«حزب الله» يستمد موقفه من نتائج المواجهة الميدانية في غزة

مصدر في «الثنائي الشيعي» يؤكد تعاطيه بواقعية في رسم خياراته

مناصرون لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يستمد موقفه من نتائج المواجهة الميدانية في غزة

مناصرون لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

تبقى الأنظار الدولية والمحلية مشدودة إلى ما سيؤول إليه الوضع العسكري على امتداد الجبهة الشمالية في جنوب لبنان ومدى استعداد «حزب الله» للدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل، في حال أنها قررت اجتياح قطاع غزة، وهل أنه يحتفظ لنفسه بكلمة السر ولا يبوح بها للذين يتواصلون معه، مباشرة أو بالواسطة، بمن فيهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كونه محور الاتصالات الدولية والإقليمية التي تسدي نصائحها للبنان بعدم الانجرار إلى المواجهة برفضه استدراج العروض التي يراد منها توسيع دائرة التوتر لتشمل حدوده مع إسرائيل لمنعها من الاستفراد بحركة «حماس» في غزة.

فالرئيس ميقاتي، وإن كان لا يملك حتى الساعة كلمة السر، برغم أنه على احتكاك مباشر مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل، فإن هذا لا يعني أن الحزب يحجبها عنه، بمقدار ما أنه لا يزال يدرس مجموعة من الخيارات العسكرية التي يفترض، كما يقول مصدر في الثنائي الشيعي لـ«الشرق الأوسط»، بأن تكون مفتوحة على مجريات المواجهة الدائرة بين «حماس» وإسرائيل التي تواصل استعداداتها العسكرية لغزو غزة مع دخول الحرب أسبوعها الثالث.

ويكشف المصدر نفسه، الذي يواكب الاتصالات الدولية والعربية والإقليمية، ويتواصل باستمرار مع الرئيس ميقاتي، أن اجتياح إسرائيل لغزة، في حال حصوله، لا يعني بالضرورة أن «حزب الله» سيبادر إلى توسيع المواجهة في جنوب لبنان، وصولاً إلى تحريك الجبهة الشمالية التي ستدفع بتل أبيب إلى استقدام وحدات عسكرية إضافية لرفع منسوب المواجهة، ما يؤدي إلى تخفيف الضغط العسكري على غزة.

توسيع المواجهة

ويؤكد أن الحزب لن يبادر إلى توسيع المواجهة فور بدء الاجتياح الإسرائيلي لغزة، ويقول إن ذلك يترتب على ما ستؤول إليه النتائج الميدانية ليكون في مقدوره أن يبني على الشيء مقتضاه، طالما أن لديه من المعطيات والمعلومات ما يدعوه للاطمئنان بأن تل أبيب ستواجه مقاومة، يمكن أن تشكل مفاجأة لها، على غرار تلك التي أحدثها اجتياح «حماس» للمستوطنات الإسرائيلية الواقعة ضمن غلاف غزة.

ويلفت المصدر في الثنائي الشيعي إلى أن الصدمة التي أصابت رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو كانت وراء قيام الرئيس الأميركي جو بايدن بزيارة تل أبيب وما أعقبها من زيارات لعدد من كبار المسؤولين في دول الاتحاد الأوروبي، في محاولة لتعويمه سياسياً من جهة، ولردّ الاعتبار للجيش الإسرائيلي، ويقول إن الحزب تبلّغ من قيادة «حماس» أن لديها كل الإمكانات العسكرية للصمود لأشهر في مقاومتها للعدوان الإسرائيلي على غزة، وهذا ما أكده وزير خارجية طهران حسين أمير عبداللهيان في لقاءاته التي عقدها في بيروت.

ويقول إن المواجهة في غزة يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية لا تقتصر على ما هو فوق الأرض، بل تمتد إلى ما تحتها في الأنفاق التي أقامتها «حماس»، وإن كان لا يزال يراهن على التحرك العربي الضاغط للانتقال إلى مرحلة البحث عن تسوية.

وإلى أن تنجلي الصورة في حال قيام إسرائيل بغزو غزة في حرب تعترف بأنها ستكون طويلة، لا بد من التوقف أمام استمرار تسخين الجبهة الشمالية بالتزامن مع الحرب الدائرة فيها من خلال قراءة الثنائي الشيعي الذي يصنّفها في خانة تبادل التحذيرات العسكرية بين تل أبيب و«حزب الله» التي تبقى حتى الساعة تحت السيطرة، من دون أن تتطور باتجاه تبادل القصف العشوائي.

جبهة الشمال

ويرى المصدر أنه لا نية لتوسيع رقعة التصعيد العسكري على الجبهة الشمالية، إلا في حال لجأت إسرائيل إلى توسيعها، ويقول إن الحزب يخوض مواجهة محدودة تحت سقف الضغط على تل أبيب لسحب وحدات عسكرية من جبهة غزة إلى الجنوب.

ويؤكد أن المواجهة في الجبهة الشمالية تبقى تحت سقف إشغال إسرائيل عسكرياً إلى أن يتوضّح الوضع العسكري على جبهة غزة، ويقول إنها تقتصر على تبادل الضربات وتسديد الرميات الصاروخية من دون أن تشهد حتى الساعة تحوُّلاً في المواجهة، يدفع باتجاه تدحرج الوضع بشكل يصعب استيعابه والسيطرة عليه.

لكن المصدر نفسه لا يزال يراهن على أن «حزب الله» يتصرف بواقعية، وهذا ما يدعوه إلى عدم البوح بكلمة السر، لأنه لا يزال يبلور موقفه، ويدرس خياراته، وإلا لكان بادر أمينه العام حسن نصر الله إلى إحاطة جمهور الحزب بالموقف الذي يتخذه، والذي سيكون بمثابة أمر عمليات يتطلع من خلاله إلى رسم خريطة طريق، يضيء بها على طبيعة المهام الملقاة على الحزب، سواء أكانت عسكرية أم سياسية.

ويضيف بأن صمت الحزب يأتي في سياق دراسته لأكثر من خيار يستمده من تسارع الوضع الميداني على الأرض في غزة، ويقول إن الحزب يقف وراء دخول «حماس» و«الجهاد الإسلامي» على خط تبادل القصف التحذيري على طول الجبهة الشمالية، بغية تمرير رسالة لإسرائيل ولمن يدعمها بأن الآتي أعظم في حال حسمت أمرها بالاجتياح.

ويؤكد المصدر أن الحزب لا يدرس خياراته، سواء أكانت سياسية أم عسكرية، من خلال مواكبته لأي تحول عسكري على جبهة غزة، من دون أن تكون معطوفة على تقويمه الوضع الداخلي المتأزم على المستويات كافة، ويقول إن الحزب ليس في وارد القفز فوق كل هذه الاعتبارات، انطلاقاً من أن الظروف التي كانت قائمة طوال اندلاع حرب يوليو (تموز) 2006 لم تعد في متناول اليد، لأن الوضع اليوم انقلب رأساً على عقب عما كان عليه في السابق بغياب الحد الأدنى من مقومات الصمود التي تتدحرج نحو تعذّر تأمينها كما يجب.

وفي هذا السياق، يلفت مصدر سياسي للاتصالات التي يتولاها الرئيس ميقاتي على خطين لاستيعاب التأزم، ويكشف أن المؤسسة العسكرية، ومعها المؤسسات الأمنية الأخرى، انتهت من وضع خطة طوارئ تأخذ في الاعتبار تأمين المواقع العسكرية والأمنية البديلة في حال اضطرت إلى إخلاء مواقعها الأساسية، وأيضاً خطة الاتصالات البديلة التي تستدعيها الضرورة لتأمين التواصل بين القطاعات والوحدات العسكرية والأمنية، في حال تعرضت شبكة الاتصالات لأضرار أدت إلى خروجها عن الخدمة.

ظروف لبنان

ويؤكد المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن «حزب الله» يتوقف ملياً، وهو يعد لخياراته، أمام الظروف الصعبة التي يتخبّط بها لبنان، بخلاف تلك التي كانت قائمة طوال فترة حرب يوليو 2006، خصوصاً في ظل انهيار الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي، وتدني مستوى الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة، وتعذر انتخاب رئيس للجمهورية، وانقسام البرلمان، واستحالة تأمين اجتماع مجلس الوزراء بنصاب كامل، وتصاعد منسوب الاحتقان المذهبي والطائفي، واستضافة لبنان لحوالي مليون نازح سوري، ما يعني أنه سيواجه مشكلة في توفير الإمكانات لمواجهة موجة النزوح من جنوب لبنان.

ويلفت إلى أن لبنان بات معدوم البحبوحة المالية مع بلوغ العجز في ميزانية الدولة أرقاماً غير مسبوقة، وعدم قدرة المصارف على تلبية احتياجات المودعين نظراً لعدم تأمينها السيولة بالعملات الصعبة بالتلازم مع انهيار القدرة الشرائية للعملة الوطنية.

ويسأل المصدر نفسه عما إذا كانت المساعدات العربية والدولية ستتدفق إلى لبنان، على غرار ما حصل في حرب يوليو 2006، وأيضاً عن تراجع الدعم السياسي الدولي للبنان، الذي ينحاز إلى حد كبير لمصلحة إسرائيل، بخلاف الدور الضاغط الذي لعبه وكان وراء وقف حرب يوليو بموجب القرار الدولي 1701، الذي كان وراء توسيع رقعة انتشار «يونيفيل»، لتشمل منطقة جنوب الليطاني؟

ويبقى السؤال؛ هل يأخذ «حزب الله»، وهو يستعد لرسم خياراته، بمضامين ما سيؤول إليه جدول المقارنة بين وضع لبنان اليوم، وبين وضعه في حرب يوليو التي فتحت الباب أمام التوصل إلى تسوية سعت إليها الحكومة مجتمعة آنذاك مع الأمم المتحدة وبدعم دولي؟ وهل سيتصرف بواقعية، كما يُنقل عنه، ولا ينجرف نحو العواطف؟ وأين تقف إيران من خياراته في ظل توالي الضغوط على لبنان بعدم الانجرار إلى التوترات في المنطقة، ما يفسر تعدد الوفود الغربية الزائرة للبنان، التي تُجمع على تحذيره من فتح الجبهة الشمالية، بخلاف تأكيد تضامنها إبان حرب يوليو بتأمينها المساعدات للبنانيين طوال اشتداد الحصار الإسرائيلي؟

وأخيراً؛ من يمسك بالقرار؟ وهل لإيران دور في تحديد مساره العام؟ في ظل الانقسام الحكومي وتعذّر انعقاد جلسة كاملة الأوصاف لمجلس الوزراء، تُخصّص لإدارة الأزمة وتحديد السقف السياسي في تعاطيها مع الوضع المتفجر في لبنان.



بعد عام من الحرب... سكان غزة يبحثون عن حل لأطنان الركام

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

بعد عام من الحرب... سكان غزة يبحثون عن حل لأطنان الركام

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

فوق أنقاض منزله الذي كان يوماً مكوناً من طابقين، يجمع محمد البالغ من العمر (11 عاماً) قطعاً من السقف المتساقط في دلو مكسور ويسحقها، لتتحول إلى حصى سيستخدمه والده في صنع شواهد قبور لضحايا حرب غزة.

ويقول والده جهاد شمالي، عامل البناء السابق البالغ من العمر (42 عاماً)، بينما كان يقطع معادن انتشلها من منزلهم في مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، والذي تضرر خلال غارة إسرائيلية في أبريل (نيسان): «بنجيب الدبش مش كرمال نبني فيه دور، لا، لبلاط الشهداء (شواهد القبور) وللمقابر، يعني من مأساة لمأساة».

العمل شاق، وفي بعض الأحيان كئيب. وفي شهر مارس (آذار)، قامت أسرة شمالي ببناء قبر لأحد أبنائها وهو إسماعيل، الذي قُتل أثناء أداء بعض المهام المنزلية، وفقاً لوكالة «رويترز».

لكن هذا يشكل أيضاً جزءاً صغيراً من جهود بدأت تتبلور للتعامل مع الأنقاض، التي تخلفها الحملة العسكرية الإسرائيلية للقضاء على حركة «حماس».

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي شمال قطاع غزة (رويترز)

وتقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام، بما في ذلك مبانٍ مدمرة لا تزال قائمة وبنايات منهارة.

وقالت الأمم المتحدة إن هذا يعادل 14 مثل كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين 2008 وبداية الحرب قبل عام، وأكثر من 5 أمثال الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017.

وإذا تراكمت هذه الكمية فإنها قد تملأ الهرم الأكبر في الجيزة، أكبر أهرامات مصر، 11 مرة. وهي تزداد يومياً.

وقال 3 مسؤولين في الأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تحاول تقديم المساعدة، في الوقت الذي تدرس فيه السلطات بقطاع غزة كيفية التعامل مع الأنقاض.

وتخطط مجموعة عمل لإدارة التعامل مع الحطام تقودها الأمم المتحدة، لبدء مشروع تجريبي مع السلطات الفلسطينية في خان يونس ومدينة دير البلح بوسط قطاع غزة، لبدء إزالة الحطام من جوانب الطرق هذا الشهر.

وقال أليساندرو مراكيتش، رئيس مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة والمشارك في رئاسة مجموعة العمل: «التحديات جسيمة... ستكون عملية ضخمة، ولكن في الوقت نفسه، من المهم أن نبدأ الآن».

ويقول الجيش الإسرائيلي إن مقاتلي «حماس» يختبئون بين المدنيين، وإنه سيضربهم أينما ظهروا، بينما يحاول أيضاً تجنب إيذاء المدنيين.

ورداً على سؤال حول الحطام، قالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، إنها تهدف إلى تحسين التعامل مع النفايات، وستعمل مع الأمم المتحدة لتوسيع هذه الجهود. وقال مراكيتش إن التنسيق مع إسرائيل ممتاز، لكن المناقشات التفصيلية بشأن الخطط المستقبلية لم تتم بعد.

خيام وسط الأنقاض

بدأت إسرائيل هجومها بعد أن قادت «حماس» هجوماً على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وتقول الإحصاءات الإسرائيلية إن هذا الهجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 واقتياد أكثر من 250 رهينة إلى قطاع غزة.

فلسطيني وابنه يجلسان أسفل سقف مهدم في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

وتقول السلطات الصحية الفلسطينية إن نحو 42 ألف فلسطيني قتلوا خلال عام من الحرب. وعلى الأرض، تتراكم الأنقاض عالياً فوق مستوى المشاة والعربات التي تجرها الحمير على المسارات الضيقة المليئة بالأتربة، والتي كانت في السابق طرقاً مزدحمة.

وقال يسري أبو شباب وهو سائق سيارة أجرة، بعد أن أزال ما يكفي من الحطام من منزله في خان يونس لإقامة خيمة: «مين راح ييجي هنا مشان يزيل الأنقاض لنا؟ ولا حدا، مشان هيك إحنا بنقوم بها الشي بأنفسنا».

وبحسب بيانات الأقمار الاصطناعية للأمم المتحدة، فإن ثلثي مباني غزة التي بنيت قبل الحرب، أي ما يزيد على 163 ألف مبنى، تضررت أو سويت بالأرض. ونحو ثلثها كان من البنايات متعددة الطوابق.

وبعد حرب استمرت 7 أسابيع في غزة عام 2014، تمكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه من إزالة 3 ملايين طن من الحطام، أي 7 في المائة من إجمالي الركام الآن.

فلسطينيان يتفقدان حطام مسجد شهداء الأقصى الذي دمر في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأشار مراكيتش إلى تقدير أولي غير منشور ذكر أن إزالة 10 ملايين طن من الحطام ستكلف 280 مليون دولار، وهو ما يعني نحو 1.2 مليار دولار إجمالاً إذا توقفت الحرب الآن.

وأشارت تقديرات الأمم المتحدة في أبريل، إلى أن إزالة الأنقاض سوف تستغرق 14 عاماً.

جثث مطمورة

قال مراكيتش إن الحطام يحتوي على جثث غير منتشلة وقنابل غير منفجرة. وتقول وزارة الصحة في قطاع غزة إن عدد تلك الجثث قد يصل إلى 10 آلاف.

وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن التهديد «واسع النطاق»، ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن بعض الحطام يشكل خطراً كبيراً بالتعرض للإصابة.

يعيش نزار زعرب من خان يونس مع ابنه في منزل لم يتبقَّ منه سوى سقف مائل بزاوية خطيرة.

وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن ما يقدر بنحو 2.3 مليون طن من الحطام ربما يكون ملوثاً، مستنداً إلى تقييم لمخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، التي تعرض بعضها للقصف.

ويمكن أن تسبب ألياف الأسبستوس سرطان الحنجرة والمبيض والرئة عند استنشاقها.

وسجلت منظمة الصحة العالمية نحو مليون حالة من حالات التهابات الجهاز التنفسي الحادة في قطاع غزة خلال العام الماضي، دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار.

وقالت بسمة أكبر، وهي متحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن الغبار يشكل «مصدر قلق كبيراً»، يمكن أن يلوث المياه والتربة ويؤدي إلى أمراض الرئة.

فلسطيني يجر مقعداً متحركاً تجلس عليه سيدة مصابة وسط أنقاض مبانٍ دمرها القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

ويخشى الأطباء من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية في المواليد بسبب تسرب المعادن في العقود المقبلة.

وقال متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدغات الثعابين والعقارب والتهابات الجلد الناجمة عن ذباب الرمل تشكل مصدر قلق.

نقص الأراضي والمعدات

استُخدمت أنقاض في السابق للمساعدة في بناء الموانئ البحرية. وتأمل الأمم المتحدة الآن في إعادة تدوير جزء منها لبناء شبكات الطرق وتعزيز الخط الساحلي.

ويقول برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن قطاع غزة، الذي كان عدد سكانه قبل الحرب نحو 2.3 مليون نسمة، يتكدسون في شريط يبلغ طوله 45 كيلومتراً وعرضه 10 كيلومترات، يفتقر إلى المساحة اللازمة للتخلص من النفايات والركام.

وتقع مكبات النفايات الآن في منطقة عسكرية إسرائيلية. وقالت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية إنها تقع في منطقة محظورة، ولكن سيتم السماح بالوصول إليها.

وقال مراكيتش إن مزيداً من إعادة التدوير يعني مزيداً من الأموال لتمويل المعدات مثل الكسارات الصناعية. ولا بد أن تدخل هذه المعدات إلى قطاع غزة عبر نقاط عبور تسيطر عليها إسرائيل.

وتحدث مسؤولون حكوميون عن نقص في الوقود والآلات، بسبب القيود الإسرائيلية التي تبطئ جهود إزالة الأنقاض.

وقال المتحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن إجراءات الموافقة المطولة «عائق رئيسي». ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إنه يحتاج إلى إذن أصحاب الممتلكات لإزالة الأنقاض، لكن حجم الدمار أدى إلى طمس الحدود بينها، كما فُقد بعض السجلات العقارية أثناء الحرب.

وقال مراكيتش إن كثيراً من الجهات المانحة أبدى الاهتمام بالمساعدة منذ اجتماع استضافته الحكومة الفلسطينية بالضفة الغربية في 12 أغسطس (آب)، دون أن يسمي هذه الجهات.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه لتجنب التأثير سلباً على الجهود الجارية: «الجميع قلق بشأن ما إذا كان ينبغي الاستثمار في إعادة إعمار غزة، أم لا، إذا لم يكن هناك حل سياسي».