ازدياد الضغوط الداخلية على بايدن لوقف الحرب في غزة

احتجاجات الموظفين الفيدراليين الأميركيين تخرج عن التقليد المتبع

نشطاء يدعون إلى وقف النار في غزة خلال احتجاج خارج محطة القطارات الرئيسية في واشنطن العاصمة (إ.ب.أ)
نشطاء يدعون إلى وقف النار في غزة خلال احتجاج خارج محطة القطارات الرئيسية في واشنطن العاصمة (إ.ب.أ)
TT

ازدياد الضغوط الداخلية على بايدن لوقف الحرب في غزة

نشطاء يدعون إلى وقف النار في غزة خلال احتجاج خارج محطة القطارات الرئيسية في واشنطن العاصمة (إ.ب.أ)
نشطاء يدعون إلى وقف النار في غزة خلال احتجاج خارج محطة القطارات الرئيسية في واشنطن العاصمة (إ.ب.أ)

خرجت الاحتجاجات بين موظفي الحكومة الفيدرالية الأميركية، من وزارة الخارجية إلى الإدارة الوطنية للطيران والفضاء «ناسا» وغيرهما، إلى العلن عبر رسائل مفتوحة لمطالبة الرئيس جو بايدن بالسعي إلى وقف إطلاق النار في غزة، بعدما أخفقت المذكرات الداخلية في إحداث تغيير جوهري من المواقف الداعمة بشدة لإسرائيل خلال الحرب مع «حماس» بصرف النظر عن العدد الضخم للضحايا بين المدنيين الفلسطينيين.

وواجه المسؤولون الكبار في إدارة بايدن والكونغرس تحديات علنية غير معتادة من الداخل في شأن دعمهم للهجوم الإسرائيلي. ولا يزال المئات من الموظفين في الإدارة وفي الكابيتول يوقّعون على عرائض مفتوحة، ويتحدثون مع الصحافيين، وينظمون وقفات احتجاجية، في محاولة لتحويل سياسة الولايات المتحدة نحو إجراءات أكثر إلحاحاً لوقف الخسائر البشرية الفلسطينية.

ونفذ نحو 100 من مساعدي الكونغرس، الذين ارتدوا هذا الأسبوع أقنعة طبية تحجب وجوههم، وقفة أمام الكونغرس لتكريم المدنيين الذين قُتلوا في الحرب. وقال أحد الموظفين إن «معظم رؤسائنا في تلة الكابيتول لا يستمعون إلى الأشخاص الذين يمثلونهم».

جدارية تظهر بصمات أيادٍ على جدار مبنى محطة القطارات في واشنطن العاصمة خلال احتجاجات تطالب بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ب)

تحوّل في أميركا

ورأت وكالة «أسوشيتد برس» أن الاعتراضات من الموظفين الفيدراليين على الدعم العسكري الأميركي وغيره من أشكال الدعم لحملة إسرائيل في غزة «هي جزئياً نتيجة التغيرات التي تحدث على نطاق أوسع عبر المجتمع الأميركي»، رابطة ذلك بأن «الولايات المتحدة تصير أكثر تنوعاً، كذلك الحال بالنسبة للقوى العاملة الفيدرالية، بمن في ذلك المزيد من المعينين من التراث الإسلامي والعربي». وتظهر الاستطلاعات هذا التحول في الرأي العام من إسرائيل، وهي حليفة رئيسية للولايات المتحدة، مع تعبير المزيد من الناس عن عدم رضاهم عن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وبعد أسابيع من مشاهد الأطفال الملطخين بالدماء والعائلات الهاربة في غزة، اختلف عدد الأميركيين، بمن في ذلك أعضاء الحزب الديمقراطي، الذين يعبرون عن دعمهم للحملة العسكرية الإسرائيلية. وأظهر استطلاع لـ«أسوشيتد برس» ومركز «نورك» لأبحاث الشؤون العامة في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي أن 40 في المائة من الأميركيين يعتقدون أن رد فعل إسرائيل في غزة ذهب إلى أبعد من اللازم. وقد أثارت الحرب احتجاجات على مستوى البلاد.

مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور (إ.ب.أ)

خلفيات متنوعة

وأفاد المنظمون أنه حتى نهاية الأسبوع الماضي، وافق 650 موظفاً من خلفيات دينية متنوعة من أكثر من 30 وكالة فيدرالية، على رسالة مفتوحة. وبين هؤلاء مسؤولون وعاملون في المكتب التنفيذي للرئيس بايدن ووزارتي الخارجية والدفاع والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومكتب الإحصاء.

وقال أحد المعينين السياسيين من بايدن والذي ساعد في تنظيم الرسالة المفتوحة إن رفض الرئيس بايدن للنداءات لدفع نتنياهو من أجل وقف طويل الأمد لإطلاق النار، جعل بعض الموظفين الفيدراليين يشعرون «بالطرد بطريقة ما». وأضاف: «لهذا السبب يستخدم الناس كل أنواع برقيات المعارضة والرسائل المفتوحة (...) لأننا مررنا بالفعل عبر قنوات محاولة القيام بذلك داخلياً».

متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين يحملون لافتات ويرفعون أيديهم للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة أمام البيت الأبيض في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

تداعيات محتملة

وتدين الرسالة قتل «حماس» نحو 1200 شخص في إسرائيل خلال هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والحملة العسكرية الإسرائيلية التي أدت إلى مقتل أكثر من 12 ألف فلسطيني في غزة، وفقاً لمسؤولي الصحة في القطاع. وتدعو الرسالة الولايات المتحدة إلى الضغط من أجل وقف إطلاق النار، وإطلاق الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» والفلسطينيين المحتجزين ظلماً من إسرائيل، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات أكبر بشكل عام لصالح المدنيين في غزة.

وعبّر عدد من منظمي الاحتجاجات خشيتهم من التداعيات المحتملة على وظائفهم داخل الحكومة. وأفاد بعض المسؤولين الحاليين والسابقين بأن الطبيعة العامة لبعض التحديات التي يواجهها الموظفون الفيدراليون «أمر غير معتاد»، و«يثير قلق البعض، بوصفه تهديداً محتملاً للوظيفة الحكومية وللتماسك داخل الوكالات».

تقليد قديم

ويوجد لدى وزارة الخارجية تقليد قديم يتمثل في السماح بإصدار بيانات رسمية ومنظمة تعبر عن المعارضة لسياسة الولايات المتحدة. يعود تاريخها إلى عام 1970، عندما قاوم الدبلوماسيون الأميركيون مطالب الرئيس عامذاك ريتشارد نيكسون بفصل مسؤولي الخدمة الخارجية وغيرهم من موظفي وزارة الخارجية الذين وقعوا على مذكرة داخلية احتجاجاً على القصف الأميركي الشامل لكمبوديا.

ومنذ ذلك الحين، استخدم موظفو الخدمة الخارجية وموظفو الخدمة المدنية ما يسمى «قناة المعارضة» في لحظات النقاش السياسي المكثف. ويشمل ذلك انتقادات لإدارة جورج بوش للحرب في العراق، وسياسات إدارة الرئيس باراك أوباما في سوريا، والقيود التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب على الهجرة من الدول ذات الأكثرية المسلمة، وطريقة تعامل إدارة بايدن مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021.

لكن برقيات المعارضة الموقعة سريّة وليست للنشر العلني.

«الوقت حان»

وقال المسؤول الرفيع المتقاعد في الخدمة الخارجية توماس شانون إنه في التقليد المتبع في وزارة الخارجية، على الأقل، إذا «لم يؤخذ النقد أو الشكوى في الاعتبار لأي سبب من الأسباب، أو لم يُعتقد أنها كافية لتغيير السياسة، فإن الوقت حان للمضي قدماً. قضي الأمر».

ويقول مسؤولو وزارة الخارجية إن الكثير من التعبيرات المعارضة شقت طريقها عبر القنوات الرسمية إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي رد: «نحن نستمع: ما تشاركونه هو إعلام لسياستنا ورسائلنا».

وعلى عكس برقيات المعارضة، نشرت الرسالة المفتوحة المتعددة الوكالات، وأخرى أيّدها أكثر من 1000 من موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولكن لم ترفق أسماء الموقعين علناً.

وقال منظمو الرسالة المفتوحة المتعددة الوكالات إنهم تصرفوا بسبب الإحباط بعدما بدا أن الجهود الأخرى، خصوصاً الاجتماع المتوتر بين مسؤولي البيت الأبيض والمعينين السياسيين المسلمين والعرب، لم يكن لها أي تأثير. وقال موظف إن التزام الصمت أو الاستقالة يعني التنصل من مسؤوليتهم، وأضاف: «إذا غادرنا، فلن يكون هناك أي تغيير أبداً».


مقالات ذات صلة

«أونروا» تتعهد بمواصلة مساعدة الفلسطينيين رغم حظرها في إسرائيل

المشرق العربي المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فيليب لازاريني خلال اجتماع دولي مخصص للشرق الأوسط في أوسلو (أ.ف.ب)

«أونروا» تتعهد بمواصلة مساعدة الفلسطينيين رغم حظرها في إسرائيل

أكد المفوض العام لوكالة «أونروا»، فيليب لازاريني، أن المنظمة ستواصل تقديم المساعدة لسكان الأراضي الفلسطينية رغم الحظر الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى (أ.ب)

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو العالم لمواصلة الضغط على إسرائيل حتى بعد هدنة غزة

قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، إن المجتمع الدولي يجب أن يواصل الضغط على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
المشرق العربي تفقّد الناس دماراً خلفته الغارة الإسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة تؤوي عدداً من النازحين اليوم الأربعاء (أ.ف.ب) play-circle 01:49

هدنة غزة: المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية»

يسعى المفاوضون المجتمِعون، اليوم الأربعاء، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بقطاع غزة، إذ باتت المباحثات بشأنه في «مراحلها النهائية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي رجل إسعاف ينقل طفلا أصيب نتيجة قصف إسرائيلي في دير البلح وسط غزة (إ.ب.أ)

مقتل 22 فلسطينيا في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

أفادت قناة (الأقصى) الفلسطينية اليوم الأربعاء بأن 22 شخصا لقوا حتفهم جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ فجر اليوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي 
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة) علي بردى (واشنطن)

الشرع يلتقي وفداً من المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في سوريا

المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
TT

الشرع يلتقي وفداً من المفوضية الأممية لحقوق الإنسان في سوريا

المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)
المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك (يسار) يلتقي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق (أ.ف.ب)

أفادت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، الأربعاء، بأن قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، التقى وفداً من المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، برئاسة فولكر تورك.

وهذه أول زيارة يجريها المفوض الأممي لحقوق الإنسان إلى سوريا، حيث منعت السلطات في عهد الرئيس السابق بشار الأسد كثيراً من مسؤولي الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان من دخول البلاد للتحقيق في اتهامات بشأن انتهاكات.

وعدّ فولكر تورك تحقيق «العدالة الانتقالية» في سوريا أمراً «بالغ الأهمية» بعد سقوط حكم بشار الأسد وتسلّم إدارة جديدة السلطة في البلاد. وقال تورك، خلال مؤتمر صحافي من دمشق التي يزورها لأول مرة مفوّض حقوق إنسان بالأمم المتحدة، إن «العدالة الانتقالية أمر بالغ الأهمية مع تقدّم سوريا نحو المستقبل»، مضيفاً أن «الانتقام والثأر ليسا مطلقاً الحل»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت الأمم المتحدة إن تورك سيزور سوريا ولبنان في المدة من 14 إلى 16 يناير (كانون الثاني) الحالي، وسيلتقي مسؤولين وجماعات من المجتمع المدني ودبلوماسيين وممثلي هيئات تابعة للمنظمة الدولية.