فتية فلسطينيون أفرج عنهم ضمن صفقة التبادل لكن إسرائيل حرمتهم مقاعدهم الدراسية

الفتية الفلسطينيون المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل (أ.ف.ب)
الفتية الفلسطينيون المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل (أ.ف.ب)
TT

فتية فلسطينيون أفرج عنهم ضمن صفقة التبادل لكن إسرائيل حرمتهم مقاعدهم الدراسية

الفتية الفلسطينيون المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل (أ.ف.ب)
الفتية الفلسطينيون المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل (أ.ف.ب)

ظنّ الفتى محمد السلايمة أن خروجه من السجون الإسرائيلية ضمن الصفقة التي أبرمتها إسرائيل مع حركة حماس سيكون نهاية أزمته، لكنه صدم بقرار وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية منع الأسرى المفرج عنهم من العودة إلى مقاعد الدراسة.

ويقول السلايمة (16 عاما) - وهو يقف أمام باب مدرسته في حي رأس العامود في القدس الشرقية - «حلم من أحلامي أن أعود ويفتح هذا الباب».

في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، أبرمت إسرائيل وحركة حماس اتفاق هدنة استمر سبعة أيام، أفرجت إسرائيل خلالها عن 240 أسيرا بينهم 77 من القدس الشرقية التي تحتلها منذ عام 1967.

وفي المقابل أفرجت حركة حماس عن 105 من المحتجزين الذين كانت أخذتهم إبان هجومها المباغت الذي شنته على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والذي أسفر عن مقتل نحو 1140 شخصا، وفقا للسلطات الإسرائيلية.

ووفقا لأحدث حصيلة نشرتها وزارة الصحة التابعة للحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، أدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل 18800 شخص، نحو 70 في المائة منهم نساء وأطفال.

اعتقل محمد إلى جانب ابني عمومته معتز والشقيقين أحمد وأيهم، في مايو (أيار) الماضي، بتهمة إلقاء الحجارة على مستوطنة قريبة في حي راس العامود حيث يقطنون.

أفرج عنهم في اليوم ذاته بشرط الحبس المنزلي قبل أن تقرر المحكمة عودة محمد وأحمد ومعتز إلى السجن إلى حين المحاكمة.

أما أيهم (13 عاما) فهو رهن الحبس المنزلي.

قضى الثلاثة نحو أربعة أشهر في سجن الدامون (شمال) قبل أن تشملهم صفقة التبادل.

يقول أحمد الذي يعد أصغر الأسرى المفرج عنهم ضمن الصفقة «أين سأذهب، لا يوجد مكان، سأبقى في المنزل... لا أستطيع العمل. عمري أقل من 18 عاما».

أما معتز (15 عاما) فيقول أخشى أن «أخسر تعليمي، إذا بقي الوضع على ما هو عليه فسأضطر إلى إعادة السنة الدراسية».

لكن يبدو الأمر أشد قسوة على محمد الذي من المفترض أن يتخرج العام المقبل من الثانوية العامة.

ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية «الله أعلم متى نعود أريد أن أحقق ما في نفسي، لا أريد أن أبقى جالسا، أريد أن يكون لي عملي الخاص».

الفتية الفلسطينيون المفرج عنهم ضمن صفقة التبادل (أ.ف.ب)

ويشمل قرار وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية المسؤولة عن المدارس الحكومية في القدس الشرقية نحو 48 طالبا ممن أفرج عنهم، معظمهم يرتادون مدارس حكومية، أما البقية فيتلقون تعليمهم إما في مدارس تابعة للسلطة الفلسطينية، وعددها قليل، وإما في أخرى خاصة.

تؤكد وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية أن القرار الذي لم يحصل أي من الأهالي على نسخة منه صادر «عن الوزير يوآف كيش تحديدا».

وتضيف «لن يدرس الطلاب المفرج عنهم في جهاز التعليم حتى نهاية العطلة الشتوية في 10 يناير (كانون الثاني) 2024».

وبحسب الوزارة سيتم «تحديد وضعهم بعد العطلة، سيكون هناك تقييم فردي للتعديلات الضرورية للطلاب والموضوع سيفحص بطريقة مهنية وشاملة».

وتماهى رد بلدية القدس مع رد الوزارة، إذ قالت إنها تنفذ «قرارات» الأخيرة.

وبحسب الرد ستعمل الجهتان على «تقييم وفحص المعايير التربوية والاحتياجات لكل طالب وبناء برامج تعليمية فردية تهدف إلى منع تكرار الأعمال غير القانونية في المستقبل».

استدعت البلدية نايف السلايمة والد أحمد الذي يريد أن يصبح محاميا في المستقبل، لجلسة تشاورية.

ويقول نايف إن البلدية «اقترحت أن يتم نقلهم إلى مدارس ومؤسسات أخرى وفق معايير غامضة». ويؤكد: «بينما كان بصحبة الطلاب الثلاثة رفضنا النقل، لأن الواحد منهم نشأ في هذه المدرسة في الحي واعتاد عليها، يعرف الكل والكل يعرفه».

ويرى الأب الذي كان يعتمر الكوفية الفلسطينية أنه «إذا أصبح هذا القرار ساريا... فسنرى الشباب مشردين في الشوارع ليس لديهم مستقبل، يحطمون أفكارهم وطموحاتهم ليكونوا شعبا متخلفا».

ويضيف، مشيرا إلى تضافر جهود عدة جهات لحل هذه الإشكالية: «سنناضل من أجل استرجاع أولادنا لمقاعدهم الدراسية».

منذ رفض إعادة استيعابهم في المدارس، يقضي الفتية وقتهم ما بين النوم ومشاهدة التلفاز وعلى تطبيقات الهاتف المحمول وكأنهم «محبوسون في البيت» على قول محمد.

على عكس السلايمة، اضطر أمين العباسي (17 عاما) المحرر ضمن الصفقة إلى خيار الانتقال لمدرسة تابعة للسلطة الفلسطينية.

ويقول الشاب ذو اللحية الخفيفة الذي قرر «ألا يخسر العام»، إنه يخشى «التأقلم سريعا في المدرسة الجديدة» فتراه يحاول إقناع أقرانه المفرج عنهم بالانتقال معه.

وتقول والدته عبير «سجلنا أمين في مدرسة تابعة للسلطة الفلسطينية في صور باهر (جنوب) لكنها بعيدة عن المواصلات العامة».

وينتاب الأم قلق على ابنها وخصوصا أنه بعد تحريره لم يحصل على بطاقته الشخصية وبقيت محتجزة لدى الشرطة الإسرائيلية، ما يحد من حرية تنقله.

وكان العباسي يقضي حكما بالسجن 20 شهرا بتهمة المشاركة في مواجهات وقعت في قرية سلوان التي يتحدر منها، وقضى من الحكم 13 شهرا قبل أن يفرج عنه.

يقول المحامي خالد زبارقة إن قرار الوزير كيش «مخالف للقانون عموما ولقانون التعليم الإلزامي في إسرائيل».

ويؤكد «التعسف والقمع»، إذ إن عددا كبيرا ممن شملهم القرار «لم يتم التثبت من مخالفتهم للقانون ولا يوجد قرار محكمة بخصوصهم».

ويضيف «التعليم كحق إنساني لا يخضع للاعتبارات السياسية».

وتوافق تال هسن من جمعية حقوق المواطن في إسرائيل زبارقة في طرحه، واصفة قرار وزير التربية بأنه «مصيبة».

وتبدي هسن استغرابها لمعاقبة طلاب «لم تتم إدانتهم، هم فقط مشتبه بهم».

وتنتظر الجمعية انتهاء عطلة الشتاء للمدارس في إسرائيل لرؤية ما ستؤول إليه الأمور مع أولئك الطلاب، وتحديد المسار القانوني الذي يمكن أن تتدخل عبره.

حتى ذلك الحين، يبقى محمد متمسكا بأمل العودة إلى المدرسة ويقول «تعليمي هو سلاحي الوحيد».


مقالات ذات صلة

«مفاوضات الدوحة» تبحث «صفقة جزئية» في غزة

الخليج الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على شمال قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

«مفاوضات الدوحة» تبحث «صفقة جزئية» في غزة

يُفترض أن تنطلق في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم، جولةٌ جديدةٌ من المفاوضات المرتبطة بالحرب الدائرة في قطاع غزة.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، أثناء تفقد قاعدة جوية تحت الأرض 2 يناير 2025

الجيش الإسرائيلي يتأهب لهجوم إيراني «محتمل»

وجه رئيس الأركان الإسرائيلي، هيرتسي هاليفي، أوامر برفع مستوى التأهب إلى «أقصى حد»؛ تحسباً لهجوم إيراني «مفاجئ»، والتعامل مع أي تطورات محتملة. وتؤكد القيادات

«الشرق الأوسط» ( تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

نتنياهو: «حماس» لم تقدم قائمة بأسماء رهائن حتى اللحظة

قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأحد، إن حركة «حماس» لم تقدم قائمة بأسماء الرهائن «حتى هذه اللحظة».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون الرهائن المفرج عنهم إلى «الصليب الأحمر» في رفح 28 نوفمبر 2023 ضمن صفقة تبادل الرهائن والأسرى بين «حماس» وإسرائيل (د.ب.أ)

حماس: لا نرى تجاوباً من إسرائيل بشأن الانسحاب من غزة

قال مسؤول في حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، إن الحركة لا ترى تجاوباً من إسرائيل بشأن الانسحاب من غزة أو اتفاق وقف إطلاق النار. 

المشرق العربي فتاتان فلسطينيتان تسيران في موقع غارة إسرائيلية على منزل في مدينة غزة الأحد (رويترز)

«اجتماع الدوحة» يناقش «المرحلة الإنسانية» من صفقة وقف النار في غزة

أفادت تقارير إسرائيلية، الأحد، بأن المفاوضات بشأن وقف النار في غزة وصفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس» بلغت مرحلة حاسمة وتم جسر مزيد من الخلافات، ولذلك تقرر…

نظير مجلي (تل أبيب)

مدير مكتب بشار: بوتين لم يرد على اتصالات الأسد في الأيام الأخيرة لحكمه

الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
TT

مدير مكتب بشار: بوتين لم يرد على اتصالات الأسد في الأيام الأخيرة لحكمه

الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيسان بوتين والأسد في قاعدة حميميم على الساحل السوري يوم 11 ديسمبر 2017 (سبوتنيك - أ.ب)

تحدث مدير المكتب السياسي والإعلامي بالرئاسة السورية سابقاً، كامل صقر، عن تفاصيل الفترة الأخيرة من حكم الرئيس السابق، بشار الأسد، والأسرار المحيطة بلحظات ما قبل مغادرته إلى موسكو، التي من بينها أن الرئيس الروسي لم يرد على محاولات اتصال على مدار 3 أيام في الأسبوع الأخير لحكم الأسد.

وفي مقابلة بُثت مساء السبت مع بودكاست «بتوقيت دمشق»، التابع لقناة «العربية»، قال صقر إن الأسد شعر بالوحدة «عندما لم يتمكن من الاتصال بالرئيس بوتين؛ إذ كانت هناك محاولات استمرت على مدار أيام الثلاثاء، والأربعاء، والخميس، قبل فجر الأحد التاسع من ديسمبر (كانون الأول) (أي يوم سقوط حكم الأسد)».

وأفاد صقر بأن الأسد «طلب الاتصال ببوتين للمرة الأولى، ثم لم يحدث ذلك وتكرر الأمر في اليوم التالي، وفي المرة الثالثة تم الاتصال بـ(مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر) لافرنتييف للطلب منه إبلاغ الرئيس بوتين بأن الأسد يريد أن يحدثه». واستكمل أنه «بعد ساعتين جاء الجواب بأن الرئيس بوتين يزور بيلاروسيا، وهو لا يستطيع التكلم إليك (أي إلى الأسد)».

ورأى المسؤول السوري السابق، الذي كان قريباً من الأسد، أن ذلك الجواب الذي تلقاه الأسد من موسكو لم يكن مقنعاً، وقال كان مفهوماً أن الرؤساء «أينما كانوا، وكيفما توجهوا دائماً يكون لديهم فريق خاص للاتصال، وحتى وزراء الخارجية يستطيعون الاتصال من أي دولة لو طرأ أمر».

ويشير إلى أنه في هذه اللحظة أدرك الأسد حقيقة موقفه، وكان ذلك مواكباً لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة على مدينة حمص.

أحد أفراد قوات الأمن السورية يتحرك يوم 3 يناير الحالي خلال عملية اعتقال موالين لبشار الأسد في حمص (أ.ب)

طلب الدعم

ولا يبدو أن إرجاء الاتصالات كان التأخير الوحيد الذي خيّم على التواصل بين الأسد وبوتين في الأيام الأخيرة، إذ روى صقر تفاصيل لافتة عن اللقاء الأخير الذي جرى بين بوتين والأسد بصفته الرئاسية في موسكو، ويقول عنها: «كان الأسد موجوداً في موسكو في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بهدف لقاء بوتين وطلب المساعدة منه، وفي هذه الأثناء كانت حلب قد أصبحت تحت سيطرة قيادة العملية العسكرية؛ كان مقرراً أن يلتقي (الأسد) الرئيس الروسي، ووصل يوم الأربعاء، (وأصبحت حلب تحت سيطرة إدارة العمليات العسكرية يوم الخميس) لكن اللقاء حصل يوم الجمعة».

ويتابع صقر: «اللقاء حُدد كأول موعد في الثانية ظهراً يوم الجمعة بعد تحرير حلب بيوم، ثم أُجّل إلى الثالثة ثم إلى الخامسة عصراً، والطرف الروسي أبلغنا بأن اللقاء حصراً فقط لبشار الأسد، ويذهب معه مرافقه الشخصي إلى الكرملين».

ولا يعتقد المدير السابق لمكتب الأسد أن تأجيل ذلك اللقاء هو التأخير الوحيد الذي جرى تجاه الأسد من قبل بوتين، بل إنه يخلص إلى أن الرئيس الروسي أيضاً «لم يقدم الدعم» الذي طلبه الأسد.

لافتة في شوارع دمشق للرئيس الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2022 (رويترز)

وشرح: «حصيلة اللقاء لم تكن جيدةً؛ بمعنى أن الرئيس السوري طلب آنذاك من الرئيس بوتين أن يقدم الدعم العسكري، وأن يفسح المجال لإيران لإيصال الدعم العسكري، وهو ما لم يحقق، وفي الأشهر الأخيرة حصل تقليص نسبي للقوات أو الميليشيات المحسوبة على إيران».

تهديد طائرة إيرانية

وبشأن رد فعل بوتين على طلب الأسد، قال صقر إن الرئيس السوري السابق أبلغه بأن «الرئيس بوتين مباشرة (أمام الأسد) اتصل برئيس أركانه، وطلب منه تهيئة الظروف للحرس الثوري الإيراني بنقل ما يريد من خلال قاعدة حميميم».

ويستدرك: «يبدو أن ما حصل هو عكس ذلك، فالإيرانيون قالوا للأسد إننا لم نتلق أي إشارات ولا تأكيدات بأنه بإمكاننا أن تتحرك طائرات إيرانية إلى قاعدة حميميم، وتعبر أجواء العراق وتهبط في قاعدة حميميم»، وقدّر المسؤول السوري السابق أنه لا يوجد تفسير آخر لما جرى سوى أنها «خدعة».

وزاد أنه «لا الإيرانيون كانوا يرغبون، ولا الروس كانوا أيضاً في معرض أن يضعوا أنفسهم في هذه المعادلة النهائية. الكل تراجع إلى الوراء»، مدللاً على ذلك بأن «الإيرانيين أبلغوا الطرف السوري آنذاك بأن طائرة إيرانية تحركت وعندما وصلت إلى أجواء العراق، أُبلغت من الأميركيين بأنها إذا لم تعد أدراجها إلى طهران سيتم قصفها».

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الأسد وعراقجي مطلع ديسمبر 2024

وقال صقر: «هذه الرسالة تعني أن الكرملين لم يحصل على الموافقة أو القبول أو السماح بأن تصل مساعدات إيرانية».

وتوقف المدير السابق للمكتب الإعلامي للرئاسة السورية أمام ملحوظة رأى أنها «مهمة» تخللت زيارة الأسد الأخيرة كرئيس إلى موسكو، وعنها يقول: «عادة في لقاءات الرؤساء يكون هناك بيان صحافي، فسألنا الطرف الروسي عن هذه النقطة، خصوصاً وأن الزيارة تم تسريبها عبر قنوات روسية على منصة (تلغرام)... وعندما سألنا الروس هل سيكون هناك بيان مشترك؟ طلبوا منا النقاط التي سنتحدث نحن كطرف سوري فيها، وبعدما أرسلت لهم لم يأتِ رد، ثم طلب منها التريث ساعة فساعة أخرى».

وتابع: «أصبحت الساعة التاسعة (مساء يوم الجمعة) بعد ذلك أبلغنا الطرف الروسي بأنه سيبت في هذا الأمر غداً صباحاً، أي السبت؛ غير أنه في صباح يوم السبت أبلغني الأسد بأن الرئيس الروسي أرسل شخصاً إلى مقر إقامة الأسد، ليبلغه بأنه (أي بوتين) لا يُفضل الإعلان عن الزيارة... وانتهت المسألة».

«الثقة بالروس أكبر»

وبشأن تقييم صقر للثقة الأكثر التي كان يوليها لحلفائه، قال: «الأسد كان يثق بالروس أكثر من الإيرانيين، باعتبارهم الأقوى، والأكثر قدرةً على حماية نظامه، وكان يدرك الثقل الذي تمثله علاقته بالإيرانيين لكنه لم يكن يستطيع أن يتخلى عنهم».

وأكد صقر أن «الإيرانيين اتخذوا قرارات خارجة عن إرادة الأسد في قضايا لوجستية، وتصرفوا أحياناً دون الرجوع إليه».

واستشهد بالخلاف حول العمل في مطار دمشق، الذي قال إنه كان يتعرض لقصف إسرائيلي «مع كل طائرة (مهان) (شركة طيران مقربة من الحرس الثوري الإيراني) تهبط فيه إلى أن تم إيقاف الطيران الإيراني فيه، وطلب من الإيرانيين أن يكون هبوطهم حصراً في حميميم، وكان ذلك تحت رقابة الروس».

مسؤولون سوريون يتفقدون أضراراً لحقت بمدرج مطار دمشق الدولي عام 2023 بعد قصف إسرائيلي (سانا)

وقدّر أن «الطرف الإيراني كان أيضاً يشعر بشيء من الخذلان نسبياً؛ (إذ) كان هناك تقارب سوري - عربي على حساب العلاقة مع إيران، و(حزب الله) كان قد تلقى أقسى ضربة منذ تأسيسه، والظروف كلها لم تكن مناسبة».

أسماء الأسد... «نصف رئيس»

وتطرق صقر إلى دور أسماء الأخرس (زوجة الأسد)، خلال فترة حكم زوجها، وقال إنها كانت بمثابة «نصف رئيس» كما يقال عنها.

وشرح أنها «على المستوى الداخلي كان لأسماء الأسد حضور وتأثير كبير على زوجها، وبالتالي فالقدرة الكبيرة للتأثير عليه تمنحها إمكانية الولوج إلى ملفات متعددة»، لكنه استدرك: «لا أستطيع أن أجزم أنها تدخلت أو تتدخل بها، ولكن أستطيع أن أجزم أنها تستطيع أن تتدخل بها».

صورة لأسماء الأسد في إحدى غرف «قصر الشعب» (رويترز)

ومع تأكيده أن بشار «لم يكن ضعيف الشخصية»، فإنه قال إنه كان ينظر إلى «زوجته كشريكة في قيادة البلاد»، وأضاف أن هذه النظرة «منحتها حضوراً وقوة هائلتين في مختلف المجالات التي كانت تخوض فيها، يضاف إلى ذلك أنها تستطيع امتلاك حجة قوية».