البرلمان اللبناني تجاوز الانقسامات ومدد لقائد الجيش وأنقذ الحكومة

«حزب الله» تضامن باسيل لكنه لم يعطل الجلسة

قائد الجيش مستقبلاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل (موقع الجيش)
قائد الجيش مستقبلاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل (موقع الجيش)
TT

البرلمان اللبناني تجاوز الانقسامات ومدد لقائد الجيش وأنقذ الحكومة

قائد الجيش مستقبلاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل (موقع الجيش)
قائد الجيش مستقبلاً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل (موقع الجيش)

يسجّل للبرلمان اللبناني منذ الانتخابات النيابية التي جرت في مايو (أيار) 2022، نقطة إيجابية في ضوء إخفاقه في انتخاب رئيس للجمهورية، تمثّلت في غياب الانقسام التقليدي بين المعارضة ومحور الممانعة، وكان لرئيسه نبيه بري دور في التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، وعلى رأسهم قائد الجيش العماد جوزيف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، بعد إخفاق الحكومة في تأجيل تسريح العماد عون وتعيين رئيس للأركان نظراً لتعذّر انعقاد مجلس الوزراء، ليس بسبب عدم تمكّن معظم الوزراء من الوصول إلى السراي الحكومي، بذريعة أن العسكريين المتقاعدين عمدوا إلى قطع الطرقات المؤدّية إلى مقر رئاسة الحكومة، وإنما لأن هناك دوافع سياسية أملت ترحيل الجلسة إلى الثلاثاء المقبل.

ويكاد يكون رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الخاسر الوحيد، رغم أن حليفه اللدود «حزب الله» تضامن معه بخروج كتلته النيابية من الجلسة التشريعية فور انصراف النواب لمناقشة اقتراح القانون الذي تقدّمت به كتلة «الاعتدال الوطني» بالتوافق مع الكتل النيابية، التي كانت تقدّمت باقتراحات قوانين وتقاطعت على التمديد للعماد عون، ووافقت على سحبها من التداول.

لكن خروج نواب كتلة «الوفاء للمقاومة» من الجلسة كان متوقعاً مراعاة لباسيل، ومن خلاله لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ولم يتلازم مع لجوئهم إلى تعطيل الجلسة، وهذا ما سمعه عدد من النواب من زملائهم في «حزب الله» لحظة مغادرتهم القاعة بقولهم إنهم لم يعزوا لحلفائهم بالتضامن معهم بمقاطعة الجلسة عند انصراف الهيئة العامة في البرلمان لمناقشة اقتراح القانون الرامي إلى التمديد لقادة الأجهزة الأمنية.

وفي هذا السياق، قال أكثر من نائب في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتعامل مع خروج نواب «حزب الله» من القاعة على أنه يصب في خانة «الحياد الإيجابي»، وإلا لماذا لم يقاتل لتعطيل الجلسة بطلبه من حلفائه التضامن معه لفرط النصاب المطلوب لإقرار اقتراح القانون للتمديد لقادة الأجهزة الأمنية؟ خصوصاً أن أبرز حلفائه بدءاً برئيس البرلمان نبيه بري، وكتلة «الوفاق الوطني» برئاسة فيصل عمر كرامي، وكتلة تيار «المردة»، وعدد من النواب المستقلين الذين تربطهم علاقة وطيدة بمحور الممانعة كانوا إلى جانب نواب المعارضة في تأمين النصاب لاستمرار الجلسة والتصويت لمصلحة التمديد لقادة الأجهزة الأمنية.

وأكد هؤلاء أن الرئيس بري شكّل رافعة لإقرار التمديد لقادة الأجهزة، وانبرى في اللحظة الحاسمة لملء الفراغ المترتب على إخفاق الحكومة في تأجيل تسريح العماد عون، وذلك انسجاماً مع التعهّد الذي قطعه على نفسه وأوفى به، وسألوا: هل يمكن لبري من خلال إدارته الحكيمة للجلسة أن يكون على خلاف مع حليفه الاستراتيجي «حزب الله»؟ وقالوا إن الرهان على وجود تباين بينهما والتأسيس عليه ليس في محله.

ولفت النواب أنفسهم إلى أن المعارضة أظهرت تماسكاً في الجلسة وكانت وراء إقناع رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل بتعديل موقفه بالانضمام إلى زملائه وعدم مقاطعة الجلسة، وكشفوا أن انضمامه تلازم مع تواصله بالعماد جوزيف عون، وأكدوا أنه من غير الجائز التقليل من الدور الذي لعبه «اللقاء الديمقراطي» والرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في تذليل العقبات التي كانت وراء تبنّي الجميع لاقتراح القانون الذي تقدّمت به كتلة «الاعتدال الوطني»، إضافة إلى الدور الذي لعبه النائب علي حسن خليل بتكليف من بري.

وتوقف هؤلاء أمام خروج «حزب الله» من الجلسة، ورأوا أنه يتوخى من خطوته هذه اتباع سياسة «ربط النزاع» مع المجتمع الدولي الضاغط لصالح التمديد لقائد الجيش لمنع الشغور في قيادة المؤسسة العسكرية وهي بأمس الحاجة إلى تحصينها في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد.

إلا أن تسليط الضوء على ما تمايزت به الجلسة التشريعية، لا يعني عدم التوقف أمام الأسباب السياسية وراء تعذُّر انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي لا تعود لأسباب أمنية، كما يقال، وكان في مقدور الوزراء الذين تعذّر عليهم الوصول إلى المقر العام لرئاسة الحكومة سلوك الطريق التي تربط بيت الوسط، حيث يقع منزل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بمكان انعقاد الجلسة على غرار ما قام به عدد من الوزراء.

فالطريق إلى مكان انعقاد الجلسة لم تكن سالكة سياسياً، وهذا ما أملى على ميقاتي تأجيلها ريثما يتمكّن من تذليل العقبات التي حالت دون انعقادها، مع أنه، كما تقول مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، لم يكن منزعجاً من تطييرها بإحالته تأجيل تسريح العماد عون على البرلمان الذي انعقد بعد ساعتين من فرط جلسة مجلس الوزراء.

وتكشف المصادر النيابية أن البرلمان أنقذ ميقاتي، واستعاض عنه بتشريع ما كان مطلوباً من الحكومة، الذي هو في الأساس من صلاحياتها، وتقول إن الحكومة في هذه الحال تجنّبت الطعن بقرارها لو اتخذته لتأجيل تسريح العماد عون، وأعطت فرصة لتذليل الاعتراضات أمام تعيين رئيس للأركان، وربما يبقى الأهم تفاديه للإحراج ما لم يقترن قرار الحكومة بالتمديد للواء عثمان تحت ضغط عدد من النواب السنّة الذين شكّلوا بيضة القبّان لتأمين النصاب للجلسة التشريعية.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية بأن تعيين رئيس للأركان قوبل باعتراض من زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، بذريعة أنه من غير الجائز إصدار التعيينات بغياب رئيس الجمهورية، وإذا كان لا بد من إصدارها فلا مانع من أن تتوسّع لتشمل بعض المراكز الشاغرة في الإدارات العامة.

وأكدت المصادر أن «حزب الله» أبدى تفهُّمه لموقف فرنجية، مع أن الأخير استجاب للوساطة التي تولاّها النائب علي حسن خليل بتكليف من بري، وقالت إن الاتصالات تنشط لتهيئة الأجواء أمام تعيين الحكومة في جلستها المقبلة رئيس الأركان، ومدير الإدارة، والمفتش العام في الجيش لتأمين انعقاد المجلس العسكري.

وأخيراً، فإن باسيل هو الخاسر الأكبر، في مقابل الإتاحة أمام «القوات» لتسجيل نقطة في مرماه، باعتبار أنها كانت أول من طرح التمديد للعماد عون، لكن الرابح الأول تمثّل في توفير الحصانة للمؤسسة العسكرية من دون التقليل من الدور الذي لعبه بري باعتراف خصومه، مع أن ما خلصت إليه الجلسة من نتائج لا يمكن تجييره لمصلحة هذا المرشح الرئاسي أو ذاك، تحديداً بين المتنافسَيْن العماد عون وفرنجية، باعتبار أن المعارضة والموالاة أجمعتا على التمديد لقائد الجيش، بما فيها كتلة «المردة» التي لم تنقطع عن التواصل به بواسطة أحد أركانها فريد هيكل الخازن.



الكشف عن «ضغوط» مارسها نظام الأسد لتغيير شهادات طبيبين حول هجوم كيماوي في سوريا

رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
TT

الكشف عن «ضغوط» مارسها نظام الأسد لتغيير شهادات طبيبين حول هجوم كيماوي في سوريا

رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)
رجل يتنفس عبر قناع أكسجين بينما يتلقى آخر العلاج بعد ما وصفه عمال إنقاذ بأنه هجوم مشتبه بالغاز في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب بسوريا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

روى طبيبان وممرض من مدينة دوما قرب دمشق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الضغوط التي تعرضوا لها من النظام السوري في أبريل (نيسان) 2018، بعد إسعافهم عشرات المصابين جراء هجوم بغاز الكلورين، من أجل إنكار معاينتهم أعراضاً تؤشر إلى قصف بسلاح كيماوي، أمام محققين دوليين.

وفي السابع من أبريل، استهدف هجوم بالكلورين مبنى قريباً من مستشفى ميداني نُقل إليه المصابون وكان الطبيبان والمسعف في عداد طاقمه. واتهم ناشطون ومسعفون يومها الحكومة السورية بالوقوف خلف الهجوم الذي أسفر عن مقتل 43 شخصا، الأمر الذي نفته دمشق وداعمتها موسكو لاحقا. وبعد وقت قصير، انتشر شريط فيديو قصير على الإنترنت يظهر حالة من الفوضى داخل المستشفى وأعضاء من الطاقم الطبي يسعفون المصابين بينهم أطفال بينما كان رجل يرش المياه على مصابين على الأرض. وإثر انتشاره، استدعت أجهزة الأمن السوري كل من ظهر في شريط الفيديو وفريق العمل المناوب في ذاك اليوم، ووصفت الحكومة السورية اتهامها بشنّ هجوم كيماوي بـ«المفبرك».

وأكد الشهود الثلاثة أنهم استُدعوا إلى مقر الأمن الوطني إثر الهجوم.

وقال اختصاصي الجراحة العظمية الدكتور محمّد ممتاز الحنش، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تم إبلاغي بأنه علي الخروج ومقابلة الجهات الأمنية (في دمشق) وأنهم يعلمون مكان وجود أهلي في دمشق». وشرح: «ذهبت مع فريق من الأطباء الموجودين في المشفى إلى مبنى الأمن الوطني، وقابلنا محققا وحاولنا قدر المستطاع إعطاء إجابات عامة. سُئلت مثلا ماذا حدث في هذا اليوم وأين كنت وماذا شاهدت وماذا عن الناس الذين تعرضوا للاختناق؟ حاولنا أن نجيبهم أجوبة غير موجهة. فأخبرتهم أنني في قسم العمليات... والمصاب بالكيماوي لا يأتي إلى قسم العمليات». وأوضح أنه برر أعراض الاختناق الخفيفة «بسبب وجود سواتر ترابية» حول المستشفى، وضعت آنذاك لحمايته من القصف الذي كانت مدينة دوما، أبرز معاقل المعارضة قرب دمشق تتعرض له، بعد حصار محكم. وطرحت الأسئلة نفسها على طبيب الطوارئ والعناية المشددة حسان عبد المجيد عيون الذي يروي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «حين دخلت إلى المحقق... كان مسدسه على الطاولة وموجّها نحوي، وقال لي: (الحمد لله على سلامتك وسلامة أهلك وسلامة مائة ألف شخص لا نريدهم في دوما)».

فتيات لجأن إلى مسجد في حي دوما بدمشق في أغسطس 2013 بعد هجوم كيماوي مشتبه أسفر عن مقتل مئات الأشخاص (رويترز)

«شهود زور»

وأضاف عيون: «فهمت فوراً ما المطلوب وأن الهدف أن نقول إنه ما من حادث جديد»، في إشارة إلى القصف بالكلورين، مضيفاً: «من كانوا في المستشفى حينها تعرضوا لضغوط شديدة جداً وصلت إلى حد التهديد المبطن». وخلال الاستجواب، يقول عيون: «نفينا الحادثة... تجنّبنا الإجابة عن بعض الأسئلة، على غرار: أين نقلوا الوفيات؟ قلنا إننا لا نعلم. بماذا تفسر حالات الاختناق؟ أجبنا أننا نفسرها بالغبار والأتربة والدخان الناجم عن العمليات العسكرية الشديدة»، مع تعرض المدينة حينها لغارات كثيفة. وخضع موفق نسرين، وكان حينها مسعفا وممرضا، أيضا للاستجواب، بعدما ظهر في مقطع الفيديو يربّت على ظهر فتاة مبللة وجرّدت من ملابسها لخروج البلغم من قصبتها الهوائية جراء تنشق غاز سام. ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنت تحت الضغط لأن عائلتي في دوما على غرار أغلب عوائل الكادر الطبي... أخبرونا أنه لا هجوم كيميائيا حصل... ونريد أن ننهي هذه القصة وننكرها لتفتح دوما صفحة جديدة دون مداهمات واعتقال» لسكانها. ووقع الهجوم بعد حصار مضن وحملة قصف كثيفة تعرضت لها دوما، وقبل يوم واحد من إعلان روسيا التوصل إلى اتفاق مع فصيل معارض لوقف إطلاق النار وإجلاء مقاتليه إلى الشمال السوري.

ويروي الثلاثة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنهم بعدما خضعوا للاستجواب الأول، طلب منهم تكرار الإجابة عن الأسئلة ذاتها أمام الكاميرا في غرفة أخرى. وكان الهدف كما تم إبلاغهم توثيقها لعرضها على لجنة تحقيق تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية. لكنهم فوجئوا في اليوم اللاحق بشهاداتهم تعرض على التلفزيون السوري الرسمي، بعدما «خضعت لمونتاج وحذف بعض العبارات وإخراجها من سياقها بما يخدم وجهة نظر» النظام السوري، وفق الحنش. ووجد عيون نفسه وزملاءه بين ليلة وضحاها يتحولون إلى «شهود زور»، بعدما «كنا أطباء مع الثورة في مستشفى ميداني وقدمنا خدمات طبية للناس لفترات طويلة»، على حد قوله. وكان الثلاثة في عداد 11 شخصا من الطاقم الطبي خضعوا للاستجواب، في دمشق، من دون السماح لهم بالعودة إلى دوما. ونقلت مجموعة منهم لاحقا للإقامة في فندق.

في 14 أبريل، وجهت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضربات انتقامية ردا على الهجوم على دوما استهدفت مواقع عسكرية سورية. وخلال سنوات النزاع، تحققت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من أن الأسلحة الكيميائية استخدمت أو من المرجح أنها استخدمت في 20 حالة في سوريا.

خبير أسلحة كيماوية تابع للأمم المتحدة يحمل عينات من أحد مواقع الهجوم بالأسلحة الكيماوية في حي عين ترما بدمشق في أغسطس 2013 (رويترز)

تسجيل المقابلات

وكان الشهود قد أبلغوا في اليوم ذاته بحضور لجنة تقصي حقائق تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لمقابلتهم في أحد فنادق دمشق، لكنهم فوجئوا بوضع السلطات أجهزة تسجيل في جيوبهم أو مطالبتهم بتشغيل تطبيق التسجيل على هواتفهم الخاصة. ويقول الحنش: «اضطررنا أن نكرر الرواية التي يريدونها». بعد أيام، أبلغت السلطات الشهود بأنهم سيسافرون إلى هولندا حيث مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للإدلاء بشهاداتهم على «أرض محايدة» خارج سوريا. وقبل ثلاثة أيام من موعد السفر، نقلت مجموعة منهم إلى سجن في دمشق، من دون إبلاغهم بالسبب.

وفي 25 أبريل، سافر الطاقم الطبي من دمشق في عداد شهود آخرين، وتوقف في موسكو قبل انتقالهم إلى لاهاي. ويقول الحنش: «كنا نتوقع أن نقابل لجان تحقيق في غرف مغلقة، لكننا تفاجأنا لدى وصولنا بوسائل الإعلام» في المطار، ثم المشاركة في «جلسة مفتوحة لأعضاء منظمة حظر السلاح الكيميائي».

وكانت روسيا أعلنت آنذاك أنها ستقدّم ودمشق عددا من الشهود إلى المنظمة لإثبات أن التسجيلات عن الهجوم الكيميائي «المزعوم» كانت «مفبركة».

وأثار الهجوم على دوما جدلاً كبيراً بعد تسريب وثائق شككت في نتائج تحقيق سابقة إزاء الهجوم، لكن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حسمته بإعلانها أواخر يناير (كانون الثاني) 2023 أن محققيها خلصوا إلى أن «القوات الجوية العربية السورية هي التي نفذت الهجوم»، وهو ما نفته دمشق وموسكو. وخفف صدور الإدانة من العبء الذي رزح أطباء دوما تحته لسنوات. ويقول الحنش: «سعدنا بأنه تم إثبات استخدام السلاح الكيماوي... وأن شهادتنا لم تؤثر على مسار التحقيق».

وانتظر الأطباء الثلاثة طويلا لكي «تزول القبضة الأمنية التي كانت علينا ونصل إلى يوم نتحدث فيه عن حقيقة ما جرى»، وفق الحنش، لكن «الفرحة غير مكتملة لأن الناس لن تأخذ حقوقها إلا بمعاقبة الجناة والمذنبين».

في أبريل 2018، وتعليقاً على الهجمات العنيفة التي تعرّضت لها بلدة دوما السورية على يد نظام الأسد، قالت وزارة الخارجية الأميركية حينها، إن التقارير عن سقوط ضحايا بأعداد كبيرة في هجوم كيماوي في دوما بسوريا «مروعة».

واستشهدت «الخارجية» الأميركية حينها بتاريخ النظام السوري ورئيسه بشار الأسد في استخدام الأسلحة الكيماوية، وقالت إن «حكومة الأسد وروسيا الداعمة لها تتحملان المسؤولية، وهناك حاجة لمنع أي هجمات أخرى على الفور».

وبين عامي 2013 و2018، وثقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» ما لا يقل عن 85 هجوماً بالأسلحة الكيماوية في سوريا، متهمة الحكومة السورية بالمسؤولية عن غالبية هذه الهجمات.