ماكرون: الوضع مقلق للغاية ويشكل خطراً على المنطقة بأكملها

رغم تلقيه ردوداً تنم عن رغبة بتجنب التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإلى يمينه وزيرة الخارجية كاترين كولونا خلال مؤتمر بالفيديو مع عائلات أسرى فرنسيين لدى «حماس» في الإليزيه الجمعة (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإلى يمينه وزيرة الخارجية كاترين كولونا خلال مؤتمر بالفيديو مع عائلات أسرى فرنسيين لدى «حماس» في الإليزيه الجمعة (إ.ب.أ)
TT

ماكرون: الوضع مقلق للغاية ويشكل خطراً على المنطقة بأكملها

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإلى يمينه وزيرة الخارجية كاترين كولونا خلال مؤتمر بالفيديو مع عائلات أسرى فرنسيين لدى «حماس» في الإليزيه الجمعة (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإلى يمينه وزيرة الخارجية كاترين كولونا خلال مؤتمر بالفيديو مع عائلات أسرى فرنسيين لدى «حماس» في الإليزيه الجمعة (إ.ب.أ)

فيما تتواصل المناوشات بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» من على جانبي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، تتعاظم المخاوف من تفلت الوضع وخروجه عن السيطرة لأسباب مختلفة إن من هذا الجانب أو ذاك. وتجهد دول غربية كثيرة لتجنيب لبنان تمدد الحرب إلى أراضيه نظراً، من جهة، لأوضاعه الهشة اقتصادياً ومالياً وسياسياً واجتماعياً، وعدم قدرته على تحمل تبعات حرب قد تكون أقسى من تلك التي عرفها في عام 2006. ومن جهة ثانية، ثمة تخوف من توسعها أبعد من الحدود المشار إليها بحيث تتحول إلى حرب إقليمية واسعة.

وما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، نقلاً عن مصادر أميركية واسعة الاطلاع، يفيد بأن أصواتاً في إسرائيل، على رأسها وزير الدفاع يوآف غالانت، وجنرالات كبار في الجيش، تدفع باتجاه الحرب مع «حزب الله» لأنه «يشكل الخطر الأكبر على إسرائيل». وبحسب الصحيفة المذكورة، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنطوني بلينكن ضغطا على إسرائيل وعلى بنيامين نتنياهو، رئيس وزرائها للجم الدعوة إلى مهاجمة «حزب الله».

بيد أن الرسائل الدولية ليس مصدرها الوحيد واشنطن. وفي ما خص الوضع اللبناني، فإن فرنسا لا تألو جهداً في مساعيها للمحافظة على لبنان من خلال القنوات الدبلوماسية المعتادة، ولكن أيضاً عبر تدخل الرئيس إيمانويل ماكرون شخصياً باتصالاته الكثيرة مع كبار المسؤولين في المنطقة، بمن فيهم الرئيس الإيراني أو مع نظرائه الأوروبيين والجانب الأميركي.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من غلاة الداعين لفتح جبهة ثانية شمال إسرائيل واستهداف «حزب الله» (إ.ب.أ)

وفي لقاء مع مجموعة صحافية ضيقة مساء الجمعة، كشف ماكرون عن اتصالات مباشرة مع «حزب الله». وقال ما حرفيته: «لقد عملنا على إيصال رسائل مباشرة للغاية إلى حزب الله عن طريق سفيرنا (في بيروت) وعن طريق أجهزتنا (الاستخبارية). كذلك، أوصلنا رسائل إلى السلطات اللبنانية». والأهم ما جاء في كلام ماكرون قوله: «لقد جاءتنا الردود وقد كشفت عن رغبة في عدم الخروج من إطار معروف للنزاع»، في إشارة إلى ما يمكن تسميته «قواعد الاشتباك» بين إسرائيل و«حزب الله».

وإذ توقف الرئيس الفرنسي عند تبادل إطلاق النيران والصواريخ على جانبي الحدود، عدّ أن لا تصعيد حتى الآن، بمعنى أن الوضع ما زال تحت السيطرة. غير أنه سارع للتنبيه إلى أن «هناك وضعاً من التوتر مقلقاً للغاية على أي حال، ويشكل خطراً كبيراً على المنطقة بأكملها. نحذر الجميع، ونحن نبذل قصارى جهدنا لتجنب التصعيد، لكن الوضع الأمني ​​يظل بحكم تعريفه غير مستقر لأنه عند مستوى مرتفع للغاية من التوتر والضغط».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وإلى يمينه وزيرة الخارجية كاترين كولونا خلال مؤتمر بالفيديو مع عائلات أسرى فرنسيين لدى «حماس» في الإليزيه الجمعة (إ.ب.أ)

اتصل وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لو كورنو بنظيره اللبناني موريس سليم ليبلغه ضرورة «بقاء لبنان بعيداً عن تداعيات الوضع في الأراضي الفلسطينية»، وليؤكد له أن لبنان «مسألة مركزية بالنسبة لفرنسا»، التي تشدد على أهمية الدور الذي تقوم به (اليونيفيل) - (القوات الدولية المنتشرة على الجانب اللبناني من الحدود)، من أجل تفادي أي تصعيد».

وقبله، نقلت كاترين كولونا، وزيرة الخارجية الفرنسية، «رسائل مباشرة وبالغة الوضوح إلى السلطات اللبنانية»، وفق ما تؤكده مصادر معنية في باريس خلال زيارتها إلى لبنان يومي 13 و14 الحالي في إطار جولتها الإقليمية التي شملت إسرائيل ومصر.

وكان قصر الإليزيه أوضح أن الرئيس ماكرون تواصل يوم الجمعة مع قادة مصر والمملكة السعودية والإمارات وقطر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل. وسبق له أن اتصل بالعاهل الأردني وبرئيس الوزراء العراقي، وبغيرهما من المسؤولين بالمنطقة.

جنود إسرائيليون مع دبابة في موقع قرب حدود لبنان السبت (إ.ب.أ)

وحتى اليوم، يقوم الموقف الفرنسي من الحرب في غزة على التنديد بعملية حماس «الإرهابية»، وبحق إسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس، مع احترام القانون الدولي الإنساني، وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع. بيد أن فرنسا لم تعمد بعد إلى المطالبة بهدنة إنسانية أو بوقف لإطلاق النار رغم أنها صوتت لصالح مشروع القرار الذي تقدمت به البرازيل في مجلس الأمن والذي ينص على دعوة لوقف إطلاق النار.

وفي سياق آخر، عدّ جهاز المخابرات العسكرية الفرنسية، بالاستناد إلى تحليلاته الخاصة، أن ضربة إسرائيلية «ليست المسؤولة» عن مأساة إصابة مستشفى المعمداني في غزة، التي أوقعت مئات الضحايا، وفق الجانب الفلسطيني. وقال الجهاز المذكور إن «الفرضية الأكثر ترجيحاً أن يكون السبب انفجار صاروخ فلسطيني يحمل شحنة متفجرة من 5 كلغ».

وهذه الفرضية هي التي روجت لها إسرائيل التي أكدت أن صاروخاً أطلقه تنظيم «الجهاد الإسلامي» قد حاد عن مساره وسقط في فناء المستشفى. وتبنى الرئيس الأميركي لاحقاً الرواية الإسرائيلية، وكذلك فعلت المخابرات البريطانية، بينما تؤكد «حماس» أن مسؤولية المجزرة تقع على عاتق إسرائيل.


مقالات ذات صلة

نعيم قاسم: عملياتنا مستمرة بالوتيرة نفسها وأكثر... ومستعدون لأي توغل بري

المشرق العربي نائب الامين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم (أرشيفية-رويترز)

نعيم قاسم: عملياتنا مستمرة بالوتيرة نفسها وأكثر... ومستعدون لأي توغل بري

قال نائب الامين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، اليوم (الاثنين)، إن عمليات الحزب استمرت بنفس الوتيرة وأكثر منذ مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية لافتة في شارع وسط طهران تحمل صورة القيادي بـ«الحرس الثوري» عباس نيلفروشان بعد تأكيد مقتله (إ.ب.أ)

إيران: لن نترك «الأعمال الإجرامية» لإسرائيل تمضي دون رد

المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية قال لن نترك أياً من «الأعمال الإجرامية للكيان الصهيوني» تمضي دون رد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية المُسيَّرة كانت في طريقها إلى حقل كاريش للغاز الذي يعد أهم الأصول الاستراتيجية الإسرائيلية (أرشيفية- رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترض مُسيَّرة كانت في طريقها إلى حقل كاريش للغاز

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الاثنين)، اعتراض مُسيَّرة اخترقت منطقة المياه الاقتصادية في شمال البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ أعمدة الدخان تتصاعد في أعقاب القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان من موقع على طول الحدود بشمال إسرائيل (أ.ف.ب)

مسؤول: إدارة بايدن تخشى هجوماً إيرانياً وتعمل مع إسرائيل لإعداد الدفاعات المشتركة

قال مسؤول أميركي، مساء الأحد، إن إدارة الرئيس جو بايدن قلقة من تخطيط إيران لشن هجوم، في أعقاب مقتل زعيم «حزب الله»، حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نازحون لبنانيون يصلون إلى معبر حدودي مع سوريا (إ.ب.أ)

«المرصد السوري»: 7 جرحى في قصف إسرائيلي على معبر يابوس الحدودي مع لبنان

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الطيران الإسرائيلي قصف، بعد منتصف ليل الأحد، مبنى في محيط معبر يابوس بريف دمشق، عند الحدود السورية اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

واشنطن ترفع درجة التأهب لسفارتها في بغداد

السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
TT

واشنطن ترفع درجة التأهب لسفارتها في بغداد

السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)

بينما قررت واشنطن وضع سفارتها في بغداد في حالة التأهب القصوى، شرع «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم في العراق بحث تداعيات اغتيال زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله. وطبقاً لمصدر مطلع، فإن «الولايات المتحدة أصدرت توجيهات عاجلة لسفارتها في العاصمة العراقية بغداد تقضي برفع حالة التأهب تحسباً لأي استهداف، وإن واشنطن تتابع التطورات في الشرق الأوسط عن كثب».

وكانت جماعات عراقية هددت مساء السبت بحرق السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد بسبب ما عدّته الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، الأمر الذي دفع القوات الأمنية العراقية إلى تشديد الحراسة بالقرب من السفارة وقطع الطرق المؤدية إليها من وإلى الجسر المعلق بين جانبَي الكرخ والرصافة طوال ليلة السبت وفجر الأحد، منعاً لأي اعتداء محتمل من المتظاهرين على السفارة.

يُذكر أن آخر مظاهرة كبرى وقعت بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد كانت في أواخر عام 2019 من قبل متظاهرين ينتمون إلى الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران، وأدت إلى إحراق أحد «الكرفانات» قرب مبنى السفارة. وعقب أقل من أسبوع من مرابطة المتظاهرين قرب السفارة الأميركية أقدمت واشنطن على تنفيذ غارة جوية أدت إلى مقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، والرجل القوي في هيئة «الحشد الشعبي» في العراق أبو مهدي المهندس، على طريق مطار بغداد الدولي، في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020.

قرارات لدعم لبنان

موقع اغتيال نصر الله بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي اتخذ سلسلة قرارات لدعم لبنان، عقد اجتماعاً مع قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي لمناقشة التداعيات المحتملة. وطبقاً لبيان صادر عن الاجتماع، فإن المجتمعين عدّوا أن رحيل «حسن نصر الله بداية النصر وحياة جديدة للأمة»، على حد قول البيان. وأضاف البيان أن قادة «الإطار التنسيقي» الشيعي جدّدوا «التزامهم بتوجيهات المرجعية الدينية العليا في إغاثة الشعب اللبناني الشقيق وتقديم كل ما من شأنه تخفيف المعاناة عنهم». كما شكر «الإطار التنسيقي» الجهود الحكومية الكبيرة «في تذليل الصعاب أمام النازحين من لبنان».

من جهته، قدم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي أصدر أمراً بإعلان الحداد العام في العراق لثلاثة أيام، في اتصال هاتفي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، تعازي العراق حكومةً وشعباً في مقتل نصر الله. وجدد السوداني تأكيد موقف العراق الثابت والمبدئي بدعم لبنان والوقوف معه، واستمراره في تقديم جميع المساعدات التي يحتاجها الشعب اللبناني، مشدداً على ضرورة تنسيق الجهود العربية والإسلامية من أجل إيقاف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها.

مخاوف ووعود

مدربون من «التحالف الدولي» داخل قاعدة «عين الأسد» في العراق (سينتكوم)

وفي الوقت الذي عبّرت فيه قيادات وقوى سياسية ومجتمعية عراقية عن مخاوفها من إمكانية جر العراق إلى صدام مسلح، لا سيما في ظل تزايد التكهنات بإمكانية إقدام إسرائيل على تنفيذ ضربات لقيادات ومواقع تعود للفصائل العراقية الموالية لإيران، والتي تواصل ضرباتها ضد مواقع داخل إسرائيل؛ فإن هذه التطورات تأتي متزامنة مع القرار العراقي ـ الأميركي المشترك بإنهاء مهمة «التحالف الدولي» في العراق.

وبينما أبدت واشنطن استمرار دعمها للعراق في مواجهة التحديات، فإن مفهوم التحديات طبقاً لما يراه الأميركيون يتمثل في مواجهة المخاطر المتزايدة لتنظيم «داعش»، في وقت تضغط واشنطن على بغداد لعدم السماح للفصائل المسلحة باستهداف قواتها في العراق. كما أكدت وزارة الدفاع البريطانية استمرار دعم بريطانيا للحكومة العراقية، وذلك في أول تعليق لها على الاتفاق الذي وقعته بغداد مع واشنطن بشأن إنهاء مهمة «التحالف الدولي» في العراق.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن المملكة المتحدة ستواصل دعم أمن العراق، لافتة إلى أن «الأشهر المقبلة، ستشهد عمل لندن مع بغداد لتطوير علاقة دائمة كجزء من هذا الانتقال إلى شراكة أمنية ودفاعية جديدة». وأشادت بريطانيا باحتراف جنودها الذين لعبوا دوراً في مهمة هزيمة «داعش»، كما أشادت بشجاعة وفاعلية قوات الأمن العراقية، و«البيشمركة»، وفقاً للبيان. وأضافت أنه بفضل الأهداف الأساسية التي يتم تحقيقها، يمكن أن تبدأ عملية الترتيبات الأمنية الجديدة، مؤكدة أن المملكة المتحدة ما تزال ملتزمة بضمان هزيمة «داعش»، ما يعزز التزام بريطانيا بأمن العراق والمنطقة الأوسع.

عاجل نعيم قاسم: رغم فقدان عدد من القادة تستمر عمليات المقاومة بالوتيرة نفسها وأكثر نائب أمين عام «حزب الله» في أول كلمة بعد اغتيال نصر الله: لم يكن هناك اجتماع لـ20 من القادة كما تقول إسرائيل