في الضفة... فلسطينيون يعيشون بخوف من هجمات المستوطنين

جنود إسرائيليون يكبحون جماح مستوطنين يهود بعد اقتحامهم قرية دير شرف الفلسطينية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يكبحون جماح مستوطنين يهود بعد اقتحامهم قرية دير شرف الفلسطينية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

في الضفة... فلسطينيون يعيشون بخوف من هجمات المستوطنين

جنود إسرائيليون يكبحون جماح مستوطنين يهود بعد اقتحامهم قرية دير شرف الفلسطينية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون يكبحون جماح مستوطنين يهود بعد اقتحامهم قرية دير شرف الفلسطينية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

يروي فلسطينيون في الضفة الغربية أنهم يتعرضون لمضايقات متزايدة من مستوطنين إسرائيليين يغلقون الطرق، وينفذون هجمات مسلحة، ويدمرون آبار مياه، مشيرين إلى أن هؤلاء يزدادون عدائية منذ بداية الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، بحسب تقرير نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال عمران نواجعة، وهو مزارع يبلغ 46 عاماً من سوسية قرب الخليل في جنوب الضفة الغربية: «حتى الجيش الإسرائيلي كان يريد إعادة فتح الطريق، لكن المستوطنين جاءوا لمنعه من ذلك». وأضاف: «هم مَن يصدر الأوامر الآن هنا».

على الطريق المؤدية إلى بلدته، وضعت حجارة ضخمة في بداية الحرب، على قوله، من مستوطنين أو الجيش؛ ما أدى إلى قطعها.

في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 56 عاماً، يعيش 490 ألف مستوطن بين 3 ملايين فلسطيني. وتعدّ الأمم المتحدة هذه المستوطنات غير قانونية، بموجب القانون الدولي.

منذ بدء الحرب بين إسرائيل و«حماس»، في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، سجل «مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)» أكثر من 6 «حوادث» (من سرقة مواشٍ إلى العنف الجسدي) يومياً بين المستوطنين والفلسطينيين، مقارنةً مع 3 حوادث في الأشهر السابقة.

جندي إسرائيلي يقوم بدورية في قرية تالة البدوية الفلسطينية (ثالة) بالضفة الغربية في 26 أكتوبر 2023، بعد تعرض سكانها لهجوم من قبل مستوطنين إسرائيليين في اليوم نفسه (أ.ف.ب)

وقال جابر دبابسي، وهو مزارع فلسطيني وناشط يبلغ 35 عاماً، من قرية خلة الضبعة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يستخدمون الحرب ذريعة لطردنا من منازلنا والاستيلاء على أراضينا».

ودان دبلوماسيون أوروبيون وأميركيون مراراً تزايد أعمال عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين المدنيين منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنَّته «حماس» في إسرائيل.

وقُتل نحو 1200 شخص في هذا الهجوم، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً للسلطات الإسرائيلية. كما تم خطف نحو 240 شخصاً، ويُحتجزون رهائنَ في غزة، بحسب الجيش.

في قطاع غزة، أدَّى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى مقتل 11320 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بينهم 4650 طفلاً، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لحركة «حماس».

«إعطاء المستوطنين أسلحة والحق في التحرك»

في هذه الأجواء المتوترة للغاية «يرتدي بعض المستوطنين اللباس العسكري»، كما قال مصعب رابه، وهو مزارع وعامل بناء يبلغ 36 عاماً.

ويضيف من إحدى قرى مسافر يطا جنوب الخليل: «لقد سلموا أسلحة، ومُنحوا الحق في التحرك كجنود؛ فهم يعتقلون الأفراد، ونحن نعتقد أنهم جنود».

ومن أصل الهجمات الـ235 التي نفَّذها المستوطنون ضد الفلسطينيين، والتي أحصاها مكتب «أوتشا» منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، بعضها قاتل، «تم تنفيذ أكثر من ثلثها من خلال التهديد باستخدام سلاح أو إطلاق النار».

وفي نصف الحالات تقريباً، قامت قوات الأمن الإسرائيلية «بمرافقة المهاجمين أو دعمهم بشكل نشط»، وفقاً لـ«أوتشا».

في 10 أكتوبر (تشرين الأول) أعلنت الشرطة الإسرائيلية أنها ستقوم بتسليح المدنيين، وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير اليميني المتطرف، إنه يعمل على تخفيف معايير الحصول على تصاريح حمل السلاح.

وكشفت جلسة برلمانية إسرائيلية أنه، خلال الأسبوع الأول من الحرب، تقدم 41 ألف إسرائيلي بطلبات للحصول على تصاريح لحمل أسلحة نارية، مقارنة مع 38 ألف طلب في أوقات السلم خلال عام.

يروي فلسطينيون في الضفة الغربية أنهم يتعرضون لمضايقات متزايدة من مستوطنين إسرائيليين

وقال مصعب رابه: «أخشى أن يقتلوا أطفالي»، مؤكداً أنه عهد بأولاده الأكبر سناً إلى أقاربه في قرية أخرى لإبعادهم عن الاشتباكات المحتملة.

وأضاف بمرارة: «إذا قتلوا أطفالي فلن يكترث أحد، ولن يحدث شيء». ووفقاً لمنظمة حقوق الإنسان غير الحكومية «يش دين»، فإن الإفلات من العقاب هو السائد.

بين أكثر من ألف حالة من أعمال عنف المستوطنين تم رفعها إلى القضاء الإسرائيلي الذي درسها بين عامي 2005 و2021، رأى أن 92 في المائة من القضايا لا أساس لها، وفقاً لما ذكرت هذه المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية.

24 ساعة للمغادرة

إلى الجنوب، في سوسية، يقول عمران نواجعة إنه يعيش الجحيم نفسه: «في السابق كانت لدينا مشكلات، ولكن ليس بشكل يومي، وليس بالحجم نفسه» كما أكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي قرية التواني المحاذية لمستوطنة ماعون التي تم إنشاؤها مطلع الثمانينات، نُصِبت خيمة استيطانية، وأقيمت منشآت زراعية على أراضي رعاة.

وقال أحد السكان مكتفياً بذكر اسمه الأول، باسل، لـ«الوكالة الفرنسية»: «يريدون الاستيلاء على مزيد من الأراضي. كانوا ينتظرون لحظة كهذه منذ فترة طويلة حتى يتمكنوا من الذهاب أينما أرادوا».

وأضاف: «يأتون ليلاً، ويقطعون الأنابيب، ويثقبون خزانات المياه، ويقولون لنا: (أمامكم 24 ساعة للرحيل)».

وتابع: «علينا أن نغادر سيراً لأنهم يقطعون الطرق بكتل إسمنتية ثم يدمرون كل شيء بالجرافات».

بعد أكثر من 5 أسابيع من الحرب في غزة، قال 69 في المائة من الفلسطينيين إنهم يخشون هجمات يشنها المستوطنون مستقبلاً، حسبما أفاد به «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية»، ومقره رام الله، حيث مقر السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.


مقالات ذات صلة

ترمب يحذر من «عواقب وخيمة» بالشرق الأوسط ما لم يفرج عن رهائن غزة قبل تنصيبه

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يحذر من «عواقب وخيمة» بالشرق الأوسط ما لم يفرج عن رهائن غزة قبل تنصيبه

قال الرئيس الأميركي المنتخب الاثنين إنه إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) فستكون هناك «مشكلة خطيرة» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية فلسطينيات في مخيم البريج بوسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

يعلون يتمسك باتهامه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب

تمسك رئيس أركان الجيش الأسبق موشيه يعلون بأقواله إن بلاده تنفّذ في قطاع غزة عملية تطهير شعب، وسط مطالبة بمحاكمته بتهمة الخيانة.

نظير مجلي (تل أبيب)
شمال افريقيا صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

شهدت العاصمة المصرية، الاثنين، مؤتمر «القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، بتنظيم مصري - أممي وحضور فلسطيني، ومشاركة 103 وفود لدول ومنظمات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي صورة لسارة نتنياهو خلال اللقاء مع ترمب نشرتها مارغو مارتن على موقع «إكس»

تقرير: سارة نتنياهو أثارت قضية الرهائن خلال لقاء مع ترمب في منتجعه

قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تناول العشاء، مساء الأحد، مع سارة زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجعه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تمسك يد ابنها الذي قُتل في غارة إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

مصر تتمسك بانسحاب إسرائيل من «معبر رفح» وسط حديث عن «هدنة قريبة»

تزامنت تأكيدات مصر على رفض البقاء الإسرائيلي في الجانب الفلسطيني من «معبر رفح» الحدودي مع غزة و«محور فيلادلفيا»، مع مساع تبذلها بالتعاون مع أميركا لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش الإسرائيلي يشُن سلسلة غارات على بلدات في جنوب لبنان

TT

الجيش الإسرائيلي يشُن سلسلة غارات على بلدات في جنوب لبنان

منظر عام لبيروت بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (رويترز)
منظر عام لبيروت بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (رويترز)

قال الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم (الاثنين)، إن طائراته نفذت سلسلة غارات على عدة أهداف في الجنوب اللبناني، في الوقت الذي دوت فيه صفارات الإنذار في بلدات في شمال إسرائيل.

وفي وقت سابق من اليوم، توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس برد قاس على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وذلك بعد هجوم للحزب بقذائف الهاون على موقع تابع للجيش في منطقة جبل دوف بشمال إسرائيل.

وقال كاتس على منصة «إكس»: «وعدنا بالرد على أي انتهاك لوقف إطلاق النار من قبل حزب الله، وهذا بالضبط ما سنفعله».

كان الجيش الإسرائيلي قد ذكر، مساء اليوم الاثنين، أن «حزب الله» أطلق قذيفتين صاروخيتين باتجاه مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود. وأضاف المتحدث باسم الجيش، أفيخاي أدرعي، أنه تم إطلاق القذيفتين صوب منطقة جبل روس (هار دوف)، مشيرا إلى أنهما سقطتا في منطقة مفتوحة، دون وقوع إصابات.

من جانبه قال «حزب الله» إنه استهدف موقع رويسات العلم الإسرائيلي فيما وصفه بأنه «رد دفاعي أولي تحذيري» على الانتهاكات المتكررة للجيش الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار. ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ فجر يوم الأربعاء الماضي، لينهي أحدث صراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» بعد نحو عام من تبادل إطلاق النار بين الجانبين.

رجل يتفقد الدمار في مصنع استهدفته غارة جوية إسرائيلية ليلية ببلدة الشويفات جنوب بيروت (أ.ف.ب)

واتهم رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، إسرائيل بانتهاك الاتفاق أكثر من 54 مرة، في حين قالت إسرائيل أكثر من مرة إنها ستواصل العمل «لإزالة أي تهديد ينتهك اتفاق وقف إطلاق النار».