حرب إسرائيل في غزة تقتل الأهل والعائل وتترك الأطفال في يُتم تام

فلسطينيون يبحثون عن ناجين من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في رفح يوم الثلاثاء 12 ديسمبر 2023 (أ.ب)
فلسطينيون يبحثون عن ناجين من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في رفح يوم الثلاثاء 12 ديسمبر 2023 (أ.ب)
TT

حرب إسرائيل في غزة تقتل الأهل والعائل وتترك الأطفال في يُتم تام

فلسطينيون يبحثون عن ناجين من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في رفح يوم الثلاثاء 12 ديسمبر 2023 (أ.ب)
فلسطينيون يبحثون عن ناجين من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة في رفح يوم الثلاثاء 12 ديسمبر 2023 (أ.ب)

تلعب الطفلة رزان شبات البالغة من العمر 10 سنوات بالدمى على سرير مستشفى في غزة، حيث تجلس وساقها متصلبة في جبيرة وأثر الجروح على وجهها، ولا تعرف أن والدتها وأباها وإخوتها قُتلوا في الغارة التي أصيبت فيها، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

والطفلة الصغيرة هي واحدة من عدد متزايد من الأطفال في غزة الذين فقدوا والديهم، وفي بعض الحالات أسرهم بأكملها، في الحرب بين إسرائيل و«حماس»، والذين يعتني بهم أقارب بعيدون أو أصدقاء أو حتى غرباء.

وقالت رجاء الجرو، وهي متزوجة من أحد أقارب رزان وتتولى رعاية الفتاة في مستشفى «شهداء الأقصى» في دير البلح وسط قطاع غزة، إن الطفلة لا تعلم أنها فقدت عائلتها، ونحن المسؤولون عنها الآن.

وعلى الرغم من السجحة الكبيرة على جبهتها والندوب في جبينها وخدها، أضاء وجه رزان بابتسامة كبيرة وهي تلهو بدميتين ورديتي اللون، وتهدهدهما كما تفعل أمّ مع طفلها.

واختفت ابتسامتها حين سُئلت عن أكثر ما تفتقده في المستشفى. وقالت فجأة بحزن إنها تفتقد عائلتها وتريد رؤيتهم.

وكانت ساقها اليسرى مستلقية على السرير، ومغطاة بالجبيرة من أعلى إلى أسفل.

وأضافت أنها خضعت لجراحة في ساقها وأربع جراحات في جمجمتها. وقالت إنها تتعافى وأصبحت أفضل حالاً.

وقال يونس العجلة، وهو طبيب مشارك في رعاية رزان، إنها وعدداً من الأطفال الآخرين نُقلوا إلى المستشفى بمفردهم.

وأضاف أن كثيرين من الأطفال الذين يأتون إلى مستشفى «شهداء الأقصى»، لا يعرف الطاقم الطبي أسماءهم ويكتبون كلمة «مجهول» في ملفات دخولهم حتى يأتي أحد أقاربهم ويتعرف عليهم، وأن هذا كان حال رزان لبضعة أيام.

«فقدوا الجميع»

قال جيمس إلدر، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إنه من الصعب تحديد عدد أطفال غزة الذين أصبحوا أيتاماً الآن بسبب العدد الهائل من الأشخاص الذين يُقتلون والظروف البائسة على الأرض.

وأضاف: «هناك كثير من الأطفال الذين فقدوا والديهم، لكن الأسوأ من ذلك أنهم فقدوا عائلاتهم بأكملها».

وتابع أن الأقارب أو الجيران عادة ما يتقدمون لرعاية الأطفال الأيتام، وكانت هناك حالات خطيرة لم يكن فيها أحد على قيد الحياة ليتولى أمر الأطفال.

ومضى يقول: «التقيت بأطفال، عادة في المستشفيات لأنهم أصيبوا حين تعرض منزلهم للقصف، فقدوا أمهاتهم وآباءهم وأجدادهم، وعماتهم وأعمامهم وخالاتهم وأخوالهم، وإخوتهم، والجميع... حين يكون الطفل هو آخر فرد على قيد الحياة من أفراد الأسرة، فهذا يعني أن ثمة مشكلة حقيقية».

ونشبت الحرب بعد هجوم لمسلحي «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) أودى بحياة 1200 شخص، من بينهم رُضع وأطفال، وتمخض عن اقتياد 240 شخصاً من جميع الأعمار لاحتجازهم كرهائن في غزة، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على «حماس»، وردت بهجوم عسكري وحصار كامل للقطاع المكتظ بالسكان، ما أدى إلى مقتل أكثر من 18 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

واقتربت جيما كونيل، عاملة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة التي تزور المستشفى في دير البلح، من فتاة صغيرة وجلست مقرفصة قبالة الطفلة التي كانت تجلس على الأرض وفي قدميها ضمادات. وبدت الفتاة في حالة ذهول ولم ترد.

وقالت كونيل إنها التقت بكثيرين من الأطفال المصابين بصدمات نفسية كانوا جرحى وجائعين وخائفين، وفي كثير من الحالات مات عائلهم.

وقالت في مقابلة هاتفية (الاثنين) منفصلة عن زيارتها للمستشفى: «لقد رأى كثيرون منهم أشقاءهم يموتون، وآباءهم يموتون». وأضافت: «التقيت بالأمس بفتاة صغيرة تبلغ من العمر أربع سنوات تقريباً، لم تكن قادرة على الكلام بسبب ما رأته. لم تكن قادرة حتى على نطق اسمها. كانت عيناها واسعتين مثل غزال تسلطت عليه المصابيح الأمامية لسيارة... هذا هو حال الأطفال في غزة كما يبدو».


مقالات ذات صلة

عشرات الجرحى بنيران طائرات مسيرة إسرائيلية استهدفت مدرسة بغزة

المشرق العربي فلسطينية تبكي قريباً لها قتل في غارة إسرائيلية على مدرسة في دير البلح (إ.ب.أ)

عشرات الجرحى بنيران طائرات مسيرة إسرائيلية استهدفت مدرسة بغزة

قال الدفاع المدني في غزة إن عشرات الفلسطينيين أصيبوا، الجمعة، بنيران طائرات مسيرة تابعة للجيش الإسرائيلي استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في مخيم جباليا للاجئين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص عناصر من «حزب الله» يسيرون حاملين أعلام الحزب خلال تجمُّع جماهيري بمناسبة يوم القدس في بيروت (رويترز)

خاص خيارات «حزب الله» السياسية «ضيقة»

تتمثل أولوية «حزب الله» راهناً في المطالبة بوقف النار، وصد الهجمات الإسرائيلية البرية؛ لأن أداءه في المعركة البرية سيرسم ملامح المرحلة المقبلة، ويحدد دوره.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب

ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب

وضع شابان من مجموعة «المقاومة المدنية» في بريطانيا صورةً لأم وطفل من غزة على لوحة «الأمومة» الشهيرة لبابلو بيكاسو في المعرض الوطني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مؤتمر صحافي خلال قمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في فيينتيان بلاوس... الجمعة 11 أكتوبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:47

بلينكن: واشنطن تدعم الدولة اللبنانية ﻟ«تولي زمام المسؤولية» في البلاد

أعرب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، عن أمله في التوصّل إلى حل دبلوماسي في لبنان، ومنع اندلاع نزاع أوسع، وأكد دعم واشنطن للدولة اللبنانية لبسط سيادتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي طلبة فلسطينيون في غزة يتلقون دروسهم أمس على أنقاض بيوت دمرها القصف الإسرائيلي (رويترز)

تحقيق أممي: تدمير منظومة الصحة بغزة يرقى لـ«الإبادة»

اتهم تحقيق تابع للأمم المتحدة، إسرائيل باتباع سياسة منسقة لتدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، وخلُص إلى أنها أفعال ترقى إلى جرائم حرب وجريمة «إبادة» ضد الإنسانية

«الشرق الأوسط» (جنيف)

تحقيق أممي: تدمير منظومة الصحة بغزة يرقى لـ«الإبادة»

طلبة فلسطينيون في غزة يتلقون دروسهم أمس على أنقاض بيوت دمرها القصف الإسرائيلي (رويترز)
طلبة فلسطينيون في غزة يتلقون دروسهم أمس على أنقاض بيوت دمرها القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

تحقيق أممي: تدمير منظومة الصحة بغزة يرقى لـ«الإبادة»

طلبة فلسطينيون في غزة يتلقون دروسهم أمس على أنقاض بيوت دمرها القصف الإسرائيلي (رويترز)
طلبة فلسطينيون في غزة يتلقون دروسهم أمس على أنقاض بيوت دمرها القصف الإسرائيلي (رويترز)

اتهم تحقيق تابع للأمم المتحدة، إسرائيل باتباع سياسة منسقة لتدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، وخلُص إلى أنها أفعال ترقى إلى جرائم حرب وجريمة «إبادة» ضد الإنسانية.

وأفادت المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، في بيان، أمس، بأن إسرائيل شنت «هجمات متواصلة ومتعمدة على العاملين والمرافق بالقطاع الطبي» خلال الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام.

وأضافت بيلاي، التي سيُقدم تقريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية الشهر: «يحمل الأطفال بصفة خاصة على كاهلهم تبعات هذه الهجمات؛ لأنهم يعانون بشكل مباشر أو غير مباشر من انهيار الرعاية الصحية».

واستشهد التقرير بواقعة وفاة الفتاة الفلسطينية هند رجب في فبراير (شباط) الماضي، مع أفراد أسرتها واثنين من المسعفين الذين جاءوا لإنقاذها وسط القصف الإسرائيلي.