أزمة الكهرباء غذّت «طاقة» السوريين على ابتكار حلول

بسطة لبيع الحطب في طريق رئيسية جنوب دمشق (الشرق الأوسط)
بسطة لبيع الحطب في طريق رئيسية جنوب دمشق (الشرق الأوسط)
TT

أزمة الكهرباء غذّت «طاقة» السوريين على ابتكار حلول

بسطة لبيع الحطب في طريق رئيسية جنوب دمشق (الشرق الأوسط)
بسطة لبيع الحطب في طريق رئيسية جنوب دمشق (الشرق الأوسط)

«أسبوع بالتمام والكمال استغرقت وجبة غسيل الأبيض حتى انتهت»، قالت إيمان (35 عاماً) وهي تعلن اليأس من البحث عن حل بديل لتنظيف الملابس القطنية في الشتاء، فقد اختبرت كل الحلول البديلة الممكنة ولم يتبق لها سوى تعمير موقد حطب لغلي الغسيل، إلا أن السكن ببناء طابقي وإشغال السطح من قبل الجيران حرمها من تجريب هذا الحلّ. وتقوم إيمان بغلي الغسيل الأبيض بالطنجرة على الغاز، وعندما تأتي الكهرباء تضع الغسيل في الغسالة على البارد، وبرنامجه يستغرق ساعة وربع الساعة بدل ساعتين وربع الساعة لدرجة حرارة ساخنة، لكن مع انقطاعات الكهرباء (برنامج التقنين 5 ساعات مع إعطال ليوم أو أكثر) قد يتعفن الغسيل قبل أن تنتهي عملية الفض. «آخر وجبة غسيل كان لونها مخجلاً لم أنشرها على الشرفة»، وفق ما ذكرته لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى خسارة فادحة تكبدها زوجها بسبب تعطل شبكة الاتصال في المنزل بسبب «لطشة كهرباء عطلت كل الأجهزة في البيت، واستغرق البحث عن حلول بديلة أكثر من يومين». وتضيف بأسف بالغ: «لتتمكن من مواصلة العيش في هذا البلد يجب أن تمتلك عقلاً قادراً على اختراع الحلول والبدائل على مدار الساعة».

مع بداية كل فصل شتاء أو صيف وتبدل درجات الحرارة، تزداد ساعات تقنين الكهرباء، مع ازدياد الضغط على الاستهلاك، وزيادة الأعطال، وتترافق مع انقطاع شبكات الاتصال والمياه في مناطق واسعة من مناطق سيطرة الحكومة، التي تتذرع بشح الوقود اللازم لتشغيل محطات تزويد الكهرباء وأبراج الاتصالات ومحطات ضخ المياه.

وزادت شكاوى سكان الطبقات العالية في دمشق خلال الفترة الأخيرة من عدم وصول المياه إليهم لعدم قدرتهم على تشغيل مضخات المياه بسبب انقطاع الكهرباء وعدم انتظام برامج التقنين، وغياب تنسيق مواعيد الوصل بين شركتي الكهرباء والمياه. إذ إن أغلب سكان الطابق الرابع وما فوق لا تصلهم المياه إلا عبر المضخات المنزلية.

وفي تصريح للصحافة المحلية، أفاد المدير العام للمؤسسة العامة لمياه الشرب بدمشق وريفها، محمد عصام الطباع، بأنه نتيجة واقع التيار الكهربائي الحالي يتم تأخير فتح الخزانات الرئيسية مدة نصف ساعة أو ساعة حتى يتم ملؤها بالكامل، والاستفادة منها بطاقة أقوى للوصول للمنازل بطاقة ضخّ عالية تصل لكل المناطق، مشيراً إلى أنّ أكثر من 95 في المائة من المناطق لا توجد فيها شكاوى بهذا الموضوع. دون نفي لوجود «بعض الشكاوى الفردية» من سكان طبقات مرتفعة، وفق ما نقلته صحيفة «الوطن» المحلية.

عن موقع «غلوبال»

نادين (46 عاماً) تسكن جنوب دمشق، تقول إن خط الكهرباء الذي يغذي البناء الذي تسكنه تعطل أكثر من يومين وبعد عدة اتصالات مع الطوارئ تم الرد، وقالوا إن عمال الطوارئ ليس لديهم بنزين لتشغيل السيارة والوصول إلى مكان العطل، والحل كان بتبرع أحد السكان بإحضارهم بسيارته الخاصة، وريثما تم إصلاح العطل استفدت بطاريات الإنارة واللابتوب وكل الأجهزة شحنها، وبعضها تعطل، ولم تعد قابلة للشحن، ولا بد من استبدالها بطاريات جديدة بها، أي ميزانية جديدة مع «أسعار مرتفعة وجيب فارغ»، حسب تعبيرها.

ويعتمد أغلب السوريين في مناطق سيطرة الحكومة على بطاريات لتوفير طاقة بديلة كافية للإنارة وتشغيل الأجهزة الإلكترونية. وخلال العامين الماضيين انتشر استخدام ألواح الطاقة الشمسية، على نحو واسع في المدن والمناطق التي تتوفر فيها مساحات على أسطح الأبنية لتركيب ألواح طاقة، لكن في العاصمة، دمشق، ما زالت الغالبية تعاني من عدم توفر تلك المساحات، لأن معظم الأسطح تم استغلالها لبناء ملاحق سكنية، وما زال استخدام المولدات هو الحل الأكثر رواجاً في دمشق، لا سيما المطاعم والورش الصناعية، رغم اصطدامه بعقبات كثيرة، أبرزها الضجيج وتلوث الهواء وارتفاع أسعار المحروقات.

صورة كبيرة للرئيس بشار الأسد في أحد شوارع دمشق (أرشيفية: رويترز)

علاء (20 عاماً)، وبعد انتظار أسبوع تسخين ماء الحمام على الكهرباء، تملكه «اليأس» فكلما وصلت درجة الحرارة إلى 35 انقطعت الكهرباء وعادت إلى الـ25 درجة، وهكذا إلى أن أعلن «العصيان» على التقنين المنزلي للغاز وسخن 5 لترات على الغاز رغم تحذيرات والدته: «إذا خلصت جرة الغاز ما في غيرها حتى تصل الرسالة»، وكل شهرين تحصل العائلة على جرة غاز من خلال البطاقة الإلكترونية. ويفكر علاء بحل بديل وهو مرافقة صديقه إلى حمام السباحة الشتوي، في نهاية الأسبوع، أو حمام السوق رغم ارتفاع أسعار الدخول إليها «بعد أن أجرى كافة حساباتي المالية».

وارتفعت أسعار دخول حمامات السوق مع ارتفاع أسعار الوقود والطاقة اللازمة لتسخين المياه، ليبلغ وسطي أسعارها 50 ألف ليرة، ما عدا الطلبات الخاصة كالشاي والأركيلة، وكذلك المسابح الشتوية، التي تتفاوت أسعارها حسب التصنيف والخدمات التي يقدمها، فتبدأ أسعارها بـ35 ألف ليرة لتصل إلى 75 ألف ليرة (الدولار الأميركي الواحد يعادل 14 ألف ليرة تقريباً).

الافتقاد للمياه الساخنة شكّل فرصة للارتزاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك من يعرض خدماته بتوفير مياه ساخنة بدرجة حرارة 80 بكميات محدودة لزوم الاستحمام، مع خدمة التوصيل، حسب ما ذكره موقع «غلوبال» المحلي، الذي قال إنه تواصل عبر «فيسبوك» مع شاب اسمه فادي يقوم بتقديم هذه الخدمة في حي المزة بدمشق، وقد أجاب على استيضاح الموقع حول توفيره مياهاً ساخنة للاستحمام بأن «الخدمة موجودة فعلاً في منطقة المزة ونتقاضى على لتر المياه الساخنة بدرجة حرارة 80 درجة 450 ليرة وعلى 25 لتراً 10 آلاف ليرة، مع خدمة توصيل لباب المنزل، شرط أن تكون أقل كمية للطلب 10 لترات».

علاء الذي سمع بهذه الخدمة أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عبّر عن إعجابه بالفكرة، وتمنى أن تشمل أيضاً خدمة مياه لغلي الملابس القطنية، لكنه استدرك: «تكاليف الخدمة ستكون منهكة، وقد تكون أجور التوصيل أغلى من المياه، فقطع 5 كيلو مترات بالتاكسي أجره ما يقل عن 15 ألف ليرة!! أما الأحياء البعيدة فتتجاوز الـ30 ألف ليرة. والنتيجة التي توصل إليها وصول الماء الساخن إلى البيت سيكون أغلى من الذهاب إلى المسبح».



هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

يأتي الهجوم في غمرة الحديث عن قيادة بارزاني لمفوضات مع المكونين العربي والتركماني لحسم معضلة الحكومة المحلية ومنصب المحافظ بعد نحو 7 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية، فيما نفى مسؤول كردي رفيع ذلك، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن «مسعود بارزاني يوجد خارج البلاد هذه الأيام ولم يلتق أعضاء في مجلس كركوك».

وقالت مصادر أمنية في المحافظة إن مسلحين مجهولين أطلقوا فجر السبت النار على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في منطقة ساحة العمال وسط كركوك ولم يسفر عن الهجوم أي إصابات بشرية أو أضرار مادية.

وحضرت قوة من الشرطة عقب الهجوم إلى موقع الحادث، وفتحت تحقيقاً وعممت أوصاف المهاجمين الذين فروا إلى جهة مجهولة.

وسبق أن أثار مقر «الحزب الديمقراطي» في كركوك أزمة كبيرة داخل المحافظة نهاية العام الماضي، بعد أن طالب قيادة العمليات العسكرية بتسليم المقر الذي تشغله منذ عام 2017، وحدثت مواجهات بين أنصار الحزب والقوات الأمنية أدت إلى مقتل أفراد إلى جانب ضابط في قوات «البيشمركة».

وانتهت الأزمة بعد قيام رئيس الحزب مسعود بارزاني بتسليم وإهداء المقر، في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى جامعة كركوك لـ«يكون في خدمة طلب العلم والمثقفين في المدينة».

متظاهرون من الكرد فوق بناية مقر حزب بارزاني في كركوك (أرشيفية - شبكة روادو)

معلومات أولية عن الهجوم

وأعلن المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الديمقراطي» في كركوك عن امتلاك الحزب «معلومات عن استهداف المقر»، في حين قال الباحث الكردي كفاح محمود إن «الشبهات تحوم حول المستفيد من تعطيل عمل مجلس المحافظة وعدم التوصل إلى شخصية متفق عليها لإدارة المحافظة».

وأضاف محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «باستنتاج بسيط يمكن الربط بين عمليات حرق الأسواق في أربيل وكركوك ودهوك وبين هذه العملية التي كانت تستهدف اختراق سور الحماية والدخول إلى المبنى وإحراقه، خصوصاً وأنها تشبه توقيتات حرق الأسواق التي جرت في ساعة متأخرة من الليل وتحديداً في الساعات الأولى للصباح».

وتابع محمود: «هذه الأذرع لديها مراكز ووجود وتتسبب في إشكاليات إقليمية بين العراق وإقليم كردستان من جهة وبين دول الجوار من جهة أخرى».

وذكر محمود أن «الأمر المتعلق بمعرفة الجناة يبقى معلقاً لحين كشف تسجيلات منظومة الكاميرات التي صورت حركة تلك العناصر التي استخدمت مبنى قيد الإنشاء».

وتتهم أوساط «الحزب الديمقراطي»، منذ فترة طويلة، عناصر «حزب العمال» الكردستاني التركي بالتورط في مختلف الأعمال العدائية التي تقع ضده وضد بعض الشركات النفطية وشركات الغاز العاملة في الإقليم، خصوصاً في محافظتي كركوك والسليمانية، كما تحمله مسؤولية توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» في كركوك، مريوان جلال، السبت، إن «الفرع كان يمتلك معلومات عن استهداف المقر، وإن الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وتزامن مع دور الحزب في تقريب وجهات النظر لتشكيل إدارة كركوك ومجلسها».

وأضاف في تصريحات صحافية أن «الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وهو ليس استهدافاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بل يستهدف جميع مكونات كركوك، وجاء في وقت يعمل فيه الحزب الديمقراطي بتقريب وجهات النظر بين مكونات المحافظة للشروع بتشكيل إدارة المحافظة، وتفعيل عمل المجلس لغرض تقديم الخدمات لجميع مكونات المحافظة».

السوداني خلال استقباله نواباً من المكون التركماني (إعلام حكومي)

السوداني يجتمع بالتركمان

من جانبه، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، عضوين من المكون التركماني في مجلس محافظة كركوك، وحثهم على الاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة.

ولم تفلح جهود رئيس الوزراء محمد السوداني حتى الآن في حل أزمة المحافظة برغم لقاءاته المتكررة مع القوى الفائزة في مقاعد مجلسها.

وأشار السوداني، خلال اللقاء، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، إلى «أهمية تقديم مصلحة أبناء كركوك في أي اتفاق بين القوى السياسية التي فازت بالانتخابات، إثر النجاح في إجرائها بعد تعطل استمر منذ عام 2005».

وشدد السوداني على ضرورة «اختيار الإدارات الحكومية المحلية الناجحة، والاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة».

وتتردد منذ أسابيع أنباء عن سعي القوى المتخاصمة في مجلس المحافظة للاتفاق على صيغة لحسم منصب المحافظ من خلال تدويره بين الكتل الفائزة، بحيث يشغل الأكراد المنصب في السنتين الأولى، ثم يذهب إلى العرب في السنتين الأخيرتين من عمر دورة مجلس المحافظة المحددة بأربع سنوات، وهناك حديث عن أن للتركمان حصة في عملية التدوير رغم امتلاكهم لمقعدين فقط من أصل 16 مقعداً في المجلس.