أكدت مصادر «درزية» في دمشق، فشل محاولة السلطات السورية العليا الرامية إلى إحداث شرخ في الرئاسة الروحية للطائفة، عبر استحداثها ما أطلقت عليه «الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين في دمشق وغوطتي دمشق وقرى جبل الشيخ والقنيطرة»، وذلك من أجل إنهاء الاحتجاجات الشعبية السلمية في السويداء المطالبة بالتغيير السياسي وتحسين الأحوال المعيشية والاقتصادية، والمستمرة منذ نحو ثلاثة أشهر.
وعلمت «الشرق الأوسط» من تلك المصادر، أن السلطات منذ اندلاع الاحتجاجات منتصف أغسطس (آب) الماضي، حاولت إنهاءها بعدة طرق، من ذلك إرسال مسؤولين إلى السويداء وعقدهم لقاءات مع شيوخ العقل ووجهاء في المحافظة، لكنها لم تنجح في ذلك.
ويوجد في الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية في السويداء، ثلاثة من شيوخ العقل، الأول هو الشيخ حكمت الهجري، والثاني هو الشيخ يوسف الحناوي، والثالث هو الشيخ يوسف جربوع.
ولكل من شيوخ العقل الثلاثة مواقفه وآراؤه تجاه الحراك، ففي الوقت الذي يؤيد فيه كل من الهجري والحناوي الحراك السلمي ويتبنيان مطالبه، ينحاز جربوع إلى السلطات السورية التي تجاهلت الاحتجاجات منذ اندلاعها.
وأشارت المصادر، إلى أن دمشق بعد فشل مساعيها بإنهاء الاحتجاجات عبر إرسال المسؤولين إلى السويداء وعقدهم لقاءات مع شيوخ العقل، اتبعت طرقاً أخرى منها إحداث «شرخ» في الرئاسة الروحية للطائفة عبر «إنشاء هيئة روحية جديدة» مؤيدة لها، أطلقت عليها تسمية «الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين في دمشق وغوطتي دمشق وقرى جبل الشيخ والقنيطرة»، مركزها حي «التضامن» جنوب دمشق حيث تقيم أعداد كبيرة من العائلات الدرزية.
وجرى الإعلان عن إنشاء «الهيئة» الجديدة، خلال فعالية أُقيمت في الثاني من سبتمبر (أيلول) الماضي بمقر المجلس الخاص بالطائفة الدرزية الكائن في شارع «الجلاء» في الجهة الشمالية من حي «التضامن». وكان لافتاً في مقاطع فيديو من الفعالية نُشرت في مواقع محلية، مشاركة قائد ميليشيا «قوات الدفاع الوطني»، فادي صقر أحمد، فيها، ورفع مشاركين صور الرئيس بشار الأسد والعلم الوطني السوري إلى جانب علم الطائفة الدرزية
وأكدت المصادر، أن من عمل على إنشاء «الهيئة» الجديدة هو فادي صقر بتكليف من السلطات العليا، وأغلبية من حضرها هم من عناصر «الدفاع الوطني» بأمر من قيادتهم، إضافة إلى حضور عدد من الشيوخ المؤيدين للسلطات، في حين رفض شيوخ وازنون في الحي وريف دمشق والقنيطرة الحضور.
الرئيس الروحي للمسلمين الموحدين سماحة الشيخ حكمت الهجري: الشعب السوري يستحق أن يعيش بكرامة في بلده، فالشعوب دائماً على حق والأنظمة ضد إراداتها، وهذا ما نلمسه في سوريا. ونحن السوريون مكلومون، ونطلب من الله ومن أشقائنا العرب والشرفاء في العالم الوقوف إلى جانبنا. pic.twitter.com/G6MmFsvqEn
— السويداء 24 (@suwayda24) November 4, 2023
ولفتت إلى أن الهدف من إنشاء «الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين في دمشق وغوطتي دمشق وقرى جبل الشيخ والقنيطرة»، المؤيدة للسلطات السورية، «تعدد المرجعية العليا للطائفة وتشتيتها»، لكن السلطات فشلت في تحقيق ذلك، ومعن الصافي الذي جرى تعيينه «رئيساً للهيئة»، غير معروف بين أهالي السويداء، وكلمته غير مسموعة، وليس له أي وزن بين أبناء الطائفة، «حتى إن أغلبيتهم بات ينظر له بازدراء بعد التعيين».
وأضافت: «فشلت محاولات السلطات بإحداث شرخ في الرئاسة الروحية للطائفة، والدليل على ذلك أن الوضع في السويداء لم يتغير والاحتجاجات مستمرة».
وفي بيان مطوَّل نشرته الصفحة الرسمية للرئاسة الروحية للطائفة الدرزية، الثلاثاء الماضي، أكد الشيخ الهجري ثبات تأييده لموقف المحتجّين في السويداء. وأشاد بـ«رُقيّ هذه الاحتجاجات»، موضحاً أن «من أهم غاياتها إزالة مظاهر الاستبداد والقمع، ونشر فكر الوعي والتآخي والحوار وقبول الآخر».
واستغرب الهجري «تجاهل السلطات للمطالب الشعبية، علماً أن الحراك بدأ بمطالب تتعلق بتحسين الخدمات ورفض الظلم، لكن تجاهلها أدى إلى ارتفاع الهتافات إلى مطالب شاملة، جاءت عبر ما صدر من قرارات أممية قديمة»، مشدّداً على «التعددية السياسية ووحدة الوطن السوري الواحد».