وختم قائلاً: «قوات (قسد) سوف تكون جزءاً من الجيش السوري بعد التسوية، عندما يتشكل الجيش الوطني سنكون جزءاً منه».