إسرائيل تطلق النار على دورية لـ«اليونيفيل» ومدنيين

أعلنت إسقاط صاروخ أرض جو أطلق من لبنان

مواطن لبناني في بلدة عيترون الحدودية يتفقد منزله المدمر بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
مواطن لبناني في بلدة عيترون الحدودية يتفقد منزله المدمر بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تطلق النار على دورية لـ«اليونيفيل» ومدنيين

مواطن لبناني في بلدة عيترون الحدودية يتفقد منزله المدمر بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
مواطن لبناني في بلدة عيترون الحدودية يتفقد منزله المدمر بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

سجل خرق في اليوم الثاني للهدنة في جنوب لبنان عبر إطلاق نار إسرائيلي متقطع استهدف قوات الـ«يونيفيل» ومدنيين في بعض البلدات وإطلاق صاروخ أرض جو باتجاه طائرة إسرائيلية، في وقت جدد فيه «حزب الله» على لسان مسؤوليه أن «المقاومة ستبقى تساند الشعب الفلسطيني».

وأعلنت قوات الـ«يونيفيل» أن دورية تابعة لها تعرضت ظهراً لنيران من الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان دون وقوع إصابات، واصفة الهجوم بأنه «أمر مقلق للغاية، ونؤكد مسؤولية كل الأطراف عن حماية عناصرها».

وأعلن الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي أنّه «نحو الساعة الثانية عشرة ظهراً، تعرضت دورية تابعة لـ(اليونيفيل) لنيران قوات الجيش الإسرائيلي في محيط عيترون، في جنوب لبنان». ولفت إلى أنّه «لم يصب أي من حفظة السلام، ولكن سيارتهم تضررت. ووقع هذا الحادث خلال فترة من الهدوء النسبي على طول الخط الأزرق». وأضاف: «الجمعة فقط، حث رئيس بعثة (اليونيفيل) وقائدها العام الجنرال أرولدو لازارو، أولئك الذين يتبادلون إطلاق النار على طول الخط الأزرق على وقف دائرة العنف، مذكّراً الجميع بشكل صارم بأن أي تصعيد إضافي قد تكون له عواقب مدمرة».

وشدد على أنّ «هذا الهجوم على قوات حفظ السلام، التي تعمل بجهد للحد من التوترات واستعادة الاستقرار في جنوب لبنان، أمر مثير للقلق العميق. ونحن إذ ندين هذا العمل، نؤكد على مسؤولية الأطراف في حماية قوات حفظ السلام، ومنع المخاطر غير الضرورية عن أولئك الذين يسعون إلى تحقيق الاستقرار».

وذكّر الجهات «بقوة بالتزاماتها بحماية حفظة السلام وتجنب تعريض الرجال والنساء الذين يعملون على استعادة الاستقرار للخطر».

وبعد هدوء استمر 12 ساعة طوال يوم الجمعة، أفادت «الوكالة الوطنية» بأن صاروخاً اعتراضياً انفجر في أجواء بلدتي ميس الجبل وبليدا قضاء مرجعيون، عند الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، سمع صداه في كل أرجاء الجنوب، وسجل تحليق مكثف لطائرات التجسس الإسرائيلية فوق النبطية وإقليم التفاح.

وأعلن الجيش الإسرائيلي صباحًا «إسقاط صاروخ أرض جو أطلق من لبنان باتجاه مسيّرة إسرائيلية»، لافتا إلى أن «مقاتلاته ردت بقصف بنية تحتية لـ(حزب الله)»، قائلاً إن «طائرته المسيرة لم تتضرر، وإنه لم يتم تفعيل أي إنذار».

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أنه «متابعة للإنذار عن تسلل قطعة جوية في الشمال تم إطلاق صاروخ اعتراض نحو هدف جوي مشبوه؛ ما تسبب في تفعيل الإنذارات والحادث انتهى».

في موازاة ذلك، ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن القرى والبلدات الجنوبية المتاخمة للخط الأزرق، تعيش منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة هدوءاً حذراً، بينما لم تنقطع قوافل العائدين من النازحين إلى بلداتهم وبعضهم باشر العمل وفتح أبواب الأرزاق بعد توقف دام شهراً تقريباً بسبب الأحداث الأمنية.

وقد سارعت بعض العائلات إلى الاستفادة من الهدنة لقطف الزيتون قبل أن يخسروا الموسم بشكل كامل، إذ حالت المواجهات العسكرية طوال الأسابيع الماضية دون قدرتهم على جمع المحصول.

وكان وزير الزراعة عباس الحاج حسن قد أعلن أنه ما لا يقل عن 40 ألف شجرة زيتون احترقت نتيجة القصف الإسرائيلي لا سيما بالقنابل الفوسفورية.

ومن أكثر البلدات التي لم يوفرها القصف الإسرائيلي بقذائفه وصواريخه هي بلدة كفركلا، وعديسة، وحولا وميس الجبل؛ إذ إن هذه البلدات لم تقصف أطرافها وطرقاتها وخراجها فحسب، بل استهدفت فيها المنازل أيضاً استهدافات مباشرة، وسقط فيها قتلى وجرحى وتسبب القصف بخسائر بالممتلكات والأراضي الزراعية جراء الحرائق التي سببتها القنابل المضيئة والفوسفورية.

وبعدما سبق للإسرائيليين أن استهدفوا الإعلاميين في جنوب لبنان مرات عدة، ما أدى إلى مقتل 3 إعلاميين وإصابة آخرين، أفادت «الوطنية» الجمعة، بإطلاق النار في الهواء ترهيباً باتجاه فريق عمل قناة «إن بي إن» على طريق الخيام مقابل مستعمرة المطلة عند الحدود مع فلسطين المحتلة.

وكان قد سبق ذلك، إطلاق نار مماثل في مرجعيون، لإخافة المزارعين الذين يعملون بأرضهم في وادي هونين، كما تم استهداف سيارة رابيد، تعود لمواطن من بلدة كفركلا بخمس طلقات في منطقة الوزاني دون إصابته، وعلى الأثر قامت دورية من الجيش بسحبه من المكان المذكور، وفق «الوطنية».

يأتي ذلك، في وقت دعت فيه السفارة البريطانية في لبنان عبر حسابها على منصة «إكس» «اليونيفيل» إلى العمل لوقف الأعمال العدائية عبر الخط الأزرق، وتجديد الالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701. ولفتت إلى أن الهدوء الذي ساد يوم الجمعة على الخط الأزرق يوفّر فرصة لإعادة التركيز على صياغة حل طويل الأمد للسلام.

وبينما لم يصدر حتى الآن أي موقف حول الهدنة من قبل «حزب الله» جدد رئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ محمد يزبك التأكيد بأن المقاومة «ستبقى تساند الشعب الفلسطيني». وأكد: «نحن كنا نساند وما زلنا، وسنبقى نساند شعبنا الفلسطيني ومقاومتنا في فلسطين من أجل القدس ومن أجل فلسطين».

ورأى «أن لبنان لا يُحمى إلا من خلال أهله. لا تحميه لا الطائرات ولا حاملات الطائرات ولا البوارج في البحار، وإنما الذي يحمي لبنان من العدو الإسرائيلي ومن المؤامرات هم اللبنانيون عندما يتفقون ويتفاهمون فيصنعون بلداً حراً مستقلاً عزيزاً يفرضون احترامه على العالم».



سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
TT

سكان قرية سورية متروكون لمصير مجهول أمام قوات إسرائيلية متوغلة

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)
مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان (أ.ف.ب)

في إحدى قرى محافظة القنيطرة، جنوب سوريا، يقف سكان وجهاً لوجه مع قوات إسرائيلية استغلت التغيير السياسي والميداني المتسارع في دمشق، لتنفيذ عمليات توغل في المنطقة العازلة ومواقع مجاورة، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة.

ففي شارع رئيسي في قرية جباتا الخشب، يتجول جنود إسرائيليون بكامل عتادهم، على تماس مع السكان المحليين الذين يكتفون بالمراقبة من بعد، في مشهد لم يكن مألوفاً حتى الأمس القريب. وتتمركز دبابة على الأقل عند أطرافها، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتقع القرية في القسم الشرقي من هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ثم ضمتها عام 1981 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. وهي من عداد القرى الواقعة في المنطقة العازلة؛ حيث ينتشر عناصر قوة الأمم المتحدة المخولون مراقبة اتفاق فض الاشتباك.

وتتكرَّر المشاهد نفسها في مدينة البعث وسط القنيطرة التي توغلت فيها قوات وعربات إسرائيلية، في خطوات تزامنت مع شنِّ إسرائيل سلسلة غارات غير مسبوقة على عشرات المواقع العسكرية ومخازن الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي التابعة للجيش السوري، عقب إطاحة فصائل معارضة نظام بشار الأسد وهروبه من البلاد.

مركبات «هامفي» تابعة للجيش الإسرائيلي تتحرك في المنطقة العازلة التي تسيطر عليها الأمم المتحدة والتي تفصل بين القوات الإسرائيلية والسورية في مرتفعات الجولان بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية بمرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (أ.ف.ب)

ويقول الدكتور عرسان عرسان، المقيم في مدينة البعث وسط القنيطرة (51 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الناس ممتعضة جداً من التوغل الإسرائيلي في المنطقة (...) نحن مع السلام؛ لكن شرط أن تنسحب إسرائيل إلى خط وقف إطلاق النار»، في إشارة إلى خط فض الاشتباك الذي يفصل بين الأجزاء التي تحتلها إسرائيل من مرتفعات الجولان وبين بقية الأراضي السورية.

ومع توغل القوات الإسرائيلية، تقطعت أوصال مدينة البعث بأعمدة حديدية كبيرة وبقايا أغصان أشجار وسواتر ترابية، خلَّفتها الجرافات الإسرائيلية، وفق السكان. ويتابع عرسان: «أنظر إلى الشوارع التي خرَّبتها الجرافات الإسرائيلية واللافتات التي حطمتها، إنه عمل غير إنساني».

وسيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة العازلة ومواقع مجاورة في جبل الشيخ وريف دمشق.

رفع العلم الإسرائيلي

وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء الماضي، اجتماعاً أمنياً على جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه زار مع نتنياهو «لأول مرة قمة جبل الشيخ» منذ انتشار القوات الإسرائيلية فيها عقب إطاحة الأسد.

وخلا الطريق الرابط بين دمشق ومحافظة القنيطرة من أي وجود عسكري لفصائل معارضة، وبدت كل الحواجز والمقرات الأمنية السابقة خالية من عناصرها، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت القوات الحكومية قد أخلت تباعاً كل مواقعها في جنوب سوريا، عشية تقدم الفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» إلى دمشق وإسقاط الأسد.

وانكفأ سكان بلدات القنيطرة داخل منازلهم، واكتفى بعضهم بالوقوف على الأبواب مراقبين انتشار القوات الإسرائيلية بين أحيائهم وفي شوارعهم، بينما رفع جنود إسرائيليون العلم الإسرائيلي على عدد من التلال القريبة المشرفة على القنيطرة.

وعلى مشارف قرية الحميدية المجاورة لمدينة البعث، يقف ياسين العلي (43 عاماً) وإلى جانبه أطفال يلعبون على دراجة هوائية. ويقول ابن مدينة البعث: «نحن على بعد أقل من 400 متر من الدبابات الإسرائيلية (...) والأطفال هنا خائفون من التوغل الإسرائيلي».

ونزح سكان جراء تقدم القوات الإسرائيلية من عدد من البلدات السورية الحدودية مع إسرائيل. ويتابع العلي: «نناشد حكومة الإنقاذ والمجتمع الدولي أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه هذا التوغل الذي حدث خلال أسبوع».

«انتهاك» لفض الاشتباك

واعتبرت الأمم المتحدة أن سيطرة الجيش الإسرائيلي على المنطقة العازلة يشكِّل «انتهاكاً» لاتفاق فض الاشتباك العائد إلى عام 1974. وأعرب أمينها العام أنطونيو غوتيريش هذا الأسبوع عن «قلقه البالغ» حيال «الانتهاكات الكبيرة» لسيادة سوريا ووحدة أراضيها.

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنَّت إسرائيل مئات الضربات الجوية على مواقع عسكرية للجيش السوري، وأخرى لمجموعات موالية لطهران بينها «حزب الله» اللبناني الذي كان يحتفظ بمقرات ومخازن؛ ولا سيما في المنطقة الحدودية مع لبنان.

جنود إسرائيليون يقفون على مركبة مدرعة قبل عبور السياج الأمني متجهين نحو المنطقة العازلة بالقرب مما يسمى «الخط ألفا» الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا في بلدة مجدل شمس (أ.ب)

وطالب القائد العسكري لـ«هيئة تحرير الشام» مرهف أبو قصرة، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» الثلاثاء، المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الغارات والتوغل الإسرائيلي «على التراب السوري»، مؤكداً في الوقت ذاته أن بلاده لن تكون منطلقاً لأي «عداء» تجاه أيٍّ من دول الإقليم.

وكان قائد الإدارة السياسية الجديدة في دمشق، أحمد الشرع، قد ندَّد بتوغل القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد. وقال إن «الإسرائيليين تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح، مما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة». وأكد في الوقت ذاته أن الوضع الراهن «لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة».

في مدينة البعث، يبدي العلي تخوفه من «قضم» إسرائيل للمنطقة بكاملها. ويقول: «ما يجري يستحق وقفة من السوريين الذين يحتفلون في ساحة الأمويين... بأن يأتوا إلى هنا ويقفوا بصدور عارية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي».