غزة: اشتباكات ضارية... ونضوج هدنة إنسانية

تدمير 130 نفقاً و136 آلية عسكرية... إسرائيل تلجأ إلى «المسيّرات» و«القسام» تعرض صفقة «فئات»

حركة نزوح كثيفة في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي هجومه على الجزء الشمالي من قطاع غزة (أ.ب)
حركة نزوح كثيفة في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي هجومه على الجزء الشمالي من قطاع غزة (أ.ب)
TT

غزة: اشتباكات ضارية... ونضوج هدنة إنسانية

حركة نزوح كثيفة في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي هجومه على الجزء الشمالي من قطاع غزة (أ.ب)
حركة نزوح كثيفة في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي هجومه على الجزء الشمالي من قطاع غزة (أ.ب)

تواصل القتال في اليوم الـ33 للحرب على قطاع غزة في جميع المحاور التي تقدم فيها الجيش الإسرائيلي نحو مدينة غزة. وفيما احتدمت المعارك وسط مراوحة الجيش الإسرائيلي مكانه، بدأ ينضج اتفاق هدنة إنسانية تُطلق خلاله «كتائب القسّام» ما بين 10 و15 رهينة أجنبية.

وركّز الجيش الإسرائيلي في الساعات الماضية على قتل مسلحي «حماس» عبر غارات شنتها طائرات مسيّرة، وعبر تدمير آبار وأنفاق قتالية في محيط مدينة غزة. لكن الجنود الإسرائيليين لم يصلوا بعد إلى شبكة الأنفاق الرئيسية لـ«حماس» والتي يُعتقد أنها على عمق غير معروف أسفل المدينة.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن قوات الجيش قتلت رئيس وحدة الصناعات والوسائل القتالية التابعة لـ«حماس» محسن أبو زينة الذي «كان أحد العناصر التي قادت صناعة الوسائل القتالية الاستراتيجية والصاروخية». وأشار إلى أن الإسرائيليين هاجموا من الجو خلية لـ«القسام» خططت لإطلاق صواريخ مضادة للدروع، كما هاجمت كذلك مجموعة أخرى مسؤولة عن إطلاق قذائف صاروخية.

دمار جراء الغارات الإسرائيلية في خان يونس اليوم (أ.ف.ب)

وأكد هاغاري أن قواته تواصل توجيه الطائرات لمهاجمة البنى التحتية التابعة لـ«حماس».

وجاء التركيز على استخدام الطائرات المسيّرة في مهاجمة مقاتلي «كتائب القسام»، في وقت أكدت فيه هيئة البث الإسرائيلية أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة شراء 200 مسيّرة انتحارية من طراز «سويتش بليد 600».

وأعلن الناطق العسكري الإسرائيلي كذلك استمرار جنود الهندسة في تحديد مواقع الأنفاق وكشفها وتفجيرها. وقال إنه تم تدمير 130 نفقاً لـ«حماس» في إطار عمليات القوات البرية في قطاع غزة منذ بداية القتال.

ويتحدث هاغاري عن أنفاق وآبار هجومية في محيط مدينة غزة، تشكل خط الدفاع الأول لـ«القسام». لكن مدينة الأنفاق التي يخطط الجيش للوصول إليها هي مسألة ثانية موجودة على عمق غير معروف في قلب مدينة غزة المحاصرة.

وتحاصر القوات الإسرائيلية مدينة غزة (نحو 74 كلم) من الشمال والجنوب، وتقطع عن السكان الذين كان يقدر عددهم قبل الحرب بنحو 650 ألفاً، الكهرباء والوقود والماء، في محاولة لإجبار السكان على النزوح نحو الجنوب عبر ممر يفتح يومياً لمدة 4 ساعات.

نازحون من شمال غزة عبر طريق صلاح الدين اليوم (أ.ب)

وأعلنت سلطات «حماس» مدينة غزة «منطقة منكوبة، جراء الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يمارسه الاحتلال بالقتل والقصف والمجازر، من جهة، ومن جهة أخرى من تداعيات حرب التجويع والعقاب الجماعي وإطباق الحصار تماماً بمنع كل الإمدادات الأساسية».

وتستهدف إسرائيل مدينة غزة بشكل أساسي باعتبار أنها مركز حكم «حماس»، وتحاول التوغل إلى قلب المدينة، لكن محاولات جيشها هذه راوحت مكانها (حتى مساء الأربعاء) في ظل مقاومة شرسة.

وأعلن الناطق باسم «كتائب القسام» أبو عبيدة أن قوات النخبة في «القسام» تشتبك مع الجيش الإسرائيلي المدجج بالدبابات والآليات والمدعوم جواً وبحراً بطريقة تسمح له باحتلال دولة كبيرة مترامية الأطراف، في كل محاور القتال وتكبده خسائر.

وأعلن أبو عبيدة أن قوات «القسام» تلتف حول القوات الإسرائيلية التي تتجنب مواجهتهم مباشرة، مشيراً إلى تدمير 136 دبابة وآلية بشكل كلي أو جزئي منذ بدء القتال.

جثث ضحايا أمام مستشفى الشفاء في مدينة غزة اليوم الأربعاء (د.ب.أ)

وكانت «كتائب القسام» أعلنت، الأربعاء، تدمير 16 دبابة وآلية إسرائيلية، بقذائف «الياسين»، وقالت إنها قنصت جنديّاً واستهدفت تجمعات للجنود، في مناطق مفتوحة أو متحصنة في أبنية، بما في ذلك استهدافهم بمضادات دروع وصواريخ موجهة من طراز «كونكورس».

وبثّت «القسام» فيديو يظهر كيف يهاجم المقاتلون مواقع الجنود ودباباتهم من مسافات قصيرة ويشتبكون معهم في قتال شوارع معقد.

وأكدت إسرائيل، الأربعاء، مقتل المزيد من جنودها ليرتفع العدد منذ بداية الحرب البرية إلى 34 جندياً.

وجاء «حصاد الإنجازات» من قبل الجيش الإسرائيلي و«القسام» في وقت تحاول فيه الإدارة الأميركية بمساعدة كل من مصر وقطر التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية يتم خلالها إطلاق سراح رهائن أجانب.

وطلب الرئيس الأميركي جو بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقفاً مؤقتاً للقتال لأسباب إنسانية في ظل احتمال إطلاق سراح الرهائن.

وقالت تقارير مختلفة، بما فيها إسرائيلية، إن اتصالات أميركية قطرية مصرية قد تفضي لهدنة إنسانية يتم خلالها إطلاق سراح ما بين 10 و15 أسيراً تحتجزهم «حماس» في قطاع غزة. وتطرق أبو عبيدة لهذا الملف، قائلاً إن إسرائيل هي التي تفشل إطلاق سراح أجانب. وأضاف: «العدو يرفض تهيئة الظروف للإفراج عنهم بل يعرض حياتهم وحياة أسراه إلى خطر داهم كل ساعة وكل يوم، وقد أفشل منذ أيام عملية الإفراج عن 12 من حملة الجنسيات الأجنبية».

وحول الأسرى الإسرائيليين الذين يُقدر عددهم بنحو 240، قال أبو عبيدة: «إن المسار الوحيد والواضح لهذه القضية هو صفقة لتبادل الأسرى بشكل كامل أو مجزأ، فلدينا أسيرات في السجون وللاحتلال أسيرات من النساء لدينا، ولدينا أسرى مدنيون ومرضى وكبار في سجون العدو، وله عندنا أسرى من ذات الفئات، ولدينا مقاتلون ومقاومون في سجون الاحتلال وللعدو عندنا جنود مقاتلون أسرى، فإما عملية شاملة (الكل مقابل الكل) وإما التبادل فئة مقابل فئة».

ومع تواصل القتال البري، واصل الطيران الإسرائيلي قصف مناطق واسعة في قطاع غزة، مخلفاً المزيد من الضحايا، غالبتيهم من الأطفال والنساء.

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على أماكن مأهولة بالسكان في مخيم جباليا شمالي القطاع، وفي حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، وبلدة بني سهيلا شرقي خان يونس، ومخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، ومخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وسط حركة نزوح واسعة للسكان نحو الجزء الجنوبي من قطاع غزة.



العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)
عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)
TT

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)
عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري، وينضوي تحت مظلة قوى «الإطار التنسيقي»، حل «الحشد الشعبي».

في غضون ذلك أكدت «عصائب أهل الحق» وجود أمينها العام، قيس الخزعلي، في إيران بعدما ترددت أنباء عن إمكانية إصابته باستهداف جوي.

وقال المتحدث باسم «كتائب سيد الشهداء»، كاظم الفرطوسي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن «مبدأ وحدة الساحات ثابت لدى الفصائل العراقية، وهذا المبدأ لا يمكن التخلي عنه، لكن الظروف هي التي تحدد وترسم مواقف الفصائل».

وأضاف أن «هذا المبدأ ليس مرتبطاً بتحالف مؤقت ما بين فصائل محور المقاومة، بل هو قضية مبدأ وعقيدة، ومهما كانت الخسائر فإن الفصائل العراقية لم ولن تترك مبدأ وحدة الساحات».

وبِشأن العمليات التي تشنها الفصائل المسلحة على إسرائيل التي تجاوزت 200 هجمة خلال الأشهر الماضية، لكنها توقفت عقب سقوط نظام الأسد في دمشق، ذكر الفرطوسي، أن «عمليات الفصائل العراقية مرتبطة بعمليات (حزب الله) اللبناني، وعند حصول وقف إطلاق النار في لبنان، توقفت عمليات الفصائل العراقية، كما أن هناك شركاء في العراق لديهم رأي وتحفظ على عمليات الفصائل، ويجب الاستماع إليهم»، وأظهرت الحكومة العراقية موقفاً رافضاً لزج العراق في أتون الحرب الإقليمية بين إسرائيل وعدوها الإيراني والجماعات المرتبطة به.

ورأى الفرطوسي أن «الأمر لا يتعلق بالرعونة أو التهور، بل يجب أن تدرس الأمور جيداً، وخصوصاً أن هؤلاء الشركاء هم بيئة المقاومة، لذلك ينبغي الاستماع إليهم دون تجاهلهم أو التعنت في الموقف».

وما زالت المخاوف قائمة من إمكانية تعرض الفصائل المسلحة في العراق إلى استهداف إسرائيلي رداً على الهجمات التي شنتها الفصائل ضدها، وما زال كذلك الحديث عن حل الفصائل و«الحشد الشعبي» متداولاً، لكن رئيس الوزراء، محمد السوداني، نفى ذلك قبل أيام، وترددت أنباء عن رفض المرجع الديني الأعلى، علي السيستاني، إصدار فتوى بحل «الحشد»، وكذا معظم القوى الشيعية.

وعدَّ تحالف «الفتح» بزعامة هادي العامري، الأحد، أن «حل (هيئة الحشد الشعبي) حلم لم ولن يتحقق».

وقال القيادي في التحالف، علي الفتلاوي، في تصريحات صحافية، إن «حلم أعداء العراقيين في حل (هيئة الحشد الشعبي) لم ولن يتحقق مهما عملت وحاولت ذلك، وأي محاولة يكون مصيرها الفشل، فلا يمكن الاستغناء عن (الحشد) في الدفاع عن أي مخاطر تجاه العراق سواء داخلية أو خارجية».

وأضاف الفتلاوي أن «(الحشد الشعبي) مؤسسة أمنية عسكرية حالها كحال الشرطة والجيش، ولهذا لا يمكن حل هذه الهيئة كونها تعد من أهم الأجهزة المختصة في حفظ الأمن والأمان للعراق والعراقيين، وحلم البعض لم ولن يتحقق إطلاقاً».

إلى ذلك تتردد منذ أيام أنباء عن احتمالية إصابة أو مقتل الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، جراء استهدافه بضربة صاروخية إسرائيلية على الحدود العراقية - السورية في إطار هجماتها الأخيرة ضد قيادات الفصائل الموالية لإيران، وعزز من تلك الاحتمالية الغياب اللافت عن المشهد السياسي للخزعلي خلال الأسبوعين الأخيرين، لكن «العصائب» تنفي مزاعم استهدافه.

وقال مسؤول بمكتب «العصائب» في طهران، غدير شريف، في تصريحات صحافية، السبت، إن «هذا ما يروج له الإعلام الأصفر والمأجور الذي يعمل ضد المقاومة ورموزها».

وأضاف أن «الخزعلي يوجد منذ فترة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقد استقر لفترة في مدينة مشهد شمال شرقي إيران، حيث مرقد الإمام علي بن موسى الرضا، وبعدها انتقل إلى مدينة قم وسط إيران؛ لمتابعة ومواصلة درسه الحوزوي الخاص».